أكد عدد من رجال الأعمال والمصدرين أن الرسوم الجمركية التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم الأربعاء الماضى تعد فرصة قوية للصادرات المصرية للنمو بشكل كبير، لاسيما أن السوق الأمريكية هى الأكبر على مستوى العالم، وتمثل فرصة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرية، مما سيعمل فى النهاية على زيادة الناتج القومى المحلى والتبادل التجارى وفرص العمل.
وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة التى وافق عليها الرئيس ترامب، الأربعاء الماضى على 185 دولة بحد أقصى %50 و أدنى %10.
وطالت الرسوم كلاً من مصر والسعودية والإمارات والمغرب بنسبة %10 والأردن بـ%20 كما قرر فرض رسوم %41 على سوريا، و %31 على ليبيا، وعلى العراق %39 والصين %34.
وكشفت مصادر لـ «المال» أن الحكومة بدأت تحديد الفرص الاستثمارية فى جميع القطاعات لعرضها على الدول المختلفة التى تم فرض رسوم جمركية عليها لتدشين مصانع وللتصدير عبر السوق المصرية للاستفادة من أقل نسبة رسوم جمركية تم فرضها على مصر.
وقال أيمن العشرى رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة إن الرسوم الجمركية التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على مصر تعد فرصة جيدة للتوسع أمام الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة.
وأشار «العشرى»- فى تصريحات لـ «المال» – إلى أن الغرفة وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة بدأت فى التواصل مع عدد من المستثمرين الأجانب لطرح عدد من الأفكار والفرص الاستثمارية المتاحة.
وأكد أن السوق المصرية شهدت خلال الأسابيع الأخيرة توقيع عدد من الاتفاقيات لتنفيذ استثمارات صينية ونقل جزء من خطوط الإنتاج الصينية للسوق المحلية، وهو ما يسعى عدد من الدول الأوروبية لفعله أيضًا مما يساهم فى زيادة الناتج المحلى وارتفاع الاستثمارات بشكل سنوي، بالتزامن مع صفقة «رأس الحكمة» التى تعد الأكبر فى تاريخ مصر وهو ما ساعد على زيادة الاستقرار الاقتصادى لمصر.
يذكر أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جذبت خلال آخر عامين 128 مشروعًا بقيمة 6 مليارات دولار تستحوذ الاستثمارات الصينية منها على - %40 وفق بيان لرئيس المنطقة وليد جمال الدين فى سبتمبر الماضى - وخلال هذا العام أضيفت استثمارات جديدة أبرزها عقدين لمشروعين جديدين، بإجمالى استثمارات 28 مليون دولار فى مجالات صناعة وطباعة وصباغة المنسوجات.
فى سياق متصل، كشف مسئول فى المجلس التصديريلمواد البناء أن بعض الكيانات الصينية قد بدأت خطوات فعلية لنقل جزء من استثماراتها للسوق المصرية والذى يعد بمثابة رأس الاستثمار والتصدير للسوق الأفريقية، بالإضافة إلى الاستفادة من المزايا التى تتمتع بها وأبرزها الاتفاقيات التجارية مع عدد من البلدان المختلفة وأبرزها قارتى أفريقيا وأوروبا، مستغلين فرصة كونها الأقل فى الرسوم الجمركية الأمريكية.
وأوضح المسئول لـ «المال» أن تلك الرسوم ستكون بمثابة دفعة قوية للاقتصاد إذا تم الترويج للسوق المصرية والاتفاقيات التى تتمتع بها مصر وموقعها الإستراتيجي.
وقال إن مصر تمتلك العديد من المقومات الجاذبة للاستثمار وبقوة أبرزها انخفاض أسعار الطاقة والأرض مقارنة مع باقى البلدان.
وأكد أن انخفاض سعر العملة يعد من أبرز عوامل جذب الاستثمارات بالإضافة إلى أن تكلفة الأيدى العاملة فى السوق المصرية أقل من مثيلتها الأجنبية.
وأشار إلى أنه من الضرورى أن تقوم الحكومة والقطاع الخاص بتكثيف الزيارات والتواجد فى الأسواق الخارجية للتعريف بتلك المزايا وعقد شراكات بين القطاع الخاص المصرى ونظيره الأجنبى خاصة الصينى والهندى واليابانى مما يعد خطوة لنقل التكنولوجيا للسوق المصرية وتخفيض تكلفة الخامات والمنتجات بدلًا من استيرادها من الخارج.
وأكد أن هبوط سعر النفط عالميًا بنحو %6 بالإضافة إلى انخفاض سعر الدولار عالميًا سيسهمان فى خفض تكلفة الاستيراد بالنسبة للسوق المصرية لاسيما وأن مصر فى الآونة الأخيرة بدأت استيراد النفط من الخارج، مما سينعكس فى النهاية على خفض فاتورة مصروفاتها ونفقاتها فى مجال الطاقة ويقلل من الضغوط على السوق المصرية بشكل عام.
وارتفعت صادرات مصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2024 بنسبة %12.8 لتصل إلى 2.25 مليار دولار، مقابل 1.99 مليار خلال 2023، وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الذى أشار إلى زيادة واردات مصر من الولايات المتحدة بنسبة %46.9 لتسجل 7.56 مليار دولار.
وقال المهندس مصطفى النجارى نائب رئيس جمعية المصدرين المصريين ورئيس لجنة الزراعة و الرى بجمعية رجال الأعمال المصريين - فى تصريحات خاصة لـ”المال» - إنه بالرغم من تلك الرسوم الجمركية فإن هناك دولا أخرى قد تستفيد سعريا من تلك القرارات حيث سوف تتغير خريطة الاستثمار والإنتاج بناء على مستجدات عناصر التنافسية الجديدة.
