أظهرت دراسة حديثة أعدتها محافظة الإسكندرية لتحسين كفاءة نقاط الإطفاء وتعزيز منظومة الحماية المدنية بالثغر، التحديات التى تواجه القطاع خاصة “توزيع نقاط الإطفاء الحالي” والذى لا يغطى بعض المناطق الحيوية بشكل كافٍ، مما يؤدى إلى إطالة زمن الإستجابة للحالات الطارئة، كما أن التوسع العمرانى غير المخطط، وغياب البنية التحتية الكافية لشبكات المياه والصرف والكهرباء، يزيدان من صعوبة تقديم خدمات الإطفاء بفعالية.
وكشفت الدراسة التى اطلعت عليها “المال” عن أن النمو السكانى المتزايد وارتفاع كثافة الأبراج السكنية غير المرخصة تمثل تحديًا إضافيًا، إذ يؤدى ذلك إلى زيادة الطلب على خدمات الحماية المدنية، فى ظل صعوبة تأمين التمويل اللازم لاستيراد المعدات الحديثة وتحديث الأسطول الحالي.
مقترحات وتوصيات
بحسب الدراسة فإن محافظة الإسكندرية تعانى من تكرار حوادث الحرائق فى المنشآت الصناعية والتجارية والمنازل، والتى تنجم غالبًا عن أعطال كهربائية أو تخزين عشوائى للمواد القابلة للاشتعال، كما تزداد حوادث انهيارات المبانى نتيجة التغيرات المناخية، مثل الأمطار الغزيرة، التى تؤدى إلى غرق الشوارع وسقوط بعض المنشآت، ومع ارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، يزداد خطر اندلاع الحرائق، مما يشكل عبئًا إضافيًا على قطاع الحماية المدنية.
وتواجه فرق الإطفاء تحديات تتعلق بتأخر التنسيق مع الجهات المعنية، مثل إدارات المياه والكهرباء والغاز والإسعاف، مما قد يؤدى إلى تأخير عمليات الاستجابة، كما أن غياب خطط طوارئ واضحة للإخلاء والتعامل مع الكوارث الكبرى يزيد من صعوبة احتواء الأزمات، وفق الدراسة.
وقدمت الدراسة مقترحات لتعزيز كفاءة مراكز الإطفاء، أبرزها “إعادة توزيع النقاط وفقًا للكثافة السكانية، لضمان سرعة الاستجابة، زيادة التمويل المخصص لشراء سيارات ومعدات إطفاء حديثة، تنفيذ خطط إخلاء متكاملة لمواجهة الكوارث الكبرى، تحسين التنسيق بين الجهات المعنية لتسريع الاستجابة للحالات الطارئة، ووضع آلية لضمان عدم إغلاق أى نقطة إطفاء دون توفير بديل مناسب”.
وأوصت الدراسة باتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير نقاط الإطفاء القائمة، وإنشاء أخرى جديدة بالمناطق المحرومة، وذلك وفقًا لأولويات الكثافة السكانية ومعدلات الحوادث، مشيرة إلى ضرورة العمل على محورين “حل عاجل” لتحسين البنية التحتية الحالية، و”حل آجل” لتوسيع نطاق الخدمة فى المناطق غير المغطاة.
عاجل وآجل
وفقاً للدراسة تتضمن الخطة العاجلة تطوير وترميم نقاط الإطفاء المتهالكة وتزويدها بالمعدات والسيارات المطلوبة، وبناءً على ذلك، سيتم إخطار إدارة الحماية المدنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن نقاط مناطق “المكس، أبيس، المندرة، سيدى بشر، أم زغيو، وغيط العنب”، إلى جانب البدء فى ترميم نقطة غيط العنب وإنشاء نقطة جديدة بديلة لنقطة الدخيلة.
كما سيتم التنسيق مع جهاز حماية أملاك الدولة لحصر الأراضى الفضاء المملوكة للدولة، والتى يمكن تخصيصها لإنشاء نقاط إطفاء جديدة فى الأحياء ذات الأولوية، مثل “المنتزه أول، العامرية ثان، شرق، العجمي، وسط، المنتزه ثان”.
أما على صعيد الحل الآجل، أكدت الدراسة أن بعض المناطق تعانى نقصًا حادًا فى خدمات الإطفاء، مما يتطلب إصدار قرارات تخصيص لإنشاء نقاط جديدة فى المنتزه أول وثان، شرق، العامرية أول وثان، ومركز ومدينة برج العرب، وتم تحديد أولويات الإنشاء وفقًا لنسبة التغطية السكانية.
تجدر الإشارة إلى أن التوسع العمرانى والزيادة السكانية يفرضان تحديات كبيرة على منظومة الحماية المدنية فى الإسكندرية.
