مؤسس ورئيس الشركة ضيف أحدث حلقات «CEO Level Podcast»: «راشد» للاستشارات العقارية.. كيف ينتقل المستثمر من مرحلة المقاول العادي إلى المطور المنافس؟!

Ad

شهدت الحلقة الأخيرة من برنامج “CEO LEVEL PODCAST”، لقاءً جديدًا مع أحد القطاعات المرتبطة بالتطوير والاستثمار العقارى وهو قطاع الاستشارات العقارية وإدارة المشروعات.

استضاف حازم شريف رئيس تحرير جريدة «المال» ومقدم «CEO LEVEL PODCAST» فى حلقة الأحد الموافق 23 مارس الماضى.

الدكتور محمد راشد، عضو غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية ومؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة راشد للاستشارات العقارية، والذى رسم فى لقائه مستقبل القطاع العقارى، وأهمية وضع ضوابط وآليات واضحة لتصدير وحداته للخارج.

أجاب محمد راشد عن مفهوم “الفقاعة العقارية” فى مصر وأوضح طرق تسعير المطورين للعقار وتحديات البناء ومدى صعوبة تحول المقاول إلى مطوّر عقارى.

وأوضح راشد رؤيته حول فرص توسع شركته فى الأسواق الخليجية، والاستفادة من إعادة الإعمار فى المنطقة العربية، وأهمية الحوكمة فى ضمان نجاح الشركات العائلية فى مصر.

وإلى نص الحوار المتاح على قناة “ALMAL TV” بموقع “يوتيوب” ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعى.

● حازم شريف: ضيفى اليوم هو الدكتور محمد راشد، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة راشد للاستشارات العقارية، أهلاً بك.

محمد راشد: أهلًا بك يا حازم، وأنا سعيد بوجودى معك اليوم.

● حازم شريف: دعنا ندخل فى صلب الموضوع ونبدأ بسؤالنا التقليدى، من هو محمد راشد؟

محمد راشد: باختصار، أنا خريج مدرسة كولاج دو لا سال “الفرير”، ثم حصلت على ليسانس آداب إنجليزى من جامعة القاهرة عام 1997. بدأت العمل منذ أن كنت طالبًا فى الجامعة، فأنا أؤمن بالاعتماد على النفس منذ الصغر. على الرغم من أننى نشأت فى أسرة ميسورة الحال- إذ كان والدى فى القوات المسلحة- فإننى لم أرغب فى الاعتماد على أحد فى توفير مصروفى الشخصى.

استغللت ميزة إتقانى للغات، سواء الفرنسية أو الإنجليزية، للعمل فى قطاع السياحة، وبدأت مشوارى المهنى كموظف استقبال - Front Desk” فى عدة فنادق خلال فترة دراستى وحتى تخرجى فى عام 1997.

عملت فى فنادق عديدة مثل بيراميزا، بولمان المعادى تاورز (الذى أصبح الآن سوفوتيل)، ونايل هيلتون، إذ كنت حاضرًا حتى فى افتتاح فندق بيراميزا. وبعد التخرج، انتقلت للعمل فى نايل هيلتون.

● حازم شريف: تقصد “ريتز كارلتون” حاليًا؟

محمد راشد: تمامًا. هذه التجربة زرعت بداخلى قيمًا مهمة منذ البداية. فمدارس الرهبان الكاثوليكية تغرس فيك الأخلاقيات وقيمة العمل، وهذان كانا عنصرين أساسيين فى تكوينى.

لاحقًا، قررت تغيير مسارى المهنى.

● حازم شريف: هل أجريت هذا التغيير بعد تخرجك مباشرة؟

محمد راشد: بعد التخرج، استمررت فى نايل هيلتون لمدة عامين، حتى أصبحت مدير وردية. ومع تراجع قطاع السياحة والأحداث الصعبة التى شهدها القطاع فى ذلك الوقت، رأيت فرصة للانتقال إلى قطاع الاتصالات، إذ انضممت إلى شركة كليك جى إس إم (التى أصبحت لاحقًا فودافون) فى عام 1999.

بدأت فى خدمة العملاء، ثم خلال 6 أشهر أصبحت مسؤولًا عن إدارة فريق يضم 200 موظف لتحقيق أهداف محددة، مما منحنى مهارات إدارية قوية.

المديرون فى الشركة كانوا جميعهم بريطانيين، مما أتاح لى فرصة التعلم من بيئة منضبطة، خاصة أننى كنت قد نشأت على قيم مماثلة فى مدارس الرهبان، فى “فودافون”، تعلمت أن العمل ليس مجرد وظيفة، بل هو تقديم قيمة حقيقية، سواء من خلال منتج أو خدمة.

● حازم شريف: إذن، انتقلت من خدمة العملاء إلى إدارة المشروعات؟

محمد راشد: بالضبط. شغلت منصب مدير إدارة علاقات العملاء (System Management Center)، وهو مجال يربط بين الفرق التقنية والتجارية لضمان تحقيق الأهداف، وخلال هذه الفترة، درست إدارة المشروعات وحصلت على شهادتها فى عام 2004.

من الإنجازات التى أفخر بها فى “فودافون” أننى قدمت لأول مرة فى مصر خدمة “الأوفشورينج”، أى توفير خدمات العملاء للأسواق الخارجية، إذ كنا نقدم خدماتنا لأستراليا ودول أجنبية أخرى.

● حازم شريف: تقصد أنكم أسستم مركزًا فى مصر يقدم خدمات عملاء لأسواق خارجية؟

محمد راشد: نعم، كنا نقدم خدمات دعم فنى لأستراليا من خلال مركزنا فى مصر، وركزنا على أدق التفاصيل، لأن إدارة المشروعات تعتمد على الدقة والتنظيم، كذلك، قمنا بإنشاء مبنى كامل لمركز خدمة عملاء متكامل لـ”فودافون” فى المعادى.

لاحقًا، تلقيت عرضًا من شركة “اتصالات” وانتقلت إليها عبر التوظيف المباشر، إذ توليت إدارة المشروعات التجارية، وكنت مسؤولًا عن الحملات الإعلانية التى كانت تُعرض على التلفزيون.

● حازم شريف: كيف تمت عملية التوظيف المباشر من “فودافون” إلى “اتصالات”، ولماذا قبلت العرض؟

محمد راشد: كانت اتصالات شركة جديدة فى السوق المصرية، وأنا أؤمن بعدم البقاء فى مكان واحد لفترة طويلة، حتى لا أفقد حافز التطور.. خلال 7 سنوات فى “فودافون”، استفدت كثيرًا من التدريب والمهارات الإدارية والشخصية، لذلك كنت أبحث عن الخطوة التالية فى مسيرتى المهنية.

عرضت عليّ “اتصالات” منصبًا لقيادة الفريق التجارى، والثقة التى منحونى إياها، بالإضافة إلى الإمكانيات المتاحة، جعلتنى أرى أنها فرصة رائعة لإضافة قيمة جديدة فى مكان مختلف والاستفادة من تحدٍ جديد.

● حازم شريف: فى أى عام حدث ذلك؟

محمد راشد: عام 2007.

● حازم شريف: احكِ لى كيف تلقيت عرض التوظيف؟

محمد راشد: تلقيت اتصالًا من أحد المديرين فى السوق، وأرسل لى عرض التوظيف.. أنا بطبيعتى لا أتخذ قرارات سريعة، بل أدرس إيجابيات وسلبيات كل خطوة. وجدت أن هذه الفرصة ستطور مسارى الوظيفى بمنصب أعلى وعائد مادى أكبر. فى النهاية، أى شخص عندما ينتقل من شركة لأخرى يبحث عن أمرين: الاستفادة العلمية والتطوير المهنى والاستفادة المادية

● حازم شريف: هل كان الفارق المادى كبيرًا مقارنة بـ”فودافون”؟

محمد راشد: لا، لم يكن الفارق المادى ضخمًا، كان تقريبًا فى حدود مرة وثلث فقط على راتبى فى “فودافون”، لكنه لم يكن الدافع الرئيسى للانتقال، بالنسبة لى، كان الأمر يتعلق بوضع بصمة مميزة، إذ كنت جزءًا من افتتاح شركة جديدة فى مصر للمرة الثانية، وهذه التجربة أفادتنى كثيرًا لاحقًا.

