التضخم يتراجع بحذر.. والعوامل الخارجية تحدد مساره خلال 2025

Ad

توقع مصرفيون أن يشهد التضخم فى مصر انخفاضًا تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، لكن بوتيرة بطيئة، مدفوعًا بتشديد السياسة النقدية التى يتبعها البنك المركزى، مثل رفع أسعار الفائدة والتحكم فى المعروض النقدى.

وأفادوا بأن تأثير هذه السياسة يحتاج إلى وقت طويل لظهور نتائجه الكاملة، خاصة فى ظل استمرار الضغوط التضخمية المحلية والعالمية، مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتكاليف الطاقة، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية التى تؤثر على سلاسل التوريد وتكاليف الشحن.

وتوقعوا أن يصل معدل التضخم خلال عام 2025 بين 15 و%20، مع استقرار سعر الصرف عند مستويات تتراوح بين 49 إلى 51 جنيها للدولار، ومع ذلك، ستظل هناك تحديات تضغط على الأسعار، مثل زيادة الطلب خلال شهر رمضان والتباطؤ الاقتصادى العالمى المتوقع، مما قد يؤثر على تدفقات رءوس الأموال وسعر الصرف، وفى المقابل، تعمل الحكومة على دعم الإنتاج المحلى وترشيد الإنفاق لمواجهة هذه التحديات، مع رفع الحد الأدنى للأجور لدعم القوة الشرائية للمواطنين.

وفى بيان سابق للبنك المركزى، توقع أن يشهد التضخم العام تراجعا ملحوظا خلال الربع الأول من عام 2025 مدفوعا بالتأثير التراكمى للتشديد النقدى والأثر الإيجابى لفترة الأساس، وسوف يستمر هذا المسار النزولى ولكن بوتيرة أبطأ بالنظر إلى التأثير المتوقع لإجراءات ضبط المالية العامة، وعليه، من المتوقع أن تقترب معدلات التضخم الشهرية من مستوياتها التاريخية على المدى المتوسط، مما يشير إلى تحسن توقعاته.

وتباينت وجهات النظر حول معدلات التضخم فى مصر لعام 2025، حيث رأى هشام عز العرب، الرئيس التنفيذى للبنك التجارى الدولى وفق تصريحات صحفية أن التضخم سيصل إلى %13، بينما توقع محمد على، رئيس مصرف أبو ظبى الإسلامى خلال مؤتمر صحفى لعرض نتائج أعمال البنك أن يصل إلى %14 فيما توقع محمد جاد، رئيس بنك "ستاندرد تشارترد" - فى تصريحات لـ"المال" - أن التضخم سيصل إلى %21.

وقال الدكتور حازم وجدى زيدان، الخبير المصرفى، إن التوقعات الأقرب للتحقق هى تلك التى وردت فى بيان البنك المركزى الأخير بشأن تثبيت سعر الفائدة، حيث يتوقع أن يشهد التضخم انخفاضًا تدريجيًا فى الأشهر المقبلة ولكن بوتيرة بطيئة.

وأوضح أن السبب فى ذلك هو أن السياسات النقدية التى اعتمدها البنك المركزى بدأت تؤتى ثمارها، ولكن تأثيرها يحتاج إلى وقت طويل للظهور بشكل كامل، خاصة أن العوامل الأخرى مثل أسعار السلع الأساسية وضغوط الطلب ما زالت مستمرة.

ولفت إلى أن توقعات رئيس البنك التجارى الدولى بشأن التضخم (%13) ورئيس مصرف أبوظبى الإسلامى (%14) يمكن أن تكون واقعية إذا حدث تراجع ملحوظ فى الأسعار العالمية للسلع الأساسية واستمرار التشديد النقدى بشكل قوى، ولكن فى ظل الظروف الحالية، من غير المتوقع أن يتراجع بشكل حاد فى الفترة القصيرة المقبلة.

وبالنسبة لتوقع "ستاندرد تشارترد" %21، أفاد بأنه يعد الأكثر تفاؤلاً فى ظل الظروف الحالية، حيث يعكس القلق من استمرار الضغوط التضخمية العالمية والمحلية، لكن على الرغم من أنه قد يتحقق فى حالة حدوث صدمات إضافية فى الاقتصاد، فإن البنك المركزى سيستمر فى استخدام أدواته لتقليص التضخم.

وأوضح أن العوامل التى تؤثر على التضخم هي؛ الركود التضخمى (Stagflation)، حيث يعتبر الاقتصاد المصرى فى مرحلة تشهد فيها الضغوط التضخمية المرتبطة بارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والطاقة، مما يعنى أن معدلاته يمكن أن تستمر فى الارتفاع إذا استمر الطلب فى الصعود وقل العرض نتيجة لمشكلات فى سلاسل التوريد، أو زيادة فى تكاليف الإنتاج.

وتابع أنه من خلال قرارات البنك المركزى، تمت زيادة أسعار الفائدة فى الفترة الماضية بشكل تدريجى لتقليص التضخم، وهذه السياسة النقدية أثرت فى تقليص الإنفاق العام والطلب، ولكن يمكن أن يستغرق التأثير الكامل لها وقتًا أطول.

ووفقًا لبيان سابق للبنك المركزى، فإن التضخم السنوى، تراجعت وتيرة تباطؤه خلال النصف الثانى من 2024 مقارنة مع النصف الأول من العام ذاته ليستقر عند %24.0 فى يناير الماضى.

