«فوري للمدفوعات».. كيف تحولت من نموذج الدفع التقليدي إلى عملاق متكامل في الخدمات المالية والمحافظ الإلكترونية

Ad

استضاف حازم شريف رئيس تحرير جريدة “المال” فى حلقة جديدة من برنامج CEO Level Podcast، رائدا مؤثرا فى قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر، وهو المهندس أشرف صبرى، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية.

ولهذه الحلقة طبيعة خاصة فهى المرة الثانية التى يلتقى فيها البرنامج مع أشرف صبرى خلال 4 سنوات، وبالتحديد منذ الموسم الأول له، ولكن هذه الحلقة تأتى مختلفة وسط تحولات كبيرة يشهدها القطاع وتوجه الدولة بشكل كبير نحو الشمول المالى والتكنولوجيا المالية.

ناقش الحوار التحولات الكبيرة التى شهدتها “فوري” خلال هذه الفترة، فى ظل المنافسة المتزايدة فى سوق المدفوعات الرقمية، وتأثير ذلك على إستراتيجيات الشركة، كما تطرق الحديث إلى مستقبل قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر والمنطقة، وكيفية تعزيز الابتكار لمواكبة التغيرات السريعة فى سلوك المستهلكين واللوائح التنظيمية.

شارك أشرف صبرى رؤيته حول خطط توسع الشركة خلال خمس سنوات، والدور الذى تلعبه التكنولوجيا فى تسريع عمليات الدفع وتحسين تجربة العملاء.

وتناول النقاش دور الشركات الناشئة فى دعم الابتكار داخل القطاع، وكيف يمكن للتعاون بين الشركات الكبرى ورواد الأعمال أن يسهم فى تطوير منظومة الدفع الرقمى.

وإلى نص الحوار المتاح للجمهور على “ALMAL TV” بموقع “يوتيوب” وباقى منصات السوشيال ميديا والبودكاست:

● حازم شريف: حلقة اليوم مميزة للغاية، لعدة أسباب تتعلق جميعها بالضيف. هناك أربعة أسباب رئيسية، إن جاز التعبير، تجعل هذه الحلقة ذات طابع خاص.

أولًا، لأن الضيف ليس جديدًا على البرنامج، بل هذه هى زيارته الثانية لنا، فقد كان ضيفًا معنا فى الحلقة التى عُرضت بتاريخ 20 مارس 2021 خلال الموسم الأول، وهو ما يجعلنا نحتفى بعودته اليوم، ثانيًا، لأن الضيف قريب منى شخصيًا من حيث النموذج الذى أنحاز إليه، فهو يمثلنى إلى حد كبير، فقد أصبح رائد أعمال بعد تجاوز سن الخامسة والثلاثين، وربما حتى بعد الأربعين، وهو ما يختلف عن النموذج التقليدى لرائد الأعمال الذى يبدأ مشروعه فور تخرجه من الجامعة.

ثالثًا، لأنه يعمل فى قطاع كان هو الرائد فيه خلال السنوات الماضية، حيث يمكننا القول إن هناك مرحلة “ما قبل” و”ما بعد” تأسيسه لشركته، رابعًا، لأننا نود أن نعرف ما الذى حدث منذ لقائنا الأخير فى عام 2021 وحتى اليوم، وكيف تغيرت طبيعة المنافسة ووضع شركته الحالى.

ضيفى اليوم هو المهندس أشرف صبرى، الرئيس التنفيذى لشركة “فوري”، أهلاً بك، مهندس أشرف.

أشرف صبرى: أهلًا بك، حازم، كيف حالك؟

● حازم شريف: مرحبًا بك، دعنا ندخل فى صلب الموضوع مباشرة حتى لا نضيع من وقتك، والذى أقدّره جيدًا.

فى العادة، نقوم بتقديم الضيف وسرد قصة حياته المهنية، ولكن فى حالتك تحديدًا، فقد سبق لنا تقديمك فى الحلقة السابقة، وأوصى الجميع بمشاهدتها لمعرفة كيف أسست شركة “فوري” وكيف تطورت حتى طُرحت فى البورصة، لتصل قيمتها السوقية فى وقت من الأوقات إلى نحو 2 مليار دولار، مع دخول مساهمين جدد وغيرهم.

فى عام 2021، كانت الشركة تتمتع بوضع قوى جدًا، وربما احتكاريًا إلى حدٍّ ما، ولكن فى عام 2025، يبدو لى – من وجهة نظرى – أن هذا الوضع المتميز أصبح مهددًا، وقد تكون رؤيتى خاطئة، لذا أود أن تشرح لى الوضع، أخبرنى، كيف كان وضع الشركة فى عام 2021، وما هو وضعها الحالى فى 2025؟

أشرف صبرى: تعليقًا على وصفك لوضع”فوري” فى 2021 بالاحتكارى، صحيح أن الشركة كانت تمتلك حينها حصة سوقية أكبر من منافسيها، لكن بدايات شركات هذا القطاع كانت متقاربة، مثل “مصاري” و”BEE” قبل اندماجهما، ثم ظهور شركات مثل “أمان” و”أوبي” وغيرها. رغم المنافسة، لا تزال “فوري” تحتفظ بالحصة الأكبر، لكن عالم المدفوعات سريع التغير ويتطلب استعدادًا دائمًا للمستقبل.

بدأت “فوري” بتقديم خدمات سداد الفواتير وشحن الرصيد عبر المحال التجارية والبنوك، وكان عدد نقاط البيع عند لقائنا السابق حوالى 60-70 ألفا، واليوم يتراوح بين 350 إلى 400 ألف، توسعت القنوات الرقمية بشكل كبير مع تطور تطبيقات “الموبايل بانكينج” والمحافظ الإلكترونية.

تعلمنا من أستاذنا مدحت خليل قاعدة مهمة، وهى: “non growing business is a died business” أى أن النمو يجب أن يتجاوز معدل التضخم، وإلا ستفقد الشركة كفاءاتها أو تغلق ببطء، بمعنى أن الشركة لو كانت تنمو بـ %10، والتضخم فى البلاد %20، فهذا يعنى أنك تسير فى طريق غلق الشركة وتخسر الموظفين ذوى الكفاءات العالية، والنمو المستدام بمعدلات أعلى من التضخم، يضمن كذلك توسع الهرم الإدارى وخلق فرص للترقى داخل الشركة.

لذلك كان من الضرورى تنويع الخدمات وتجاوز الاعتماد على مصدر دخل واحد، لأن أى قطاع يمكن أن يصل لمرحلة تشبع. التنوع هو مفتاح الاستمرارية، وهو ما التزمنا به طوال رحلتنا.

● حازم شريف: أنا مهتم جدًا بسماع وجهة نظرك، لكن لدى أيضًا العديد من الأسئلة التى تخطر ببالى أثناء حديثك، فى عام 2021، إذا وضعتُ نفسى مكانك، كنت ترى أن لديك مجال أعمال قائمًا بالفعل وينمو بشكل مستقر، ولكنك كنت تفكر أيضًا فى المدى الذى يمكن أن يستمر فيه هذا النمو بالوتيرة نفسها، وفى الوقت نفسه، كنت تفكر فى البحث عن مصادر جديدة تحقق معدلات نمو مرتفعة، كيف تعاملت مع هذا الأمر؟ كيف حددت المجالات الجديدة التى يجب عليك التوسع فيها؟

أشرف صبرى: تعلمت فى بداياتى درسًا مهمًا من محاضرة حضرتها لمتخصص أجنبى: “نَمِّ شركتك باستغلال مصادر قوتك” هذا المبدأ يمنحك ميزتين: تقليل التكلفة وتعظيم الميزة التنافسية.

هناك فرق كبيرة بين شركات الاستثمار وشركات التشغيل، فالأولى يمكنها التنقل بين القطاعات بسهولة باستقدام متخصصين، فى حين أن شركات التشغيل يجب أن تنمو بامتداد طبيعى لنشاطها، معتمدة على ما تملكه من معرفة وبنية تقنية. لذلك لم يكن منطقيًا أن ننتقل لمجال بعيد تمامًا، بل فكرنا فى: “ما الخدمات التى يمكن تقديمها لعملائنا الحاليين؟”.