وفى اعتقادى، أن الخبرة تأتى من مجموعة المواقف والتجارب التى نمُر بها، والنجاحات تضيف إلى رصيدنا، بينما الإخفاقات تكون دروسًا نتعلم منها حتى لا نكررها، وكان هذا تحديًا جديدًا لى فى شركة جديدة، وكنت أدرك أن نجاحى فيها سيمثل إضافة قوية لمسيرتى المهنية.

● حازم شريف: إذن، انتقالك لم يكن مجرد تغيير وظيفة، بل كان نقطة تحول فى حياتك المهنية؟

محمد راشد: تمامًا.. كان هذا الانتقال بمثابة محطة غيرت كثيرًا فى أسلوبى الإدارى. قبل ذلك، كنت أعمل فى إدارة المشروعات، إذ أدير الموارد لتحقيق أهداف محددة، لكن فى “اتصالات”، أصبحت مسؤولًا عن تطوير الأعمال (Business Transformation)، وهى مسؤولية أكبر بكثير.

● حازم شريف: ماذا كان دورك بالتحديد فى هذا المنصب؟

محمد راشد: كنت أعمل مديرا تجاريا لإدارة تطوير الأعمال (Commercial Manager - Business Transformation)، وهو دور يتطلب التنسيق بين جميع إدارات الشركة. كنت أجلس مع كل إدارة وفريقها لنحدد الوضع الحالى، المشكلات القائمة، وخطوات التطوير المستقبلية.

فى ذلك الوقت، كانت لدينا شراكة مع شركة “IBM”، التى كانت تدعمنا فى عملية التطوير، مما أتاح لى فرصة لفهم عمل كل إدارة من بدايتها إلى نهايتها. هذا أوصلنا إلى مفهوم “End to End Process - E2E”، أى تقديم خدمات متكاملة دون الحاجة إلى طرف ثالث.

● حازم شريف: هل يمكنك توضيح مفهوم “E2E” للقارئ بشكل مبسط؟

محمد راشد: بالطبع. الفكرة الأساسية أن رحلة العميل تبدأ من لحظة اهتمامه بالخدمة وحتى ما بعد البيع. خلال هذه الرحلة، يمر بعدة إدارات، ولكل إدارة دور محدد يبدأ عند نقطة معينة وينتهى عند أخرى. عندما تنجح الشركة فى تنظيم هذه العملية بسلاسة، فإنها تحقق الهدف الأهم، وهو إرضاء العميل.

● حازم شريف: إذن، يمكن القول إن جودة الخدمة ورضا العملاء هما العاملان الأساسيان لنجاح الشركات فى هذا المجال؟

محمد راشد: بالتأكيد. فى نهاية الأمر، الفرق بين الشركات هو جودة الخدمة ومدى رضا العملاء عنها. العميل لن يهتم بحجم الشركة أو مواردها، بل بما تقدمه له من قيمة حقيقية. هذه القناعة كانت الدافع الأساسى لى فى كل مرحلة من مسيرتى المهنية.

● حازم شريف: سأقطع الحديث هنا قليلًا لأننى لفت انتباهى أنك تتحدث عن المشاريع والإدارة، بينما خلفيتك الأكاديمية من كلية الآداب. لماذا اخترت دراسة الآداب؟ ولماذا هذه القفزة من الآداب إلى عالم البيزنس؟

محمد راشد: كان هناك سببان رئيسيان، الأول هو أننى كنت أجيد اللغة الفرنسية وأعمل فى قطاع الفنادق، وأردت تقوية لغتى الإنجليزية لأكون متمكنًا من لغتين، وكان هذا هو الهدف وقتها. لكن الأهداف تتغير مع الزمن، وعندما بدأت العمل فى شركة متعددة الجنسيات، اكتسبت خبرات جديدة، خاصة من المديرين البريطانيين الذين علّمونى قيمة الأشياء.

● حازم شريف: إذن، أنت ترى أن هناك 3 مدارس أساسية ساهمت فى تشكيل شخصيتك؟

محمد راشد: بالضبط. المدرسة الأولى كانت المدرسة الرهبانية، والتى كانت صارمة فى التربية والتعليم. الثانية هى الشركات متعددة الجنسيات التى عملت بها، حيث تعلمت القيم المؤسسية والانضباط الإدارى. أما المدرسة الثالثة، فكانت البيت، إذ نشأت فى بيئة عسكرية، فوالدى كان فى القوات المسلحة، وبالتالى كان الانضباط والمسؤولية جزءًا من حياتى اليومية.

كل هذه العوامل غرست فى داخلى تحمل المسؤولية، وهذا جعلنى أتعامل مع المواقف المختلفة بثقة، وأبنى شخصيتى بطريقة متكاملة.

● حازم شريف: متى قررت مغادرة شركة “اتصالات”؟ أم أن هناك نقطة مهمة أخرى تود الحديث عنها قبل ذلك؟

محمد راشد: خلال عملى فى تطوير الأعمال فى اتصالات، كنت مسؤولًا عن إدارة علاقات العملاء (CRM - Customer Relationship Management)، وهو مفهوم للأسف لا تهتم به العديد من الشركات الكبرى رغم أنه أحد أسس النجاح. تعلمت أن اختيار الأشخاص المناسبين فى الأماكن المناسبة هو المفتاح لأى مؤسسة ناجحة. كنت أعمل من السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، ولكن كان لدى طموح لإنشاء مشروعى الخاص، ومن هنا جاءت فكرة الاستقلال المهنى.

اتخاذ هذا القرار لم يكن سهلًا أبدًا، خاصة بعد 12 عامًا من العمل فى شركات دولية، إلى جانب 5 أو 6 سنوات سابقة فى قطاع الفنادق، كان التحول فى المسار المهنى مخاطرة كبيرة، لكننى كنت أريد تحقيق ذاتى والقيام بشيء أشعر بالشغف تجاهه.

● حازم شريف: من الطبيعى أن تؤسس مشروعك الخاص، لكن لماذا اخترت مجال العقارات بالتحديد بعد مغادرتك “اتصالات”؟

محمد راشد: نعم، كانت صدمة للكثيرين!

● حازم شريف: لا بد أن زوجتك وعائلتك اعتقدوا أنك تمر بأزمة أو جنون مؤقت، أليس كذلك؟

محمد راشد: بالطبع، كان رد الفعل الأول: “ما الذى يضايقك؟ لماذا تترك كل هذا؟”، خاصة أننى كنت قد وصلت إلى منصب كبير وكانت لدى علاقات قوية فى مجالى. كان قرارى مفاجئًا بالنسبة لهم، لكنه كان خطوة محسوبة بالنسبة لى.

● حازم شريف: التطور الطبيعى بعد مسيرة طويلة فى الشركات الكبيرة هو التنقل بين الدول والترقى فى المناصب، أليس هذا هو الحلم التقليدي؟

محمد راشد: هذا صحيح، لكننى كنت أمتلك حلماً مختلفاً، وهو أن يكون لدى مشروعى الخاص وأعمل فى المجال الذى أحب.

لذلك أسست شركة باسم “تو تراكس” وقتها، والتى تضمنت نشاطين رئيسيين: شركة عقارية وأخرى للإعلانات.

فى البداية، حصلت على تصريح من شركة “اتصالات” لمزاولة المشروع، إذ لم أكن قد تركت عملى فى “اتصالات” بعد، وكانت “تو تراكس” بمثابة كيان واحد يعمل فى اتجاهين مختلفين.

مع مرور الوقت، أصبح من الضرورى أن أتخذ قراراً حاسماً، فقررت التفرغ التام لمشروعى الخاص، واستغرقت الفترة الانتقالية نحو سنة ونصف، حيث كان من الضرورى الحصول على الموافقة الرسمية على امتلاك مشروع خاص أثناء العمل فى الشركة، بعد ذلك، استغرق إنهاء التعاقد مع “اتصالات” نحو ثلاثة أشهر.

