تشهد المدارات ازدحامًا متزايدًا مع إطلاق أكثر من 20 ألف قمر صناعى منذ بداية عصر الفضاء، وهناك خطط لإضافة آلاف أخرى خلال السنوات المقبلة.
وبينما تحترق بعض هذه الأقمار أو تعود إلى الأرض، لا يزال أكثر من 13 ألفا منها فى المدار، بما فى ذلك آلاف الأقمار غير النشطة التى تحولت إلى نفايات فضائية، هذه المشكلة تؤدى إلى مخاطر تصادم خطيرة تهدد الأقمار الصناعية العاملة ومحطة الفضاء الدولية، مما استدعى إنشاء شبكات مراقبة متقدمة لمتابعة الأجسام الكبيرة فى المدار وتفادى الاصطدامات.
وفى ظل هذه التحديات، ظهرت شركة «Magdrive» البريطانية بحل مبتكر: نظام دفع جديد للأقمار الصناعية يعتمد على الوقود المعدنى الصلب، من المقرر اختباره لأول مرة فى الفضاء هذا العام، ويتيح هذا النظام للأقمار الصناعية قدرة أكبر على المناورة، مما يعزز من استدامتها ويقلل الحاجة إلى إطلاق المزيد منها لتعويض الفاقد.
محرك بقدرات غير مسبوقة
ويوضح مارك ستوكس، المؤسس المشارك لـ«Magdrive»، أن النظام الجديد يمنح الأقمار الصناعية قدرة مناورة أعلى بعشرة أضعاف مقارنة مع الأنظمة التقليدية، كما يقلل من الكتلة المخصصة للدفع بنفس النسبة، ويعتمد على تقنية الدفع الكهربائي، لكنه يختلف عن الأنظمة الحالية التى تستخدم الغازات المضغوطة مثل «الهيدرازين» السام بدلاً من ذلك، يستخدم «Magdrive» معادن صلبة، مثل النحاس، يتم تأيينها وتحويلها إلى بلازما شديدة السخونة، مما يوفر دفعًا فعالًا وآمنًا مقارنة مع المحركات الكيميائية والكهربائية التقليدية.
إضافة إلى كفاءته العالية، يتميز الوقود المعدنى الصلب بسهولة التخزين والنقل، على عكس خزانات الغاز المضغوط التى تتطلب احتياطات سلامة صارمة، كما أن المعادن لا تتحلل بمرور الوقت، مما يجعلها أكثر موثوقية للأقمار الصناعية التى تبقى لفترات طويلة فى المدار.
من النفايات إلى الوقود: مستقبل مستدام للفضاء
وفى خطوة أكثر طموحًا، تتطلع «Magdrive» إلى استخدام الحطام الفضائى نفسه كمصدر وقود مستقبلي، إذ يمكن، نظريًا، إعادة تدوير المعادن الموجودة فى الأقمار الصناعية المعطلة وتحويلها إلى مادة دافعة، مما يتيح نهجًا مستدامًا للتعامل مع النفايات الفضائية.
إلا أن هذا الطموح يواجه تحديات قانونية وتقنية، حيث إن معاهدة الفضاء الخارجى تمنح ملكية دائمة للأجسام الفضائية لدول الإطلاق، مما يستلزم الحصول على إذن قبل إعادة تدوير أى قمر صناعي، كما أن الأقمار غير النشطة غالبًا ما تكون فى حالة دوران غير منضبط، مما يجعل التقاطها عملية معقدة تتطلب تكنولوجيا متقدمة لم يتم تطويرها بعد.
عوائق تقنية وحلول مستقبلية
وعلى الرغم من المزايا العديدة لنظام «Magdrive»، فإن استخدام الوقود المعدنى يطرح تحديات تقنية، مثل احتمال تلوث الأسطح الفضائية بالبلازما المعدنية المتبقية، مما قد يؤثر على كفاءة الألواح الشمسية والمكونات البصرية للأقمار الصناعية. ومع ذلك، يؤكد «ستوكس» أن النظام الجديد مصمم بحيث يحول المعدن إلى مواد خاملة لا تشكل خطرًا كبيرًا على الأجهزة المجاورة.
إعادة تعريف مستقبل التنقل الفضائى
وتطمح «Magdrive» إلى أن تكون أول شركة تقدم نظام دفع يمكن إعادة تزويده بالوقود من مصادر فضائية، مما قد يحدث تحولًا جذريًا فى قطاع الفضاء، ومن المقرر أن يشهد عام 2025 الإطلاق الأولى لنظام «Warlock»، بينما تستمر الشركة فى تطوير إصدارات أكثر تطورًا، مثل «Super Magdrive»، التى ستتيح إعادة التزود بالوقود.