امتلكنا شبكة تضم 80 إلى 100 ألف محل، وتوجهنا لتقديم خدمات مثل الإقراض التجارى، والتأمين، وأنظمة السداد الإلكترونى، مما ساعد التجار فى أعمالهم، وحقق لنا نموًا منطقيًا بأقل تكلفة، وبمزايا يصعب على المنافسين تقليدها بسهولة.

فى النهاية، المنافسة تُبنى على 3 عناصر، هى: امتلاك ما لا يمتلكه الآخرون، وتقديم الخدمة بتكلفة أقل، وتصميم نموذج يصعب تقليده.

تحقيقك لهذه العوامل يضمن لك مكانة قوية فى السوق، رغم دخول لاعبين جدد محليين أو أجانب.

● حازم شريف: فى عام 2021، كنتُ تفكر بعمق فى المشهد الاقتصادى والتجارى، وتحلل التطورات المحتملة، فما المجالات التى كنت تبحث عنها وترى أنها ستشهد نموًا سريعًا وملحوظًا، وأيضًا تلك التى سيكون نموها محدودًا؟

أشرف صبرى: أدركت مبكرًا أن بعض الخدمات التقليدية التى نقدّمها ستواجه منافسة متزايدة، وبالتالى نموها سيصبح محدودًا. لذلك بدأت أبحث عما يمكن تقديمه من جديد، وظهرت فكرة مساعدة التجار على قبول المدفوعات الإلكترونية.

كانت السوق المصرية لا تزال ناشئة فى هذا المجال، لكنها تتمتع بمعدل نمو مرتفع، ووجدنا أن دعم التجار بخدمات إضافية فى هذا الاتجاه سيكون له تأثير كبير. بدأنا نركز على حلول الهاتف المحمول منذ 2013 أو 2014، وكنا مؤمنين بأن المستقبل للموبايل، حتى لو تأخر الاعتماد عليه. كنا نرى أنه سيصبح مركز كل شيء، وربما يغنينا تمامًا عن استخدام الكمبيوتر المحمول.

● حازم شريف: لقد أثرتَ نقطة مهمة للغاية، وهى إلى أى مدى يكون من المفيد أن تكون سابقًا فى السوق؟ بمعنى، أحيانًا نفكر فى تطوير تطبيق معين قبل أن يكون هناك طلب حقيقى عليه فى السوق، فإذا استثمرت فى التطوير مبكرًا جدًا، فقد تخسر هذا الاستثمار قبل أن تكون السوق جاهزة، ولكن إذا انتظرت حتى تبدأ الحاجة الفعلية للتطبيق فى الظهور، فقد تدخل المنافسة فى وقت متأخر، مما قد يرفع تكاليف التطوير، ماذا تفعل فى مثل هذا الأمر؟

أشرف صبرى: أنا مؤمن تمامًا بأن تجهيز السوق يحتاج وقتا، وأى خدمة جديدة تمرّ بمراحل تعديل وتطوير بناءً على التجربة وردود فعل العملاء. لذلك لا أرى مشكلة فى دخول السوق مبكرًا وتحمل بعض الخسائر، طالما أن الهدف هو التعلم والتكيف مع احتياجات المستخدمين.

فى بعض الأحيان كنا من الأوائل، وأحيانًا سبقنا غيرنا، لكن كنا دائمًا نفكر: كيف نُقدّم الخدمة بشكل مختلف؟

مثلًا، فى سوق الإقراض، لم نكن أول من دخلها، لكننا ركزنا على تقديم نموذج مميز بعيدًا عن الطرق التقليدية، خاصة فى تقسيط المشتريات للأفراد.

اعتمدنا على قاعدة بيانات ضخمة من مستخدمى “ماى فوري” (حوالى 17 مليون تحميل)، مما منحنا فهمًا عميقًا لسلوك العملاء، وقلل تكلفة الاستحواذ عليهم مقارنة بالمنافسين.

كذلك، قدمنا نظام تقسيط لا يعتمد على شراكات مسبقة مع التجار، حيث يمكن لأى عميل استخدام بطاقتنا فى أى مكان، ثم تحويل المشتريات لأقساط مباشرة عبر التطبيق.

هذا النموذج منحنا مرونة وانتشارًا أوسع، وكان مختلفًا كليًا عن الطرق التقليدية فى السوق.

● حازم شريف: ماذا عن المنافسين؟

أشرف صبرى: لاحقًا دخل بعض المنافسين إلى السوق واعتمدوا نماذج مشابهة، لكننا كنا أول من قدم هذا المفهوم، وهو ما منحنا ميزة تنافسية كبيرة، لذلك، كان من الضرورى أن يكون لدينا اختلاف واضح: تكلفة استحواذ أقل، جدارة ائتمانية أقوى بفضل البيانات المتاحة لدينا، ومنتج مختلف تمامًا عن غيره.

حققنا معدلات نمو قوية، حيث كنا نضاعف حجم أعمالنا كل عام، والأهم من ذلك، أننا نجحنا فى تحقيق الربحية فى السنة الثانية من تشغيل قطاع التمويل الاستهلاكى.

● حازم شريف: منذ متى بدأتم التمويل الاستهلاكي؟

أشرف صبرى: ربما كان ذلك فى أواخر عام 2023، لكن ما أريد أن أوضحه هو أن التفكير الإستراتيجى دائمًا يلعب دورًا حاسمًا، فكان لدينا بالفعل قاعدة بيانات كافية عن التجار وأصحاب المحال، ونعرف أن هناك مندوبين يزورون هذه المحال باستمرار، لذلك، تمكنا من إتاحة القروض مباشرة عبر الأجهزة الموجودة لدى التجار فى محالنا، وبهذا أصبح القرض متاحًا أمام التاجر، يمكنه رؤيته واستخدامه فورًا، سواء لسداد مستحقات الموردين أو لتغطية نفقات المحل نفسه.

عندما تراجع هذه الخطوات، ستجد أن جميع هذه الخدمات مترابطة وتكمل بعضها البعض، بعد ذلك، بدأنا ندرس مجال الاستثمار، وهو مجال مهم للغاية بالنسبة لنا.

● حازم شريف: فى كثير من الأحيان يُطرح السؤال: “من سبق الآخر فى تقديم هذه الخدمة؟” وهذا مفهوم شائع فى مجالات مختلفة.

إذا أسقطنا هذا المفهوم على مجال عملك متى يمكن أن تشعر بأن شركتك غير مواكبة للسوق؟

أشرف صبرى: فى تجربتنا، لم يحدث أبدًا أن تخلفنا تمامًا عن السوق، رغم أنه كان هناك دائمًا من يقدم نماذج متميزة قبلنا، فى مثل هذه الحالات، ندرس هذه النماذج ونتساءل كيف يمكننا تبنيها أو تطويرها؟، على سبيل المثال، واحدة من النماذج الرائدة فى مجال الاستثمار كانت التى قدمتها شركة “ثاندر”، لقد كانوا من أوائل من قدموا هذا المفهوم بطريقة ناجحة، مما دفعنا إلى التفكير فى أن هذه الخدمة قد تكون محط اهتمام المستخدمين الذين يعتمدون على تطبيقات مثل تطبيقاتنا، فكرنا: لماذا لا نوفر لهم إمكانية الاستثمار أيضًا، إلى جانب الخدمات الأخرى التى نوفرها، مثل البطاقات، وتحويل الأموال، والمدفوعات الإلكترونية، وتمويل الأفراد، عندما قررنا دخول مجال الاستثمار، بدأنا بمنهجية متحفظة، بمعنى أننا أطلقنا أولى خدماتنا الاستثمارية من خلال صندوق يُعرف باسم “فورى يومي”، وهو صندوق لسوق المال (Money Market Fund).