وشدد على أنه فى البيان الصادر عن البنك المركزى، تم الحديث عن "التأثير التراكمى للتشديد النقدي" وهذا يشير إلى أنه شدد السياسة النقدية لعدة أشهر، مما قد يقلل من السيولة النقدية فى السوق، وبالتالى يحد من التضخم على المدى البعيد، لكن هناك نقطة مهمة فى هذا السياق وهى أن تأثير هذه السياسات لا يحدث فجأة، بل يحتاج وقتًا أطول للتأثير على المؤشرات الاقتصادية مثل التضخم.

وأوضح أن الاقتصاد المصرى يتأثر أيضًا بأسعار الفائدة العالمية، وأسعار المواد الخام مثل النفط، واحتياجات السوق العالمية، وارتفاع أسعار الطاقة عالميًا أو تغيرات فى معدلات الفائدة الأمريكية يمكن أن يكون لها تأثير سلبى على التضخم المحلى.

ورأى الدكتور عز الدين حسانين، الخبير المصرفى أن توقعات البنك المركزى هى الأقرب للواقع حيث إن انخفاض التضخم سيكون بوتيرة أبطأ من التوقعات الحالية.

وتعود الأسباب من وجهة نظره إلى استمرار وتيرة العمليات العسكرية فى الجبهة الشرقية وتوترات البحر الأحمر ما زالت قائمة، ولها أثر سلبى على تكاليف الشحن والتأمين البحرى وبالتالى أسعار البضائع.

وأفاد أيضًا بأن الحكومة وضعت حدا أدنى للراتب بالقطاع الخاص يصل إلى 7000 جنيه، واستمرار الإجراءات الاحترازية للبنك المركزى ووزارة المالية، والحرب التجارية التى بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية على العديد من دول العالم وتأثيرها السلبى على جميع السلع المستوردة من الخامات والسلع الوسيطة والتامة، إلى جانب التباطؤ الاقتصادى العالمى المتوقع خلال 2025 وما يتبعه من خروج الأموال الساخنة من منطقة الشرق الأوسط وتأثرها السلبى المتوقع على سعر الصرف وبالتالى معدلات التضخم.

ورأى أن التضخم سيأخذ مسارا نزوليا بحذر وقد يصل إلى مستويات من 15 إلى %18 خلال عام 2025، إذا ما استقر سعر الصرف عند مستويات من 49 إلى 51 جنيها لكل دولار، وستقل فرص الخفض إلى المستويات السابقة مع ارتفاع سعر الصرف وظهور أثر الحرب التجارية الأمريكية مع بعض دول العالم وخاصة الأوروبية والصين.

وتوقع أحمد عادل أبو الخير، الخبير المصرفى، أن يتراوح معدل التضخم فى مصر خلال عام 2025 بين 16 و%20 مع تحقق التأثير التراكمى لقرارات التشديد النقدى والأثر الإيجابى لفترة الأساس، حيث يتوقع أن تساهم السياسات النقدية والمالية التى تتبعها الحكومة فى خفض معدلاته تدريجيًا وأن تساهم توقعات استقرار سعر صرف الجنيه فى دعم هذا التوجه.

وبالرغم من ذلك لا تزال هناك بعض العوامل التى قد تضغط على معدلات التضخم، مثل أسعار السلع العالمية والظروف الاقتصادية العالمية، وأيضا شهر رمضان حيث من المتوقع أن تزيد أسعار السلع الغذائية نتيجة زيادة الطلب عليها خلال هذه الفترة، وفقًا للخبير المصرفى.

وتوقع أيضا أن تساهم الإجراءات التى تم اتخاذها بشأن رفع الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص بنحو %17، ليصل إلى 7000 جنيه بدلًا من 6000 فى دعم النشاط الاستهلاكى، الذى تأثر بشدة مع تحرير سعر الصرف، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذى عادةً ما يشهد زيادة فى الإنفاق الاستهلاكى ويشكل ضغطًا إضافيًا على الأسعار.

وعدد الخبير المصرفى الأسباب التى أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم فى مصر خلال الفترة الماضية و منها ارتفاع أسعار السلع العالمية حيث تعتمد مصر بشكل كبير على استيرادها، وبالتالى فإن ارتفاعها فى الأسواق العالمية انعكس على الأسعار المحلية، أو انخفاض قيمة الجنيه حيث يؤدى إلى زيادة تكلفة استيراد السلع، مما يرفع الأسعار المحلية.

وأكد أن الحكومة والبنك المركزى المصرى يتخذان عدة إجراءات لمكافحة التضخم، منها سياسة نقدية تهدف إلى التحكم فى المعروض النقدى ورفع أسعار الفائدة لكبح هذا التضخم، كما تتخذ سياسات مالية تهدف إلى ترشيد الإنفاق الحكومى وتقليل العجز فى الموازنة العامة، كما تعمل أيضا على زيادة الإنتاج المحلى من السلع الأساسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

أبو الخير: زيادة الطلب فى رمضان ترفع أسعار السلع الغذائية.. وتضغط على معدلاته

زيدان: قد ينخفض إلى 13 أو %14

حسانين: «المركزي» يواصل الإجراءات الاحترازية