طرح «بنيان» يعيد تشكيل مشهد الاستثمار العقارى فى البورصة

Ad

تشهد السوق المالية تطورًا جديدا مع اقتراب طرح شركة “بنيان” التى تقدم نموذجًا استثماريًا جديدًا يركز على إدارة الأصول العقارية وتأجيرها بدلًا من التطوير التقليدى، ويثير هذا الطرح اهتمام المستثمرين والمحللين، خاصة مع النجاحات التى حققتها الشركة فى العقارات الإدارية والتجارية.

ويأتى إدراج “بنيان” فى وقت تتجه فيه الهيئة العامة للرقابة المالية نحو تسهيل إنشاء صناديق الاستثمار العقارى، مما قد يفتح الباب أمام تحولات إستراتيجية فى القطاع، فهل يكون هذا الطرح بداية لانتشار نماذج مماثلة فى السوق المصرية؟ وكيف سيؤثر على حركة التداول والسيولة فى البورصة؟.

وقال محمد منصور، مدير قطاع التطوير بشركة ثمار لتداول الأوراق المالية، إن السوق المصرية تتميز بتنوع كبير مقارنة مع الأسواق العربية الأخرى، حتى فى فترات ضعفها، حيث يظل هذا التنوع عنصرًا فريدًا يميزها عن المنافسين فى المنطقة.

وأشار إلى أن السنوات القليلة الماضية شهدت إدراج نماذج أعمال متنوعة فى السوق، مما ساهم فى إثراء نوعية الأسهم والشركات المقيدة.

وأضاف أن شركة “بنيان” تمثل نموذجًا مختلفًا عن الشركات العقارية التقليدية المقيدة فى البورصة، إذ يعتمد نشاطها على الاستحواذ على العقارات القائمة وتحصيل القيم الإيجارية، بدلاً من التركيز على التطوير العقارى أو إدارة عقارات قديمة ذات إيجارات تاريخية، كما هو الحال فى مناطق مثل وسط القاهرة ومصر الجديدة.

وأوضح أن القيمة الحقيقية لهذا النوع من الشركات تتجلى على المدى الطويل، إذ تتراكم القيمة الجوهرية من خلال نمو قيمة الأصول المملوكة، بينما توفر التدفقات النقدية الإيجارية سيولة قصيرة الأجل.

وأكد أن مدى إقبال المستثمرين على الاكتتاب سيعتمد بشكل أساسى على تسعير الطرح والإجراءات التى يتخذها مدير الطرح لحماية المشاركين فى الشريحة العامة.

وأشار إلى أن هذا النموذج يشبه إلى حد كبير تجربة شركة “إميرالد” للاستثمار العقارى، التى كانت مدرجة فى البورصة لفترة قبل أن تخرج منها لاحقًا، حيث كان نشاطها يعتمد على تحصيل الإيجارات من بعض المبانى والمراكز التجارية.

وقال ياسر عمارة رئيس مجلس الإدارة بشركة «إيجل» للاستثمارات إن “بنيان” من المتوقع أن تلقى إقبالًا كبيرًا، نظرًا لتركّز نموذج أعمالها على العقارات الإدارية، إلى جانب الخبرة الواسعة لمؤسسيها والنجاحات التى حققتها خلال السنوات الماضية، مما يجعلها محل ثقة فى السوق.

وأضاف أن الشركة ستستفيد من التعديلات الأخيرة التى أجرتها الرقابة المالية، والتى تسهّل إنشاء صناديق الاستثمار العقارى، مما يتيح لها فرصة التحول إلى صندوق استثمار عقارى إدارى متخصص.

وأوضح أن سابقة أعمال “بنيان” فى إدارة المشروعات الإدارية والتجارية العقارية تعزز من جاذبيتها، خاصة فى ظل النجاحات الكبيرة التى حققتها تلك المشروعات.

من جهته، قال مصطفى شفيع، رئيس قسم التحليل المالى بشركة عربية أون لاين، إن نموذج الأعمال الخاص بشركة “بنيان” يختلف عن الشركات العقارية التقليدية، حيث إنها ليست مطورًا عقاريًا بل تعمل فى مجال الاستثمار العقارى.

وأضاف “شفيع” أن محفظة أعمال بنيان تشمل العديد من المشروعات فى العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والعين السخنة، والبحر الأحمر، ومدينة الشيخ زايد، والمنصورة الجديدة وغيرها من المناطق، كما تقوم الشركة بالتسويق لمشروعات عقارية كبرى، مثل مشروع مكادى هايتس المملوك لشركة أوراسكوم للتنمية.

وأشار إلى أن نموذج عمل “بنيان” يمثل أحد أذرع القطاع العقارى، حيث يعتمد بشكل كبير على حالة السوق العقارية ومدى انتعاشه، موضحًا أن الاستثمار العقارى لا يحقق نجاحًا إلا فى ظل نشاط السوق الأساسية وانتعاش الطلب على العقارات.