كنت أعتقد أن المستثمرين فى مصر لن يتجهوا إلا إلى الاستثمارات المضمونة، وكنت أرى أن القطاعات الأخرى تنطوى على مخاطر عالية، مما يجعل الإقبال عليها ضعيفًا، لكن تبين أن هذا الاعتقاد كان خاطئًا، واليوم، أوسع قاعدة استثماراتى وأبدأ فى إنشاء صناديق جديدة.

نحن الآن بصدد إطلاق صندوق للذهب وصناديق استثمارية أخرى فى البورصة، وذلك بهدف تنويع المحفظة الاستثمارية لدينا، نظرًا لوجود طلب فى السوق على هذه المنتجات.

لكن لو كنت أفكر فى تقديم هذه الخدمة كمنصة منفصلة، لما كنت سأطلقها، لماذا؟ لأن السوق قد سبقتنا بالفعل بفترة طويلة، ومع ذلك، إذا أضفنا الاستثمار كجزء من تطبيق يحتوى على عشرات الخدمات الأخرى، سنجد أننا نقدم تكاملًا أقوى، ربما يكون هناك لاعب متخصص فى الاستثمار لديه خبرة أعمق فى هذا المجال، لكنه سيسعى بدوره إلى استكمال منظومته بخدمات أخرى، وهنا سيكون لنا ميزة تنافسية فى تقديم هذه الخدمات بشكل أفضل منه، مما يخلق حالة من التوازن فى السوق.

● حازم شريف: إذا كنت تفكر فى دخول السوق عبر الاستحواذ، فالسؤال هو: هل من الأفضل أن تستثمر فى تطوير الخدمة داخليًا أم تشترى شركة متخصصة؟

أشرف صبرى: فى نهاية المطاف، أى شركة تعمل فى السوق الاستهلاكية وتعتقد أنها ستسيطر على السوق بالكامل، فهى ترتكب خطأً كبيرًا، لأن ذلك ببساطة لن يحدث، لا أنا ولا غيرى ولا أى شركة أخرى تستطيع تحقيق ذلك، إذا تمكنت أى جهة من الاستحواذ على 10 - %15 من السوق، فسيُعد ذلك إنجازًا هائلًا، خصوصًا إذا كنا نتحدث عن خدمات التكنولوجيا المالية.

لماذا؟ لأنك لست بحاجة إلى فتح فروع أو الاستثمار فى بنية تحتية ضخمة، مما يجعل تكاليفك الاستثمارية منخفضة، فمثلًا، إذا كان هناك 10 ملايين مستخدم فى مصر، وتمكنت من جذب 4-5 ملايين منهم إلى تطبيقك، فأنت تتحدث عن قاعدة مستخدمين ضخمة، وهو ما يعزز من قوة خدماتك.

كل شركة سيكون لديها زاوية دخول مختلفة للسوق، فهناك من سيركز على تقديم جميع المعاملات المالية فى مكان واحد، وهناك من سيتميز بعروض الاستثمار أو الخدمات المتخصصة الأخرى، على سبيل المثال، قد يكون هناك مستخدم لا يرغب فى التداول فى البورصة، لكنه مهتم فقط بالصناديق الاستثمارية ويريد تتبع مصروفاته وإيراداته فى مكان واحد، وهنا قد يجد أن منصتنا هى الأنسب له.

● حازم شريف: كنا نتحدث عن مجالات الاستثمار، وتحديدًا عن النماذج التى سبقتنا فى هذا المجال، مثل نموذج “ثاندر”، وعندما قررت دخول مجال الاستثمار، بدأت بصناديق الاستثمار، لكن السؤال هنا: هل هناك مجالات أخرى يمكن التوسع فيها داخل الاستثمار؟

أشرف صبرى: بالنسبة لنا، لا نخطط للدخول إلى مجال الوساطة المالية فى البورصة فى الوقت الحالى، رغم توفر العديد من شركات السمسرة القابلة للاستحواذ، السبب فى ذلك هو أن إدارة شركة سمسرة أصعب بكثير من إدارة شركة صناديق استثمار.

لماذا؟ لأن الصناديق الاستثمارية تتمتع بوضوح أكبر، حيث يمكن للمستثمر أن يختار الاستثمار فى صندوق يتبع مؤشر البورصة، أو فى الذهب، أو فى التكنولوجيا، أو فى الإنشاءات، أو فى القطاع المصرفى، ويكون هناك مدير استثمار متخصص يدير الصندوق بالنيابة عنه، لذلك، فى الوقت الحالى، هذا هو الاتجاه الذى نتبعه.

لكن عند التعامل مع الأفراد عبر أى تطبيق مالى، لا بد أن نفكر دائمًا فى سلوك العميل، على سبيل المثال، إذا كان لدينا مستخدم مثل “حازم”، فإننا ندرس تصرفاته اليومية: هل يدخر؟ هل يقترض؟ هل يشتري؟ كيف يتنقل؟ كيف يدفع فواتيره؟ كلما تمكنا من تغطية المزيد من احتياجاته عبر تطبيقنا، زادت درجة اعتماده علينا.

الفكرة ليست فقط فى جذب ملايين المستخدمين الجدد، بل فى تعظيم قيمة المستخدم الواحد أيضًا، فإذا استطعت تلبية معظم احتياجاته المالية، فسأحقق أقصى استفادة من كل مستخدم، وهنا يأتى دور إستراتيجية التكامل بين الخدمات.

● حازم شريف: فيما يتعلق بالمنافسة، و”إنستا باي” فى الماضى، كان المستخدمون يدفعون فواتير الكهرباء والغاز والمياه عبر فروع “فوري” أو الأكشاك، كذلك، كانت هناك معاملات أخرى مثل سداد أقساط الاستهلاك من خلال “فوري”.

لكن مع تطور التكنولوجيا، أصبحت هذه الخدمات جميعا متاحة عبر تطبيق “instapay”، مما سهل العملية بشكل كبير على المستخدمين، السؤال هنا: هل يؤثر هذا التحول على نموذج أعمالك؟

أشرف صبرى: لا، ليس تحديًا جوهريًا. فإذا نظرنا إلى حجم التعاملات التى تتم عبر تطبيق “My Fawry”، سنجد أنه يشكل منافسًا للخدمات التقليدية التى كنا نقدمها عبر الأكشاك أو المنافذ الأخرى، ومع ذلك، يظل هذا التحول ضمن إستراتيجيتنا العامة، إذ إننا فى الواقع حققنا نموًا يقدر بمرتين ونصف إلى ثلاث مرات فى حجم المعاملات عبر التطبيق.

فهل فقدنا بعض المعاملات التقليدية؟ نعم، بلا شك، لكننا فى المقابل نجحنا فى تعويض ذلك من خلال تقديم خدمات جديدة بوتيرة أسرع، ما يضمن استمرار النمو، فالتحدى الحقيقى ليس فقط فى الحفاظ على الحصة السوقية، وإنما فى القدرة على التطور وتقديم حلول مبتكرة تلبى احتياجات العملاء المتغيرة، وهذا ما نركز عليه فى إستراتيجيتنا المستقبلية.

● حازم شريف: أمر مهم يجب أن ننتبه إليه هو أن الأشخاص الذين قاموا بتحميل تطبيق “فوري” ليسوا بالضرورة جميع مستخدمى خدمات “فوري”، على سبيل المثال، أنا شخصيًا لم أقم بتحميل التطبيق، لكنى مع ذلك كنت أستخدم خدمات “فوري” بشكل مستمر.

أشرف صبرى: “ماى فوري” و”إنستا باي” مهمين، “ماى فوري” قدم تطبيقًا ممتازًا وجذب بعض المستخدمين، لكن لكل منّا مزايا وخصائص مختلفة. أما “إنستا باي” فهو التطبيق الوحيد حاليًا الذى يعمل ضمن “شبكة المدفوعات اللحظية”، وهى منظومة دفع جديدة شبيهة بـ”فيزا” و”ميزة”، ومن المتوقع لاحقًا أن تُفتح لمقدمى خدمات آخرين، مما يعزز المنافسة ويوازن السوق.

