«مباشر»: الاقتصاد المصرى يواصل النمو رغم التحديات المالية

Ad

قال بنك استثمار «مباشر» إن الاقتصاد المصرى شهد خلال يناير الماضى نموًا ملحوظًا فى بعض المؤشرات، رغم استمرار التحديات المتعلقة بعجز الحساب الجارى واستقرار سعر الصرف.

وأضاف البنك في تقرير بحثى صدر منذ أيام أن المشهد الاقتصادى فى مصر خلال يناير الماضى شهد تطورات إيجابية وتحديات عديدة فى الوقت ذاته، موضحا أن الناتج المحلى الإجمالى نما بنسبة %5.3، بينما بدأت معدلات التضخم فى التراجع بدعم من استقرار الأسعار، لافتا إلى أن القطاع الخاص غير النفطى، وفقًا لمؤشر مديرى المشتريات (PMI)، سجل تحسنًا ملحوظًا.

ورغم مؤشرات النمو، أشار «مباشر» إلى أن عجز الحساب الجارى شهد اتساعًا كبيرًا نتيجة ارتفاع عجز الميزان التجارى وتراجع إيرادات قناة السويس، ومع ذلك أوضحت أن نمو تدفقات تحويلات المصريين بالخارج ساهم فى تعويض جزء من النقص فى العملات الأجنبية، إلا أن الاستثمار الأجنبى المباشر تحول إلى صافى تدفقات خارجة.

وأكد التقرير أن صافى الاحتياطيات الدوليةواصل الارتفاع للشهر الثامن والعشرين على التوالى، مما يشير إلى استقرار القطاع المصرفى رغم انخفاض صافى الأصول الأجنبية، مما قد يعزز احتمالية حدوث تعديلات فى سعر الصرف على المدى القريب فى حال تفاقم الوضع.

وأشار إلى أن الحكومة لا تزال تركز على ضبط المالية العامة، حيث تقلص عجز الموازنة وحقق الفائض الأولى نسبة مرتفعة من الناتج المحلى الإجمالى.

وشدد على أن التوقعات الاقتصادية المستقبلية ستعتمد على استمرار الإصلاحات المالية، وتدفقات التمويل الخارجى، وإجراءات استقرار الاقتصاد، خاصة فى ظل إصدارات الديون المخطط لها، والسياسات الضريبية الجديدة، وإستراتيجية استعادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ووفقًا لبيانات البنك المركزى المصرى، أوضح «مباشر» أن صافى الأصول الأجنبية انخفض من 296 مليار جنيه (6 مليارات دولار) فى نوفمبر 2024 إلى 451 مليارا (2.9 مليار دولار) فى أكتوبر 2024، وهنا يثار التساؤل حول تأثير هذا الانخفاض على احتمالية خفض قيمة الجنيه المصرى مرة أخرى.

وفى تحليله للوضع، أشار بحث بنك الاستثمار إلى أن صافى الأصول الأجنبية للنظام المصرفى شهد نموًا ثابتًا بين عامى 2004 و2011، مما عكس الاستقرار الاقتصادى فى تلك الفترة، إلا أنه منذ عام 2011 بدأ فى التراجع رغم ارتفاع صافى أصول البنوك التجارية، مما أثار القلق، مضيفًا أن عام 2016 شهد تحول صافى الأصول الأجنبية إلى التزامات صافية، مما أدى إلى أول تعويم للجنيه المصرى فى نوفمبر من العام ذاته.

وأوضح تقرير «مباشر» أن عمليات التعويم اللاحقة فى عامى 2022 و2023 لم يكن لها تأثير كبير، نظرًا لكونها مجرد تحريك مُدار لسعر الصرف، إلا أن التعويم الخامس فى مارس الماضى كان نقطة تحول، حيث ارتفع صافى الأصول الأجنبية إلى مستويات قياسية بدعم من مشروع رأس الحكمة.

وأكد أنه فى الوضع الحالى، تحولت أصول البنوك التجارية إلى التزامات للشهر الرابع على التوالى، فى حين يواصل البنك المركزى المصرى الحفاظ على الاستقرار، مما يشير إلى أن الوضع لا يزال مستقرا طالما أن صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى يواصل النمو.

