«بيزنس» الخدمات البحرية يعود بالكيانات الحكومية إلى حلبة المنافسة مع شركات الملاحة

Ad

لمست السوق الملاحية مؤخرا عودة بعض الكيانات البحرية الحكومية مثل هيئة قناة السويس والهيئة الاقتصادية، لتقديم الخدمات للسفن بجانب شركات التوكيلات الملاحية الخاصة.

وشملت قائمة الخدمات التى دخلت للعمل بها الأذرع الاستثمارية التابعة للجهات الحكومية، التخلص من المخلفات وأعمال رفت وتعيين البحارة والتخزين والإصلاح والصيانة، بجانب دورها الرئيس فى إصدار التشريعات التى تنظم عمل الموانئ وتطوير البنية التحتية ومراقبة المعايير البيئية السفن والموانئ.

“المال” استطلعت فى تقريرها آراء العاملين فى السوق المحلية، لمعرفة أسباب عودة الجهات الحكومية لمنافسة القطاع الخاص فى بعض الخدمات رغم تأكيدها ومساع الدولة لتوسيع دائرة أنشطة الكيانات الخاصة فى السنوات المقبلة.

بداية، قال القبطان عمرو فهيم مدير شركة “لات” للملاحة إن الخدمات الملاحية بمثابة “بيزنس” يخضع لظروف العرض والطلب أيا كان القائم بالأعمال قطاع عام أو قطاع خاص، بل ويقدم مثلثا طبيعيا لأى نقل بضائع بشرط تحقيق سرعة الوصول وأقل الأسعار وسلامة البضاعة والأفضل من يحقق هذه المعايير.

وأضاف أن الجهات الحكومية كانت تقوم بأعمال الوكالة الملاحية حتى عام 1998 بعدها تم الترخيص لشركات الملاحة وتم توسيع القاعدة استجابة للقطاع الخاص الذى دخل فى ممارسة تلك الخدمات.

تابع: “مؤخرا تدخلت لتنشيط بعض هذه الخدمات بهدف جودة الخدمات، لافتا إلى أن منافسة القطاع الحكومى للشركات تعد ميزانا يضمن عدم الاحتكارية وضبط الأداء وفقا للأسس والقوانين المنظمة ويستهدف تحديث التشريعات المنظمة”.

وأشار فهيم إلى أن ابتعاد الجهات الحكومية عن تقديم بعض الخدمات فى وقت من الأوقات أحدث فجوة بين التشريعات المنظمة للخدمة والتقدم التكنولوجى واستخدام التقنيات الحديثة أسوة بالدول الكبرى، لكن العودة للعمل بها يضمن عدم الاحتكار وتحقيق التنافسية وكذلك مواكبة التشريعات وتحديثها التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التى تقدمها لخدمة العملاء.

واستبعد فهيم حدوث أى سلبياتى حالة عودة الكيانات الحكومية لأداء بعض الخدمات البحرية فى ظل التنافسية وظروف العرض والطلب، لافتا إلى أن الدولة دعمت القطاع الخاص الملاحى للاستثمار فى الأنشطة والمشروعات البحرية الجديدة وهى على دراية تامة بقدرات الأذرع الخاصة للمنافسة والعمل على جودة الخدمات.

من جانبها، طالبت المهندسة عبير لهيطة رئيس مجلس إدارة شركة إيجيترانس، زيادة نسبة الفرص أمام القطاع الخاص المصرى فى أنشطة النقل البحرى والخدمات المرتبطة.

وأضافت لـ”المال”، أن التعاون بين الدولة والقطاع الخاص فى قطاع النقل، بما يشمله من تجهيز البنية التحتية المطلوبة وتقديم الخدمات اللوجستية يحقق أفضل النتائج فى تشغيل وإدارة المرافق.

وأوضحت أن دخول القطاع الخاص وتوسع عمله سيعمل على زيادة إجمالى الناتج المحلى، وينعكس على تحسين اقتصاديات النقل، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتأهيل العمالة بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل.

وأشارت لهيطة إلى أن هناك العديد من النماذج للتعاون بين الدولة والقطاع الخاص منها، إنشاء وإدارة وتشغيل الميناء الجاف فى مدينة السادس من أكتوبر على مساحة 100 فدان بالشراكة مع تحالف مصرى / ألمانى، والذى قام بتأسيس شركة ميناء أكتوبر الجاف ODP لإدارة وتشغيل الميناء، وكذلك إنشاء وإدارة وتشغيل الميناء الجاف بمدينة القنطرة شرق بالشراكة مع شركة قناة السويس الجديدة للموانئ الجافة والخدمات اللوجيستية.