● حازم شريف: وبعدها دخلت مجال العقارات؟

محمد راشد: نعم، بدأت فى سوق غير منظمة تماماً، إذ كان يعمل فيه الجميع، من الوزير إلى الغفير كما يُقال. فى ذلك الوقت، لم يكن هناك نظام وساطة عقارية واضح كما نراه اليوم، وكان المجال يفتقر إلى التنظيم والاحترافية.

● حازم شريف: فى ذلك الوقت، كانت “تو تراكس” تعمل فى العقارات والإعلانات معاً، أليس كذلك؟

محمد راشد: صحيح.

● حازم شريف: كانت تلك تجربة مختلفة، فبعدما عملت فى شركات متعددة الجنسيات حيث كنت تدير فرقاً كبيرة، أصبحت تدير مكتباً صغيراً بعدد محدود من الأفراد. كيف تعاملت مع هذا التحول؟

محمد راشد: صحيح، لم تكن لدى الموارد والقدرات نفسها، ولكن كان لدى الأفكار، وأؤمن بأن التفكير الإستراتيجى هو العنصر الأهم. التغيير لم يكن سهلاً، فقد كان أشبه بصدام حضارى، إذ انتقلت من بيئة شديدة التنظيم إلى سوق غير منظمة تماماً، لم تكن هناك قواعد واضحة. فى البداية، واجهت الكثير من التحديات، وكان ذلك فى عام 2012.

● حازم شريف: لماذا اخترت العقارات والإعلانات معًا، ولم تركز على مجال واحد منذ البداية؟

محمد راشد: عند بدء أى مشروع، من المهم أن تكون المخاطرة محسوبة. سأشرح لك الأمر بمثال بسيط: تخيل أن كوب الشاى هو مشروع.

أنت مثلاً تحب شربه فى كوب خزفى مع ملعقتى سكر وكيسين من الشاى، بينما شخص آخر يفضل شربه فى كوب بلاستيكى بدون سكر. رغم أن المحتوى واحد، فإن طريقة التقديم مختلفة، وكذلك هى إدارة المشروعات، إذ يمكن تقديم الفكرة ذاتها بأساليب متعددة، وهكذا قررت العمل فى مجالين مختلفين.

● حازم شريف: لكنك لم تجبنى بعد، لماذا اخترت العقارات تحديدًا؟

محمد راشد: فى ذلك الوقت، كانت سوق العقارات واعدة لكنها تفتقر إلى التنظيم والكفاءات. كنت قادماً من شركات كبيرة، وكنت أعتقد أننى سأتمكن من تنظيم السوق بسهولة.

● حازم شريف: لكن السوق لم تكن خالية من المنافسة، فقد كانت هناك شركات كبيرة مثل “كولدويل بانكر”، أليس كذلك؟

محمد راشد: بالفعل، لكن عدد الشركات المتخصصة فى ذلك الوقت كان قليلاً جداً. الشركات الكبرى التى كانت موجودة آنذاك هى “كولدويل بانكر” و”ERA” و”RE/MAX”. كان طموحى أن أصل بـ”تو تراكس” إلى مستوى يمكنها من منافسة هذه الشركات الكبرى. أما عن مجال الإعلانات، فأنا شخص يعشق التحديات، وكنت أريد أن أبتكر شيئًا جديدًا فى هذا المجال.

فى مجال الإعلانات، عملنا على أفكار جديدة، مثل إضافة “ليركس” للأغانى، أى كتابة كلمات الأغنية على الفيديو بطريقة موشن جرافيكس. كنا أول من أدخل هذا المفهوم فى مصر، وطبقناه لأول مرة فى أغنية أصالة “60 دقيقة حياة”.

استمررنا فى مجال الإعلانات، وحققنا نجاحات كبيرة، إذ عملنا مع فنانين وشركات مثل مصطفى قمر، وأصالة، وطارق العريان، و”بيبسي”، . لكن مع مرور الوقت، وجدت أن الإعلانات تؤثر على النجاح الذى أريد تحقيقه فى العقارات، لذلك قررت التوقف عن الإعلانات تمامًا فى عام 2014، والتركيز على العقارات.

● حازم شريف: إذن، استمررت فى إدارة المشروع فى اتجاهين لمدة سنتين، ثم قررت التركيز على العقارات فقط؟

محمد راشد: هذا صحيح، لأن النجاح الحقيقى يتطلب التركيز الكامل. وأنا شخصيًا أحب التحديات، وكان لابد من إعطاء العقارات اهتمامى الكامل حتى أنجح فيها. وبالفعل، تمكنت من تحقيق النجاح، ثم أسست شركة جديدة لاحقًا.

● حازم شريف: قبل أن نتحدث عن شركتك الجديدة، أريدك أن تشرح لى مفهوم كوب الشاى الذى تحدثنا عنه سابقًا، ولكن هذه المرة فى مجال الوساطة العقارية. ما هو المنتج الفعلى الذى تقدمه فى العقارات؟

محمد راشد: استخدام الطرق التقليدية فى التسويق العقارى لم يكن فعالاً، وكنت مدركًا أننى لن أعيد اختراع العجلة، لكننى كنت أبحث عن طريقة مبتكرة للوصول إلى العملاء. فى ذلك الوقت، لم تكن التكنولوجيا منتشرة كما هى الآن، لكنها كانت كافية لدفع المجال إلى مستوى جديد.

التكنولوجيا لم تكن مجرد أداة، بل كانت رؤية تساعدنى على تحقيق هدفى، أثناء الرحلة، قد تتغير الأدوات والأساليب، لكن لا يمكن أبدًا تغيير الهدف الأساسى.

● حازم شريف: دعنا نطبق كل ما تحدثنا عنه على شركة وساطة عقارية. من حيث حجم الأعمال، فى أول سنتين لم يكن هناك نجاح ملموس، أليس كذلك؟

محمد راشد: بالتأكيد، فى البداية لم تكن لدى دراية كافية بالسوق، وعندما تخرج من شركة كبيرة، فإنك تحاول تطبيق المفاهيم والقيم التى تعلمتها هناك، لكن الواقع مختلف تمامًا. الحياة العملية شيء آخر، خاصة عندما تعمل فى سوق غير منظمة كما كان الحال آنذاك.

● حازم شريف: متى بدأت الشركة تحقق النجاح؟

محمد راشد: عندما دخلت فى شراكة مع “كرو”، وهى شركة وساطة عقارية. شريكى وقتها كان أحمد البدرى، وهى ما زالت قائمة حتى الآن. استمررنا معًا حوالى 3 سنوات وحققنا نجاحات جيدة كشركة واحدة، وخلال هذه الفترة، توقفت “تو تراكس”، لكننى لم أخرج من المجال. ومع مرور الوقت، عندما تجد أن المنتج لا يحقق النجاح المتوقع، عليك أن تغير المنتج بطريقة مختلفة.

● حازم شريف: فى هذه الحالة، هل كان من الأفضل تغيير المنتج نفسه أم تغيير العلامة التجارية بالكامل؟

محمد راشد: وقتها، كانت السوق نشطة جدًا، وتغيير العلامة التجارية لم يكن قرارًا سهلاً، لأنه يحتاج إلى وقت وتكلفة كبيرة. فى مثل هذه الحالات، من الأفضل الدخول فى شراكة مع كيان قائم بالفعل أو تكوين تحالفات قوية.

● حازم شريف: إذن، دخلت شريكًا فى كيان قائم؟

محمد راشد: نعم، أسسنا الشركة معًا بحصة %50 لكل طرف، وهى لا تزال قائمة حتى اليوم، وأتمنى لهم التوفيق والنجاح. لكن فى مرحلة معينة، شعرت أننى بحاجة إلى خوض تجربة جديدة وحدى، والبحث عن فرص فى مجال التطوير العقارى. خلال عملى فى “كرو”، كان لى احتكاك مباشر مع المطورين العقاريين، وكانت هذه فرصة مهمة لفهم السوق بشكل أعمق.