ومع ذلك، حذر البنك من أنه إذا شهد صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى انخفاضًا فى الأشهر المقبلة، واستمر هذا التراجع لعدة أشهر، فمن المرجح أن يؤدى ذلك إلى محاولة أخرى لخفض قيمة الجنيه المصرى.

وتابع «مباشر» أن التضخم فى مصر أظهر بوادر تراجع خلال ديسمبر 2024، حيث ظل معدل التضخم الشهرى مستقرًا عند %0، بعد انخفاض طفيف بنسبة -%1.0 فى نوفمبر 2024 وأضاف أن معدل التضخم الأساسى سجل %9.0 مقارنة مع %3.1 فى ديسمبر 2023 و%4.0 فى نوفمبر 2024.

وأوضح أن معدل التضخم العام السنوى انخفض إلى %4.23 فى ديسمبر 2024، مقارنة مع %25 فى نوفمبر 2024، فى حين تراجع معدل التضخم الأساسى إلى %2.23 مقابل %7.23 فى الشهر السابق.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن يستمر التضخم فى الانخفاض خلال 2025، مدفوعًا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى الذى أرجأ بعض الإصلاحات المالية، إلى جانب استقرار أسعار الطاقة والكهرباء.

ويرى تقرير «مباشر» أن الحل يكمن فى إحلال الواردات وتقليل الاعتماد عليها، مع تعزيز الصادرات، بما يتماشى مع السياسات الاقتصادية الأخيرة للدولة.

وأبدى تفاؤله بشأن استمرار تحسن تدفقات التحويلات، بشرط عدم ظهور سوق موازية جديدة للعملة، وشدد على ضرورة تحفيز الاستثمار الأجنبى المباشر فى الفترة المقبلة لتجنب أزمة جديدة فى نقص العملات الأجنبية، مشيرا إلى إمكانية تحقيق ذلك من خلال صفقات كبرى مثل مشروع رأس الحكمة.

وأوضح البحث أن أداء قناة السويس سيظل مرتبطًا بالتوترات الجيوسياسية، متوقعا تعافى الإيرادات إذا استمر تراجع التوترات فى قطاع غزة وباب المندب.

وقال إن ميزان المدفوعات سجل عجزًا قدره 991 مليون دولار فى الربع الأول من السنة المالية 2024/ 2025، مقارنة مع فائض قدره 229 مليونا فى الربع الأول من العام السابق.

وأظهرت البيانات أن عجز الحساب الجارى اتسع ليصل إلى 9.5 مليار دولار، نتيجة ارتفاع عجز الميزان التجارى إلى 14.1 مليار دولار مقارنة مع 8 مليارات دولار سابقًا.

وأشارإلى أن فائض ميزان الخدمات انخفض بنسبة %22 بسبب تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة %61، لكن تحويلات المصريين بالخارج شهدت ارتفاعًا بنسبة %85، مما ساعد جزئيًا فى تخفيف نقص العملات الأجنبية.

واستكمل أن الاقتصاد المصرى سجل نموًا بنسبة %5.3 فى الربع الأول من السنة المالية 2024/ 2025، مقارنة مع %7.2 فى الربع الأول من السنة المالية السابقة، مضيفا أن هذا النمو يعكس تأثير سياسات الإصلاح الاقتصادى التى تنتهجها الحكومة، بهدف استعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى وتعزيز حوكمة الاستثمار العام.

وأوضح التقرير أن القطاع الخاص غير النفطى بدأ عام 2025 بأفضل معدل نمو له منذ أكثر من أربع سنوات، حيث ارتفع مؤشر مديرى المشتريات إلى 50.7 فى يناير الماضى، مقارنة مع 48.1 فى ديسمبر 2024، مضيفًا أن هذا النمو جاء مدفوعًا بانتعاش قطاعات التصنيع والبناء والتجزئة، فضلًا عن انخفاض الضغوط التضخمية، مما أدى إلى أدنى مستويات تضخم لأسعار المدخلات والمخرجات منذ عدة أشهر.

وأشار إلى أن استقرار الجنيه مقابل الدولار، إلى جانب استمرار تراجع معدلات التضخم، قد يسهم فى دعم القطاع الخاص، كما أن التخفيضات المحتملة فى أسعار الفائدة قد تحفز الأنشطة الاقتصادية، مما قد يؤدى إلى تحسن أكبر فى مؤشر مديرى المشتريات خلال الفترة المقبلة.