ورغم الجهود المبذولة لرفع كفاءة نقاط الإطفاء، فإن العجز فى عدد النقاط والمعدات يتطلب استثمارات إضافية وخططًا إستراتيجية لضمان سلامة المواطنين وتقليل الخسائر الناجمة عن الحوادث والكوارث الطبيعية.
نقاط جديدة
على صعيد متصل، وضعت محافظة الإسكندرية خطة لتطوير خدمات الإطفاء تستهدف تطوير خدمات الحماية المدنية فى الإسكندرية لتحقيق المعدل الأمثل لنقاط الإطفاء، بحيث تتوفر نقطة إطفاء لكل 100 ألف نسمة، مع تخصيص سيارة إطفاء لكل 50 ألف نسمة، وذلك لتعزيز سرعة الاستجابة للحوادث، حيث تقدر تكلفة إنشاء وتجهيز كل نقطة إطفاء حوالى 3 ملايين جنيه، بينما تبلغ تكلفة سيارة الإطفاء المتوسطة نحو 7 ملايين جنيه.
وفى ذلك السياق، تم تحديد 20 موقعًا لإقامة نقاط إطفاء جديدة، تشمل المناطق الصناعية، الطرق الحيوية، والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مثل المحور المركزي، طريق الحرية، الطابية، قرى بنجر السكر، الهانوفيل، والمنطقة المحيطة بمطار برج العرب، بهدف سد العجز القائم وتعزيز التغطية الجغرافية لخدمات الإطفاء.
كما تستلزم خطة التطوير دعم أسطول الحماية المدنية بعدد 6 سيارات إطفاء حمولة 15 طنًا، و4 سيارات حمولة 8 أطنان، إضافة إلى سيارات إنقاذ وإطفاء مدمجة، لضمان الجاهزية الكاملة لمواجهة الحرائق وحوادث الطرق والطوارئ.
تجدر الإشارة إلى أن تحسين خدمات الإطفاء يتطلب توفير البنية التحتية الملائمة، بما فى ذلك شبكات المياه والكهرباء، وكاميرات المراقبة، وأجهزة اللاسلكي، ومرافق الإعاشة، مما يعزز كفاءة الأداء الميدانى ويسهم فى تقليل معدلات الحوادث وتقليص زمن الاستجابة للطوارئ.
الاستجابة السريعة
أعدت الدراسة مقترحًا لكل منطقة محرومة من خدمات الإطفاء بالإسكندرية ، ومنها المنتزه أول والمنتزه ثان حيث تعانى الأولى من غياب نقاط الإطفاء على طريق الجيش، ما يزيد من مخاطر تأخر الاستجابة للحوادث الطارئة، خاصة مع الكثافة السكانية العالية والنشاط التجارى المكثف فى هذه المنطقة، وجاء المقترح بإنشاء نقطة إطفاء بميدان محمد نجيب لتأمين هذا الامتداد الحيوي.
وفى المنطقة الثانية، تبرز الحاجة إلى نقطتى إطفاء إضافيتين، الأولى فى الطابية لتعويض فقدان نقطة إطفاء راكتا التى أغلقت عقب الثورة، خاصة أن المنطقة تضم مصانع كثيرة وتشهد كثافة فى الحركة الصناعية، والنقطة الثانية فى خورشيد، حيث أدى إغلاق نقطة إطفاء ليسكو إلى تزايد المخاطر فى ظل النمو العمرانى المتسارع وارتفاع الكثافة السكانية، ما دفع الأهالى إلى تقديم شكاوى متكررة للمطالبة بإعادة تشغيل نقطة إطفاء قريبة.
وعلى صعيد حى شرق والعجمي، فإن نقص التغطية يهدد الاستجابة السريعة، ففى حى شرق، يُقترح إنشاء نقطة إطفاء على طريق الحرية، حيث تمتد مسافات طويلة دون وجود أى نقاط تدخل سريع، ما يجعل زمن الاستجابة للطوارئ غير فعال فى بعض الحالات الحرجة، أما فى حى العجمي، فإن نقص التغطية يظهر بشكل واضح فى عدة مناطق مثل الهانوفيل، الكيلو 21 ساحلي، أبو تلات، أبو يوسف، الدخيلة الجبل والمنطقة الصناعية.
وللتعامل مع هذا النقص، جاء المقترح بتخصيص قطعة أرض لإنشاء نقطة إطفاء وإنقاذ برى على امتداد الطريق بين القبارى ونهاية طريق كارفور العروبة، إضافة إلى اقتراح إنشاء نقطة إطفاء جديدة فى منطقة الخدمات بالكيلو 21، لضمان سرعة التدخل وتقليل المخاطر الناجمة عن الحرائق.