بعد ذلك، التحقت بإحدى الشركات الكبرى فى التطوير العقارى، وهى شركة “أسالدي” التابعة للمهندس هانى العسال، إذ أصبحت العضو المنتدب لها. كان هذا تحديًا جديدًا تمامًا، فقد عملت فى “كرو” من 2014 إلى 2019، ثم انتقلت إلى “أسالدي” لأبدأ مشوارى كمطور عقارى. أن تصبح مطورًا عقاريًا ليس أمرًا صعبًا، لكن أن تطور نفسك باستمرار هو التحدى الأكبر، وأنا أعتبر ما حدث بمثابة الخطوة الأصعب فى مسيرتى.

● حازم شريف: يبدو أن هذه الخطوة كانت محورية، لكن كيف جاء انتقالك إلى شركة “أسالدي”؟

محمد راشد: الانتقال جاء من خلال علاقة مهنية جمعتنى بالمهندس هانى العسال، حيث شاهد أسلوبى فى العمل وشجعنى على الانضمام إلى فريقه. وأستطيع القول إنه من أفضل الإداريين الذين تعاملت معهم.

● حازم شريف: اسمح لى أن أطرح السؤال من زاوية أخرى، ماذا لو كنت تمتلك شركتك الخاصة ولديك شريك قوى ومتمكن، لماذا تقرر الانتقال إلى شركة أخرى؟

محمد راشد: لأنك يجب أن تطور نفسك باستمرار.

● حازم شريف: هل قال لك المهندس هانى العسال ذلك؟

محمد راشد: لا، هذه قناعتى الشخصية. يجب أن تسعى لاكتساب خبرات جديدة طوال الوقت.

● حازم شريف: لكنك لم تتردد فى اتخاذ القرار؟

محمد راشد: بالضبط، لأننى كنت أبحث عن التطور والتعلم، وهذا ما وجدته فى “أسالدي”.

● حازم شريف: خلال تلك الفترة، ما المهارات الجديدة التى اكتسبتها؟

محمد راشد: تعلمت إدارة التطوير العقارى، والتعامل مع المقاولين والاستشاريين، وإعداد دراسات الجدوى. الأهم من ذلك، تعلمت متى يجب دخول مشروع معين، ومتى يجب التراجع عنه. فى البداية، كنت أجلس مع كل إدارة داخل الشركة لمدة شهر لأفهم طبيعة عملهم بشكل دقيق.

● حازم شريف: أليس لذلك تأثير على هيبة المدير الجديد؟

محمد راشد: على العكس تمامًا! أؤمن بأن التواصل المباشر مع الفريق يخلق علاقة قوية بينهم وبين الإدارة. نحن لسنا شركة تعتمد على الألقاب والمناصب، بل نركز على الإنتاجية والنتائج. دور الإدارة هو توفير بيئة عمل صحية تُمكّن الجميع من تحقيق الأهداف المطلوبة.

● حازم شريف: أود أن أتحدث عن الدراسة والتطوير الذاتى. فى عام 2004، حصلت على شهادة فى إدارة المشروعات، ماذا درست بعد ذلك؟

محمد راشد: حصلت على عدة شهادات من الجامعة الأمريكية، كما حصلت على شهادة “رئيس مجلس إدارة محترف” من الجامعة الأمريكية، إلى جانب شهادات أخرى من معهد الأمن القومى التابع لوزارة الداخلية.

● حازم شريف: كيف تمكنت من الجمع بين الدراسة والعمل طوال هذه الرحلة؟

محمد راشد: قررت مواصلة التعلم بشكل متوازٍ مع عملى، ولهذا حصلت على الدكتوراه المهنية فى حوكمة الشركات من الأكاديمية المصرية البريطانية عام 2021، بعد عامين من انضمامى إلى “أسالدي”. هذه الدكتوراه معتمدة من وزارة الخارجية، وتتطلب دراسة مكثفة وساعات تدريبية طويلة.

● حازم شريف: لماذا اخترت حوكمة الشركات تحديدًا؟

محمد راشد: لأنه كان مجالًا جديدًا فى مصر، وهو مهم جدًا خصوصًا للشركات العائلية، إذ يساعد فى فصل الملكية عن الإدارة لضمان زيادة الأرباح وتمهيد الطريق لدخول هذه الشركات إلى البورصة المصرية.

● حازم شريف: كيف ساعدك ذلك فى دورك كممثل فى غرفة التطوير العقاري؟

محمد راشد: انضممت إلى غرفة التطوير العقارى كممثل عن “أسالدي”، وأصبحت عضو مجلس إدارة ضمن مجموعة من أبرز المطورين العقاريين فى مصر، مثل المهندس طارق شكرى، وطارق الجمال، وباسل شعيرة، وعبير أنور، وأمجد حسانين، وعمرو سليمان، وأحمد طه منصور. هذا الدور منحنى رؤية أعمق لصناعة العقارات وساعدنى فى تمثيل المجتمع العقارى بشكل أوسع.

● حازم شريف: أنت أحد الممثلين فى اتحاد التطوير العقارى، وأيضًا عضو فى مجلس التطوير العقارى، صحيح؟

محمد راشد: صحيح، لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه كلها جمعيات ليس لها سلطة إلزامية إلا على أعضائها. غرفة التطوير العقارى هى الممثل الوحيد الرسمى، لأنها تابعة لاتحاد الصناعات المصرية.

● حازم شريف: لا أريد الدخول فى هذا الجدل، لأن عبارة “الممثل الوحيد” تجعلنى أشعر أن هناك احتكارًا!

محمد راشد: لا، الأمر ليس احتكارًا للسلطة.

● حازم شريف: لكنه احتكار للتمثيل، وهذا ليس عيبًا!

محمد راشد: لا أقصد الكلمة بمفهومها السلبى. على العكس، نحن منفتحون على كل الأفكار ونتعاون مع جميع المطورين. هدفنا الأساسى هو تطوير الصناعة العقارية، التى تمثل حوالى %20 من الناتج القومى المحلى. لذلك، لا يمكننا أن نكون منغلقين أو معزولين، بل نعمل على دراسة مشكلات السوق حتى نتمكن من مناقشتها مع رئيس الوزراء أو وزير الإسكان عند الحاجة. فالمشكلات لا تخص فقط أعضاء الغرفة، بل تمتد إلى جميع العاملين فى القطاع.

● حازم شريف: أثناء وجودك فى شركة “أسالدي”، أسست شركة جديدة، حدثنا عنها.

محمد راشد: صحيح، أسست شركة RCM (Rashed Consultation Management) راشد للاستشارات العقارية. الفكرة جديدة نسبيًا على السوق المصرى، لكنها جاءت نتيجة احتكاكى بالمستثمرين والمطورين العرب الذين يرغبون فى دخول السوق المصرية، بالإضافة إلى المطورين الذين يتقدمون بطلبات لغرفة التطوير العقارى. حاليًا، لدينا حوالى 1.700 مطور معتمد، مقابل 17.000 طلب قيد المراجعة، مما يعكس مدى اتساع السوق العقارية.

من خلال خبرتى الإدارية التى اكتسبتها على مدار 20 عامًا فى شركات متعددة الجنسيات، أقدم مفهومًا مختلفًا عن السائد فى السوق المصرية. فى شركتى، نقدم خدمة متكاملة تبدأ من دراسة الجدوى، مرورًا بالإشراف الهندسى والإدارى، وصولًا إلى تسليم المشروع بالكامل، بحيث أتولى الأمر من “الجلدة للجلدة”، كما يُقال.

● حازم شريف: لتوضيح الأمر، من العميل المستهدف لشركتك؟ هل هو المستثمر الذى يمتلك رأس المال ويريد دخول مجال التطوير العقاري؟

محمد راشد: ليس بالضبط. الشريحة المستهدفة تشمل: المستثمرين الذين يريدون دخول المجال، والمقاولين الذين يطمحون للتحول إلى مطورين عقاريين.

مع ظهور المدن الجديدة، نجد أن كثيرًا من المقاولين يرغبون فى التحول إلى مطورين، لكنهم يفتقرون إلى الخبرة الكافية حول كيفية بناء مجتمع سكنى متكامل، أو كيفية تقديم خدمات مميزة تجذب العملاء، أو حتى كيفية تسعير وتسويق وحداتهم العقارية. وهنا تأتى مهمتنا، حيث نقدم لهم كل الدعم المطلوب فى جميع المراحل، بدءًا من التخطيط وحتى الإدارة التشغيلية.