وقال إنصافى الاحتياطيات الدولية ارتفع إلى 47.1 مليار دولار فى ديسمبر الماضى، بزيادة قدرها 157 مليون دولار عن نوفمبر الماضى، مما يمثل الشهر الثامن والعشرين على التوالى من النمو فى الاحتياطيات، وارتفعت احتياطيات النقد الأجنبى إلى 36.4 مليار دولار، مقارنة مع 36.1 مليار دولار فى الشهر السابق، بينما انخفضت احتياطيات الذهب إلى 10.6 مليار دولار، مقارنة مع 10.8 مليار فى نوفمبر 2024، وتراجعت أصول احتياطى للعملات الأجنبية إلى 31 مليون دولار، مقابل 37 مليونا فى الشهر السابق.

وقال «مباشر» إن عجز الموازنة تراجع خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر فى السنة المالية 2024/ 2025 بنسبة %14.1، ليصل إلى 560.6 مليار جنيه، مما أدى إلى تحسن نسبته إلى %-3.28 من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة مع %-4.66 فى العام السابق.

وأضاف البحث أن الفائض الأولى (باستثناء خدمة الدين) ارتفع بشكل ملحوظ بمقدار 109 مليارات جنيه، ليصل إلى 170 مليارا أى %0.99 من الناتج المحلى الإجمالى.

وأكد أن انخفاض عجز الموازنة يعكس تحسن إدارة المالية العامة، مدفوعًا بزيادة الإيرادات وضبط النفقات، كما أن ارتفاع الفائض الأولى يشير إلى تحسن القوة المالية للدولة وقدرتها المتزايدة على تغطية مدفوعات الفوائد.

وأوضح أن هذه التطورات تسلط الضوء على التقدم فى معالجة الاختلالات المالية، مما قد يعزز ثقة المستثمرين ويدعم استقرار الاقتصاد الكلى.

وتابع أن مستجدات الدين العام فى مصر تعكس جهود الحكومة فى إدارة الالتزامات المالية وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجى، مع التركيز على إستراتيجيات تنويع مصادر التمويل، فقد انخفض الدين الخارجى لمصر إلى 152.9 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل خدمة الدين إلى 22.46 مليار دولار خلال السنة المالية 2024/ 2025، وتهدف الحكومة إلى تقليل الدين الخارجى بمقدار 2 مليار دولار سنويًا.

وعن حزمة الاتحاد الأوروبى، قال «مباشر» إن مصر تلقت مليار يورو من الاتحاد الأوروبى كجزء من حزمة تمويلية بقيمة 4.7 مليار يورو، تم إيداعها فى البنك المركزى المصرى، وتُجرى حاليًا مناقشات بشأن الدفعة الثانية من الحزمة التمويلية، والمقرر صرفها فى أبريل المقبل، بقيمة 4 مليارات يورو.

وتعتزم الحكومة اقتراض 1.9 تريليون جنيه من السوق المحلية خلال الربع الأول من عام 2025، لتمويل عجز الموازنة والوفاء بالتزامات الدين.

وتشمل خطة الاقتراض:

48 مزادًا لأذون الخزانة بقيمة 1.78 تريليون جنيه.

40 مزادًا للسندات بقيمة 203 مليارات جنيه، خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025.

وأضاف «مباشر» أن مصر تعمل على مبادلة الديون بالأصول والاستثمارات، مما يساعد فى الحد من إصدارات الديون الجديدة.

ومن أبرز الصفقات التى تمت فى هذا الإطار، صفقة رأس الحكمة.

سوق الدين العالمى:عادت مصر إلى أسواق الدين العالمية للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، حيث أصدرت سندات دولية بقيمة 2 مليار دولار، وتشمل الإصدارات:سندات لمدة 5 سنوات بعائد أولى %9.75 وسندات لمدة 8 سنوات بعائد أولى %10.

حزمة بنك التنمية الأفريقى:

وافق بنك التنمية الأفريقى (AfDB) على منح مصر قرضًا بقيمة 170 مليون دولار، لتمويل المرحلة الثانية من برنامج دعم الموازنة 2024/ 2025.

وتلقت المرحلة الأولى من البرنامج قرضًا بقيمة 131 مليون دولار.

