إيهاب فكري في ضيافة «CEO Level Podcast»: «المنتور» تكشف استراتيجيات التوسع في التعليم الإلكتروني وتحديات الصناعة والمنافسين

Ad

حل الدكتور إيهاب فكري، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة المنتور لحلول التعلم الإلكتروني، ضيفًا على حازم شريف، مقدم «CEO Level Podcast»، ورئيس تحرير جريدة “المال”، وكشف عن تفاصيل خططها التوسعية، وعن جولة تمويلية جديدة تستهدف جمع 50 مليون دولار قبل الإدراج فى البورصة.

واستعرض مؤسس «المنتور» فى الحوار المتاح للجمهور الآن على قناة “ALMAL TV” بموقع “يوتيوب”، وجميع منصات البودكاست والتواصل الاجتماعي، رحلته المهنية الممتدة من العمل فى «إكسون موبيل» إلى تأسيس «المنتور»، التى أصبحت واحدة من أبرز منصات التعليم الإلكترونى فى العالم العربي، بمكتبة تضم أكثر من 50 ألف فيديو تعليمى و2.7 مليون مستخدم.

الحلقة الأحدث من “CEO Level Podcast” ناقشت شراكات «المنتور» مع الحكومات، مثل مبادرة «مودة» فى مصر ومشروع «محمد بن راشد للمدرسة الرقمية» فى الإمارات، كما كشفت عن خطط التوسع فى أسواق شمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، مثل العراق وماليزيا وإندونيسيا، معتمدين على تقنيات الذكاء الاصطناعى لترجمة المحتوى وتوطينه.

كما تناولت رؤية الشركة فى إنشاء شبكة إعلامية تعليمية تشمل الأفلام والمسلسلات القصيرة التى تقدم محتوى تعليميًا بشكل درامي، وعلى سبيل المثال من الممكن انتاج فيلم قصير عن رعاية كبار السن المصابين بـ”ألزهايمر”.

كما ناقش الدكتور إيهاب فكرى معايير اختيار المحاضرين، إذ يتم تقييمهم بناءً على خبراتهم العملية والأكاديمية، مع مراجعة دورية لجودة المحتوى، واستعرض التحديات التى تواجهها المنصة فى سوق تزداد تنافسيتها، مع وجود منصات مثل «يوديمي» و«كلاسيرا».

وإلى نص الحوار المتاح للجمهور:

● حازم شريف: ضيفنا اليوم شخصية بارزة فى مجال ريادة الأعمال والتعليم الإلكتروني، اسمه أصبح مألوفًا لدى الكثيرين من متابعى وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من خلال الخدمة التى يقدمها أو محتوى شركته. حتى لو لم يتفاعل البعض مباشرةً، فقد لفت انتباههم الجودة التى يقدمها. لهذا كان من الضرورى أن نستضيفه اليوم لنتعرف عن قرب على “ما داخل الصندوق”.

ضيفنا هو الدكتور إيهاب فكري، مؤسس شركة “المنتور”، التى شهدت انتشارًا واسعًا خلال الفترات الماضية، وحققت تأثيرًا كبيرًا فى مجال التعلم الإلكتروني.

إيهاب فكري: شكرًا لك، أستاذ حازم، على هذا التقديم.

● حازم شريف: من هو إيهاب فكري؟ ما مسيرتك التعليمية والمهنية حتى وصلت إلى تأسيس “المنتور”؟

إيهاب فكري: أنا خريج كلية التجارة بجامعة عين شمس عام 1993. قبل ذلك، كانت لديّ تجربة مختلفة فى مجال الموسيقى، حيث كنت أعمل مع شركة “صوت الحب” للإنتاج الموسيقي. لكن بعد التخرج، بدأت مسيرتى المهنية مع “كوبرز لايب”، التى أصبحت لاحقًا جزءًا من “برايس ووترهاوس كوبرز” (PWC)، إحدى كبرى شركات المحاسبة والاستشارات العالمية.

فى تلك الفترة، كنت مهتمًا جدًا بالدراسة الأكاديمية، فحصلت على شهادات مهنية مثل الـ CPA والـ CMA، وكان حلمى الحصول على ماجستير ودكتوراه فى الإدارة، لأننى كنت شغوفًا جدًا بهذا المجال. تنقلت بين عدة شركات، ليس فقط فى مجال المحاسبة، ولكن أيضًا فى قطاعات صناعية وتجارية مختلفة، حيث عملت فى اللوجستيات، التسويق، والتمويل.