نبدأ مع العميل من مرحلة الفكرة، ثم ننتقل إلى التخطيط الهندسى، ومن ثم إدارة الشركة بالكامل. نساعده فى اختيار المقر المناسب حسب الفئة المستهدفة، وإعداد الهيكل الإدارى للشركة، وتحديد المناصب الوظيفية والتعيينات، سواء بالتوظيف المباشر أو عبر إعلانات التوظيف، ووضع إستراتيجيات المبيعات بناءً على تحليل البيانات والسوق، وتحديد المخاطر والفرص ووضع الحلول المناسبة لها، وبعد ذلك، ننتقل إلى مرحلة التسويق، إذ نضع خططا تتضمن أحدث التقنيات مثل: الواقع الافتراضى (VR) والواقع المعزز (AR)، ومنصات إلكترونية حديثة، مثل منصة “مصر العقارية”، التى ستساعد فى تداول العقارات محليًا ودوليًا، أو ما يطلق عليه فى مصر «تصدير العقار».

وحاليًا، مصر لا تستحوذ إلا على 200 إلى 250 مليار دولار فقط من إجمالى الاستثمارات العقارية العالمية، وهو رقم ضئيل مقارنة بالإمكانات المتاحة.

● حازم شريف: لاحظت أنك لا تكتفى بتقديم الاستشارات فقط، بل تظل مع المطور حتى النهاية، حتى مرحلة التوظيف! لماذا؟

محمد راشد: لأنى أؤمن بضرورة وجود مصداقية واستمرارية فى العمل. لا أكتفى بتقديم خطة ثم أترك العميل ينفذها وحده، بل أساعده فى تعيين مدير مشروع لإدارة الشركة بعد تأسيسها، وأظل متابعًا للمشروع لضمان سير الأمور بشكل صحيح.

أنا أطبق “نظرية الهليكوبتر”، إذ أتابع الصورة الكبيرة من الأعلى، لكنى أتدخل عند الحاجة لحل أى مشكلة أو تحدٍ، ثم أعود للرؤية الشاملة مجددًا. الهدف الأساسى هو بناء شركات قوية ومستدامة قادرة على المنافسة فى السوق.

● حازم شريف: هل تقوم بتعيين عضو منتدب للمشروعات التى تعمل عليها؟

محمد راشد: نعم، أقوم بتعيين عضو منتدب وحتى اختيار مجلس الإدارة، وأيضًا أعمل على هيكلة المشروعات، خاصة إذا كان لدى العميل عدة مشروعات، إذ أوضح له كيف يمكن تحويل هذه المشروعات إلى شركة قابضة تضم جميع الشركات التابعة لها. أرى أن هذا النهج هو الأمثل ليس فقط فى التطوير العقارى ولكن فى أى مجال آخر.

على سبيل المثال، فى التطوير العقارى، إذا كان لدى مشروع وأردت بيعه خلال تنفيذه، وجاء مستثمر يرغب فى الشراء، فسيكون البيع أكثر سهولة إذا كان للمشروع سجل تجارى وبطاقة ضريبية منفصلة، إذ يمكن بيعه مباشرة. ولكن إذا كان المشروع مدرجًا ضمن شركة واحدة تمتلك 3 أو 4 مشروعات تحت سجل تجارى موحد، فستكون هناك حاجة إلى عمليات تقييم معقدة لعدة شركات، مما يستهلك وقتًا طويلًا ويؤثر على سرعة اتخاذ القرار.

لذلك، أنصح كل مطور بفصل كل مشروع عن الآخر من الناحية القانونية، مع الحفاظ على المظلة الموحدة التى تجمعها جميعًا، لضمان الشفافية وسهولة البيع أو الاستثمار.

● حازم شريف: متى أسست شركة راشد للاستشارات العقارية؟

محمد راشد: أسستها عام 2023.

● حازم شريف: وما كان رأس المال عند التأسيس؟

محمد راشد: لم يكن كبيرًا، لأن الشركة تعتمد بالأساس على الخبرات المكتسبة لى ولفريق العمل الموجود معى. حين تتعامل مع عميل جديد، أعتبر العلاقة كدائرتين منفصلتين، وما يربط بينهما هو مدى التنفيذ الفعلى للخطط والوعود التى نقدمها، وهذا ما يبنى جسور الثقة بيننا وبين العملاء. بفضل هذا النهج، نجحنا فى جذب عدد كبير من العملاء رغم حداثة الشركة.

بالإضافة إلى ذلك، نستخدم إستراتيجيات التسويق التقليدية والرقمية، ونعمل على تصميم هوية الشركة للعملاء، بدءًا من الشعار والعلامة التجارية والألوان، وحتى وضع إستراتيجيات التمويل. كما نساعدهم فى إيجاد حلول تمويلية مبتكرة، مثل جلب شريك مقاول يساهم فى البناء مقابل نسبة من الوحدات بدلاً من دفع نقدى. هذه الحلول خارج الصندوق توفر بدائل فعالة للمطورين، وأتمنى أن يستفيد الجميع منها.

● حازم شريف: هل لديك شركاء فى الشركة أم أنك المالك الوحيد؟

محمد راشد: لا، الشركة ملكى بالكامل تقريبًا، باستثناء شريك بنسبة %10، وهى زوجتى.

● حازم شريف: بدأت فى 2023، كم عدد المشروعات التى تعمل عليها حاليًا؟ وما حجم الأعمال؟

محمد راشد: خلال الأشهر الأربعة الماضية، لدينا 10 مشروعات، بحجم أعمال تقديرى 20 مليار جنيه. بعضها فى الساحل الشمالى، وعدد منها ما زال فى مراحل التخطيط الأولى، بينما بدأنا تنفيذ البعض الآخر بالفعل. وهناك تنوع كبير فى الأعمال التى نديرها.

● حازم شريف: كيف تختار مديرى المشروعات؟ هل تفضل أشخاصًا من خلفية إدارية أم مقاولات أم تطوير عقاري؟

محمد راشد: الاختيار يعتمد على الخبرة السابقة فى المجال نفسه. لدينا مديرون عملوا سابقًا فى شركات كبيرة، والخبرة هى العامل الأساسى فى التعيين.

مدير المشروع يجب أن يكون لديه معرفة قوية بمجال العقارات، وأن يكون قد شغل منصبًا قياديًا سابقًا، إذ يكون مسؤولًا عن المتابعة والإشراف على جميع تفاصيل المشروع.

● حازم شريف: هل هناك آليات محددة لضمان الرقابة المالية والإدارية داخل الشركة؟

محمد راشد: نعم، هناك مراقبة مالية وإدارية مستمرة، لكنها ليست مسؤولية المراجع المالى فقط، بل تمتد إلى مجلس الإدارة نفسه. وفقًا لقواعد الحوكمة، يجب أن تكون هناك رقابة خارجية على مجلس الإدارة لضمان الشفافية.

● حازم شريف: ومن المسؤول عن هذه الرقابة؟

محمد راشد: نعين خبراء مستقلين فى مجالات مختلفة، مثل محاسبين قانونيين، ويكون لهم اتصال مباشر مع أصحاب الأسهم فى الشركة، ثم يتم رفع التقارير إلى مجلس الإدارة لضمان الحوكمة والرقابة المالية السليمة.

● حازم شريف: لو كنت عميلا لديك، كيف ستحدد لى طريقة المحاسبة المادية بحيث أتمكن من تقييم خياراتى وألا أذهب إلى شركات أخرى؟

محمد راشد: هناك شركات متخصصة فى الإدارة فقط، وأخرى متخصصة فى الجانب الهندسى. لكن الشركات التى تقدم خدمة شاملة، من دراسة الجدوى، مرورًا بالهيكلة الإدارية والهندسية، وإدارة المشروع، والتعاقد مع الاستشاريين، ووضع الأنظمة الإدارية، فهى غير موجودة فى السوق المصرية.

