كشفت أميرة رفاعى المديرة التنفيذية لصندوق “عطاء” الاستثمارى التطوعى، عن دراسة جارية لتقديم دعم شامل للمؤسسات المعنية برعاية ذوى الإعاقة، بالتنسيق مع مؤسسة “سندة”.
وأوضحت فى تصريحات خاص لـ “المال” أن المبادرة تأتى استجابة للحاجة الملحة لتحسين أوضاع هذه الدور، التى يصل عددها إلى 84 على مستوى الجمهورية.
وأوضحت أميرة أن هذه المؤسسات تستوعب فئات مختلفة من ذوى الإعاقة، بما يشمل الإعاقات الذهنية، البصرية، والسمعية، مع التركيز الأكبر على دعم ذوى الإعاقات الذهنية، نظرًا لاحتياجاتهم الخاصة.
ويعد صندوق “عطاء” أول صندوق استثمارى خيرى فى مصر، يخضع لإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، ويعمل منذ أكثر من أربع سنوات، حيث تمكن خلال هذه الفترة من الوصول إلى أكثر من 13 ألف مستفيد.
وتعتمد آلية عمل الصندوق على تنفيذ المشروعات من خلال الجمعيات الأهلية، وليس عبر تقديم الخدمات المباشرة، حيث موّل الصندوق أكثر من 28 مشروعًا، بالتعاون مع 17 شريكًا رئيسيًا وأكثر من 65 جمعية قاعدية.
وأشارت رفاعى إلى أن “عطاء” يعمل على دراسة الوضع بالتفصيل، بالتعاون مع مؤسسة “سندة”، التى تمتلك خبرة واسعة فى مجال مؤسسات الرعاية، وذلك لضمان تقديم أفضل أشكال الدعم الممكنة.
وأضافت أن العام الجارى سيشهد الإعلان عن شراكة قوية بين الجهتين، إلى جانب جهات متخصصة أخرى فى مجال الإعاقة، بهدف تطوير مستوى الخدمات المقدمة داخل مؤسسات الرعاية، وتعزيز كفاءتها.
وأكدت أن آليات الدعم ستتم وفق نهج مرحلي، بناءً على حجم التدخلات المطلوبة، حيث ستحدد الدراسات الحالية طبيعة هذه التدخلات وآليات تنفيذها، بما يحقق أكبر استفادة ممكنة لذوى الإعاقة والمجتمع المحيط بهم.
وأوضحت رفاعى أن جهود الصندوق لا تقتصر على دعم الأفراد ذوى الإعاقة فقط، بل تمتد إلى تطوير البيئة المحيطة بهم، حيث تم العمل على تحسين 160 مدرسة حكومية، حصل نصفها بالفعل على خدمات متكاملة، فيما يجرى تهيئة النصف الآخر لاستيعاب الأطفال ذوى الإعاقة، كما تم دعم أكثر من 65 وحدة مجتمعية فى المناطق المحرومة، مما ساهم فى توسيع نطاق الخدمات إلى 300 قرية.
وشددت على أن الاهتمام بقضايا الإعاقة يتطلب جهودًا متواصلة، مشيرة إلى أن الأرقام الحالية رغم أهميتها لا تزال مجرد بداية لمسار طويل من العمل والتطوير، يهدف إلى تغيير النظرة المجتمعية لقضية الإعاقة، وتحويلها من مجرد قضية خيرية إلى قضية تنموية تهدف إلى تحقيق الاستقلالية الكاملة ودمج ذوى الإعاقة فى المجتمع بشكل متساوٍ مع غيرهم.
وأضافت أن هناك جهودًا تُبذل لضمان تقديم الدعم المناسب للأطفال ذوى الإعاقة، سواء داخل دور الرعاية أو عبر دعم الأسر لتمكينها من رعاية أبنائها، لمنع دخولهم إلى المؤسسات الإيوائية، خاصة أن تربية الأطفال فى بيئة أسرية تظل الأفضل لنموهم وتطورهم.
وأشارت إلى أن الصندوق يعمل على إعادة إحياء مفهوم الوقف الخيرى الاستثماري، حيث يُتاح للأفراد والشركات شراء وثائق استثمارية فى الصندوق، تُستثمر فى مجالات متنوعة وفق ضوابط محددة، ليتم تخصيص العائد منها لدعم ملف الإعاقة.