العوامل المؤثرة
فى حى العامرية أول، يتركز الاقتراح على إنشاء نقطة إطفاء بجوار قسم شرطة العامرية أول وسوق العامرية والمنطقة الصناعية بمرغم، إذ يشهد الحى نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا يستدعى تأمينًا متطورًا ضد الحرائق، كما يُقترح إنشاء نقطة إطفاء أخرى على امتداد الطريق الصحراوى من بوابة الرسوم إلى آخر الكيلو 71، حيث تفتقر المنطقة بالكامل إلى أى تغطية لخدمات الإطفاء.
أما فى حى العامرية ثان، فتُطرح الحاجة إلى تخصيص قطعة أرض لنقطة إطفاء فى قرية بنجر السكر، فضلًا عن إنشاء نقطة أخرى تغطى المسافة بين الكينج مريوط وصينية المطار، وهى مناطق تعانى من فجوة كبيرة فى الاستجابة لحالات الطوارئ.
وفى مركز ومدينة برج العرب، يُقترح إنشاء نقطة إطفاء جديدة على طريق الكافورى الممتد من الطريق الصحراوى إلى مدينة برج العرب، إضافة إلى نقطة أخرى فى منطقة بنجر السكر التابعة لبرج العرب، إلى جانب توفير خدمات إطفاء بالقرب من مطار برج العرب الحربى والمدني، لتأمين أحد أهم المرافق الحيوية فى المنطقة.
وعلى صعيد موازٍ حددت الدراسة عددًا من العوامل المؤثرة فى كفاءة نقاط الإطفاء، أبرزها “اختيار مواقع نقاط الإطفاء بما يضمن تغطية شاملة لكافة أحياء المحافظة، توفر التمويل اللازم لإنشاء نقاط جديدة وتحديث المعدات وفق أحدث التقنيات، الوقت المطلوب لإنشاء نقاط جديدة أو إعادة تأهيل النقاط القائمة، والتوزيع الجغرافى لنقاط الإطفاء”.
ووفقًا للدراسة، يتم توزيع نقاط الإطفاء جغرافيًا وفقًا لدائرة قسم الشرطة التابع لها، وليس بناءً على الكثافة السكانية، مما يؤثر على كفاءة تغطية الخدمات، وأظهرت النتائج أن وسط المحافظة يضم المركز الرئيسى للإطفاء و12 نقطة إطفاء، بنسبة 30% من إجمالى نقاط المحافظة، موزعة بين أحياء شرق ووسط والجمرك وغرب.
أما شرق المحافظة فيضم 11 نقطة إطفاء، بنسبة 27.5%، تغطى أحياء شرق والمنتزه أول والمنتزه ثان، ويضم غرب المحافظة 7 نقاط، بنسبة 17.5%، تغطى أحياء غرب والعجمي، أما الظهير الصحراوى يضم 4 نقاط فقط، بنسبة 10%، تخدم حى العامرية أول، فى حين أن مركز ومدينة برج العرب يضم 5 نقاط، بنسبة 12.5% من إجمالى نقاط الإطفاء.
فائض وعجز
أظهرت الدراسة وجود فائض بعدد 6 نقاط إطفاء فى بعض الأحياء، مقابل عجز يبلغ 21 نقطة فى مناطق أخرى، كما تبين وجود عجز فى سيارات الإطفاء، إذ تحتاج المحافظة إلى 72 سيارة إضافية لتغطية الطلب المتزايد.
وفى غضون ذلك، تم احتساب نصيب الأحياء من نقاط الإطفاء بناءً على معدل نقطة إطفاء لكل 100 ألف نسمة، مع افتراض وجود سيارتين لكل نقطة، وخلصت الدراسة إلى أن أكبر ضغط يقع على أحياء المنتزه أول والعامرية ثان وشرق، فى حين يوجد فائض فى نقاط الإطفاء بمركز ومدينة برج العرب وحى غرب.
يُشار إلى أن عدد نقاط الإطفاء انخفض من 47 نقطة فى عام 2010 إلى 40 نقطة حاليًا، إذ تم إغلاق 9 نقاط فى أحياء مختلفة، مقابل افتتاح نقطتين جديدتين فقط، مما أدى إلى زيادة العجز، وفقا للدراسة.
وفى ذات السياق، تبين أن أكبر عدد من الإغلاقات حدث فى حى غرب، حيث تم إغلاق 3 نقاط من أصل 8، ما يعادل %6.4 من إجمالى نقاط المحافظة فى 2010، كما شملت الإغلاقات نقاطًا مثل المتراس، ليسيكو، وراكتا، إما بسبب عودتها للشركات المالكة أو تغيير نشاطها، مثل تحويل نقطة إطفاء الرمل ثانٍ إلى سجن.