لكى نتمكن من تقديم هذه الخدمات بكفاءة، نحرص على أن يكون لدينا فهم شامل للسوق، إذ نتعامل مع متغيرات يومية وقرارات جديدة تؤثر على الاتجاهات المستقبلية. لذلك، نعمل على تحليل البيانات الداخلية والخارجية، بحيث نتمكن من تقديم رؤية واضحة للمستقبل واتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة، دون بيع وهم للعميل قد يؤدى لاحقًا إلى صدمة تفقدنا المصداقية.

● حازم شريف: أنا أتفهم ذلك، ولكن كيف ستتم محاسبتي؟ لا أتحدث عن القيمة المالية تحديدًا، ولكن هل المحاسبة تتم كنسبة مئوية من المشروع أم كيف يتم تحديدها؟

محمد راشد: نعتمد على نسبة بسيطة من المبيعات تتراوح بين %2 إلى %3. هذا النهج يسمح لنا بالبقاء مع العميل حتى نهاية المشروع، مما يعزز المصداقية والطمأنينة، بالإضافة إلى تقديم خدمات ما بعد البيع لضمان نجاح المشروع واستدامته.

نحن أيضًا نحرص على إدخال أدوات تطوير جديدة فى السوق العقارية المصرية. حاليًا، السوق مقسمة بين التطوير والتسويق، لكن هناك حاجة إلى إدارة السوق العقارية وإدارة الأصول العقارية، وهو ما نعمل على تطبيقه.

على سبيل المثال، بدأنا مؤخرًا فى استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمليات تحليل البيانات. عندما يتعامل معنا عميل يبحث عن وحدات فى منطقة معينة مثل الشيخ زايد، يمكننا تحليل بياناته وميزانيته واحتياجاته من خلال فريق مختص، مما يسمح لنا بتقديم العروض الأنسب له مباشرةً، بدلاً من أن يضيع وقته فى البحث العشوائى.

● حازم شريف: وما علاقة هذا بمجال عملكم؟ هل تتدخلون فى هذه التفاصيل أيضًا؟

محمد راشد: نعم، كان هذا جزءًا من مشروع قمنا به عند تأسيس شركة للتسويق العقارى، وهى “ماركت ستاندرد”، التى أنشأناها على مساحة 4000 متر مربع، مع 350 موظفًا، لصالح أحد العملاء.

الشركة بريطانية وتم تأسيسها فى لندن، ودورنا كان إدارة المشروع بالكامل، بدءًا من اختيار الموقع، إلى توظيف الكوادر المناسبة، وتصميم الهوية التجارية، وحتى تنفيذ التصميم الداخلى، والذى تم بالتعاون مع مصممين فى دبى.

حرصنا على خلق بيئة عمل مختلفة داخل الشركة، حيث وفرنا للموظفين مساحات ترفيهية مثل بلاى ستيشن، لضمان بيئة عمل صحية، وهى ثقافة جديدة أدخلناها إلى السوق المصرى.

بدأت الشركة عملياتها فى فبراير الماضى، وبعد اكتمال مرحلة التعيينات، استقطبنا موظفين من كبرى الكيانات فى السوق، مما أسهم فى نجاح المشروع.

● حازم شريف: ماذا عن خططك المستقبلية؟ هل ترغب فى التوسع داخل مصر أم فى الأسواق الخارجية؟

محمد راشد: خطتنا خلال السنتين إلى الثلاثة المقبلة تستهدف التوسع فى السعودية، وأبو ظبى، وسلطنة عمان، بينما أصبحت سوق دبى مشبعة. نحن نركز على الأسواق الواعدة التى تقدم تحديات وفرصا استثمارية أكبر، مما يضمن استمرارية أطول للمشروعات.

عندما تعتمد شركتك على سوق واحدة مثل السوق المصرية، فقد تتأثر بأى أزمات اقتصادية تحدث. لذلك، من الضرورى توفير بدائل توسعية، مثل السعودية، التى تقدم تسهيلات كبيرة فى التطوير العقارى والصناعى، بالإضافة إلى سلطنة عمان، التى أراها سوقًا واعدة جدًا.

كما أن هناك فرصًا كبيرة فى إعادة الإعمار، مثل إعادة إعمار غزة وليبيا، وقبل ذلك العراق. هذه الفرص يجب أن يتم استغلالها بالتعاون مع الدولة، من خلال تمكين القطاع الخاص للمشاركة فى تلك المشروعات الضخمة.

● حازم شريف: فى مصر، لديك معرفة عميقة بالسوق، والإجراءات، وطريقة استخراج التراخيص والقرارات الوزارية، ولكن كيف ستنافس فى السعودية؟

محمد راشد: المنافسة فى السوق السعودية تتطلب دراسة وتحليلا دقيقا للبيانات. من المهم معرفة المزايا والإعفاءات المتاحة، مثل الإعفاءات التى توفرها المناطق الحرة لمدة عام، وفهم طبيعة القوانين التنظيمية هناك.

قبل دخول أى سوق جديدة، يجب أن تكون لديك شخصية مؤثرة أو جهة قوية داخل الدولة، تساعدك على فهم النظام وطريقة العمل. من الضرورى أيضًا أن يتم احتساب المخاطر بدقة، وتحديد آليات العمل المناسبة، والعقود المطلوبة، لضمان حماية حقوق الشركة والتزاماتها، وكذلك حقوق الأطراف الأخرى.

● حازم شريف: إذن، أنت تؤمن بأن دراسة السوق والمخاطر هى الأساس لأى خطوة توسعية؟

محمد راشد: بالتأكيد، أى توسع يجب أن يكون مدروسًا جيدًا. لا يمكن دخول أى سوق دون فهم كامل للقوانين، وآليات العمل، والإطار التنظيمى. قبل أن أبدأ، يجب أن يكون لدى عقد واضح، يحدد جميع الحقوق والالتزامات، لضمان استدامة المشروع ونجاحه.

● حازم شريف: هل قمت بدراسة الأسواق الخارجية فعليًا؟

محمد راشد: نعم، حاليًا أقوم بدراسة السوق السعودية، ولدينا 3 مشاريع جديدة سيتم الإعلان عنها قريبًا من خلال شركة راشد للاستشارات. خلال العامين المقبلين، سنكون موجودين فى أكثر من سوق بنظام العمل المتكامل نفسه الذى نعتمده فى شركتنا، إذ ندير المشروع من الألف إلى الياء.

بشكل عام، أى دخول جديد لسوق ما يكون طبيعيًا أن يتم من خلال التطوير العقارى. فإذا قررنا دخول السوق السعودية، فسنكون شركاء كمطورين، لأننا نغطى جميع جوانب التطوير، بدءًا من دراسة الجدوى، مرورًا بالخدمات الهندسية والإدارية، وصولًا إلى خدمات ما بعد البيع.

● حازم شريف: ولكنكم لا تقدمون خدمة تنفيذية، بمعنى أنكم تعينون عضوًا منتدبًا ليعمل فى الشركة، لكن لا تديرونها بأنفسكم، أليس كذلك؟

محمد راشد: ليس بالضرورة. فى بعض المشروعات، يمكن أن نتحول إلى مطور رئيسى وليس فقط استشاريًا. الأمر يعتمد على توقيت اتخاذ قرار التحول إلى التطوير العقارى.

● حازم شريف: حاليًا، أنت عضو منتدب فى “أسالدي”، وأيضًا عضو منتدب فى “راشد للاستشارات”، أليس هناك تعارض؟

محمد راشد: لا يوجد تعارض. فأنت لديك 24 ساعة فى اليوم، ويمكنك توزيع وقتك بشكل فعال. هنا يأتى دور الانتداب، حيث أعتمد على فريق عمل قوى فى “راشد”، مما يسمح لى بإدارة الأمور بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، فى “راشد”، أنا لست عضوًا منتدبًا بل رئيس مجلس الإدارة، وهذا فرق جوهرى.

● حازم شريف: ولكن متى ستُنهى هذا الاشتباك بين الأدوار المختلفة؟

محمد راشد: بالنسبة لى، شركة “أسالدي” بدأت معى من الصفر، لذلك قرار مغادرتها لن يكون سهلًا.

