كشف تقرير حديث لبنك الاستثمار “نعيم” عن تحسن متوقع لصناعة الأسمنت فى مصر لعام 2025، مدعوماً بعوامل رئيسية تشمل تحسن إمدادات الطاقة، وانتعاش إنتاج الغاز الطبيعى، وتراجع معدلات التضخم، إلى جانب خفض متوقع فى أسعار الفائدة، مما قد ينعكس إيجابياً على الطلب المحلى والتصدير.
وعلى صعيد الطاقة، يسعى منتجو الأسمنت فى مصر إلى تنويع مصادرهم عبر استخدام النفايات الصلبة والوقود البديل، بهدف تقليل الاعتماد على التقليدى، خاصة بعد الأزمة التى شهدها القطاع عام 2024 بسبب نقص الإمدادات.
وسددت الحكومة المصرية سددت مليار دولار من ديونها لشركات النفط الأجنبية، ليصل إجمالى السداد إلى 4.5 مليار منذ منتصف 2024، مما يعزز استقرار إمدادات الطاقة ويقلل مخاطر تكرار الأزمة السابقة.
وفيما يتعلق بإنتاج الغاز، استأنفت شركة “إيني” الإيطالية عمليات الحفر فى حقل ظهر بعد تسوية الحكومة لمستحقات شركات النفط، وهو ما يمهد الطريق لاستعادة مستويات الإنتاج الطبيعية بحلول منتصف 2025، وهذا التطور قد يقلل من الحاجة إلى استيراد الغاز الطبيعى المسال (LNG)، مما يخفف الأعباء المالية على المصانع ويضمن استقرار تشغيلها.
وعلى الصعيد الاقتصادى توقع “نعيم”، أن يؤدى انخفاض التضخم وخفض أسعار الفائدة إلى تحفيز قطاعى البناء والتطوير العقارى، مما سينعكس على زيادة الطلب المحلى على الأسمنت.
وأوضح التقرير أن استمرار مشروعات البنية التحتية والتوسع العمرانى يعزز فرص النمو فى القطاع، إلى جانب زيادة التوجه نحو التصدير لمواجهة فائض الإنتاج المحلى.
وعلى مستوى التكاليف الاستثمارية، أشار التقرير إلى أن تكلفة استبدال مصنع أسمنت جديد تبلغ نحو 120 دولاراً لكل طن من الطاقة الإنتاجية، مع فترة إنشاء تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام تشمل التراخيص والبنية التحتية والتشغيل التجارى.
وفى المقابل، يتم تداول شركات الأسمنت فى السوق المصرية بخصم كبير، حيث يبلغ متوسط قيمة المنشأة لكل طن نحو 51 دولاراً فقط، مما يجعلها خياراً استثمارياً أقل تكلفة مقارنة ببناء مصانع جديدة.
جدير بالذكر أن عام 2024 شهد إنتاجاً بلغ 55.1 مليون طن من الأسمنت، موزعاً بين 47.7 مليون للمبيعات المحلية و7.6 مليون للتصدير.
ويتكون السوق المصرى من 19 لاعباً رئيسياً، بينهم شركات أجنبية وشركات مملوكة للدولة، حيث تستحوذ الشركات الأجنبية على %36.6 من السوق، فى حين تمتلك الشركة الوطنية للأسمنت حصة تبلغ %17.2.
ومن بين الشركات الكبرى، استحوذت مجموعة السويس للأسمنت على %9.9 من المبيعات المحلية، بينما بلغت حصة لافارج تيتان %6.1، وامتلكت لافارج طاقة إنتاجية إجمالية بلغت 10 ملايين طن بحصة سوقية %9.5، أما المنتجون الصغار، فتتراوح حصصهم بين 1 - %2 لكل شركة.
وأشار تقرير “نعيم”، إلى أن قطاع الأسمنت قد واجه تحديات متعددة خلال 2024، من أبرزها استقرار الطلب المحلى عند 47.6 مليون طن، وهو مستوى لم يعكس الزيادة السكانية أو التوسع العمرانى فى مصر.
ولفت إلى أن قرارات الحكومة السابقة بوقف تصاريح البناء فى المدن الكبرى لها أثر واضح فى تقليص الطلب على الأسمنت، مما دفع المنتجين إلى البحث عن فرص تصديرية، خاصة إلى الأسواق المجاورة مثل ليبيا.
وعلى مستوى الإمدادات، أثرت تقلبات سعر الصرف على استيراد الوقود، كما أن انخفاض إنتاج الغاز المحلى أدى إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربائى، مما زاد من الضغوط على المصانع ورفع تكاليف الإنتاج، خاصة مع الاعتماد المتزايد على استيراد الغاز الطبيعى المسال بأسعار مرتفعة.
وبحسب التقرير، فإن عام 2025 يحمل فرصاً لنمو قطاع الأسمنت، مدفوعاً بتحسن إمدادات الطاقة، واستعادة إنتاج الغاز لمستوياته الطبيعية، وانتعاش الطلب المحلى مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.
ومع استمرار مشروعات البنية التحتية وزيادة التوجه نحو التصدير، قد يشهد القطاع أداءً أقوى مقارنة بالعامين السابقين، مما يعزز فرص الاستثمار ويعيد التوازن إلى السوق.