واختتمت رفاعى حديثها بالتأكيد على أن الصندوق يركز على ثلاثة محاور رئيسية، تشمل توفير الفرص التعليمية لذوى الإعاقة، دعم التمكين الاقتصادى لهم، وتنفيذ برامج إعادة التأهيل المجتمعى (CBR) فى المناطق المحرومة، عبر إنشاء وحدات تقدم خدمات أساسية لهم على مستوى القرى، بما يضمن لهم حياة أكثر استقلالية وإدماجًا فى المجتمع.
فى سياق متصل سلطت ياسمين الحاجرى المدير التنفيذى لجمعية سند للرعاية الوالدية البديلة، الضوء على التعاون بين “عطاء” و”سندة” باعتباره نموذجًا للتكامل بين المؤسسات فى دعم الشباب فاقدى الرعاية الوالدية.
ويهدف هذا التعاون إلى تقديم دعم شامل يشمل التمكين الاقتصادي، الإرشاد المهني، وتعزيز الوعى المالي، لضمان انتقال سلس ومستدام لهؤلاء الشباب نحو الاستقلالية والاستقرار.
وأكدت على ضرورة تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدنى والإعلام، لضمان حصول فاقدى الرعاية الوالدية على الفرص العادلة التى تمكنهم من الاندماج فى المجتمع والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة.
ونوهت الحاجرى على أهمية تطوير المعايير الخاصة بجودة الرعاية المقدمة للأطفال والشباب فاقدى الرعاية الأسرية، سواء داخل مؤسسات الرعاية أو فى مرحلة ما بعد التخرج.
جدير بالذكر أن جمعية سندة تعمل منذ عام 2008 تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، وتسعى إلى بناء قدرات العاملين فى القطاع، سواء فى الجهات الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تعزيز إنتاج المعرفة العربية فى هذا المجال الذى يعانى من نقص فى المحتوى المتخصص.
وأشارت الحاجرى إلى أن أحد التحديات الأساسية التى تواجه منظومة الرعاية الوالدية البديلة هو غياب التركيز على هذه الفئة فى خطط وبرامج التنمية المستدامة، لاسيما فى مجالات التمكين الاقتصادى والشمول المالى والصحة النفسية.
وأضافت أنه على الرغم من الاهتمام الكبير بالتمكين الاقتصادى والشمول المالى فى القطاع المصرفي، إلا أن هناك فجوة واضحة فى استهداف فاقدى الرعاية الوالدية، سواء من حيث تأهيلهم لسوق العمل أو دعمهم فى مرحلة ما بعد سن 18.
كما لفتت إلى التحديات التى تواجه خريجى دور الرعاية عند التقدم للوظائف، حيث يعانون من التمييز غير المباشر بسبب خلفيتهم، مشيرة إلى قصص حقيقية لشباب تم رفضهم عند معرفة أنهم نشأوا فى مؤسسات الرعاية.
التعاون مع القطاع المصرفى وشراكات النجاح
وفى إطار الجهود المبذولة لسد هذه الفجوة، أكدت الحاجرى أهمية الشراكات مع القطاع المصرفي، حيث نجحت الجمعية فى تنفيذ عدد من البرامج الناجحة بالتعاون مع بنوك دولية ومحلية، مثل “دويتشه بنك”، “إتش إس بى سي”، و”البنك العربى الأفريقى الدولى”.
وضربت مثالاً ببرنامج “إتش إس بى سي” الذى استمر لمدة 6 سنوات، مستهدفًا المراهقين من سن 14 عامًا لرفع كفاءتهم وتأهيلهم لسوق العمل.
وأضافت أن البرنامج بدأ بعدد محدود، لكن مع توسع الشراكات، أصبح يتم تدريب أكثر من 250 شابًا سنويًا، مما يعكس أهمية البداية المبكرة والاستثمار التدريجى لتحقيق نتائج مستدامة.
وأشادت بمبادرات مثل تلك التى نظمها “البنك العربى الأفريقى الدولى”، حيث استضاف البنك مجموعة من الشباب لتعريفهم بأساسيات التعاملات المصرفية، من فتح الحسابات إلى التخطيط المالى الشخصي، فضلاً عن تعريفهم بفرص العمل فى القطاع المصرفى.