● حازم شريف: لكن من منظور الحوكمة والإدارة، هل ترى أن الجمع بين منصبين بهذا الشكل لا يمثل تعارضًا؟

محمد راشد: بالتأكيد، فى وقت معين سيكون هناك قرار بالفصل، وهو أمر يعتمد على الالتزام الأدبى والمبدئى. الحفاظ على ثقة الناس أمر بالغ الأهمية، وإذا شعرت فى أى لحظة بوجود تعارض مصالح، فسأختار مصلحة الشركة على المصلحة الشخصية.

● حازم شريف: دعنا ننتقل إلى السوق العقارية، وسأطرح عليك بعض الأسئلة السريعة. ذكرتَ مصطلح “التصدير العقاري”، لكن من الناحية التقنية، هو ليس تصديرًا بل “تداولًا عقاريًا”. لماذا نتحدث عن هذا المفهوم منذ سنوات دون أن يتحقق شيء فعليًا؟

محمد راشد: هذا سؤال مهم جدًا. التصدير العقارى يحتاج إلى أُسس واضحة، وأحد أهم هذه الأسس هو التسجيل العقارى. نحن لا نملك سجلًا عينيًا، وإنما لدينا الشهر العقارى، وهناك فرق جوهرى بينهما.

● حازم شريف: ما الفرق بين السجل العينى والشهر العقاري؟

محمد راشد: الشهر العقارى يتعامل مع المعاملات بين الأفراد، أى أن المشترى يقوم بإشهار ملكيته بشكل شخصى. أما السجل العينى، فهو يسجل الوحدة العقارية نفسها، بحيث تصبح ملكيتها محددة وواضحة فى السجلات الرسمية، مما يسهل تداولها دوليًا.

لذلك، وجود سجل عينى هو الخطوة الأولى لضمان ثبات الملكية العقارية، وبالتالى جعل العقارات المصرية قابلة للتداول فى الأسواق الخارجية. حاليًا، هناك لجان متخصصة تم تشكيلها تحت إشراف رئاسة الوزراء، وتضم خبراء من مختلف القطاعات لمناقشة هذا الموضوع والعمل على تنفيذه.

● حازم شريف: هل هناك تمثيل كافٍ للمطورين العقاريين فى هذه اللجان؟

محمد راشد: نعم، لأن هذه اللجان تتبع مباشرةً لرئاسة الوزراء، وهى تضع تصدير العقارات كأحد الملفات الأساسية التى تحظى باهتمام القيادة السياسية. التسجيل العقارى هو الآلية الأولى التى يجب العمل عليها.

● حازم شريف: ما الخطوة الثانية بعد السجل العيني؟

محمد راشد: الترويج العقارى. حاليًا، مصر لا تمتلك منظومة ترويج دولى للعقارات، فى حين أن دولًا أخرى مثل الإمارات وتركيا لديها إستراتيجيات قوية فى هذا المجال.

ومع ذلك، هناك تطورات إيجابية جدًا فى البنية التحتية المصرية خلال السنوات العشر الماضية، مما يجعل المنتج العقارى المصرى أكثر جاذبية.

على سبيل المثال، شبكة الطرق المصرية كانت فى المرتبة 118 عالميًا، لكنها الآن أصبحت فى المرتبة 28 من حيث الجودة.

هناك تعدد فى وسائل النقل الحديثة، مثل المونوريل والقطار السريع، الذى سيربط مدينة العلمين بالعاصمة الإدارية والسخنة والصعيد، وهناك22 مدينة جديدة من الجيل الرابع، توفر بيئة حديثة وجاذبة للاستثمار العقارى الدولى.

كل هذه العوامل تجعل العقار المصرى منتجًا قابلًا للتصدير، لكن ينقصنا التسويق الدولى المنظم، وهو ما يجب العمل عليه.

● حازم شريف: إذن، الحل يكمن فى التسجيل العقارى والترويج الفعّال؟

محمد راشد: بالضبط، فبدون تسجيل واضح وشفاف، وبدون تسويق دولى قوى، سيظل التصدير العقارى مجرد حديث نظرى.

● حازم شريف: هل هذا الكلام يقوله مطور عقاري؟ صحح لى إن كنت مخطئًا، لكن لدينا قناعة بأن الترويج هو مسؤولية الدولة. هناك من يعتقد بذلك. أنا أتحدث الآن من منظور مطور عقارى يروج لمشروعه الخاص وليس للعقار المصرى بشكل عام، لأن هناك عقارات مصرية بها عيوب لا يمكننى الترويج لها، لكن هناك أيضًا مشروعات جيدة.

هل من مهمتى كمطور عقارى أن أتحدث عن المشروع القومى للطرق أو القطار السريع؟ هل هذا ينعكس على أسعار الوحدات أو يساعد فى بيعها؟

محمد راشد: بالطبع، الترويج لهذه المشروعات جزء من الاستثمار العقارى لو لم تكن هذه البنية التحتية موجودة، لما جاء المستثمر من الأساس لم يكن من الممكن إنشاء مدن جديدة وربطها بعواصم المحافظات بدون شبكة الطرق الحديثة.

النقطة التى أردت توضيحها هى أن هذه المشروعات تسهل التنقل للعميل الأجنبى الذى تستهدفه، وبالتالى، الترويج لها مهم. لدينا 22 مدينة جديدة، فكم شخصًا فى الخارج يعرف مستواها أو يدرك أى منها مدينة ذكية؟ لدينا شواطئ واسعة، ومع ذلك، نحن نعيش على %15 فقط من مساحة مصر، بينما هناك %85 من المساحات غير المستغلة، سواء كانت شواطئ أو أراضى مفتوحة.

الموقع الجغرافى لمصر ميزة تنافسية، وهذه عناصر يجب أن نهتم بها عند التسويق للمنتج العقارى المصرى.

النقطة الثالثة، والتى أراها الأهم بعد الترويج والتسجيل العقارى، هى استغلال الأزمات العالمية لجذب الأجانب للاستثمار فى مصر.

على سبيل المثال، الحرب الروسية الأوكرانية، كان يمكننا استغلالها فى الترويج للعقار المصرى، تمامًا كما فعلت تركيا.

● حازم شريف: السياح الروس والأوكرانيين كانوا يأتون إلى مصر، والآن توقفوا؟ ما الحل إذن؟

محمد راشد: السؤال الأهم هو: إلى أين ذهبوا؟

لقد توجهوا إلى دبى وتركيا، كان يجب علينا أن نستغل الفرصة ونقدم لهم بديلًا عقاريًا جاذبًا فى مصر من خلال الترويج الخارجى والتسويق الإلكترونى عبر المنصات الرقمية.

إضافةً إلى ذلك، هناك آليات غير تقليدية مثل الصناديق العقارية، والتى تعد من أهم الأدوات فى هذا المجال، لكن المشكلة أننا لا نملك سوى صندوقين عقاريين فى مصر، وهذه إحدى العقبات الرئيسية، لأن المستثمر الأجنبى لا يشترى نقدًا، بل يعتمد على الصناديق العقارية لتمويل استثماراته.

● حازم شريف: نحن هنا لا نتحدث عن المستثمر الفرد، بل عن المؤسسات، صحيح؟

محمد راشد: الحديث يشمل المستويينB2B وB2C، والفرق هنا أن المستثمر المؤسسى لا يشترى وحدة واحدة، بل قد يستحوذ على مشروع كامل، سواء كان مولًا تجاريًا أو مشروعًا سكنيًا متكاملًا. لكن الأهم أن تعرف احتياجات العميل المستهدف.

إذا كنت تستهدف المستثمر الأوروبى، عليك معرفة ما يحتاجه فى منزله، مثل: المساحات المناسبة، وجودة التشطيب المطلوبة، وتصميمات تناسب ثقافته.

هذا العامل، إلى جانب التسجيل العقارى والترويج الفعّال، يعد الثالث فى الأهمية لضمان نجاح تصدير العقار المصرى.

