أفاد خبيران أن هناك محاولات من قبل البنك المركزى المصرى لسحب السيولة الفائضة عبر أدوات مثل عمليات السوق المفتوحة ورفع نسبة الاحتياطى الإلزامى إلى %18 إلا أن هناك عوامل تعويضية تعمل على تعزيزها، مثل ارتفاع الفوائد على الودائع التى تجذب المدخرين، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتى يدعمها استقرار سعر الدولار وتسهيل إجراءات التحويل عبر التطبيقات المصرفية، والاستثمارات الأجنبية فى أذون الخزانة ، والتى ارتفعت بشكل ملحوظ.
وتوقعا اتجاه البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة فى الفترة المقبلة، وهو ما سيعزز السيولة ويقلل من تكلفة الاقتراض، مما يدعم النشاط الاقتصادي.
ومع ذلك، شددا على أهمية تحقيق التوازن بين الغطاء النقدى الأجنبى وحجم المعروض ، خاصة مع تدفقات العملة الأجنبية من مصادر مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية.
ووفقًا لبيانات صادرة عن البنك المركزي، ارتفعت السيولة المحلية إلى11.86 تريليون جنيه بنهاية يناير 2025، مقابل11.636 تريليون فى ديسمبر 2024، بمعدل نمو بلغ%1.96 وزيادة قدرها228.216 مليار.
وتتكون السيولة المحلية من المعروض النقدى وأشباه النقود، ويضم المعروض النقدي، المتداول خارج الجهاز المصرفى والودائع الجارية بالعملة المحلية، بينما تضم أشباه النقود الودائع الجارية بالعملة الأجنبية و غير الجارية بالعملتين المحلية والأجنبية.
أكد محمد ربيع الخبير المصرفى أن سحب البنك المركزى لجزء من السيولة عبر عمليات السوق المفتوحة لا يعنى بالضرورة انخفاض السيولة فى القطاع المصرفى بشكل عام.
وسحب البنك المركزى المصري، الثلاثاء الماضي، سيولة بقيمة 919.650 مليار جنيه، فى عطاء السوق المفتوحة، من البنوك البالغة 25 بنكًا، بسعر فائدة %27.75.
وأوضح أن هناك عوامل تعويضية تعمل على تعزيز السيولة، مثل ارتفاع الفوائد على الودائع، والتى تجذب المدخرين لزيادة مدخراتهم فى البنوك، مما يعزز السيولة المتاحة.
وأشار ربيع إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تلعب دورًا كبيرًا فى زيادة السيولة، حيث تدخل كميات كبيرة من العملة الأجنبية إلى البلاد.
وفقًا لبيانات البنك المركزى المصري، شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الماضي، حيث بلغت نسبة الزيادة %51.3 لتبلغ إجماليها 29.6 مليار دولار.
ويعزى هذا الارتفاع إلى الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الحكومة ، بما فى ذلك قرار توحيد سعر الصرف فى مارس من العام الماضي.
و سجلت التحويلات قفزات متتالية على مدار العام، حيث تضاعفت فى شهر ديسمبر لتصل إلى 3.2 مليار دولار، مسجلة زيادة سنوية تجاوزت %100.
ولفت الخبير المصرفى إلى أن التحويلات شهدت زيادة ملحوظة بسبب عدة عوامل، منها استقرار سعر الدولار، وارتفاع الفائدة على التحويلات الرسمية، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات التحويل عبر التطبيقات المصرفية الحديثة.
وأضاف أن الاستثمارات الأجنبية فى أذون الخزانة المصرية تساهم بشكل كبير فى تعزيز السيولة.
وأوضح أن تدفقات المستثمرين الأجانب نحو الأذون أدت إلى ارتفاع صافى الأصول الأجنبية فى القطاع المصرفي، مما يدعم السيولة فى السوق المحلية.
وشهد صافى الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفى المصرى (البنك المركزى والبنوك التجارية) تحسناً ملحوظاً خلال الفترة من يناير 2024 إلى نفس الشهر من 2025، حيث ارتفع من أدنى مستوى له عند سالب 29 مليار دولار فى يناير 2024 ، ليصل إلى موجب 8.7 مليار فى يناير الماضي، بزيادة إجمالية قدرها 37.8 مليار.
