المؤسسات ذات الملاءة المالية القوية تحافظ على خطوطها الائتمانية مع البنوك

Ad

أكد خبيران مصرفيان أن قرار لجنة السياسة النقدية بتثبيت أسعار الفائدة لم يلق بظلال سلبية على مجتمع الأعمال لا سيما وأنه كان متوقعا.

وأضاف المصرفيان - فى تصريحات لـ «المال» - أن المؤسسات ذات الملاءة المالية القوية، والتى اعتادت على الاقتراض من البنوك ستظل محافظة على خطوطها الائتمانية مع القطاع المصرفى حتى وإن ظلت أسعار الفائدة مرتفعة.

وأشارا إلى أن نسبة الشركات والمؤسسات المالية التى ترغب فى فتح خطوط ائتمانية جديدة مع القطاع المصرفى ستظل محدودة مقارنة مع تلك التى تتعامل مع البنوك، وبالتالى فإن قرار الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة سيظل ذا أثر محدود على مجتمع الأعمال.

وقررت لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزى فى اجتماعها يوم 20 فبراير الحالى، الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند %27.25 و%28.25 و%27.75، على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند %27.75.

وعللت اللجنة ذلك بقولها: «وفى ضوء التطورات الأخيرة وأخذًا فى الاعتبار حالة عدم اليقين السائدة، ترى اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزى دون تغيير يعد مناسبًا فى الوقت الحالى للحفاظ على السياسة النقدية التقييدية وضمان تحقيق انخفاض ملحوظ ومستدام فى معدل التضخم، بما يؤدى إلى ترسيخ التوقعات».

مسار التضخم

وشددت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية على أن قرار لجنة السياسة النقدية بالإبقاء على أسعار الفائدة كما هى عند مستوياتها الحالية دون تغيير لم يؤثر بالسلب على مجتمع الأعمال، لا سيما وأن هذا القرار كان متوقعًا فى الأساس، سواءً من قبل الخبراء والمحللين المصرفيين أو حتى من قبل رجال الأعمال أنفسهم.

وأوضحت أن خفض سعر الكوريدور، فى حال حدوثه حتى، بواقع 100 أو 200 نقطة أساس لم يكن ليؤثر بالقدر الكافى فى تحريك السوق وإحداث نوع من النمو الاقتصادى، حيث إن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة كذلك.

وأكدت أن البنك المركزى كان يتطلع إلى عدد من العوامل والمتغيرات على الصعيدين المحلى والعالمى وهو الأمر الذى دفعه إلى الإبقاء على أسعار الفائدة كما هى دون تغيير، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولى يؤيد اتباع البنك المركزى لسياسة تشديد نقدى والإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة فى محاولة لكبح جماح التضخم.

وأشارت إلى أن معدل التضخم الأساسى فى مصر لا زال مرتفعا وإن كان قد اتخذ مسارا هبوطيا منذ نحو 5 أشهر، ومن ثم كان البنك المركزى أكثر تحوطًا فى قرار خفض أسعار الفائدة، خوفا من معاودة التضخم الارتفاع مجددًا، خاصة وأن التوترات الجيوسياسية فى المنطقة قد تلقى بتبعات سلبية على الاقتصاد المصرى.

وسجل معدل التضخم الأساسى %22.6 فى يناير 2025 مقابل %23.2 فى ديسمبر 2024، وعلى أساس سنوي؛ وذلك للمرة الخامسة على التوالى.

كما سجل معدل التضخم العام للحضر %24.0 فى يناير الماضى مقابل %24.1 فى ديسمبر 2024، على أساس سنوى.

وقالت لجنة السياسة النقدية فى بيانها عقب تثبيت أسعار الفائدة: وبالنسبة للتضخم السنوى، فقد تراجعت وتيرة تباطؤه خلال النصف الثانى من عام 2024 مقارنة مع النصف الأول من ذات العام ليستقر عند %24.0 فى يناير الماضى، وبالمثل، ظل المعدل السنوى للتضخم الأساسى مستقرا بشكل عام خلال الربع الرابع من عام 2024، إذ بلغ %22.6 فى يناير 2025.