● حازم شريف: ما الفرق بين الترويج العقارى والسياحي؟ فى السياحة، يمكن للزائر تجربة فندق، وإذا لم تعجبه التجربة، فلن يعود ببساطة. أما فى العقار، فهل الأمر مختلف؟

ودعنى أوضح شيئًا.. أنا لا أتحدث عن كيفية استفادة مصر، بل أتحدث عن كيفية مخاطبة العميل عند وضع إستراتيجية تسويق. هل يجب أن تكون الرسالة موحدة سواء كنت أروج للسياحة أو للاستثمار العقارى، أم أن هناك اختلافًا؟

محمد راشد: بالتأكيد هناك اختلاف. فعندما يأتى السائح، فهو يقضى من 3 أيام إلى أسبوع فقط. أما مالك الوحدة العقارية، فقد يقضى المدة نفسها، لكنه بحاجة إلى الاستفادة من وحدته باقى العام.

لذلك، كما ذكرت سابقًا، يجب أن يكون هناك شركات متخصصة فى السوق المصرى تدير هذه الوحدات بحيث يتم تأجيرها طوال السنة. وبهذا، يصبح المالك مستفيدًا؛ فبدلًا من أن يقضى أسبوعًا فقط، قد يقيم شهرين أو ثلاثة، بالإضافة إلى تحقيق دخل ثابت من تأجير الوحدة فى الأوقات التى لا يكون موجودًا فيها.

● حازم شريف: أريد أن أسألك عن موضوع الفقاعة العقارية، والذى دائمًا ما يعود للواجهة. أرجو أن تكون إجابتك غير تقليدية.

بصراحة، لو سألت أى مطور عقارى عن وجود فقاعة عقارية، فالإجابة ستكون دائمًا “لا، لا توجد فقاعة”. نحن نعلم أن الأسعار فى مصر لا تنخفض، لكن لماذا أنت متأكد من أنه لا توجد فقاعة؟ كيف ترى أن الأسعار الحالية تعكس الواقع وليست مجرد تسعير غير حقيقى أو تضخم وهمى يمكن أن يؤدى إلى انهيار السوق؟

محمد راشد: دعنى أبدأ بتوضيح مفهوم الفقاعة العقارية، فنحن بعيدون تمامًا عن هذه الحالة.

لماذا؟ لأن الفقاعة العقارية تعتمد بشكل أساسى على التمويل العقارى، وفى مصر، خلال آخر 10 سنوات، لم تتجاوز نسبة التمويل العقارى من إجمالى المبيعات %3 إلى %4.

● حازم شريف: اسمح لى أن أقاطعك، لأن تعريف الفقاعة العقارية عالميًا قد يكون مرتبطًا بأزمات التمويل العقارى كما حدث فى دول أخرى. لكن فى مصر، المقصود بالمصطلح هو الارتفاع الكبير فى أسعار العقارات، والذى يراه البعض غير مبرر وقد يؤدى إلى انهيار الأسعار فى أى لحظة. كيف ترد على هذا المفهوم؟

محمد راشد: إذن، دعونا نناقش هذه الفكرة بناءً على العرض والطلب، وهو العامل الأساسى الذى يحدد حركة السوق العقارية.

السؤال هنا: هل هناك طلب حقيقى على العقارات؟

الإجابة: نعم، هناك طلب كبير، والدليل أن المشروعات الحكومية مثل “دار مصر” و”جنة” عند طرحها، تلقت مئات الطلبات فورًا، مما يؤكد أن الطلب مستمر وقوى.

أما عن إنتاج الوحدات العقارية فى مصر، بجميع أنماطها سواء كانت سكنية اجتماعية، أو متوسطة، أو فاخرة، فإننا ننتج سنويًا ما بين 600 إلى 700 ألف وحدة. فى المقابل، لدينا أكثر من مليون حالة زواج سنويًا، مما يعنى أن هناك عجزًا سنويًا يتراوح بين 300 إلى 400 ألف وحدة سكنية.

بناءً على هذه الأرقام، لا يمكن الحديث عن فقاعة عقارية، لأن السوق لا تزال تعتمد على الطلب الفعلى، وليس على المضاربات أو التمويلات غير المستقرة.

● حازم شريف: دعنا نتحدث بجدية عن السوق العقارية الحقيقية التى تعمل فيها. لا أريد استخدام إحصائيات عامة لا تتعلق بالأسواق التى نتحدث عنها.

الإسكان الاجتماعى أو الأقل من المتوسط له ظروفه الخاصة، لكن حديثنا هنا يتعلق بالعقارات الفاخرة، مثل الفيلات التى تصل أسعارها إلى 100 مليون أو 150 مليون جنيه، أو الوحدات التى أصبحت باهظة الثمن.

هذه هى السوق الذى نتحدث عنها عندما نذكر الفقاعة العقارية، فما حجم الطلب فى هذا القطاع؟ وما مقدار المعروض فيه؟ وهل هناك مبالغة فى أسعار العقارات الفاخرة؟

محمد راشد: هذا القطاع موجه لفئة اجتماعية معينة، وغالبًا ما يكون المشترون فيه من غير المصريين، مثل بعض الجنسيات الخليجية. لكن لا يمكن تعميم هذا القطاع على السوق العقارية المصرية بالكامل.

عند تسعير العقارات، هناك محددات متغيرة تؤثر على الأسعار، مثل: سعر الأرض المرتفع، والتغير المستمر فى أسعار مواد البناء، وتقلبات أسعار الصرف.

على سبيل المثال، منذ 3 أو 4 سنوات، كنا نتحدث عن سعر طن الحديد بـ 12 ألف جنيه، وفجأة ارتفع إلى 60 ألفا، قبل أن يستقر عند 39 ألفًا.

مع وجود هذه المتغيرات، من المستحيل أن تنخفض الأسعار، ولا أرى أن هناك مبالغة فى الأسعار، بل بالعكس، المطورون العقاريون يواجهون تحديات كبيرة، خاصة المطورين أصحاب المشروع الواحد، الذين قد يواجهون صعوبة فى إكمال مشروعاتهم بسبب هذه الظروف.

العقارات الفاخرة قد تكون بها زيادة فى الأسعار فى بعض المشروعات، خاصة الشاطئية الترفيهية، لكنها موجهة للسوق الخارجية أكثر من المحلية. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار الأسعار الحالية مبالغًا فيها، لأن تكلفة البناء مرتفعة جدًا، وهناك العديد من المطورين الذين يواجهون ضغوطًا مالية بسبب هذه التغيرات.

● حازم شريف: فى ظل هذه التحديات، كيف يمكن للدولة أن تدعم المطورين العقاريين؟

محمد راشد: بالفعل، الدولة بدأت اتخاذ خطوات لدعم المطورين العقاريين من خلال غرفة التطوير العقارى. على سبيل المثال: تمديد فترات تنفيذ المشروعات، ومنح مُهَل إضافية للمطورين.

هذه الإجراءات تساعد المطورين فى تسليم المشروعات فى المواعيد المتفق عليها، وبالمواصفات المطلوبة، حتى لو حدثت بعض التأخيرات نتيجة الظروف التى تحدثنا عنها.

أيضًا، لا يمكن النظر إلى السوق العقارية من زاوية واحدة فقط، بل يجب أن نأخذ فى الاعتبار: المطورين الكبار الذين لديهم محفظة أراضٍ، ويمكنهم تعويض أى تخفيضات فى الأسعار من خلال مشروعات جديدة، على عكس المطورين المتوسطين وصغار المطورين، الذين قد يواجهون صعوبات أكبر بسبب ارتفاع التكاليف وتقلبات السوق.

ندير 10 مشروعات بقيمة 20 مليار جنيه

بعد 12 سنة فى الشركات الكبرى قررت التحدى وإنشاء عملي الخاص

لا توجد «فقاعة» ..والتمويل العقارى لا يمثل أكثر من %4 من المبيعات

شبكة الطرق المحلية قفزت من المرتبة 118 إلى 28 عالميًا

نعتزم التوسع فى السعودية وأبوظبى وسلطنة عمان خلال 3 سنوات

سر النجاح ألا تبقى فى مكان واحد طويلًا

مصر لا تصدر عقارات فقط.. بل مطورين محترفين أيضًا

17000 طلب مطور عقارى قيد المراجعة.. لكن المعتمدين 1700 فقط

الاستثمار لا ينجح بالتسويق فقط.. بل بفهم العميل وتقديم ما يناسبه