Ad

من المتوقع أن يكون لتخفيض أسعار الفائدة المحتمل ابتداءً من اجتماع البنك المركزى اليوم الخميس وحتى نهاية العام تأثيرات متفاوتة على أرباح وإيرادات البنوك، وذلك حسب مستوى التخفيض الذى يمكن أن تجريه لجنة السياسة النقدية، وفقًا لخبيرين مصرفيين تحدثا لـ “المال”.

وقال الخبيران إن البنوك ستنتهج عددًا من السيناريوهات البديلة، أبرزها التوسع فى الإقراض ومنح الائتمان، فضلًا عن تكثيف عملها فى مصادر جلب الإيرادات، مثل المساهمة فى القروض المشتركة وخلافه.

أسعار الفائدة

أوضح محمد عبد المنعم الخبير المصرفى أن مستوى الضغط على إيرادات وأرباح البنوك نتيجة تحول البنك المركزى المصرى إلى دورة تيسير نقدى والبدء فى خفض أسعار الفائدة سيظل مرتهنًا بحجم الخفض الذى يمكن أن يجريه «المركزي» على سعر الكوريدور.

عبد المنعم: الخفض الكبير يدفع شريحة من العملاء إلى ملاذات أخرى

وأضاف أنه من المتوقع أن يعمد البنك المركزى إلى تخفيض أسعار الفائدة بوتيرة خفيفة، أى أن الخفض قد لا يكون بنفس المستوى الذى رُفع به سعر الكوريدرو، وبالتالى سيكون التأثير على إيرادات وأرباح البنوك طفيفًا فى الأمد المنظور.

وكان البنك المركزى المصرى قد رفع أسعار الفائدة خلال العام الماضى بواقع 800 نقطة أساس خلال اجتماعين مختلفين للجنة السياسة النقدية (200 نقطة فى فبراير 2024 ثم 600 نقطة أخرى فى مارس من العام ذاته) ثم آسر الإبقاء على معدلات الفائدة عند مستوى %27.25، %28.25 فى بقية الاجتماعات التالية.

وأشار الخبير المصرفى إلى أنه فى حالة حدوث خفض كبير فى أسعار الفائدة فقد تتجه شريحة من العملاء إلى ملاذات أخرى أكثر جلبًا للأموال على رأسها الاستثمارات المباشرة وسوق الأوراق المالية.

وأوضح أنه على الرغم من ذلك فستظل شريحة أخرى من العملاء وفيّة للتعامل المصرفى سواءً تعلق الأمر بالشهادات والأوعية الادخارية التقليدية وهى تلك الشريحة التى لا ترغب فى خوض أى قدر من المخاطرة.

المحافظ الاستثمارية

أشار «عبد المنعم» إلى أنه فى حال تراجع العوائد على أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل (أذون الخزانة) فقد تدرس البنوك إعادة هيكلة محافظها الاستثمارية من جديد، لا سيما وأن أكثر من %50 من هذه المحافظ موجه للاستثمار فى أدوات الدين قصيرة الأجل.

وكان العائد على أدوات الدين قصيرة الأجل قد وصل، مع نهاية العام الماضي، إلى مستويات تاريخية لم يصلها من قبل، وذلك على أغلب الآجال، وقد تتراجع مجددًا بنسب مختلفة، لتتراوح حاليًا بين %25 و%27 على اختلاف الآجال.

وذكر أن البنوك ربما تتوسع مرة ثانية فى ممارسة عملها المصرفى التقليدى وهو منح الائتمان، مشددًا على أن هذه المسألة لن تتم هكذا من دون دراسة ووضع معايير واشتراطات محددة.

وأكد أن القطاع العائلى وكذلك قطاع التجزئة من بين القطاعات التى ستشهد انتعاشًا قويًا مع انحسار أسعار الفائدة وتراجع تكلفة الاقتراض، فيما ستكون قطاعات مثل الصناعة والسياحة على أجندة الائتمان المصرفي.