وعن إمكانية طرح شركات أخرى بنفس النموذج، أوضح “شفيع” أن ذلك وارد ولكن بعدد محدود، نظرًا لأن أغلب شركات الاستثمار العقارى فى مصر إما شركات صغيرة أو مملوكة لأفراد، ولا تمتلك رأس المال الكبير الذى يسمح لها بدخول السوق بهذا الحجم.

وأكد أن السوق العقارية المصرية قد تشهد طرح شركة أو اثنتين بنفس النموذج، لكنه لا يتوقع وجود عدد كبير من الطروحات، نظرًا لطبيعة القطاع وخصائص الشركات العاملة فيه.

من جهته، قال سامح هلال، العضو المنتدب لشركة الهلال لتداول الأوراق المالية، إن “بنيان” تُعد أول شركة استثمار عقارى فى السوق المحلية تعمل بنظام إدارة الأصول، حيث تقوم بتأجير العقارات للشركات بدلاً من بيعها، موضحًا أنها تعتمد على نموذج استثمارى يهدف إلى تحقيق عوائد مستدامة من خلال تأجير المبانى الإدارية والتجارية.

وأكد “هلال” أن هذا النموذج منتشر فى بعض الدول العربية، لكنه يُنفَّذ غالبًا من خلال أفراد وليس شركات، موضحًا أن بعض المستثمرين فى المنطقة كانوا يعتمدون على تأجير المبانى بالكامل ثم إعادة تأجيرها لتحقيق أرباح أكبر، مثلما كان يفعل بعض المستثمرين فى مصر، حيث كانوا يستحوذون على عقارات بالكامل ويعيدون تأجيرها مقابل مبالغ أكبر، مستفيدين من تأجيرها لمجتمعاتهم الخاصة أو بأسعار مدعومة بالدولار.

وأشار إلى أن هذا النموذج ليس جديدًا تمامًا، إذ إنه يُطبَّق فى القطاع السياحى منذ فترة طويلة، حيث تقوم بعض شركات السياحة بتأجير وحدات فى القرى السياحية وإعادة تأجيرها للسياح سواء محليًا أو أجنبيًا، لكنه يُعد مستحدثًا فى السوق المصرية كنشاط إدارى وتجارى.

وأوضح أن طبيعة هذا النشاط لا تتعلق بالسكن، بل تركز على تأجير وإدارة الأصول العقارية للشركات، مما يجعله أحد الأشكال الحديثة للاستثمار العقارى.

وشدد “هلال” على أن الخطوات الأولى لأى استثمار تحمل دائمًا بعض المخاطر، لكن كونهم السبّاقين فى تبنى هذه الفكرة يمنحهم ميزة تنافسية، متوقعًا أن تحقق الشركة مردودًا إيجابيًا فى السوق المصرية.

وأكد أن النجاح الذى ستحققه الشركة فى هذا المجال قد يشجع كيانات أخرى على اتباع النهج نفسه، مما قد يؤدى إلى انتشار هذا النموذج الاستثمارى بشكل أوسع فى المستقبل.

من جهته، قال عمرو البدرى رئيس قطاع التطوير بشركة ميراج لتداول الأوراق المالية، إن الطرح الجديد يُعد خطوة ممتازة، حيث يخص نوعية مختلفة تمامًا من الشركات، لا سيما شركات المقاولات، التى ستضيف تخصصات جديدة إلى أنشطتها.

وأضاف أن هذا الاتجاه سيؤدى إلى ظهور العديد من الشركات المشابهة خلال الفترة المقبلة، مما يعزز من تنوع السوق المالية.

وأوضح “البدري” أن هذا الطرح يمثل إضافة إيجابية لسوق البورصة، إذ يساهم فى زيادة السيولة وتعزيز التداولات، لكنه شدد على أهمية تحديد موعد بدء التداول الرسمى للشركة فى السوق.

وأشار إلى أن هناك عدة احتمالات لموعد بدء التداول، فقد يتم ذلك إما فى الربع الأخير من العام، ربما فى أغسطس أو سبتمبر، أو خلال النصف الثانى من السنة، كما قد يكون هناك احتمال آخر لطرحه فى أواخر فبراير قبل حلول شهر رمضان، موضحًا أن الموعد النهائى لم يُحدد بعد.

وأكد أن هناك اهتمامًا كبيرًا من المستثمرين بطرح هذه الشركة، نظرًا لكونها تضيف أنشطة جديدة إلى قطاع المقاولات، متوقعًا أن يساهم هذا النموذج فى تحفيز المزيد من الشركات على اتباع نفس النهج خلال الفترات المقبلة.

منصور:  نموذج مختلف عن المطور التقليدى

عمارة: خبرة مؤسسى الكيان تعزز ثقة المستثمرين

شفيع: النجاح مرتبط بانتعاش التداولات

البدرى: توقيت التنفيذ يحدد فرص نجاحه