● حازم شريف: وهل كل هذه التنقلات كانت خلال 3 سنوات فقط؟

إيهاب فكري: نعم، تقريبًا 3 أو 4 شركات قبل أن أنضم إلى “إكسون موبيل” عام 1996، حيث قضيت 21 عامًا.

● حازم شريف: ماذا كان دورك فى “إكسون موبيل”؟

إيهاب فكري: شغلت عدة مناصب عبر مسيرتى هناك، حيث عملت فى التحليل المالي، الحسابات، إدارة النقل والخدمات اللوجستية، التسويق، والبيع. كما توليت إدارة الائتمان لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط.

● حازم شريف: إذن كنت تتنقل بين مختلف الإدارات داخل الشركة؟

إيهاب فكري: بالفعل، وهذا جزء من إستراتيجية الشركات الكبرى فى تنمية موظفيها، حيث تمنحهم الفرصة لاكتساب خبرات متنوعة فى مجالات مختلفة.

● حازم شريف: على الجانب الأكاديمي، ما الذى درسته بعد تخرجك من الجامعة؟

إيهاب فكري: حصلت على ماجستير فى الإدارة (MBA) من الأكاديمية العربية منذ حوالى 20 عامًا، ثم حصلت على دكتوراه فى إستراتيجيات التسويق من الجامعة الأمريكية فى لندن.

● حازم شريف: أخبرتنى أنك قد أسست شركة استشارات إدارية أثناء عملك فى “إكسون موبيل”، ألا يشكل ذلك تضاربًا فى المصالح؟

إيهاب فكري: سؤال مهم. الشركات الكبرى لديها أنظمة إفصاح صارمة، حيث يجب على الموظف إبلاغ الإدارة بأى أنشطة خارجية، التى بدورها تقيم مدى تعارضها مع العمل. حصلت على الموافقة لمزاولة نشاط الاستشارات ضمن حدود معينة.

● حازم شريف: متى بدأت هذا المشروع؟ وما طبيعة الخدمات التى قدمتها؟

إيهاب فكري: بدأت الشركة عام 2008 أو 2009، وكان تركيزها على دعم الشركات الناشئة، حتى قبل انتشار مصطلح “Startup”. بالإضافة إلى ذلك، كنت أقدم محاضرات فى الإدارة، فى البداية كمتحدث زائر دون مقابل مادي، ثم لاحقًا بالتعاون مع مؤسسات تدريبية عالمية.

● حازم شريف: من الواضح أنك كنت تسعى لنقل خبرتك للآخرين، كيف أثر ذلك على توجهاتك المستقبلية؟

إيهاب فكري: لقد نشأت فى بيئة متوسطة، وتعلمت الإنجليزية على كبر، وأجبرنى ذلك على مواجهة تحديات كثيرة فى بداية مسيرتى المهنية. عندما كنت أحضر اجتماعات فى الشركات الكبرى، ولم أكن أفهم كل ما يُقال، لكننى كنت أحرص على التعلم. كنت محظوظًا بوجود مديرين دعمونى وشجعوني، وهذا ما دفعنى لاحقًا إلى تقديم الدعم نفسه للآخرين، خصوصًا لمن لم تكن لديهم فرصة الحصول على تعليم متقدم.

كتبت أول كتاب لى “فن الكلام”، وكان الهدف منه تبسيط مهارات التواصل والإدارة، ليكون فى متناول الجميع، خاصة لمن لا يملكون الموارد لحضور دورات تدريبية مكلفة.

● حازم شريف: هل يمكن اعتبار أن الكلمات تُحدث تأثيرًا حقيقيًا فى العمل، فى ظل أن الصراع الفعلى هو صراع مصالح؟

إيهاب فكري: دعنى أرجع خطوة إلى الوراء. المستشار الإدارى لديه العديد من الأدوات لتشخيص المشكلات، مثل التحليل الرباعى (SWOT Analysis)، وهى أداة قديمة، وهناك أيضًا تقنية “رفع البصمة” التى تعتمد على الأسئلة. من بين هذه الأدوات، هناك آلية تُعرف بـ”66 سؤالًا”، وهى تُستخدم عندما تكون المشكلة معقدة جدًا.

● حازم شريف: ما آلية الـ 66 سؤالًا فى تشخيص المشكلات داخل المؤسسات؟

إيهاب فكري: عندما نبدأ بحل مشكلة فى مؤسسة، سواء كانت تعانى من خسائر أو صراعات داخلية، نطرح سؤالًا فى البداية حول ماهية المشكلة. ثم نطرح 64 سؤالًا تغطى 4 جوانب رئيسية: المنتج أو الخدمة، الهيكل الإدارى والموارد البشرية، التسويق، والجانب المالي.

