يواصل اليورو ارتفاعه فى السوق الأوروبية على حالة الارتفاع مقابل سلة من العملات العالمية، ليحافظ على مكاسبه أمام الدولار الأمريكى، متداولًا بالقرب من أعلى مستوى له فى أربعة أشهر.
كانت وحدة النقد الأوروبية قد بلغت، يوم الجمعة 7 مارس 2025، أعلى مستوى فى أربعة أشهر، متداولًا عند 1.0888 دولار.
وعلى صعيد أداء اليورو أمام الجنيه المصرى، فقد تخطت وحدة النقد الأوروبية، وقت كتابة هذا التقرير، مستوى الـ 55 جنيهًا، وهو أعلى مستوى له تقريبًا.
الركود والتشديد النقدى
أشار محمد بدرة، الخبير المصرفى، إلى أن ارتفاع سعر صرف اليورو أمام الجنيه ليس إلا نتيجة مباشرة لارتفاعه أمام الدولار، موضحًا أن هناك عددًا من العوامل التى أدت إلى تراجع الدولار، وارتفاع اليورو.
وأضاف أن هذه العوامل تنقسم إلى متغيرات تخص الدولار نفسه، خاصة أن سياسات ترامب الحمائية وتعريفاته الجمركية وضعت وحدة النقد الأمريكية فى مأزق، وعلى الجهة الأخرى، فإن التحديات الاقتصادية فى منطقة اليورو تجعل من العسير المضى قدمًا فى خفض أسعار الفائدة، وهو ما يعزز من موقف اليورو أمام الدولار، ومن ثم بقية العملات الأخرى، وعلى رأسها الجنيه المصرى.
ذكر الخبير المصرفى أن البنك المركزى الأوروبى قد لا يحذو فيما تبقى من العام حذو الفيدرالى الأمريكى، وهو ما يعنى أنه حتى فى حال حدوث تيسير نقدى فى أمريكا فلن يكون الأمر كذلك فى منطقة اليورو.
الأثر السياسي
ومن جانبه أوضح محمد البيه، الخبير المصرفى، أن التحركات الإيجابية لوحدة النقد الأوروبية جاء مدفوعًا بالتحركات على الصعيد السياسى فى الاتحاد الأوروبى، لا سيما أن هذه الكتلة الاقتصادية قد اتخذت موقفًا قويًا فيما يتعلق بقضية أوكرانيا.
وأضاف أن الأداء الإيجابى لليورو قد لا يستمر طويلًا، بمعنى أن الزخم الحالى الذى يشهده اليورو قد لا يدوم حتى نهاية العام، خاصة أن أداءه كان أسوأ كثيرًا من الدولار.
اقتصاد منطقة اليورو
قالت حنين المهدى، محللة اقتصادية فى DFA للاستشارات المالية، إن البيانات الاقتصادية لمنطقة اليورو مازالت ضعيفة، وهو ما يعنى أن احتمالات الركود مرجح استمراراها.
وأضافت أن اقتصاد منطقة اليورو نما بنحو %0.9 فى عام 2024، وهو أعلى من التقدير السابق البالغ %0.7 فيما نمت المنطقة ككل بنحو %0.4 فى عام 2023.
على الجهة الأخرى، ارتفع إجمالى الناتج المحلى للمنطقة خلال الربع الرابع من 2024 بواقع %0.2 على أساس فصلى.
من جانبه، خفض البنك المركزى الأوروبى توقعاته للنمو خلال العام الجارى إلى %0.9 والعام المقبل إلى %1.2.
وأرجع المركزى الأوروبى هذه التوقعات إلى ضعف الصادرات واستمرار الأداء السيئ فى الاستثمارات الذى يرجع فى جزء منه إلى الخلافات الجمركية، وصعوبات فى الحكم على سياسات ترامب.
وأكدت «حنين» أن البيانات الاقتصادية من منطقة اليورو لا تسمح بالاتجاه لخفض أسعار الفائدة فى عام 2025. مع الأخذ فى الاعتبار بيانات الاقتصاد الأمريكى، التى تظهر علامات الضعف، فإن كل هذا يضيف قوة إلى اليورو.
وأضافت أن الارتداد الذى حدث فى قيمة اليورو يمكن أن يكون مؤقتًا إذا لم تقرر الحكومة الألمانية زيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، نظرًا لكون هذين العاملين الأساسيين اللذين يمكنهما تحفيز النمو الاقتصادى فى ألمانيا.
وأوضحت أن تحركًا مثل هذا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قرارات البنك المركزى الأوروبى، قائلة: يبيع المستثمرون السندات القديمة ذات العائدات المنخفضة لشراء سندات جديدة تقدم عوائد أعلى. يقلل ضغط البيع هذا من الطلب على السندات القديمة، مما يتسبب فى انخفاض أسعارها وارتفاع العائدات، وهى علاقة عكسية. ونتيجة لذلك، تعمل هذه الديناميكية على تقوية اليورو.
شهد اليورو ارتفاعًا قويًا الأسبوع الماضى مدفوعًا بزيادة كبيرة فى عائدات السندات الحكومية الألمانية، التى ارتفعت بحوالى 40 نقطة أساس، بعد موافقة القادة السياسيين على خطة إنفاق للبنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو، إلى جانب تخصيص المزيد من الأموال للدفاع.
توقعات أداء اليورو خلال 2025
وفيما يتعلق بتوقعات سعر اليورو خلال 2025، أوضحت «حنين» أن قوة العملة الأوروبية الموحدة خلال 2025 مرتبطة بحجم الإنفاق من حكومات أكبر اقتصادين فى منطقة اليورو، وهما ألمانيا وفرنسا، كما أن وجود استقرار سياسى فى البلدين مهم جدًا. بالإضافة لاحتمال فرض تعريفات جمركية على الواردات الأوروبية إلى أمريكا، وهو ما يمكن أن يكون عاملًا مؤثرًا بطبيعة الحال.