فى البداية، تم تقديم الخدمة مجانًا بهدف التعريف، لكن هذا ليس نموذجًا اقتصاديًا مستدامًا. ومع ظهور نموذج تسعير واضح، ستبدأ الشركات فى تقديم حلول مبتكرة تُثرى السوق.

ولا أرى احتكار “إنستا باي” خطرًا طويل الأجل، لأن الهدف من المنظومة هو التوسّع، لا الاحتكار، ويجب أن تكون التكلفة موحدة لجميع مقدمى الخدمة، المنافسة تخلق سوقًا أكثر توازنًا، تمامًا كما حدث فى سوق المدفوعات فى المحال، التى نمت بشكل كبير بعد فتحها أمام الشركات وليس البنوك فقط.

الخلاصة أن المنافسة تؤدى إلى جودة أعلى، تسعير عادل، وابتكار دائم. هى المحرك الحقيقى لنمو السوق واستدامتها.

وعندما نتحدث هناك عن القطاع الخاص، فغالبية السوق تعتمد عليه، سواء أحببنا ذلك أم لا، الدولة توظف نحو 5 ملايين، وكبار شركات القطاع الخاص تشغّل حوالى 3 إلى 4 ملايين، لكن النسبة الأكبر من العاملين فى مصر – نحو 70 إلى %80 – يعملون فى القطاع الخاص، وهو العمود الفقرى للاقتصاد.

ما نحتاجه هو دعم هذا القطاع، وتعزيز كفاءته، لأنه يخلق فرص عمل، ويحسّن الأداء، ويدفع السوق للنمو، والمنافسة الحقيقية تسمح بتصحيح المسار واستبدال غير الكفء بالأكفأ.

● حازم شريف: أنت أثرت نقطة مهمة تتعلق بالصورة الذهنية التى يحملها الناس عن القطاع الخاص، حيث يتم اختزاله غالبًا فى كبار رجال الأعمال فقط، برأيك، ألا تعتقد أن هذه النظرة تؤثر أيضًا على التشريعات والقرارات الاقتصادية؟

أشرف صبرى: ما زلت مقتنعًا تمامًا بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك المشاريع الفردية، لا تحظى بالاهتمام الكافى، فى حين أن كل التركيز مسلط على فئة محددة من الكيانات الاقتصادية، رغم أن هناك مبدأ اقتصاديًا أساسيًا يقول إن أى هرم يعتمد فى استقراره على قاعدته وليس على قمته، وبالنظر إلى السوق المصرية، نجد أن القاعدة التشغيلية والاستثمارية والخدمية تعتمد فى الأساس على هذه المؤسسات الصغيرة، وليس فقط على الكيانات الكبرى، لكل منهما دوره، ولكن لا يمكن إهمال دور الشركات الصغيرة فى بناء الاقتصاد.

تكلفة تقديم التمويل عبر البنوك أعلى بكثير من الشركات الصغيرة، لأن البنوك نشأت أساسًا لخدمة المؤسسات الكبرى، ثم بدأت لاحقًا فى محاولة التوسع لتشمل المشروعات الأصغر، لكن طبيعتها التنظيمية تجعلها أبطأ فى التكيف مع احتياجات هذه الفئات.

أما الشركات الناشئة فى مجال التمويل، فقد بدأت من الأساس بخدمة الأفراد والمشروعات الصغيرة، لذا فإن أنظمتها وعملياتها مصممة بشكل يتناسب مع هذه الفئات، مما يمنحها ميزة تنافسية فى الوصول إليهم وتلبية احتياجاتهم بمرونة أكبر.

● حازم شريف: هل تتخيل أن شركات التمويل هذه، تمثل صوت أصحاب مشروعات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة؟!

أشرف صبرى: هى ليست فقط صوتًا للفئات البسيطة، بل هى الجسر الحقيقى الذى يربطهم بالاقتصاد الأوسع، فالأموال فى البنوك تعود للناس، وإن لم تُستخدم لتنمية الاقتصاد، نكون نخدع أنفسنا.

الإقراض عنصر أساسى لتحفيز النمو، لكنه بحاجة لفهم عميق وواقعى لطبيعة المشروعات الصغيرة، أحيانًا، نشعر أن هناك تعاليًا فى التعامل مع هذه الفئات، سواء من المؤسسات الحكومية أو الشركات الكبرى، مما يخلق فجوة فى السوق.

المعادلة بسيطة: الإنتاجية الأعلى = دخل أعلى = خدمات أفضل، وبالتالى، على القطاع الخاص، بكل مستوياته، من الصغير إلى الكبير، أن يكون جزءًا من هذه المعادلة من خلال التمويل، والتقنية، والحلول التى تدعم النمو.

● حازم شريف: خلال الفترة الماضية، اتجهت إلى دخول مجالات جديدة، مثل التأمين والوساطة فى التأمين، وأيضًا المشروعات متناهية الصغر، أليس كذلك؟ حسنًا، ماذا بعد؟ ما هى المجالات الأخرى التى توسعت فيها أو تخطط للتوسع فيها؟

أشرف صبرى: لقد دخلت أيضًا فى تطوير حلول مصرفية مثل البطاقات الإلكترونية الخاصة بأنظمة الدفع، وساهمت فى تسهيل عمليات التمويل للأطباء وأصحاب المشروعات الصغيرة عبر موردين محددين، والآن، هناك توسع كبير فى مجال دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة فى هذا القطاع بهدف إيجاد حلول فعالة لمشكلاته.

ولذلك قمنا بتطوير نموذج جديد للاستثمار، حيث نستحوذ على حصص الأغلبية فى شركات ناشئة تعمل على تطوير حلول لهذه التحديات، على سبيل المثال، استثمرنا فى شركة “دراك”، التى تقدم تطبيقات متخصصة فى هذا المجال، وحصلنا على حصة الأغلبية فيها، كما طوّرنا نموذجًا جديدًا لحل المشكلات التى تواجه الشركات الصغيرة، مثل صعوبة الحصول على التمويل، وتعقيدات التعامل مع الضرائب والتأمينات الاجتماعية.

المشكلة الأساسية التى واجهناها هى أن هذه الشركات لا تملك القدرة على توظيف متخصصين فى الأمور المالية والإدارية بسبب تكلفتهم العالية، لذا، أنشأنا نموذجًا تشاركيًا، بحيث يكون لدينا فريق مالى مكوّن من 50 شخصًا يقدمون الخدمات لنحو 5000 شركة، مما يتيح لهم الوصول إلى الدعم اللازم دون الحاجة إلى تحمل التكاليف الباهظة.

كذلك، لاحظنا أن هناك صعوبات متزايدة تواجه الشركات فيما يتعلق بعمليات الدفع والتحصيل، فقد أصبحت هذه العمليات أكثر تعقيدًا مقارنة بالماضى، لذا، قمنا بتطوير حلول رقمية متكاملة تتيح للشركات سداد التزاماتها بسهولة، دون الحاجة إلى التعامل المباشر مع النقود أو المرور بإجراءات معقدة، وقد تم ربط جميع هذه الحلول فى منصة موحدة، بحيث يمكن لأصحاب الشركات متابعة التدفقات المالية الخاصة بهم بسهولة وشفافية.

قمنا أيضًا بتشكيل فريق متخصص للعمل على تطوير هذا النموذج، وما زلنا فى مرحلة التطوير والتجريب، الميزة الأساسية لهذا النموذج هى أن صاحب العمل لا يحتاج إلى شراء أى معدات أو برامج معقدة، بل وفرنا له حلولًا تقنية سهلة الاستخدام، مع أتمتة داخلية قوية تساعد على تقليل التكلفة التشغيلية إلى الحد الأدنى.