كل جانب يحتوى على 4 محاور رئيسية، وكل محور رئيسى يتفرع إلى 4 أسئلة أخرى، ليصبح المجموع 64 سؤالًا، ثم نعيد طرح السؤال الأول مجددًا. عادةً، تكون الإجابة الأخيرة مختلفة تمامًا عن الإجابة الأولى، مما يساعد فى تحديد المشكلة الحقيقية بدقة. فى بعض الحالات، لا نحتاج إلى جميع الأسئلة، إذ قد تتضح المشكلة مبكرًا، وفى أحيان أخرى نحتاج إلى طرحها بالكامل.

● حازم شريف: ننتقل إلى مسيرتك المهنية، كنت تعمل فى قطاع البترول مع “إكسون موبيل”، وتؤلف كتبًا فى الوقت ذاته، مع إمكانية التنقل واكتساب الخبرات من أعمال خارجية. ما الذى حدث بعد ذلك؟

إيهاب فكري: بعد نشر 4 كتب، بدأ الاهتمام الإعلامى يزداد. أول كتاب كان “فن الكلام” حول التواصل، والثانى “أصحاب الكاريزما” عن القيادة، والثالث “4 شارع النجاح”، وهو رواية تُعالج التخطيط الشخصى وإدارة الوقت، وهو حاليًا قيد التحويل إلى فيلم. أما الرابع فكان “فلسفة التفكير خارج الصندوق”، حول الإبداع.

خلال هذه الفترة، شاركت فى برامج تلفزيونية وإذاعية على قنوات مثل CBC وMBC وغيرها، مما جعلنى أدرك أهمية الجمع بين الإعلام والتعليم كأداة قوة ناعمة لنقل المعرفة والأفكار.

فى عام 2015، أثناء عملى فى دبي، كنت أتابع الأخبار والأسواق المالية، ورأيت خبر استحواذ “لينكد إن” على منصة “ليندا دوت كوم” المتخصصة فى التعليم الإلكترونى مقابل 1.5 مليار دولار. حينها، كنت أمتلك شركة استشارات صغيرة يعمل بها زملاء من ألمانيا وماليزيا، فقررت أن نوقف العمل على المشاريع الأخرى لمدة عام لدراسة قطاع التعليم الإلكترونى بعمق.

● حازم شريف: هل يعنى ذلك أنهم قدموا استقالاتهم وأنت تكفلت برواتبهم خلال فترة البحث؟

إيهاب فكري: لا، كانوا زملائى فى شركتى الخاصة، وبدلًا من العمل على مشاريع جديدة، قررت تمويل البحث حول التعليم الإلكترونى شخصيًا.

● حازم شريف: إذن، بعد 9 أشهر من البحث، ما الذى اكتشفتموه؟

إيهاب فكري: أدركت أن التعليم الإلكترونى ليس مجالًا واحدًا، بل ينقسم إلى 16 قطاعًا مختلفًا، أعقدهم التعلم المستمر عبر الفيديو أونلاين.

● حازم شريف: ما المقصود بالتعلم المستمر؟

إيهاب فكري: التعلم التقليدى له بداية ونهاية، مثل دخول المدرسة ثم التخرج من الجامعة. أما التعلم المستمر، فهو رحلة مستمرة طوال الحياة، حيث يتعلم الإنسان مهارات جديدة باستمرار لتحقيق أهداف معينة، وليس فقط للحصول على شهادة. إنه يشبه سفينة لا ترسو أبدًا، بل تبحر دائمًا.

التعلم المستمر عبر الفيديو يجمع بين 3 صناعات: التعليم، والإعلام، والتكنولوجيا. فهو لا يتعلق فقط بنقل المعرفة، بل يعتمد أيضًا على إنتاج المحتوى المرئى وعرضه عبر منصات إلكترونية. على عكس المؤسسات التعليمية التقليدية، التى قد تستمر لعقود حتى لو لم تكن بجودة عالية، فإن التعليم الإلكترونى يتطلب تكاملًا بين هذه الصناعات لضمان استمراريته وجودته.

● حازم شريف: خلال مسيرتك فى الاستشارات والتدريس وإدارة التعليم، إلى جانب عملك فى “إكسون موبيل” ودراستك للإدارة، ما الذى دفعك لإطلاق تجربة التعليم المستمر القائمة على دمج 3 صناعات؟

إيهاب فكري: قررت ترك جميع هذه المجالات، وكان القرار صعبًا للغاية. فقد استقلت من “إكسون موبيل” رغم وضعى كخبير دولى يعمل خارج مصر، وهو منصب يوفر امتيازات كبيرة، وبعد 20 عامًا كان بإمكانى الاستمرار والاحتفاظ بمكافآت ضخمة.