الاستراتيجية الأفضل

ذكر «عبد المنعم» أن البنك المركزى لن يخفض أسعار الفائدة بنفس الوتيرة التى رفعها بها، وإنما سيفعل ذلك بشكل تدريجي، حتى يمكن الوصول بها إلى مستوى بها الـ %22 مع نهاية العام الجاري.

وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية قد تكون هى الأفضل لا سيما فى ظل الكثير من التحديات والتوترات الجيوسياسية فى المنطقة والعالم، وهو الأمر الذى قد يدفع البنك المركزى إلى التحوط فى إجراء أى خفض عنيف على أسعار الفائدة.

وتأتى توقعات الخبير المصرفى خلافًا لتوقعات بنك جولدمان ساكس الذى رجح، فى تقرير له عن مصر، أن يعمد البنك المركزى المصرى إلى إجراء تخفيضات موسعة على أسعار الفائدة لتصل إلى مستوى %13 بنهاية 2025 نزولًا من مستوى %27.25 حاليًا.

ورجح 10 من الخبراء والمحللين المصرفيين أن تلجأ لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزى المصرى خلال اجتماع اليوم إلى خفض خفيف لأسعار الفائدة يتراوح بين %1 إلى %2 لا سيما وأن هناك الكثير من المحفزات التى تمنح صانع السياسة النقدية الفرصة للبدء فى دورة تيسير نقدي.

وأضافوا فى تصريحات سابقة لـ «المال» أن تراجع معدلات التضخم، واستقرار سعر الصرف، كلها إشارات تعنى أن الفرصة باتت مواتية لخفض أسعار الفائدة، خاصة وأن سعر الاقتراض المرتفع من شأنه تعطيل النمو الاقتصادى وإصابة الأسواق بالشلل.

هوامش الإقراض

من جانبه، ذكر محمد البيه الخبير المصرفى أن تخفيض سعر الكوريدور من قبل البنك المركزى سيؤدى فى نهاية المطاف إلى تراجع العائد على الإقراض والإيداع كذلك، وهو الأمر الذى قد يحدث نوعًا من الموازنة.

البيه: تراجع الكورويدور سيفتح شهية الأفراد والمؤسسات للاقتراض

وأوضح أنه فى حال اتجاه البنك المركزى المصرى إلى تخفيض أسعار الفائدة والبدء فى دورة تيسير نقدي، فقد نرى تأثرًا فى هوامش أرباح وإيرادات البنوك ليس كقيمة وكنسبة، لافتًا إلى أن الشهادات والأوعية الادخارية ذات العوائد الثابتة ستظل مشكلة للبنوك (فى حال تخفيض أسعار الفائدة) ولكن لمدة زمنية محددة، أما الأخرى ذات العوائد المتغيرة فتلك مرتهنة بمعدل الفائدة لدى البنك المركزي، ومن ثم لا تحدث أية ضغوط على الإيرادات والأرباح.

أرباح البنوك

وفى السياق ذاته، أكد الخبير المصرفى محمد البيه أن أرباح البنوك لن تتراجع فى الأمد، على الأقل، فى حال تخفيض أسعار الفائدة وتراجع العوائد على أذون الخزانة، معللًا رأيه بكون البنوك تلجأ عادة إلى موازنة أصولها، وتجنب خطر التركز فى أصل واحد من الأصول.

ولفت إلى أن البنوك قد تعمل، فى حال تراجع سعر الكورويدور، على التوسع فى الإقراض، وهو الأمر الذى يساعد على تعزيز قاعدة عملائها من جهة، ويمكّنها من الحصول على عوائد جيدة من خلال عمليات الإقراض، لا سيما وأن الفائدة المنخفضة ستفتح شهية الأفراد والمؤسسات على الاقتراض من البنوك.

وذكر أن القروض الدولارية تدر على البنوك عوائد جيدة بالعملة الأجنبية تعوضها عن تراجع أسعار الفائدة محليًا، ناهيك عن تلك العمولات الأخرى التى تحصل عليها من خلال المشاركة فى القروض المشتركة أو غيرها من العمليات.