كشفت الدراسة عن حاجة 7 نقاط إطفاء إلى عمليات رفع كفاءة وترميم وإعادة بناء، تشمل 5 نقاط تحتاج للتطوير والتحديث، بنسبة %12.5 من إجمالى النقاط، نقطة غيط العنب تحتاج للترميم، بنسبة %2.5 ونقطة الدخيلة تحتاج لإعادة البناء، بنسبة %2.5.
تراجع البلاغات
ومن ناحية أخرى كشفت الدراسة التى أعدتها المحافظة، عن تراجع بلاغات الإطفاء وتحولات فى أنماط الاستجابة خلال الأعوام الأخير، حيث تراجعت بنسبة %11 فى 2022، ثم بنسبة %4.9 فى 2023، قبل أن تشهد انخفاضًا أكثر حدة بنسبة %37 فى 2024 مقارنة بعام 2020، ما يعكس تغيرات فى طبيعة الحوادث وأثر التطوير فى آليات التعامل معها.
وفى هذا السياق، شكلت بلاغات الإطفاء النسبة الأكبر من إجمالى البلاغات خلال الأعوام الماضية، إذ بلغت %69.6 فى 2020، قبل أن تتراجع إلى %65.7 فى 2021، ثم إلى %62.3 فى 2022، وصولًا إلى %58.5 فى 2023، قبل أن تعاود الارتفاع إلى %65.8 فى 2024.
وعلى صعيد بلاغات الإنقاذ البري، شهدت زيادات متتالية، حيث ارتفعت من %16.5 فى 2020 إلى %26.9 فى 2021، ثم إلى %29.1 فى 2022، وبلغت ذروتها فى 2023 بواقع %36.5 قبل أن تستقر عند %29.1 فى 2024، مما يعكس تزايد الاعتماد على فرق الإنقاذ فى مختلف الحوادث.
وفى المقابل، شهدت بلاغات المفرقعات تراجعًا كبيرًا، إذ انخفضت من %12.5 فى 2020 إلى %5.8 فى 2021، ثم %5.4 فى 2022، وواصلت تراجعها إلى %3.4 فى 2023، قبل أن تسجل %2.6 فقط فى 2024، مما يعكس تحسن الإجراءات الأمنية والرقابية، أما بلاغات الإنقاذ النهري، فظلت الأقل نسبيًا، حيث لم تتجاوز %1.4 إلى %3.2 من إجمالى البلاغات فى مختلف الأعوام.
حماية الأرواح
وأوضحت الدراسة أن نقاط الإطفاء تلعب دورًا حيويًا فى حماية الأرواح والممتلكات من أخطار الحرائق والكوارث الطبيعية، حيث توفر موارد وإجراءات مدروسة تضمن سرعة الاستجابة لمواجهة الطوارئ المختلفة، وتتنوع مهام هذه النقاط بين مقاومة وإطفاء الحرائق، وإنقاذ المحتجزين فى انهيارات المباني، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الإنقاذ البرى والنهري، وإبطال المفرقعات، واستخراج المحتجزين فى حوادث السيارات، وإزالة المواد الخطرة من الطرق البترولية والكيماوية، كما تشمل المهام وضع خطة الإخلاء والطوارئ فى المنشآت، مما يساهم فى تقليل الأضرار وتحسين جودة الحياة.
وخلصت الدراسة إلى أن الخيار الأكثر سرعة وفعالية هو تطوير النقاط القائمة، بينما يمثل إنشاء نقاط جديدة الحل الأمثل لضمان تغطية شاملة على المدى الطويل، مؤكدة على أن هذه الإجراءات تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خاصة الهدف الذى يركز على تعزيز سلامة المدن وتقليل المخاطر المرتبطة بالكوارث، والهدف الذى يدعو إلى تعزيز الأمان والاستقرار من خلال بنية تحتية فعالة لمكافحة الحرائق.
التوسع العمرانى والزيادة السكانية يفرضان تحديات كبيرة على المنظومة
التطوير يستلزم دعم «الحماية المدنية» بـ10 سيارات إطفاء
فائض 6 نقاط فى بعض الأحياء مقابل عجز 21 فى مناطق أخرى
المحافظة تحتاج إلى 72 مركبة إضافية لتغطية الطلب المتزايد
تكلفة إنشاء وتجهيز الموقع 3 ملايين جنيه بخلاف السيارات المجهزة
تكرار حوادث الحرائق فى المنشآت الصناعية والتجارية والمنازل