لكننى فضلت التضحية بهذا كله، إلى جانب التوقف عن الكتابة، رغم أننى كنت قد أسست قاعدة قوية مع دور النشر وصالونات شهرية لمناقشة الأفكار. كما أوقفت التدريس، رغم كونه شغفى الأكبر، وكذلك الاستشارات، وذلك لأن صناعة التعلم المستمر عبر الفيديو لم تكن موجودة فى العالم العربي، ولم أكن أخطط لإنشاء صناعة جديدة، لكن أثناء العمل على الفكرة، تأسست الصناعة بشكل طبيعي.

لذلك، استقلت وأطلقت شركة فى دبي، حيث كنت أعيش وأولادى فى المدارس. واليوم، فى عمر 54 عامًا، أبنائى كبروا والحمد لله.

● حازم شريف: كيف كان رد فعل عائلتك عندما قررت ترك كل ذلك والمخاطرة بالاعتماد على مدخراتك؟

إيهاب فكري: هناك نوعان من الأشخاص فى هذه المواقف، الأول يحتفظ بحلمه سرًا ثم يعلنه فجأة، فيفاجئ المحيطين به، والثانى يشارك حلمه مبكراً مع من حوله، فيصبح الجميع جزءًا منه. أنا كنت من النوع الثاني، فقد ناقشنا الفكرة سويًا لفترة طويلة، ودرسناها جيدًا قبل تنفيذها.

● حازم شريف: لكن الزوجة عادةً تميل إلى الاستقرار، وتخشى المخاطرة ألم تعارض قرارك وتطلب منك التريث؟

إيهاب فكري: لن أدعى البطولة هنا، لكن الوضع المالى لم يكن مصدر قلق كبيرًا، فلم يكن هناك تهديد اقتصادى مباشر. ما كنا نركز عليه هو الفجوة الكبيرة فى التعليم المستمر فى العالم العربي، واحتياجات السوق للتكنولوجيا والمحتوى التعليمى الحديث. كما أجرينا تجربة مبكرة بإطلاق فيديوهات أسبوعية ضمن مبادرة “فن الحياة”، وحققت ملايين المشاهدات، مما أكد لنا أن الفكرة قابلة للنجاح.

● حازم شريف: حدثنى عن شركتك “المنتور” وكأننى مستثمر مهتم بها.

إيهاب فكري: الفكرة جاءت حينما أدركنا أن هناك مشكلة فى جودة التعليم فى العالم العربى والتى أصبحت تتراجع عبر الأجيال، مما يؤثر على الصناعة، الإبداع، وحتى القيم العامة.

الدول تحاول معالجة هذا التراجع ببناء المدارس والجامعات، لكن ذلك يتطلب مليارات الدولارات والعديد من السنوات، وبالتالى “المنتور” كانت هى الحل.

● حازم شريف: إذن، هل تعتقد أن فكرتك لن تنجح فى الدول المتقدمة؟

إيهاب فكري: على العكس، أكبر شركات التعليم المستمر مثل “ليندا”، التى استحوذت عليها “لينكد إن” مقابل 1.5 مليار دولار، مقرها فى كاليفورنيا. حتى فى الدول المتقدمة، هناك نقاشات مستمرة حول تدهور جودة التعليم وضرورة إيجاد حلول جديدة.

● حازم شريف: وما الحل الذى تقدمه؟

إيهاب فكري: نهدف إلى تقديم منصة علمية موثوقة، حيث يضمن المستخدم أن المحتوى الذى يتلقاه مقدم من خبراء مؤهلين، سواء أكاديميًا أو عمليًا، مما يساعده فى تطوير مهاراته باستمرار.

خاصة أن الخريج ليس لديه منصة معتمدة للحصول على المعلومات الجديدة، وإذا لجا إلى “يوتيوب”، لا يستطيع التمييز بين المحتوى العلمى الموثوق والمعلومات المغلوطة.

