شهد عام 2024 توجهًا ملحوظًا من قِبل شركات التطوير العقارى المصرية نحو السوق السعودية، مدفوعًا بالفرص التى توفرها رؤية المملكة 2030، بما فى ذلك المشروعات الضخمة فى قطاعات الإسكان والبنية التحتية، ومع ذلك، فإن العديد من الشركات المصرية ركزت على دراسات الجدوى والشراكات دون تحقيق تقدم فعلي.
من أبرز الشركات التى أعلنت عن دخولها السوق السعودية، مجموعة “طلعت مصطفى” بإطلاق مشروع “بنان” فى مايو الماضي، وشركة ماونتن ڤيو التى أعلنت فى نوفمبر 2024 عن شراكة مع شركة “مايا للتطوير والاستثمار العقاري”، حيث استحوذت على قطعة أرض فى الرياض لتطوير مشروع سكنى متكامل.
أيضًا، شركة تطوير مصر، التى أشارت فى سبتمبر 2024 إلى استعدادها لإطلاق أول مشروعاتها فى السعودية، بهدف نقل خبراتها فى مجال التطوير العقارى إلى السوق السعودية بالإضافة إلى ذلك، شركة مدينة مصر التى صرحت بأنها تأمل فى إبرام أول عقد تطوير عقارى فى السعودية مع بداية العام الحالي.
منافسة شديدة
تأتى هذه الخطوات استجابة لعدة دوافع، أبرزها الطفرة العمرانية الكبيرة التى تشهدها السوق السعودية، ما تجعلها جاذبة للمستثمرين والمطورين العقاريين.
كما تسعى الشركات المصرية إلى تنويع استثماراتها وتوسيع نطاق أعمالها للاستفادة من الفرص المتاحة فى الأسواق الإقليمية، لا سيما مع المشروعات الضخمة التى تتبناها السعودية ضمن رؤية 2030 فى قطاعات الإسكان والبنية التحتية.
ورغم هذه الفرص، تواجه الشركات المصرية تحديات عدة عند دخول السوق السعودية، أبرزها التكيف مع متطلبات السوق المحلية، التى تشمل فهم احتياجات العملاء والامتثال للوائح التنظيمية، كما تبرز المنافسة الشديدة مع الشركات المحلية والدولية، مما يتطلب تقديم عروض مبتكرة تلبى تطلعات السوق.
وبالرغم من الطموحات الكبيرة، يبدو أن الشركات المصرية بحاجة إلى تجاوز مرحلة الدراسات والخطط المعلنة إلى تنفيذ مشروعات فعلية تلبى تطلعات السوق السعودية، والنجاح فيها يتطلب تقديم منتجات مبتكرة وخدمات تنافسية مع التركيز على الالتزام بالجداول الزمنية وتحقيق إنجازات ملموسة.
وفى إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية، زار وفد مصرى رفيع المستوى المملكة فى نوفمبر 2024، برئاسة المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، وتضمنت الزيارة اجتماعات مع شركات سعودية، مشاركة فى معرض سيتى سكيب، وجولات ميدانية لمشروعات بارزة مثل مشروع “الفرسان” لمجموعة طلعت مصطفى
المرجعية الرئيسية
يقول الدكتور عبدالرحمن خليل الخبير والمطور العقاري، إن هناك نشاطًا متزايدًا وتعاونًا عقاريًا واستثماريًا ملحوظًا بين مصر وعدد من الدول، على رأسها المملكة العربية السعودية.
وأوضح أن العديد من المستثمرين المصريين الذين توسعوا فى الشراكات بالسعودية قد نجحوا فى استقطاب مستثمرين سعوديين للعمل معهم، بينما شهدت مصر أيضًا حضورًا قويًا للمستثمرين السعوديين الذين يسعون لتعزيز التعاون العقارى فى السوق المصرية.
وأضاف، أن هذه العلاقات التبادلية تسهم فى تعزيز الاستثمار الأجنبى داخل مصر، سواء من خلال الشراكات المحلية أو الدولية كما تتيح الفرصة لتصدير الفكر والخبرات المصرية فى المجال العقاري، مما يجعل الكوادر العقارية المصرية محور اهتمام دول المنطقة، مؤكدًا أن القطاع العقارى المصرى يمثل المرجعية الرئيسية لهذه الدول، نظرًا لما يتمتع به من خبرات متميزة وقدرات تنافسية.
وأشار إلى أن تنفيذ المشروعات العقارية يتطلب وقتًا طويلًا، موضحًا أن الإعلان عن المشروع لا يعنى بالضرورة بدء التنفيذ الفوري، بل يُعد بمثابة إعلان عن توجه استثمارى أو شراكة استراتيجية.
أداء مميز
أكد خليل على أهمية التفريق بين السوق العقارية المصرية وأسواق الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن السوق المصرية تتميز بوتيرة نمو سريعة رغم التحديات التى تواجهه، مشيرًا إلى أن القطاع العقارى فى مصر نجح فى تحقيق أداء مميز خلال عام 2024، حيث بلغت قيمة استثماراته أكثر من 3 تريليون جنيه مصري.