وأضاف «النجاري» أنه ينبغى تقييم الموقف ورصد ردود الفعل المتوقعة من الدول المتضررة ودراستها بوضوح حيث ستسعى كل دولة و كل تكتل اقتصادى لعقد مباحاثات مع أمريكا و قد تتعدل نسب الزيادة حسب المصالح الاقتصادية و السياسية معا.
وأوضح أنه سوف يتم تعديل خريطة سلاسل الإمداد جراء تلك القرارات وبالتالى تغيير أسعار النولون البحرى بصورة كبيرة، مما سيؤثر سلبًا و إيجابًا بصورة كبيرة على أسعار السلع المستوردة فى مختلف الأسواق.
ويرى «النجاري» أن أفضل رد صدر من الدول التى تم فرض تلك الرسوم عليها، هى المملكة المتحدة، والذى جاء بعدم التسرع فى اتخاذ رد فعل قبل تحليل المستجدات حتى يكون رد الفعل مناسبا و يحقق مفعوله.
وأوضح أن من أبرز السلع التى تأثرت سريعًا من تلك القرارات هى أسعار البترول والتى فقدت %6 مرة واحدة يوم الجمعة الماضى – بعد يوم واحد من صدور القرار، مشيرا إلى أنه سوف يتأثر سعر صرف عملات كثيرة أمام الدولار، كما انهارت أغلب البورصات العالمية و خسرت أكبر الكيانات أكثر من 3.2 تريليون دولار من قيمة أسهمها خلال 24 ساعة.
ولفت إلى أنه لا يمكن رصد التأثيرات الناتجة عن القرار، قبل فترة لمتابعة تغيرات سلاسل الإمداد وإعادة هيكلة خطوط الشحن المتوقعة وفق تغير مراكز الإنتاج فى العالم.
وتابع : « لا شك أن معظم الدول والتكتلات الاقتصادية الموقع عليها تلك الرسوم الجمركية سوف تعقد اتفاقيات تجارية مع أمريكا لتجنب الصدامات الاقتصادية المتوقعة».
وأشار «النجاري» إلى أن ذلك يستدعى الحكمة والتريث وعدم التسرع باتخاذ أى ردود أفعال قبل فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر، مؤكدا أن تلك الفترة ستكون كافية لإنهاء مفاوضات جميع الدول مع واشنطن، ومحاولة عدم تعرض الأسواق لهزات اقتصادية كبيرة دائمة.
ولفت إلى أن الأسواق العالمية سوف تشهد حالة من الارتباك لفترة حتى تنتهى ردود الأفعال المتسرعة، وفترة التفاوض مع أمريكا، مشيرًا إلى أن ذلك أعطى فرصا ممتازة وغير متوقعة لدول على حساب أخري.
وقال إنه بلا شك سيتعرض الاقتصاد العالمى لفترة كساد ضاغطة، ما لم تقدم الحكومات على إحداث تعديلات اقتصادية بمنتهى الحكمة لدرء الخسائر وتعظيم الاستفادات.
من جهته، أكد محمود الشيخ مدير شركة أبناء مصطفى الشيخ للاستيراد والتصدير وعضو شعبة العطارة بالغرفة التجارية فى القاهرة، لـ”المال» أن تداعيات قرار الرسوم الجمركية الأمريكية لم تظهر تأثيراته حتى الآن على السوق المحلية.
ولفت «الشيخ» إلى أن التأثير على السوق المحلية سيكون متغير عند الاستيراد من الدول الأخرى التى تم توقيع رسوم جمركية مرتفعة عليها مثل فيتنام بواقع %46 و%26 للهند، والتى ستكون بحاجة تباعًا إلى تعويض خسائرها الناتجة من تلك الرسوم.
وتابع:» أمامنا الأسبوع الحالى حتى تتضح الرؤية فى السوق العالمية بشكل أكبر، موضحا أن هناك حذرا فى بيع وشراء السلع الأكثر إقبالا فى الأسواق خاصة البن، والفلفل الأسود، حيث يتم حاليًا التعاقد على كميات قليلة لا تستغرق أكثر من شهرين كفترة وصول إلى الموانئ».
وكشف «الشيخ» أنه تواصل مع أحد كبار رجال الأعمال ومصدر فلفل أسود فى فيتنام يوم الجمعة الماضي، والذى أخبره أن السوق الفيتنامية تشهد بطئا فى التعاملات التجارية منذ الإعلان عن قرار فرض الرسوم الجمركية الأمريكية.
واستكمل رجل الأعمال الفيتنامى حديثه فى رسالته لـ «الشيخ» والتى اطلعت عليها «المال»، موضحا أن الحكومة الفيتنامية تعى كيفية تدبير تلك الأمور مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن المعاملات التجارية تتم ببطء شديد.
بينما، قال حسن فوزى رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية فى القاهرة لـ«المال» إن ارتفاع أسعار البن البرازيلى على المستهلك الأمريكى نتيجة فرض رسوم جمركية على صادرات البرازيل لسوق الولايات المتحدة، سيؤثر أيضَا على السوق المحلية فى مصر، نتيجة أن تلك القرارات ستؤثر على جميع الدول المصدرة والمستوردة للسلع الأكثر إقبالا.
ويرى «فوزى» أن ارتفاع أسعار البن البرازيلى والذى يعد الأكثر تداولا فى العالم وله سوق كبيرة فى مصر، لن يلقى بظلاله على الأسعار فى السوق المحلية، إلا بعد 3 أشهر.