من جانبه، أكد الدكتور تامر أنور خبير اللوجستيات والنقل البحرى، أن القطاع الخاص خلال الفترة الماضية كان يعانى من تراجع معدلات تقديم الخدمات البحرية بعد التوترات الجيوسياسية التى أثرت على مرور السفن بقناة السويس وفى ظل تقديم الخطوط الملاحية العالمية من خلال مكاتبها بمصر للخدمات البحرية لنفسها وبنفسها.

وأشار إلى أن الخدمات أصبحت قاصرة على السفن الصغيرة مثل سفن الكارجو، ومن ثم لابد أن تقدم الخدمات بأعلى مستوى الجودة لضمان استمرارية طلبات الحصول عليها من السوق المحلية.

وأكد أنور أن اضطلاع الكيانات الحكومية بتقديم الخدمات البحرية يتعارض مع الاتجاه العالمى، لافتا إلى أن جودة أداء تلك الخدمات يتوقف على زمن أدائها، أو إزالة المعوقات التى تواجه العميل.

وقال القبطان على عاصم عضو المجلس الاستشارى لكلية النقل البحرى والنقل الدولى واللوجستيات بالأكاديمية البحرية والمدير العام السابق لميناء شرق بورسعيد، إن الدولة المصرية بدأت تنتبه لأهمية الخدمات البحرية باعتبارها قيمة مضافة يمكن أن تكون مصدرا جيدا للإيرادات والعملة الصعبة بعد أن أنفقت على البنية التحتية استثمارات ضخمة.

وحول تأثير ذلك على القطاع الخاص المؤدى لتلك الخدمات البحرية، أكد عاصم أن الدولة تلعب الدور التنظيمى بالترخيص لتلك الشركات المقدمة للخدمات كما أنها لم تفرط فى تلك الشركات حينما قررت الاستعانة بمقدمى الخدمة الفعلية من الكوادر الوطنية واستغلال الخبرات فى خدمات مثل إنزال المخلفات والرفت والتعيين للبحارة.

ولفت إلى أن الحكومة بكل دول العالم، هى من تضع الإجراءات وتمنح التراخيص لمزاولة المهن البحرية بشرط التزامها، وهذا الأمر طبق فى دول مثل المغرب وسنغافورة والإمارات والسعودية وغيره.

وأضاف أن الدولة تستهدف من ذلك تقديم الخدمة بجودة عالية وسعر تنافسى، وسواء قامت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس أو هيئة قناة السويس بتقديم بعض الخدمات البحرية بنفسها أو بالشراكة مع القطاع الخاص فإنها تقدمه من خلال القواعد والضوابط استصدار رخص النشاط ومراقبة تنفيذها طبقا للعقود المبرمة بين الجانبين دون إخلال بحقوق جميع الأطراف.

وأشار إلى أن الجهات الحكومية رأت الفرصة مناسبة خلال أزمة كورونا لاستغلال موقع مارينا اليخوت بالإسماعيلية لتقديم خدمات الرفت والتعيين للبحارة.

ومن جانبه، أكد محمد رضوان رئيس جمعية الأشغال البحرية بالسويس، أن القانون رقم 1 لسنة 1998 أفسح المجال لشركات القطاع الخاص بمزاولة جميع المهن البحرية دون التقيد وألغى احتكار شركات الدولة لاحتكار هذه المهن وسمح بالمنافسة الشريفة لخلق سوق جديد لجذب الاستثمارات الأجنبية فى مجال النقل البحرى وهناك أمثلة لشركات أجنبية تعمل فى مجال النقل البحرى موانئ الجمهورية دون عودة احتكار الدولة للنشاط.

وأوضح رضوان أنه لا مانع من قيام الدولة بتنظيم عمل الخدمات البحرية ووضع آليات الشراكة بين القطاعين الأجنبى والوطنى بشرط إعطاء فرص متساوية للعمل دون تمييز لصالح أحد على حساب الآخر للاستفادة من هذه الخدمات وجذبها إلى الموانئ المحلية بدلا من هروبها إلى الدول المجاورة.

ولفت إلى أن جميع الخدمات البحرية ومنها إنزال المخلفات الصلبة من السفن تستوجب الحصول على ترخيص مزاولة من الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر صاحبة الولاية على المسطح المائى بالميناء وأماكن انتظار السفن بالمخطاف، حيث تتم الخدمة بأماكن الانتظار ولا تتم أى خدمة نهائيا للسفن أثناء عبورها قناة السويس أو بالمجرى الملاحى.

عمرو فهيم: ابتعاد القطاع العام عن بعض الأنشطة بشكل كامل أحدث فجوة فى تحديث التشريعات

عاصم: المنافسة بين طرفين تضمن إتاحة الخدمات والتوسع فى تحقيق قيمة مضافة

رضوان: العمل بشروط متساوية أفضل لضمان بقائها بالموانئ المحلية