أكد خبيران مصرفيان أن تخارج الأجانب من أذون الخزانة المصرية لا يؤثر بأى شكل من الأشكال على احتياطى النقد الأجنبى لدى مصر، لا سيما أن حصائل هذه الأذون لا تدخل ضمن مكوناته.
وأضافا فى تصريحات لـ «المال»، أن البنك المركزى قد تعلم الدرس من أزمة عام 2022 حين خرج من مصر نحو 22 مليار دولار على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالى بات «المركزي» لا يستخدم حصائل هذه الأذون إلا فى تمويل أصول قصيرة الأجل.
الاحتياطى النقدى الأجنبى هو المبلغ الذى يحتفظ به البنك المركزى لدولة معينة من العملات الأجنبية، مثل الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الاسترليني، أو أى عملة أجنبية أخرى، و يتم استخدامه لتأمين استقرار العملة المحلية وتمويل الواردات والالتزامات الدولية، وكذلك للتصدى للتقلبات السريعة فى سوق الصرف الأجنبي.
قالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية إن تخارج بعض المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة المصرية لا علاقة له بالاحتياطى النقدي، كما لا يؤثر فيه، موضحة أن موجات التخارج التى حدثت خلال الفترة الأخيرة جاءت مدفوعة بتفاقم المخاطر وحالات اللايقين التى خلّفتها رسوم ترامب الجمركية وهو الأمر الذى نتج عنه خسائر فادحة للمستثمرين فى أسواق أخرى.
وأضافت أن هذه الخسائر التى تكبدها المستثمرون فى الأسواق المختلفة دفعتهم إلى الخروج من الأسواق التى حققوا فيها مكاسب خلال الفترة الماضية، لمحاولة تغطية مراكزهم الخاسرة فى الأسواق الأخرى.
وأوضحت أن المستثمرين الذين تنطوى محافظهم على أسهم بالدولار، هم أولئك الذين يريدون التخارج من السوق المصرية فى الوقت الراهن.
وتعرّف أذون الخزانة بكونها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة؛ لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.
ارتفع إجمالى استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة بنحو 2.49 مليار دولار خلال شهر واحد، لترتفع من 1.74 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى إلى 1.87 تريليون بنهاية أكتوبر، مع العلم أنه تم احتساب سعر الدولار بنحو 49.5 جنيه.
وعلى صعيد آخر، بلغ إجمالى استثمارات البنوك فى أذون الخزانة نحو 5.92 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2024، بحسب قائمة المركز المالى والدخل للبنوك، الصادرة عن البنك المركزي.
مكونات الاحتياطى النقدي
وأكدت سهر الدماطى أن البنك المركزى لا يستخدم حصائل استثمارات الأجانب فى أدوات الدين قصيرة الأجل (أذون الخزانة) إلا فى تمويل احتياجات قصيرة الأجل، وبالتالى فإن خروج هذه الأموال قد لا يسبب أزمة كبرى مثلما حدث فى عام 2022 مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وخروج نحو 22 مليار دولار من مصر.
وأوضحت أن مكونات الاحتياطى النقدى معروفة ولا تدخل فيها حصائل أذون الخزانة، وهذه المكونات على النحو التالي: حصائل الذهب، إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.
ارتفع صافى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية بنهاية شهر مارس الماضى بمقدار 364 مليون دولار ليصل إلى 47.757 مليار دولار فى نهاية مارس، مقارنة مع 47.393 مليار فى نهاية شهر فبراير السابق له.
يتكون الاحتياطى الأجنبى لمصر من مجموعة من العملات الدولية الرئيسية مثل الدولار الأمريكى واليورو والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصيني، كما أن توزيع حيازات مصر من هذه العملات يتم بناءً على أسعار الصرف واستقرارها فى الأسواق العالمية، ويتغير وفقًا لخطة يضعها مسؤولو البنك المركزى المصري.
تمويل الأصول قصيرة الأجل
من جانبه لفت محمد عبد العال الخبير المصرفى إلى أن البنك المركزى قد تعلم الدرس من أزمة خروج الأموال الساخنة من مصر خلال 2022، حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى خروج أموالًا بنحو 22 مليار دولار، وهو الأمر الذى أدى إلى الضغط على الدولار.
وأكد «عبد العال» أن البنك المركزى لا يستخدم حصائل الأموال الساخنة فى تمويل أصول طويلة الأجل، كما أنها لا تدخل ضمن احتياطى النقد الأجنبى لمصر.
وأكد أنه حتى وإن كانت مصر قد شهدت، خلال الفترة الماضية، خروج بعض الأموال الساخنة فإن هذا لا يؤثر على الاحتياطى النقدي، لأنها لا تدخل كمكون فيه من الأساس.
كان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، فى مؤتمر صحافي، الخميس الماضي، قد أوضح أن إجمالى الأموال الساخنة التى خرجت من مصر خلال عمليات البيع العالمية يوم الإثنين الماضى لم تمثل أكثر من %8-7 من إجمالى الأموال الموجودة فى السوق فى ذلك الوقت.
وأوضح محمد عبد العال الخبير المصرفى أن هناك بعض المحددات الأخرى التى تؤثر بالإيجاب على احتياطى النقد الأجنبى على رأسها: الصفقات الكبرى مثل رأس الحكمة أو حتى حصائل تخارج الدولة من بعض الشركات والكيانات المملوكة لها، وهى التى قد يذهب جزء منها إلى الاحتياطى النقدي.
كانت الحكومة المصرية قد وقعت نهاية فبراير 2024، عقدًا لتطوير مشروع رأس الحكمة بشراكة إماراتية، مستهدفة أن يستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار خلال مدة تطويره، تتضمن 35 مليارًا استثمارا أجنبيا مباشرا للدولة المصرية خلال شهرين.
معضلة الرسوم الجمركية وتبعاتها
كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أشعل حربًا تجارية، يوم الأربعاء الماضي، عندما قرر فرض رسوم جمركية على مختلف دول العالم تبدأ من %10 كحد أدنى ثم ترتفع على حسب الميزان التجارى لكل دولة على حدة.