نحن نحرص على تطوير حلول تتميز بالبساطة وعدم التعقيد، بحيث لا تتطلب تكلفة تشغيلية مرتفعة لكل عميل، إذا زادت التكلفة عن حد معين، فإن أى نموذج عمل لن يكون مستدامًا على المدى الطويل، مهما كانت محاولات دعمه، لذلك، نحن نهدف إلى تقديم خدمات للشركات الصغيرة والمتوسطة بمستوى من السهولة يشبه تجربة استخدام الهاتف المحمول أو واتساب، بحيث يمكن لصاحب العمل التعامل مع النظام بنفسه دون خوف من ارتكاب أخطاء فادحة.

نحن ما زلنا فى مرحلة التطوير، ولم نصل بعد إلى النموذج الأمثل، ولكن رؤيتنا واضحة، نعتقد أن السوق المستهدفة لهذا النوع من الحلول أكبر بكثير مما يمكن تخيله.

● حازم شريف: هل هناك خدمات جديدة تسعون لتقديمها خلال الفترة المقبلة؟

أشرف صبرى: نواصل تطوير منصاتنا مثل “فورى بزنس” و”فورى كونسيومر فاينانس”، بالإضافة إلى خدمات قبول المدفوعات عبر الهواتف المحمولة وأجهزة نقاط البيع داخل المتاجر، ونحن نتصدر السوق

فى هذه المجالات.

عندما نتحدث عن كوننا “رقم واحد”، فإننا نقصد أننا فى طليعة الشركات التى تقدم هذه الخدمات وفقًا لنموذجنا الخاص، وليس بالضرورة وفقًا لمعايير المنافسة التقليدية، فبالنسبة لنا، إذا كان هناك لاعب آخر فى السوق يقدم نموذجًا أكثر كفاءة، فلا داعى لأن نحاول تكرار التجربة نفسها بل نركز على تطوير نموذجنا الخاص بطريقة تضمن لنا التفوق والتميز.

لتوضيح مدى تطور أعمالنا، كان %80 من إيراداتنا عام 2020 تأتى من نموذج العمل التقليدى، بينما انخفضت هذه النسبة الآن إلى %30 فقط، على الرغم من أن حجم هذا النشاط لا يزال ينمو سنويًا بمعدل %25، وهذا يعنى أننا تمكنا من تحقيق نمو كبير من خلال تنويع المنتجات والخدمات التى نقدمها.

بفضل هذا التنوع، حققنا معدل نمو سنوى مركب (CAGR) يصل إلى 45 - %50 على مدار خمس سنوات، ما أدى إلى تضاعف إيراداتنا عدة مرات، والأهم من ذلك، أن معدل الأرباح لدينا ينمو بوتيرة أسرع من الإيرادات، مما يعكس نجاح نموذج العمل القائم على البناء على أساس متين ومبتكر.

● حازم شريف: بما أنك تطرقت إلى هذا الموضوع، أود أن أعود بذاكرتى إلى عام 2021 عندما التقينا، وكان أحد الدوافع الرئيسية لهذا اللقاء هو أن القيمة السوقية لشركة “فوري” قد وصلت آنذاك إلى مليارى دولار، لكن عندما نظرتُ إلى الرقم قبل لقائنا اليوم، وجدت أن القيمة السوقية تدور حول 600 مليون دولار، أو أقل قليلًا، الآن، من منظور المستثمر، أريد منك أن تحلل لى هذا الوضع، وتفسر ما حدث، وكيف يمكن تعويض هذا التراجع؟

أشرف صبرى: إذا افترضنا أن العائد على الاستثمار محسوب بالدولار هو المعيار الأساسى للحكم، بغض النظر عن العوامل الأخرى، يمكننى أن أؤكد لك أن المستثمر الذى دخل معنا منذ إدراج الشركة فى البورصة قد حقق معدلات للعائد بالدولار يتجاوز الـ%100 من Two digits وهو عائد ممتاز، أما فيما يخص انخفاض القيمة السوقية بالدولار عماً كان عليه الوضع قبل 4 سنوات، فهو بالفعل حدث، لكن يجب أن نضع فى الاعتبار عدة عوامل: تصحيح السوق العالمية فى قطاع المدفوعات، فخلال عام 2022، شهد قطاع المدفوعات عالميًا تصحيحات كبيرة فى التقييمات، والعديد من الشركات الكبرى فى هذا المجال تأثرت، وهذا أثر على تقييمات الشركات المشابهة، بما فى ذلك “فوري”، ثانيًا أن الغالبية العظمى من مستثمرى “فوري” كانوا من الأجانب، وخلال فترة معينة فى مصر، كان هناك توجه عام للخروج من السوق، مما وضع ضغطًا إضافيًا على السهم وأدى إلى تراجعه، ومع ذلك، إذا نظرنا إلى أداء السهم خلال الـ 12 شهرًا الماضية، سنجد أنه قد شهد ارتفاعًا بنحو %80، مما يشير إلى استقرار تدريجى وتعافٍ ملحوظ.

أما عند المقارنة مع الشركات المماثلة فى الأسواق العالمية، فإن مصر تتمتع بميزة فريدة، كونها سوقًا نامية، مما يعنى أن هناك فرصًا كبيرة للنمو والتوسع، لا يزال أمامنا مجال واسع للاستفادة من هذا النمو، وتحقيق عوائد إيجابية على المدى الطويل.

● حازم شريف: هل هناك نية لطرح بنك رقمي؟

أشرف صبرى: ما نقوم به هو دراسة مستمرة لهذا المجال، حيث نقيّم الوضع بشكل دورى، كل ستة أشهر تقريبًا، لنحدد مدى الحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوة.

قناعتنا الأساسية هى أنه يجب أن نحافظ على حد أدنى من حجم الاقتراض لدينا، لأن أى توسع فى باستخدام الودائع لتمويل الإقراض بصورة مباشرة بدلا من الاقتراض من البنوك، يعنى تحمل التزامات إضافية مرتبطة بهذه الأموال.

لذلك، نحن نعيد تقييم موقفنا باستمرار، نُجرى دراسات جديدة، ونقيّم ما إذا كنا قد وصلنا إلى نقطة تجعل من الضرورى التحول إلى نموذج أكثر كفاءة، نحن نقدم العديد من الخدمات المصرفية بالفعل، مثل تحويل الأموال، دفع الفواتير، وحتى الإقراض والاستثمار، ولكن تكلفة تقديم هذه الخدمات تكون أعلى بسبب عدم قدرتنا على استخدام الودائع فى منح الائتمان.

حاليًا، يتم تمويل الائتمان إما من رأس المال الخاص بنا، وهو أمر مكلف، أو عبر الاقتراض من البنوك، مما يضيف إلى التكاليف التشغيلية، وعندما نصل إلى نقطة يصبح فيها الفرق فى التكلفة بين النموذج الحالى ونموذج البنك الرقمى مؤثرًا بشكل كبير، عندها سنبدأ فى التفكير فى تغيير النموذج.

وحتى هذه اللحظة، لا نشعر بأننا وصلنا إلى نقطة اتخاذ قرار نهائى بشأن إنشاء بنك رقمى، نحن نقوم بإجراء دراسات دورية، ولكن الأمر ليس على رأس أولوياتنا فى الوقت الحالى، هذا لا يعنى أننا لا نتابع الأمر، بل نحن ندرسه بشكل منتظم لنكون مستعدين لاتخاذ القرار عندما يكون الوقت مناسبًا.

● حازم شريف: ماذا عن التوسع الإقليمى للشركة؟

أشرف صبرى: بالنسبة إلى التوسع الإقليمى، فهو أصبح محور اهتمام أكبر بالنسبة لنا، وقد بدأنا التعامل معه بجدية أكبر وفقًا لعدة محاور رئيسية.

المحور الأول يتعلق بتحويل الأموال، حيث نعمل بالتعاون مع البنوك المصرية لتعزيز هذه الخدمة، نعتقد أن لدينا فرصة كبيرة للتوسع فى هذا المجال، وقد حصلنا بالفعل على عدة موافقات من البنك المركزى، مما يسمح لنا بتوسيع نطاق عملياتنا، فى البداية، كنا نحصل على موافقات منفصلة لكل شريك أو بنك نتعامل معه، ولكن الآن أصبح هناك نموذج أكثر تكاملًا يسمح لنا بالتعاون مع عدة شركات تحويل أموال خارجية ضمن منظومة موحدة بالتنسيق مع البنوك المحلية.