سعر الصرف والأموال الساخنة

وأشارت إلى أن سعر الصرف قد لا يتأثر سلبًا على المدى القصير حتى فى حال تخفيض أسعار الفائدة مستقبلًا، موضحة أن سعر الدولار فى العقود الآجلة والذى اقترب حاليا من مستوى الـ 59 جنيها لا يعنى أن الدولار سيصل إلى هذا المستوى، وإنما هناك نحو %9 زيادة تضاف على سعر الصرف الحالى كنوع من التحوط.

وذكرت أن مسألة الأموال الساخنة أو استثمارات الأجانب فى أدوات الدين قصيرة الأجل قد لا تتأثر إذا انخفضت أسعار الفائدة، بمعنى أن السيناريو الماضى لن يتكرر مرة أخرى، خاصة وأن الحكومة وعت الدرس جيدًا، وبالتالى لا يتم توظيف هذه الأموال إلا لتمويل الاحتياجات قصيرة الأجل.

وتراجعت استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة إلى 1.765 تريليون جنيه (بما يعادل 36.714 مليار دولار) مقابل 1.772 تريليون جنيه بنهاية مايو 2024 (بما يعادل 37.45 مليار دولار)، لتتراجع بنحو 736 مليون دولار خلال شهر واحد، بحسب بيانات صادرة عن «المركزى».

التأثير على مجتمع الأعمال

من جانبه، أكد محمد عبد المنعم الخبير المصرفى أنه من غير المرجح أن يكون للجوء لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأخير عند مستوياتها الحالية دون تغيير تأثير يذكر على مجتمع الأعمال.

وأوضح أن قرار البنك المركزى المصرى جاء مدفوعا بالتحوط أكثر من غيره من التوجهات الأخرى، لا سيما فى ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، واستمرار معدلات التضخم على تراجع، ولكن هذا التراجع يظل بوتيرة أقل، وبالتالى تحوط البنك المركزى وقرر الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة دون التوجه إلى البدء فى دورة تيسير نقدى فى الوقت الراهن.

وأشار إلى أنه وإن كانت الفائدة على الاقتراض مرتفعة فى الوقت الراهن، فإن تأثير ارتفاع سعر "الكوريدور" سيظل محدودًا، خاصة وأن الشركات التى تقترض هى تلك التى لديها الملاءة المالية التى تؤهلها للاقتراض المصرفى حتى وإن ظلت الفائدة مرتفعة.

وذكر أن نسبة الشركات التى تسعى إلى الحصول على اقتراض جديد من البنوك ستظل محدودة مقارنة بتلك التى لديها خطوط ائتمان مع القطاع المصرفى، ومن ثم فإن سعر الفائدة المرتفع سيظل ذى أثر محدود على نسب التوظيف (نسبة القروض للودائع).

وألمح إلى أن مسألة الأموال الساخنة (استثمار الأجانب فى أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل) ستظل عاملًا حاسمًا هى الأخرى فى قرار أسعار الفائدة، وبالتالى فإن الحفاظ على هذه التدفقات واستمراريتها مسألة مهمة، خاصة وأنها أحد الموارد الدولارية التى يتم استخدامها فى أغراض محددة.

وأوضح أن سعر الصرف لا زال مستقرا فى الوقت الراهن، وهو ما يعنى أن تحركات البنك المركزى على صعيد أسعار الفائدة قد لا تؤثر كثيرًا على موقف العملة المحلية لا سيما إذا توافرت تدفقات دولارية عززت موقفها أمام الدولار.

وأكد أن موضوع أسعار الفائدة، سواءً بالتخفيض أو التثبيت، مرتكز فى المقام الأول على فكرة التوقيت، مشددًا على أن التوقيت هنا مسألة حاسمة، وربما كان هو العامل الأكثر حسمًا فيما يتعلق بقرار لجنة السياسة النقدية فى الاجتماع الماضى.