بعد زيادة أسعار الوقود.. التحديات تطل من جديد على قطاع الدواء

Ad

  أثارت الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود حالة من القلق فى الأوساط الاقتصادية والمهنية، لاسيما فى قطاع الدواء الذى يعد من القطاعات الحساسة التى تتأثر سريعًا بأى تغييرات فى تكاليف التشغيل والنقل والطاقة.

وقد امتدت تداعيات هذا القرار لتشمل كل عناصر المنظومة الدوائية، بدءًا من شركات التصنيع، مرورًا بشبكات التوزيع، وصولًا إلى الصيدليات والمستهلك النهائى.

وفى هذا السياق، حذر الدكتور محيى عبيد، نقيب الصيادلة السابق، من الآثار المباشرة لهذه الزيادة على صناعة الدواء، مؤكدًا أنها ستترك بصمة سلبية واضحة على كل من الصيادلة وأسرهم، فضلًا عن المرضى الذين يجدون أنفسهم فى مواجهة أسعار أدوية مرشحة للارتفاع المستمر.

وأشار عبيد فى تصريحات لـ”المال» إلى أن صناعة الدواء تعتمد بشكل كبير على الطاقة ووسائل النقل، سواء فى مرحلة الإنتاج أو فى سلسلة التوزيع التى تغطى مختلف محافظات الجمهورية، ومع الزيادة الأخيرة فى أسعار البنزين، ترتفع تكاليف تشغيل المصانع، كما ترتفع تكاليف نقل المواد الخام والأدوية إلى المخازن والصيدليات.

وأوضح، لا تتوقف التداعيات عند هذا الحد، بل تمتد إلى ارتفاع تكاليف نقل العمال والموظفين، ما يضيف عبئًا إضافيًا على ميزانيات الشركات، ويهدد استقرارها المالى.

وأَضاف أن نتيجة للضغوط الناجمة عن زيادة أسعار المحروقات، ستبدأ بعض شركات الأدوية فى التحرك رسميًا تجاه هيئة الدواء المصرية، مطالبة بإعادة تسعير عدد من الأصناف الدوائية.

وقال مصدر مسؤول فى غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، «رفض ذكر اسمه”، إن عدم الاستجابة لتلك المطالب قد يؤدى إلى اختفاء بعض الأدوية من السوق، خاصة تلك التى تحقق خسائر نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتجميد أسعار بعضها منذ سنوات.

وأضاف المصدر لـ”المال» أن شركات عديدة تلقت وعودًا من هيئة الدواء بإعادة النظر فى تسعير بعض المستحضرات، بعد أن فشلت فى الحصول على زيادة فى أسعار كل الأصناف التى طالبت بتحريكها، مشيرًا إلى أن الزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود قد تعجل بتنفيذ تلك الوعود، خاصة مع ما هو متوقع حول ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه.

الصيدليات ليست بمنأى عن هذه التحديات، إذ يشكو الصيادلة من ارتفاع مستمر فى التكاليف التشغيلية دون وجود آليات واضحة لدعمهم، ويؤكد الدكتور محيى عبيد أن الزيادات فى أسعار المحروقات تنعكس على ثلاث مستويات أساسية فى حياة الصيادلة، وأهمها تكاليف المعيشة، وتشمل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفواتير الكهرباء والمياه، والمواصلات، وهو ما يضع ضغوطًا مالية إضافية على الصيدلى والعاملين فى الصيدليات.

واستكمل، بالإضافة إلى ارتفاع مصاريف الأبناء، خاصة ما يتعلق بانتقالهم اليومى إلى المدارس والجامعات، مما يزيد من أعباء الأسرة الشهرية، علاوة على تآكل مستوى المعيشة، مع تضاؤل الفارق بين الدخل والمصروفات، بات الحفاظ على مستوى معيشة مقبول تحديًا كبيرًا، ما قد يؤدى إلى تدهور فى جودة الحياة للعاملين فى القطاع الدوائى.

يحذر عبيد من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدى إلى فقدان عدد من المواطنين القدرة على تحمل تكلفة العلاج، مؤكدًا أن «الدواء ليس سلعة ترفيهية، بل حق أساسى يجب أن تضمنه الدولة لكل فرد”، متسائلًا: هل يستطيع الصيدلى الاستمرار فى ظل هذا الارتفاع فى الأسعار، وهل سيتمكن المريض من شراء دوائه.

فى ظل هذا المشهد، دق مصدر فى غرفة صناعة الدواء ناقوس الخطر، مشيرًا إلى أن تجاهل هيئة الدواء لمطالب الشركات بشأن تحريك أسعار باقى المستحضرات، التى طالبت من قبل بالموافقة على زيادتها، قد يؤدى إلى أزمة دوائية حقيقية.

وأكد، قد تضطر الشركات إلى وقف إنتاج الأدوية التى تحقق خسائر، مما يفتح الباب أمام نقص جديد فى السوق، خاصة فى الأدوية الحيوية والمنقذة للحياة.

واختتم قائلًا: يبقى التساؤل الأهم: مَن يحمى صناعة الدواء فى السوق المحلية، وهل تملك الدولة استراتيجية واضحة لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوى فى ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة، مؤكدًا أن استمرار تجاهل هذه التحديات قد ينذر بأزمة لا تقل خطورة عن أى أزمة اقتصادية، ووقتها سيدفع الثمن الصناع والصيدلى والمريض على حد سواء.