المحور الثانى يتمثل فى دورنا كوسيط بين الشركات أو المؤسسات المالية الخارجية وبين البنوك المحلية، نظرًا لانتشارنا الواسع وخبرتنا فى هذا المجال، نعتقد أن بإمكاننا تقديم قيمة مضافة حقيقية، خاصة وأن هناك سوقًا غير رسمية كبيرة لتحويل الأموال، وهى سوق رأيناها بأنفسنا أثناء أبحاثنا الميدانية.

فى العديد من البلدان التى يتم منها إرسال الأموال، هناك شبكات غير رسمية متكاملة تمتد إلى داخل مصر، حيث يتم تسلم الأموال هناك وتسليمها هنا بعيدًا عن أى نظام رسمى، قد يتخيل البعض أن هذه الشبكات غير آمنة أو محفوفة بالمخاطر، ولكن الواقع مختلف، حيث إنها تعمل وفق آليات تضمن وصول الأموال بطريقة موثوقة، على سبيل المثال، فى بعض الأنظمة، لا يتم تسليم الأموال للمستلم فى مصر إلا بعد التأكد من تسلمها فى الدولة المُرسِلة، مما يضمن درجة من الأمان والموثوقية.

هذه السوق القائمة على الثقة يخلق فرصة حقيقية، بغض النظر عن فروق سعر الصرف، فبالنسبة للعملاء، لا يعتمد القرار فقط على سعر الصرف، بل على مدى سهولة الخدمة وملاءمتها لاحتياجاتهم، على سبيل المثال، إذا كانت وسيلة الحصول على الأموال تتطلب السفر لمسافة طويلة وتحمل تكاليف إضافية مثل المواصلات، فقد يفضل العميل خدمة بديلة أسرع وأسهل حتى لو كان هناك فرق بسيط فى التكلفة.

ومع ذلك، فإن استمرار هذه السوق غير الرسمية يُشكل تهديدًا كبيرًا لاستنزاف موارد الدولة، كما أن غياب الرقابة يجعلها عرضة لاستخدامات غير قانونية مثل غسل الأموال أو تمويل أنشطة مشبوهة، لذا، نحن نرى أن دخولنا إلى هذا المجال عبر قنوات رسمية سيتيح لنا تقديم خدمة متميزة وآمنة، مع المساهمة فى تنظيم هذه السوق وضبط تدفقات الأموال بشكل يخدم الاقتصاد المصرى.

لجعل الصورة أكثر وضوحًا، يمكن القول إن هذا النموذج يفيد فى بعض الحالات التى لا تكون قانونية بشكل كامل أو للأشخاص الذين يسعون لتجنب الأنظمة الرسمية، حيث يسمح لهم بالحصول على دولارات خارج البلاد دون أن تمر عبر النظام المالى المصرى، هذا يعنى أن الشخص فى الخارج يمتلك الدولارات ويستخدمها كما يشاء، دون أن يتم تسجيل هذه العمليات ضمن الاقتصاد الرسمى.

● حازم شريف: ما الحل لمواجهة هذه الظاهرة؟

أشرف صبرى: نحن نبحث عن بدائل تمكننا من توفير قنوات رسمية تنافس هذه الشبكة غير الرسمية، مع الحفاظ على راحة المرسل والمستلم، لدينا انتشار واسع فى مختلف أنحاء مصر، ونمتلك منصات رقمية متكاملة، لذا نعمل على توظيف هذه البنية التحتية لتوفير مسار قانونى أكثر كفاءة وأمانًا لتحويل الأموال.

قد يتطلب هذا استثمارات خارجية فى بعض الأسواق، لضمان الوصول إلى العملاء بطريقة سلسة وجاذبة، ومن الطبيعى أن تغيير السلوكيات المالية وتوجيه العملاء نحو القنوات الرسمية سيكون عملية طويلة، لكننا نؤمن بأننا نسير فى الاتجاه الصحيح.

نحن لا نعتزم تكرار نموذج “فوري” فى دول أخرى من الصفر، لأن طبيعة الأسواق الخارجية تتطلب شراكات مع لاعبين محليين أقوياء لديهم فهم عميق للسوق.

نؤمن بأن التكنولوجيا أصبحت متاحة فى كل مكان، لذلك عندما ندخل أى سوق نجد بالفعل شركات قائمة تقدم خدمات مشابهة، وبدلًا من إعادة اختراع العجلة، نبحث عن فرص التعاون مع هؤلاء اللاعبين، بحيث نخلق قيمة مضافة من خلال تبادل الخبرات وتكامل الخدمات.

هنا يأتى مفهوم “المقايضة التكنولوجية”، إذ نستفيد من الحلول القائمة فى الأسواق الخارجية، وفى المقابل نقدم لهم تقنياتنا وخبراتنا فى السوق المصرية، مما يخلق نموذجًا مستدامًا ومربحًا للطرفين.

● حازم شريف: هل هناك نية للاستحواذ على شركات؟

أشرف صبرى: بخصوص مسألة الاستحواذات، فإننا لا نميل فى الوقت الحالى إلى الاستحواذ الكامل على الشركات، إلا إذا وجدنا فرصة لدمج شركات ناجحة ذات أداء متميز فى عدة دول، هذا سيكون الخيار الأمثل بالنسبة لنا، لا سيما إذا كنا نسعى إلى توسع إقليمى سريع من خلال منشآت قائمة بالفعل، أما من الناحية التقنية والمالية، فهناك إستراتيجيات مختلفة، ويتولى المتخصصون فى القطاع المصرفى تقييم أفضل الخيارات المتاحة.

فى الوقت الراهن، نعتمد على الشراكات وليس الاستحواذات الكاملة، نحن نمتلك تكنولوجيا متطورة، وهناك العديد من الشركات التى ترغب فى الاستفادة منها، حاليًا، تركيزنا الأساسى ينصب على السعودية والإمارات.

لدينا استثمارات سابقة فى السودان، حيث عملنا من خلال شركة “كاشي”، وهى شركة منتشرة فى عدة مناطق بالسودان وتطبق نموذجًا مشابهًا لما قمنا به سابقًا، التكنولوجيا التى نوفرها عابرة للحدود، مما يتيح سهولة كبيرة فى تقديم الخدمات للأفراد والشركات.

فى الكويت، دخلنا فى شراكة مع إحدى الشركات، إذ قامت بالاعتماد الكامل على التكنولوجيا التى طورناها، ونحن نمتلك نسبة فيها، ولكننا لا نسيطر عليها بالكامل.

أما بالنسبة للإمارات والسعودية، فقد بدأنا مرحلة مكثفة من الدراسة والبحث، إذ نتواصل مع العديد من الشركات هناك ونجرى مفاوضات بشأن فرص التعاون والتحالفات المحتملة، لأول مرة، قمنا بإرسال فريق عمل متخصص يعمل بشكل دائم هناك، وليس فقط كفريق مبيعات متنقل، هدفنا هو تسهيل عمليات تحويل الأموال، وبحث سبل التعاون مع الشركات القائمة فى تلك الأسواق.

نأمل، إن شاء الله، أنه قبل نهاية هذا العام، سيكون لدينا مشاريع ملموسة يمكننا التحدث عنها بحرية أكبر، سواء فى الإمارات أو السعودية.

● حازم شريف: هذا حديث جميل، ولكن تخيَّل معى كيف ستكون الشركة بعد خمس سنوات! بالطبع سنلتقى باستمرار، ولكننى أتحدث هنا عن رؤية بعيدة المدى.

أشرف صبرى: فى غضون خمس سنوات، أتوقع أن نكون قد أنشأنا منصة للمستهلكين تضم أكثر من ثلاثة إلى أربعة ملايين مستخدم، كما أننا سنمتلك منظومة متكاملة تخدم الشركات المتوسطة والصغيرة، بحيث تضم ما بين 3000 إلى 4000 شركة.