● حازم شريف: هل هناك دراسات تثبت وجود فرق فى الجودة مثلا بين الحصول على شهادة MBA حضوريًا فى جامعات مثل “هارفارد” أو “ستانفورد”، وبين الحصول عليها عبر التعلم عن بُعد من المؤسسة نفسها؟

إيهاب فكري: التعليم عن بُعد يعتمد على طبيعة المادة الدراسية والمحتوى الذى يتم تدريسه، على سبيل المثال، أحد كبار أطباء الأسنان أخبرنى أنه يواجه صعوبة فى شرح تشريح الفك لطلابه، حيث لا يستطيعون رؤية التفاصيل الدقيقة كما يراها هو. لذا، إذا تمكن من عرض المجسمات ثلاثية الأبعاد على الشاشة، فسيكون ذلك أكثر فاعلية من التعليم التقليدي.

فى المقابل، هناك مواد تتطلب التفاعل المباشر. مثلًا، عند العمل على جداول البيانات (Excel)، قد يكون من الصعب مشاركة شاشة صغيرة مع زميل فى القاعة الدراسية، بينما يمكننا بسهولة العمل معًا عبر الإنترنت دون قيود المسافة.

والتعلم المدمج (Blended Learning) هو الحل الأمثل فى معظم الحالات، ويتمثل هذا النموذج فى الجمع بين التعليم التقليدى والتعليم الرقمي، بحيث يدرس الطالب المحتوى النظرى عبر مقاطع الفيديو قبل حضور المحاضرة، مما يعزز الفهم والتطبيق العملى لاحقًا. بعد ذلك، قد يُطلب منه تنفيذ مشروع تطبيقى لاكتساب الخبرة العملية.

ولكن بعض التخصصات، مثل الجراحة أو تصفيف الشعر، لا يمكن تعلمها إلا من خلال الممارسة المباشرة بإشراف الخبراء. أما فى مجالات مثل الهندسة المعمارية، فيمكن تدريس الفلسفة النظرية عبر الإنترنت، بينما يحتاج التصميم والتطبيق العملى إلى تفاعل مباشر.

فباختصار، لا يوجد نموذج واحد يناسب جميع المجالات، فكل تخصص يتطلب مزيجًا متوازنًا بين التعليم الإلكترونى والتجربة العملية وفقًا لطبيعته.

● حازم شريف: كيف يمكن للتكنولوجيا تعويض ميزة الاحتكاك بثقافات مختلفة التى يكتسبها الطلاب عند الدراسة فى الخارج؟

إيهاب فكري: التعليم، كغيره من مجالات الحياة، يتأثر بالتطورات التكنولوجية ولا يُستثنى من التحول الرقمي، وعلى سبيل المثال، التواصل الاجتماعى عبر المنصات الرقمية أصبح بديلاً جزئيًا عن اللقاءات التقليدية، حيث يساهم فى تقليل المسافات وكسر الجفاء، لكنه لا يمكن أن يحل محل التواصل المباشر بنسبة %100.

أما فيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا على التفاعل بين الطلاب من ثقافات وخلفيات مختلفة، فإن التعلم عبر الإنترنت يوفر حلولًا لتعزيز التواصل والتعاون بينهم. لكن هل يحقق الفائدة نفسها التى يكتسبها الطلاب من تجربة سفر حقيقية تستمر لأسابيع، حيث يعيشون بيئة جديدة ويتفاعلون بشكل مباشر؟ بالتأكيد لا.

لذلك، لا يمكن الاعتماد كليًا على نموذج تعليمى واحد، بل يجب الاستفادة من مزايا كل وسيلة لتحقيق أفضل تجربة تعليمية ممكنة.

● حازم شريف: بالرجوع لشركة “المنتور” عند تأسيسها فى 2016، كيف كانت الانطلاقة مع المؤسسين؟

إيهاب فكري: عندما بدأت “المنتور”، كان ذلك بالشراكة مع مؤسسين آخرين. استغرق الأمر بعض الوقت لإقناعهم بترك وظائفهم فى شركات عالمية كبرى والانضمام إليّ، رغم أننى لم أكن قادرًا على دفع رواتبهم كاملة، بل عرضت عليهم %50 فقط من رواتبهم، إلى جانب أسهم فى الشركة، مؤمنًا بأنها ستصبح مشروعًا كبيرًا فى المستقبل.

● حازم شريف: كم كان عدد المؤسسين؟

إيهاب فكري:عندما بدأنا، كان شريكى المؤسس إبراهيم كامل، الذى شغل منصبًا أعلى منى فى “إكسون موبيل”، يتمتع بشخصية قيادية قوية. كنت أبحث عن شريك بهذه المواصفات لقيادة شركة قد تصبح متعددة الجنسيات. استغرقت عامًا كاملًا فى محاولات إقناعه بالفكرة، حيث كنت أشاركه أفكارى وأعرض عليه مختلف الجوانب حتى نجحت فى ذلك.