وأضاف، أن طبيعة السوق العقارية فى المملكة العربية السعودية تختلف عن السوق المصرية، حيث لا تسير بنفس وتيرة النمو السريعة التى يتميز بها القطاع المصري، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن نشهد بدء تنفيذ بعض المشروعات فى السعودية خلال عامى 2025 و2026، بما يتماشى مع الخطط الاستراتيجية والتوجهات الاستثمارية فى المملكة.
وأوضح، أن توجه المطورين العقاريين المصريين نحو السوق السعودية يأتى نتيجة لرؤية المملكة الطموحة وتوجهها العالمي، حيث أصبحت السعودية وجهة لاستضافة أبرز الفعاليات الرياضية والعقارية والترفيهية على مستوى العالم، مؤكدًا أن المملكة تسعى دائمًا لجذب الأفضل فى مختلف المجالات، ولا شك أن الكوادر العقارية المصرية تعد من بين الأفضل، بما تمتلكه من خبرات ومهارات متميزة.
وأضاف أن هناك دولًا أخرى مثل ليبيا، عمان، والمغرب، تشهد أيضًا حضورًا قويًا للمصريين فى القطاع العقاري، حيث ينفذ حجم أعمال كبير فى هذه الأسواق، مشيرًا إلى أن القطاع العقارى المصرى يمثل “البيت الكبير” الذى يمتد تأثيره وحضوره إلى مختلف الدول، مما يعزز مكانته كمرجع رئيسى فى المنطقة.
جاذبية استثمارية
وقال أحد المطورين العقاريين إن السوق العقارية السعودية تعدّ من أكبر الأسواق فى المنطقة، لكنه يحتاج إلى وقت طويل لفهم طبيعته واحتياجاته، خاصة مع اتساعه وحجم الطلب الكبير الموجود به.
وأوضح المطور أن بناء الشراكات فى السوق السعودية يتطلب أيضًا فترات زمنية طويلة نظراً لطبيعة الإجراءات ومتطلبات السوق المحلية.
وفى المقابل، أكد المطور أن السوق العقارية المصرية ما تزال تتمتع بجاذبية استثمارية عالية، باعتبارها السوق الأعلى عائداً، بفضل حجم الطلب الكبير والكثافة السكانية المرتفعة.
وأشار إلى أن هذه العوامل تجعل من السوق المصرية الخيار الأنسب والأكثر استقراراً للمستثمرين الباحثين عن عوائد سريعة ومستدامة.
وأضاف المطور أن المستثمرين العرب والأجانب يضعون السوق المصرية فى مقدمة خياراتهم، خاصة مع استمرار الحاجة إلى وحدات سكنية وتجارية فى ظل التوسع العمرانى والنمو السكانى المستمر.
واختتم المطور تصريحاته بالتأكيد على أن النجاح فى أى سوق عقارية يتطلب فهماً عميقاً لاحتياجاته ومرونة فى التعامل مع التحديات، وهو ما يجعل السوق المصرية أكثر وضوحاً من حيث الرؤية الاستثمارية مقارنةً بالأسواق الإقليمية الأخرى.
مشروع بنان
وأطللقت مجموعة طلعت مصطفى القابضة مشروع مدينة بنان هى مدينة ذكية ومستدامة تقام على مساحة 10 ملايين متر مربع شمال شرق الرياض توفر جودة حياة لأكثر من 120 ألف ساكن.
وتضم مدينة بنان أكثر من 27 ألف وحدة سكنية، وخدمات متكاملة مثل الخدمات الصحية والتعليمية والتجارية ونادٍ رياضى اجتماعى ، بالإضافة إلى خدمات المنزل الذكى واستخدام أحدث التقنيات لإدارة مرافق المدينة، لتقديم مجتمعًا نابضًا بالحياة يتماشى مع رؤية المملكة 2030 .
وتسعى مجموعة طلعت مصطفى إلى نقل خبراتها فى مجال إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة إلى مدينة “بنان”، ليتم تطويرها على غرار مختلف مدن المجموعة، مثل الرحاب ومدينتي، لينضم عملاء “بنان” إلى أكثر من 1.2 مليون ساكن بمختلف مشروعات المجموعة.
وأعلنت مجموعة طلعت مصطفى فى إفصاح للبورصة المصرية عن تحقيق مشروع “بنان” لمبيعات قياسية بقيمة نحو 5 مليارات ريال منذ إطلاقه فى مايو 2024، متجاوزة المستهدف للعام بأكمله فى هذا المشروع.
الطفرة العمرانية فى المملكة تجعلها جاذبة للمستثمرين والمطورين
الكيانات تواجه تحديات أبرزها المنافسة مع المؤسسات المحلية والدولية