بالإضافة إلى ذلك، سنكون قد طورنا خدماتنا المقدمة للشركات التى نتعامل معها، فى البداية، كنا نوفر خدمات التحصيل عبر قنوات أخرى، أما الآن، فقد أصبح بإمكاننا تمكين هذه الشركات من التحصيل عبر نظام النقاط الخاص بنا، لقد دخلنا معهم فى مجال “كاش مانجمنت”، ونعمل على تطوير المزيد من الحلول المالية والتكنولوجية.

خلال السنوات الخمس المقبلة، لدينا يقين شبه تام بأننا سنصبح منصة تكنولوجية متكاملة، ليس فقط نستخدمها داخليًا، بل نقوم بتأجيرها وبيعها للآخرين فى الوقت الحالى، العوائد التكنولوجية تمثل حالياً حوالى %3 من إجمالى إيراداتنا، فى العام الماضى، بلغ إجمالى إيراداتنا حوالى 1.5 مليار، فيما حققت التكنولوجيا وحدها ما بين 150 إلى 200 مليون، هذه التكنولوجيا التى طورناها لأنفسنا، بدأنا فى تقديمها لجهات أخرى، ونتوقع أن تنمو نسبتها بشكل ملحوظ فى المستقبل.

● حازم شريف: فى الفترة الماضية، ذكرت أنك بدأت العمل بالذكاء الاصطناعى، كم استثمرتم تقريبًا فى هذا المجال؟ وهل كانت هذه الاستثمارات داخل الشركة فقط، أم تضمنت استحواذات على كيانات أخرى؟

أشرف صبرى: بالفعل، قمنا بعدة استثمارات، لكن جميع الاستحواذات التى أجريناها مؤخرًا كانت فى شركات متخصصة فى ميكنة القطاعات المختلفة، حيث نركز على الشركات العاملة فى مجالنا.

أنا مؤمن بأن التكامل بين أنظمة الميكنة وأنظمة الدفع أمر ضرورى للغاية، لذا، من أجل تقديم حلول متكاملة للشركات الصغيرة، نعمل على دمج جميع الخدمات المالية والتكنولوجية.

أول قطاع قمنا بتكامل أنظمة الدفع والميكنة فيه هو قطاع البيع بالتجزئة، حيث يمكن للمستخدم اختيار المنتجات التى يرغب فى شرائها، ومن ثم الدفع مباشرة بضغطة زر، ما يعنى أن فاتورة البيع ومنظومة الدفع أصبحتا جزءًا واحدًا، أعتقد أن هذا هو الاتجاه الذى نسير فيه بقوة، ولذلك نستثمر فى هذه الأنظمة بشكل مكثف.

بالإضافة إلى ذلك، استثمرنا فى منظومة الخدمات المالية الافتراضية، كما استثمرنا فى شركة أخرى تُدعى “كود جون”، وهى متخصصة فى تطوير الأنظمة التكنولوجية للمستشفيات والعيادات، عمومًا، تتركز استثماراتنا حاليًا فى الشركات التى تطور أنظمة تكنولوجية مخصصة لقطاعات معينة، بهدف تحقيق تكامل بين هذه الأنظمة والمنظومات المالية، سواء فى مجال الدفع، أو التمويل، أو التأمين.

نحن نعمل أيضًا على تطوير خدمات مالية موجهة للتجار، مثل خدمة تمكنهم من اختيار طريقة الدفع المناسبة عند سداد مستحقاتهم للموردين، سواء عبر البطاقة المصرفية، أو المحفظة الإلكترونية، أو من خلال تسهيلات مالية نقدمها لهم، وإذا اختار التاجر الدفع بالتقسيط، يمكنه تحديد مدة السداد، سواء شهرًا، أو ثلاثة أشهر، أو أربعة أشهر.

● حازم شريف: بالنسبة لمنهجية الاستثمار فى الشركات الناشئة، أود أن أفهم أكثر كيف تتم عملية التقييم واتخاذ القرار، على سبيل المثال، عندما تجد شركة تعمل على تطوير أنظمة تكنولوجية قد تكون مفيدة لك كـ”فوري”، كيف تتم الموازنة بين بناء هذه الأنظمة داخليًا والاستثمار فيها خارجيًا؟

بمعنى آخر، هل ما تقومون به يمكن أن يعطى لهذه الشركات قيمة إضافية، أم أنكم تفضلون الاستثمار فيها بشكل مباشر؟ وكيف تحددون ما إذا كان الأفضل لكم هو تطوير هذه الحلول بأنفسكم داخل الشركة، أم الاستحواذ عليها والاستثمار فيها؟

أشرف صبرى: عندما نستثمر فى شركة ناشئة، فإن الجزء الأكبر من الاستثمار يكون عبر ضخ أموال مباشرة فى الشركة نفسها، وذلك لأن هذه الشركات تحتاج إلى تطوير أنظمتها لتتمكن من التوسع والتعامل مع أحجام أعمال أكبر، غالبًا ما تكون هذه الشركات جيدة ضمن نطاق حجمها الحالى، لكنها تحتاج إلى دعم مالى إضافى كى تتمكن من النمو والتوسع، لذلك، نحن نستثمر من أجل تمكين هذه الشركات من استكمال ما تعمل عليه، لأن نجاحها يعنى قدرتها على الاندماج معنا والوصول إلى نطاق أوسع.

● حازم شريف: لكن هل يعنى هذا أن نصبح العميل الوحيد لتلك الشركات؟

أشرف صبرى: فى “فوري”، لا نؤمن بمفهوم “العميل الحصري”، ولا نتبع هذا النهج فى عملنا، عندما نُقدّم خدمة معينة، ونجد أن شركة منافسة تطلب الحصول على الخدمة نفسها، لا نرفض، على العكس، نرحب بذلك لأننا نرى أن المنافسة تفتح السوق، وتحسن جودة الخدمات للجميع.

● حازم شريف: هل ترى نفسك بعد 5 سنوات كبنك رقمي؟

أشرف صبرى: على المدى البعيد، لا أرى نفسى كبنك رقمى بحت، بل كمزود لخدمات مالية متكاملة ضمن إطار أوسع، رؤيتى تتمثل فى امتلاك منصة للمستهلكين تضم 3 إلى 4 ملايين عميل نشط، نقدم لهم خدمات مالية، وخدمات مشتريات، وخصومات، وبرامج ولاء، وغيرها.

كذلك، أسعى إلى ضم ما بين 200 إلى 300 ألف تاجر صغير إلى منظومتنا، بحيث يتمكنون من تقديم هذه الخدمات من خلال منصتنا، هدفنا أن نصبح منصة متكاملة تقدم حلولًا مالية وتكنولوجية، مما يؤهلنا لنكون شركة تكنولوجية رائدة، لا سيما فى قطاع المؤسسات الكبرى.

● حازم شريف: سؤالى الأخير لك: ما النصائح التى تقدمها لمن يؤسسون شركات ناشئة، سواء كانوا شبابًا أم لا؟ ولكن بشكل جاد، أقصد من سؤالى أنه خلال حديثك، ذكرت أنك لا تدخل أى مجال إلا إذا كنت تستطيع أن تكون رقم واحد فيه أو تمتلك منتجًا مختلفًا، هل تعتقد أن هذه القاعدة ضرورية؟ لأنه فى بعض الأحيان، نجد شركات تستمر لعشرات السنين فى سوق مزدحمة بالمنافسين، وتتفوق فقط بتحسين نموذج الأعمال، دون أن تكون مختلفة تمامًا عن الآخرين؟

أشرف صبرى: فى تقديرى، خلال العامين الماضيين، بدأت الأمور تعود إلى المبادئ الأساسية للأعمال، لفترة طويلة، لم تكن المشكلة فى الشركات الناشئة ذاتها، بل كانت المشكلة فى المستثمرين الذين يمولونها، كان هناك تدفق هائل للسيولة فى السوق، مما أدى إلى تقييمات مبالغ فيها للشركات، ليس بسبب قوة نماذج الأعمال، بل بسبب توفر التمويل بسهولة.