● حازم شريف: ومن الأعضاء المؤسسون الآخرون؟

إيهاب فكري: كان هناك 3 متخصصين آخرين، أحدهم فى التعليم عبر الإنترنت، والآخر فى التسويق الإلكتروني، والثالث فى الشؤون المالية.

● حازم شريف: كم كان عمركم آنذاك؟ وهل ريادة الأعمال تقتصر على الشباب فقط؟

إيهاب فكري: كنت فى السادسة والأربعين من عمرى حينها، وكان إبراهيم كامل يكبرنى بعام واحد، بينما كان بقية الفريق فى الفئة العمرية نفسها تقريبًا، جميعنا تجاوز الأربعين ولدينا خبرة تتراوح بين 20 إلى 30 عامًا.

لا يمكننى الادعاء بأننى المؤسس الوحيد، رغم أن الفكرة الأولى خطرت لي، لكننى كنت شريكًا مؤسسًا إلى جانب إبراهيم و3 آخرين. هؤلاء الشركاء بذلوا جهدًا كبيرًا خلال أول 18 شهرًا لإطلاق المشروع، لكن لم يكن من الممكن استمرار جميع الأسماء الكبيرة لفترة طويلة. حصلوا على أسهمهم وانطلق كل منهم فى مساره، بينما واصلت أنا مع إبراهيم المشوار.

● حازم شريف: ما حجم رأس المال الذى تم ضخه عند تأسيس الشركة؟

إيهاب فكري: بدأت بمبلغ صغير يتراوح بين 100 إلى 200 ألف دولار كمرحلة تجريبية (Co-Pilot) لاختبار الفكرة قبل إشراك مستثمرين آخرين.

● حازم شريف: هل كان هذا الاستثمار موجّهًا لإنتاج فيديوهاتك الخاصة التعليمية؟

إيهاب فكري: لم يقتصر الأمر على الفيديوهات فقط، بل شمل تجارب متعلقة بالتكنولوجيا والتسويق، بهدف دراسة الجدوى وتحديد التكلفة الفعلية للمشروع. وبعد نجاح المرحلة الأولية، توصلنا إلى أن الانطلاق بشكل جاد يتطلب استثمارًا لا يقل عن 3.5 مليون دولار، فكان القرار إما أن نبدأ بقوة أو لا نبدأ على الإطلاق.

● حازم شريف: هل جمعتم التمويل ذاتيًا أم لجأتم إلى مستثمرين؟ وهل اعتُبرت هذه جولة تمويلية؟

إيهاب فكري: كانت عن طريق مستثمرين، من خلال جولة تمويلية أولية، تُعرف بـ”التمويل التأسيسي” (Seed Funding)، منذ حوالى 8 سنوات.

● حازم شريف: التمويل البالغ 3.5 مليون دولار كان مقابل أى نسبة من الشركة؟

إيهاب فكري: أعتذر عن ذكر النسب الدقيقة، حيث إن هذه المعلومات تخضع لاتفاقيات سرية مع المستثمرين الجدد، الذين يوقعون على عدم الإفصاح عند الانضمام.

● حازم شريف: لكننى أتحدث عن جولة تمويلية سابقة دون ذكر أسماء، فقط لتوضيح النسبة التى حصل عليها المستثمر، هل كانت نحو %15 أو %20 مثلًا؟

إيهاب فكري: النسبة كانت كبيرة وتجاوزت %20 وهى أعلى من المعدلات المعتادة التى تتراوح بين 5 و%10 فى مثل هذه الجولات.

● حازم شريف: ماذا كان الهدف الأساسى لاستخدام هذه الأموال؟

إيهاب فكري: تم استخدام الأموال لإنشاء أول منصة تعليمية متخصصة فى التعليم المستمر، تستهدف جذب أول 10.000 مشترك يدفعون مقابل التعلم فى مختلف مجالات الحياة.

● حازم شريف: لجذب 10.000 مستخدم للمنصة، أنت بحاجة إلى عنصرين رئيسيين: منتج قوى وإستراتيجية تسويق فعالة. فكيف تعاملت مع ذلك؟

إيهاب فكري: الفكرة وراء المنتج هى تطوير منصة تدريبية سهلة الاستخدام، تشبه تجربة “نتفليكس”، حيث يستمتع المستخدم بمشاهدة الدورات التعليمية دون أن يشعر بأنه ملزم بالتعلم، أما من ناحية التكلفة، فحرصنا على أن يكون سعر الاشتراك أقل من %5 من تكلفة الدورات التقليدية.