وفيما يتعلق بتوقعات السياسة النقدية، توقع ربيع أن يتجه البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة فى الفترة المقبلة، وهو ما سيعزز السيولة بشكل أكبر، مؤكدًا أن هذا التوجه سيكون له تأثير إيجابى على السوق، حيث سيقلل من تكلفة الاقتراض ويدعم النشاط الاقتصادي.
وأكد ربيع أن القطاع المصرفى يتمتع بمرونة كبيرة فى إدارة السيولة، بفضل العوامل المختلفة التى تعمل على تعويض أى عمليات سحب لها من قبل البنك المركزي، مشيرا إلى أن هذه العوامل، بما فى ذلك زيادة الودائع وتحويلات المصريين فى الخارج والاستثمارات الأجنبية، تسهم فى الحفاظ على تدفق الأموال ودعم الاستقرار المالى فى السوق.
قال عز الدين حسانين الخبير المصرفى إن السيولة المحلية فى مصر تتخذ اتجاهًا صاعدًا رغم محاولات البنك المركزى كبحها من خلال الإجراءات الاحترازية وأدوات السياسة النقدية، مثل عمليات السوق المفتوحة التى يتم خلالها طرح عطاءات أسبوعية لسحب السيولة الفائضة من البنوك.
وأوضح حسانين أن العطاءات تمثل نحو %88 من إجمالى السيولة التى يمتصها البنك المركزي، بهدف تقليل ضخ الائتمان المصرفى فى السوق.
وأشار حسانين إلى أن البنك المركزى كان قد رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى من 14 إلى %18 فى سبتمبر 2022، كإجراء لتحجيم السيولة ومواجهة التضخم، ومع ذلك، استمرت السيولة المحلية فى الارتفاع.
وارتفع النقد المتداول خارج القطاع المصرفى بنحو%3.19 خلال يناير الماضي، ليسجل1.157 تريليون جنيه، مقابل1.121 تريليون ديسمبر 2024 .
وأرجع الخبير المصرفى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، أبرزها استمرار البنك المركزى فى إصدار النقد الجديد حتى يناير 2025، بالإضافة إلى تحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الأجنبية.
ووفقًا لـ البنك المركزي، فإن المعروض النقدى ارتفع إلى2.942 تريليون جنيه بنهاية يناير 2025، مقابل2.803 تريليون فى ديسمبر 2024، بمعدل نمو بلغ%4.95 وزيادة قدرها138.737 مليار.
وأضاف أن الزيادة فى السيولة المحلية مدعومة بغطاء نقدى قوي، حيث يتم تغطية %65.7 من الإصدارات النقدية الجديدة بالعملات الأجنبية والصكوك الأجنبية، بينما يتم تغطية %34.3 بالذهب.
ولفت إلى أن عوامل مثل الإنفاق الحكومي، والإقراض المصرفى للمشروعات القومية والكبيرة، وزيادة الاقتراض من قبل القطاع العائلي، تساهم جميعها فى تعزيز السيولة المحلية.
وأفاد أنه رغم محاولات البنك المركزى لسحب السيولة من البنوك عبر عمليات السوق المفتوحة، إلا أن تأثيرات العوامل المستقلة، مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، والإصدارات النقدية الجديدة، تجاوزت هذه المحاولات.
وأكد حسانين على أهمية تحقيق التوازن بين الغطاء النقدى الأجنبى (الاحتياطى النقدى الأجنبي) ،وحجم المعروض فى السوق، وهى المعادلة الصعبة التى تسعى البنوك المركزية حول العالم لتحقيقها من خلال ما يُعرف بالتعقيم النقدي.
وكشف البنك المركزى ارتفاع صافى الاحتياطيات الدولية إلى 47.393 مليار دولار فى نهاية فبراير 2025، مقابل 47.265 مليار فى يناير.
وشدد حسانين على ضرورة مراقبة تطور السيولة المحلية بشكل مستمر من قبل البنك المركزى وبالتنسيق مع وزارة المالية، نظرًا لتأثيراتها السلبية المحتملة على الاقتصاد القومى ومعيشة المواطنين، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، مؤكدًا أن إدارتها تتطلب سياسات دقيقة لضمان استقرار الاقتصاد وحماية القوة الشرائية للمواطنين.
ربيع: القطاع المصرفى يتمتع بمرونة كبيرة
حسانين: زيادتها تتطلب مراقبة دقيقة