فى بعض الأحيان، عندما يكون المعروض من التمويل أكبر من الطلب الفعلى على الاستثمار، تحدث فقاعات اقتصادية، منذ ثلاث سنوات، كان من الطبيعى أن تحصل شركة ناشئة على تمويل بقيمة 10 ملايين دولار بسهولة، نظرًا لدخول كميات ضخمة من رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق.

لكن المشكلة أن منظومتنا الاقتصادية لم تكن متكاملة بالشكل الذى يسمح للشركات الناشئة بالنمو والخروج كما هو الحال فى الأسواق الخارجية، فى بعض الدول، يمكن لرائد الأعمال أن يؤسس شركة، ثم يبيعها، ثم يبدأ شركة جديدة، وإذا فشل، يستطيع المحاولة مجددًا دون أن يكون ذلك نهاية مسيرته.

أما فى بيئتنا، فإن فشل الشركة لا يعنى فقط إغلاقها، بل قد يعنى نهاية الشخص نفسه فى المجال، لأن المنظومة لم تكن تستوعب هذه الديناميكية بعد، كذلك، كان المستثمرون أنفسهم يضغطون على الشركات الناشئة للنمو بأى شكل، لأنهم كانوا يسعون إلى تعظيم قيمة صناديقهم الاستثمارية خلال فترة قصيرة.

فكان النموذج السائد حينها هو: “كبر شركتك بأى وسيلة ممكنة، حتى تتمكن من جذب الجولة التالية من التمويل”، ومن هنا، نشأت عقلية “التوسع بأى ثمن”، إذ كان التركيز ينصبّ على تحقيق أرقام نمو ضخمة لجذب المستثمرين الجدد، بدلاً من بناء شركات ذات نماذج أعمال مستدامة.

لكن مع مرور الوقت، تغيرت هذه النظرة، وأصبح هناك وعى أكبر بأهمية بناء شركات حقيقية ذات أساس مالى قوى، وليس مجرد شركات تسعى وراء التقييمات المرتفعة بشكل غير واقعى.

بصراحة، كان هناك تأثير سلبى واضح نتيجة الطفرة التى حدثت فى سوق الشركات الناشئة مؤخرًا، لكن، وللأمانة أيضًا، هذا القطاع جذب كفاءات كبيرة لم تكن موجودة من قبل.

الفترة المقبلة ستشهد نوعًا من “الفلترة” أو الغربلة الطبيعية، وقد بدأت بالفعل، هناك شركات كثيرة لم تعد موجودة، وشركات أخرى كانت قد جمعت تمويلًا كبيرًا فى جولات سابقة، واليوم تضطر إلى جمع جولات جديدة بتقييم أقل بكثير، فقط لأنها لا تملك خيارات أخرى، والسيولة المتاحة أصبحت محدودة.

ما أتمنى رؤيته فعلاً هو تفعيل أكبر لدور الصناديق الاستثمارية التى أطلقها البنك الأهلى وبنك مصر وبنك القاهرة، أنا أؤمن أن هذا القطاع — سواء كان تكنولوجيًا أم لا — يحتاج إلى تمويل محلى حقيقى، وخصوصًا بالجنيه.

نموذج التمويل المتكامل الذى نحتاجه، لا أرى فى هذا الطرح تقليلًا من شأن الاستثمار الأجنبى، بل أحاول التفكير فى نموذج أكثر استدامة، ما أتمناه هو أن نرى شراكات بين المؤسسات المالية الكبرى، والشركات الكبرى، والشركات الناشئة، بحيث تُمزج الخبرة الصناعية مع التمويل ومع الحماس والطاقة الموجودة لدى الشباب.

هذا الدمج قد يخلق شركات جديدة بأفكار مبتكرة، لكن الفارق الحقيقى سيكون عندما تستطيع هذه الشركات أن تصبح جزءًا فاعلًا من منظومة الشركات الكبيرة.

فإذا نجحنا فى خلق نموذج يعمل فيه الشباب مع المؤسسات المالية والمصرفية، ولدينا شركات ناشئة حقيقية داخل هذا الإطار، سنكون قادرين على أخذ هذه الأفكار إلى آخر الطريق.

● حازم شريف: مثل النموذج الذى تطبقه أنت فأنت مؤسسة مالية، وفى الوقت نفسه متخصصة فى التكنولوجيا فهذا النوع من الدمج هو ما نحتاجه اليوم، وأعتقد أننا بدأنا نرى بعض التحركات فى هذا الاتجاه، لكنها تحتاج إلى أن تصبح جزءًا من نسيج المنظومة الاقتصادية الكاملة؟

أشرف صبرى: عند تأسيس أى شركة، هناك مسارات مختلفة للنجاح. البعض يبدأ بتكوين فريق محترف منذ البداية، والبعض الآخر ينطلق بإمكانات محدودة ثم ينمو تدريجيًا، ورغم ذلك يحقق نجاحًا كبيرًا، لكن الحقيقة التى لا جدال فيها أن هناك العديد من القطاعات التى لا تزال بحاجة إلى تطوير هائل، وتحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة لتحديث أساليبها وتحسين كفاءتها.

فى أى سوق، عندما تتركز القوة فى يد عدد قليل من اللاعبين، فإن هذا يؤثر سلبًا على المنافسة، على سبيل المثال، إذا كان هناك عشرة لاعبين فقط يتحكمون فى سوق البرتقال فى مصر، فهذا يعنى أن كل المزارعين والموردين تحت سيطرتهم.

كيف يمكن كسر هذه الدائرة؟ الحل يكمن فى استخدام التكنولوجيا لفتح الأسواق وجعلها أكثر شفافية وكفاءة، لكن تحقيق ذلك يحتاج إلى دعم قوى وظهير استثمارى حقيقى، حتى لا يجد من يحاول التغيير نفسه فى مواجهة صعبة.

أنا مقتنع تمامًا أنه: بدون تكنولوجيا، لا يمكن تحسين الإنتاجية، وبدون إنتاجية عالية، لا يمكن تحقيق رفاهية اقتصادية حقيقية.

● حازم شريف: لقد استمتعت جدًا بهذا الحوار، وأشعر أننا لم نكمل كل النقاط التى يمكن الحديث عنها، أشكركم جميعًا على المتابعة، وأشكر المهندس أشرف صبرى، الرئيس التنفيذى لشركة “فوري” للمدفوعات الإلكترونية، على هذه المناقشة الثرية.

تفاصيل الاستراتيجية التوسعية وآمال النمو وتحديات المنافسة خلال 5 سنوات مقبلة

أدركت مبكرًا أن بعض الخدمات التقليدية ستواجه منافسة متزايدة

«ماى فورى» و«إنستا باى» لكل منهما مزاياه وخصائصه والهدف ليس الاحتكار

المنافسة تزداد صعوبة.. ولم نتوقع هذا التغير السريع

عالم المدفوعات يتطلب استعدادًا دائمًا للمستقبل

الابتكار هو مفتاح نجاحنا فى مواجهة الأخرين

نسعى لتنمية خدماتنا.. والسوق المصرية تشهد تحولات ضخمة

نفكر فى صناديق ذهب وأخرى استثمارية فى البورصة لتنويع المحفظة

لا نخطط للدخول إلى الوساطة المالية رغم توفر الكيانات القابلة للاستحواذ

لا نجاح بدون تحديات.. و«فورى» مستعدة للمرحلة المقبلة

عدد تحميلات تطبيق «ماى فورى» يصل إلى 17 مليون

نستهدف 3 إلى 4 ملايين مستخدم على منصة المستهلكين خلال 5 سنوات

نسعى لخدمة 3 إلى 4 آلاف شركة صغيرة ومتوسطة فى غضون 5 أعوام

%3 هى نسبة العوائد التكنولوجية من إجمالى الإيرادات حاليًا مع توقعات بزيادتها مستقبلًا