● حازم شريف: هل تعملون بنظام بيع الكورسات بشكل فردى أم بنظام الاشتراك؟

إيهاب فكري: عندما بدأنا، كان لدينا 3000 فيديو ضمن مكتبة ضخمة، فى البداية، لم نعتمد نموذج الاشتراك، بل قررنا تقديمه عندما نصل إلى 10.000 فيديو.

● حازم شريف: وهل كانت هذه الدورات معتمدة بشهادات أم مجرد محتوى تعليمى يستمع فيه المتلقى إلى محاضراتك مثل حول الإدارة؟

إيهاب فكري: نعم، هناك بعض الدورات التدريبية التى نقدمها بالتعاون مع جامعات مثل جامعة النيل، وجامعة حمدان بن محمد الذكية، وبعض الكليات فى جامعة عين شمس وغيرها. هذه الدورات تصدر باسم “المنتور” إلى جانب اسم المحاضر، كما تحمل ختم الجامعة المعنية.

أما الدورات الأخرى، مثل تربية الأبناء، أو مهارات التحدث والفنون التواصلية، أو إدارة التغيير، فلا يشترط أن تكون معتمدة من جامعة محددة، حيث تختلف طبيعة كل برنامج وما يتطلبه من اعتماد أكاديمي.

● حازم شريف: هناك مدرستان فيما يخص مفهوم مصطلح “المنتور”، الأولى تركز على أن الجميع بحاجة إلى مرشد مهني. والثانية تعتبر أن الأمر مجرد شكل من أشكال التنمية البشرية، برأيك، هل وجود “منتور” ضرورى لتحقيق النجاح والتقدم، أم أن الأمر مجرد تسويق؟

إيهاب فكري: دعنى أوضح بدايةً لماذا أطلقنا على المنصة اسم “المنتور”، رغم أنها باللغة الإنجليزية. كلمة “منتور” ليست مصطلحًا غربيًا مستحدثًا، بل تعود إلى الفلسفة الإغريقية، حيث كان المنتور شخصية ترشد وتوجه المحاربين.

المنتور ليس معلّمًا أو مستشارًا يفرض رأيه، بل هو شخص يساعدك على رؤية الخيارات المتاحة، كمن يضيء لك الطريق دون أن يحدد لك الوجهة. على سبيل المثال، إذا أخبرنى ابنى بأنه يريد ترك الجامعة لبدء مشروعه الخاص، فإن دور “المنتور” هنا هو توضيح النتائج المحتملة لكل خيار، وليس اتخاذ القرار نيابة عنه.

أما عن فكرة أن يكون لكل شخص “منتور” واحد فقط فى حياته، فأرى أن ذلك قد يحمل بعض المخاطر. فالمثل الأعلى، على سبيل المثال، قد يكون شخصية تاريخية لا تربطنا بها أى علاقة مباشرة، أما المنتور فهو شخص يتفاعل معك، يواجهك بوجهة نظره، لكنه لا يُلزِمك بها.

لذلك، أنصح كل شخص بالاستفادة من مصادر متنوعة، وألا يبنى رحلته المهنية أو الحياتية على شخص واحد فقط، لأن ذلك قد يؤدى إلى صدمة فى حال تغير هذا الشخص أو اكتشفنا عيوبه. التوازن يأتى من تعدد مصادر المعرفة والتعلم.

● حازم شريف: كم كان عدد الدورات التدريبية المتاحة فى فترة البداية؟ وكم هى حاليًا؟

إيهاب فكري: كما ذكرت، فى المرحلة الأولى كان لدينا حوالى 3000 فيديو تدريبى ضمن الدورات المتاحة، أما الآن فلدينا ما يقارب من 50 ألف فيديو. حينها، كان هدفنا الأساسى هو إنتاج تلك الدورات بتمويل 3.5 مليون دولار، مع وضع مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) لتقييم التقدم.

وفيما يخص التكنولوجيا، اعتمدنا معايير مثل سرعة تحميل المحتوى مقارنة بمنصات مثل “شاهد”، “نتفليكس”، و”سبوتيفاي”، لضمان تجربة مستخدم سلسة.

أما من حيث المحتوى التعليمي، فكرنا فى إستراتيجيات مختلفة: هل نقدم موضوعات متنوعة، أم نركز على الأكثر طلبًا، أم نستهدف نخبة الخبراء الأكثر تأثيرًا؟ واخترنا الخيار الثالث.