وتواصل الحكومة تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية تستهدف تحسين الاستدامة المالية وتعزيز الحماية الاجتماعية، من خلال مجموعة من السياسات الجديدة التى تشمل:

-1 إعداد موازنة ثلاثية السنوات

تعمل الحكومة على إعداد موازنة لمدة ثلاث سنوات، إلى جانب موازنة السنة المالية 2025/ 2026.

ويهدف هذا النهج إلى وضع حدود إنفاق طويلة الأجل للجهات الحكومية، مما يعزز التخطيط المالى المستدام.

-2 حزمة حماية اجتماعية جديدة

تتضمن إجراءات دعم جديدة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية على المواطنين، تشمل، رفع الحد الأدنى للأجور لموظفى الدولة إلى 7 آلاف جنيه، وزيادة المعاشات بنسبة %15 لـ 13 مليون مستفيد، ورفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبى على الدخل الشخصى إلى 65 ألف جنيه سنويًا، وتوسيع برنامج «تكافل وكرامة» لدعم الأسر الأكثر احتياجًا.

وعن إصلاحات ضريبية جديدةقال التقرير إن مصر بصدد إلغاء بعض الرسوم غير الضريبية واستبدالها بضريبة دخل جديدة، وتهدف هذه الخطوة إلى تبسيط النظام الضريبى، عبر التركيز على فرض الضرائب على الدخل بدلاً من الإيرادات الأخرى، كما تسعى الحكومة إلى تحقيق 115.8 مليار دولار من الصادرات السنوية بحلول عام 2030، ووضع سقف للواردات عند 105 مليارات دولار، مع تحقيق معدل نمو سنوى %5 فى التجارة الخارجية.

وأضاف البنك أن صندوق النقد الدولى خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصرى فى السنة المالية 2024/ 2025 إلى %3.6 نزولا من تقديراته السابقة البالغة %5.0، بينما البنك الدولى كان أكثر تحفظًا، متوقعًا نموًا بنسبة %3.5.

وعن أذون الخزانة قال إنها شهدت زيادة فى الطلب مع تراجع العوائد، حيث انخفض متوسط العائد المرجح على أذون الخزانة لأجل 6 أشهر بنسبة %2.52 ليصل إلى %26.27، وتراجع عائد الأذون لأجل عام بنسبة %0.21 إلى %26.02.

وأضاف أن مصر تعزز حصتها فى مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، حيثاستثمرت 28.9 مليون دولار لزيادة مساهمتها فى المؤسسة، ما يعادل 28.940 سهمًا إضافيًا، لتعزيز دورها فى تمويل المشروعات التنموية.

وقامت بتشكيل لجان استشارية لتعزيز مشاركة القطاع الخاصوتهدف إلى تحسين التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص، ودعم الإصلاحات الاقتصادية لزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وأضاف أن قناة السويس تستعد لاستعادة حركة الشحنبعد وقف إطلاق النار فى غزة، وعودة أكبر خطوط الشحن العالمية، مما قد يساهم فى زيادة إيرادات الممر المائى واستقرار ميزان المدفوعات.

وأوضح «مباشر» أن الأنظار تتجه نحو اجتماع لجنة السياسة النقدية فى 20 فبراير الجارى، حيث ستتم مناقشة أسعار الفائدة فى ظل المعدلات الحالية البالغة %27.25 على الودائع، %27.28 على الإقراض، و%27.75 على العملية الرئيسية.

وأضاف أن هناك توقعات قوية بأن البنك المركزى المصرى قد يبدأ دورة تيسير نقدى اعتبارًا من الاجتماع المقبل، مع احتمالية خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس، خاصة مع تراجع معدلات التضخم.

وأشار «مباشر» إلى أن هذه الخطوة قد تساهم فى تحفيز النشاط الاقتصادى، مع استمرار الحفاظ على معدل فائدة حقيقى موجب لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأكد على أهمية التوازن بين دعم النمو الاقتصادى وضمان الاستقرار المالى، مشيرا إلى أن توقيت خفض الفائدة قد يكون ملائمًا لتخفيف الضغوط على المستثمرين المحليين والدوليين، مع ضمان بقاء العائد على الاستثمار فى مصر عند مستويات جاذبة.

أذون الخزانة تشهد زيادة فى الطلب فى ظل تراجع العوائد

استقرار الجنيه وانخفاض التضخم يدعمان القطاع الخاص