أجرينا دراسة لاختيار أفضل 100 مدرب على أرض الواقع فى المنطقة العربية، وليس فقط فى مصر أو الإمارات، بحيث يكون لهم تأثير واضح فى الجامعات والشركات والدورات التدريبية.

● حازم شريف: كيف أعددتم هذه الدراسة؟ وكيف توصلتم إلى هذا التصنيف، وما المنهجية التى اعتمدتموها فى دراستكم؟

إيهاب فكري:من خلال خبرتى فى مجال التدريب، أعرف جيدًا أين يتم تنفيذ البرامج التدريبية، سواء فى الجامعات أو الشركات أو المؤسسات التعليمية.

وقمنا بالتعاون مع كبرى شركات التدريب، خاصة تلك التى تقدم برامج للبنوك والشركات الكبرى، وبدأنا فى تحديد الموضوعات الأكثر طلبًا مثل خدمة العملاء، مهارات التواصل، والمحاسبة لغير المحاسبين. من هناك، حددنا الشركات الناجحة فى هذه المجالات والمدربين الذين يعملون معها.

● حازم شريف:إذن، كيف تم اختيار القائمة النهائية من 100 مدرب؟

إيهاب فكري:هدفنا كان الوصول لأقوى 100 مدرب، وتمكنا من تحقيق ذلك. قمنا بالتواصل معهم بشكل فردي، وشرحنا الفكرة بالتفصيل، خاصة أنها جديدة وقد تثير بعض التساؤلات حول نجاحها. وضّحنا أن العملية تشبه تحول صناعة الترفيه من المسرح والسينما إلى المنصات المنزلية، وأن التعليم سيتبع المسار نفسه.

● حازم شريف:كم مدربًا اقتنع بالفكرة؟

إيهاب فكري:نجحنا فى إقناع 100 مدرب، وهو الهدف الذى كنا نسعى إليه.

● حازم شريف:هل هناك عدد ساعات محدد للدورات؟

إيهاب فكري:متوسط الدورة التدريبية حوالى ساعتين، وقد تتكون من 10 إلى 20 محاضرة. لكن إذا كانت الدورة تتناول موضوعًا متخصصًا مثل “MBA” أو دبلومة معينة، فقد تصل إلى 100 محاضرة، أى حوالى 10 ساعات. نحن لا نحدد حدًا أدنى أو أقصى، بل نترك الأمر مرنًا حسب طبيعة الموضوع واختيار المدرب.

● حازم شريف:هل كانت البداية بالتركيز على الموضوعات الأكثر شعبوية؟

إيهاب فكري:نعم، كانت أكثر قربًا من الناس وأكثر تأثيرًا. حتى المحاضر نفسه يشعر بأنه قوى فى الموضوع الذى يقدمه.

● حازم شريف:كيف تتم محاسبة المحاضر؟

إيهاب فكري:كنا نعمل بنموذج محدد، حيث يتم تخصيص نسبة من إيرادات الكورس للمحاضر. على سبيل المثال، إذا كانت تكلفة الدورة 1000 جنيه، فإن %30 إلى %40 تذهب للمحاضر، والباقى يذهب لشركة “المنتور”.

● حازم شريف:إذن، كنت تعمل بنظام الاشتراك لكل كورس فى البداية، وليس بالنظام الذى يشبه “نتفليكس”، أى أن الاشتراك كان للكورس وليس للمنصة بأكملها.

إيهاب فكري:بالضبط، كأننا فى شراكة. نحن نقدم الجهد التقنى والتسويقي، والمحاضر يقدم وقته وخبرته.

● حازم شريف:إذا كان لدى اشتراك فى المنصة ككل كالوضع الحالى الآن، كيف تتم محاسبة المحاضرين على المحتوى الذى يقدمونه؟

إيهاب فكري:ما يحدث هنا أننا ننظر إلى عدد دقائق المشاهدة لكل محتوى. لنفترض أن هناك مليون دقيقة مشاهدة خلال شهر معين. إذا كان محتوى أحد المحاضرين قد حظى بـ10.000 دقيقة مشاهدة، بينما محتوى آخر حصل على دقائق أقل، فإننا نوزع الأرباح بناءً على نسبة المشاهدة.

فإذا حققت المنصة مليون دولار فى ذلك الشهر، يتم توزيع %30 من الأرباح على المحاضرين وفقًا لعدد الدقائق التى شوهدت لكل محتوى. هذا النظام يعتمد على مشاركة الأرباح مع المحاضرين بناءً على أداء محتواهم.

● حازم شريف:ما أكثر الدورات التدريبية تحقيقًا للأرباح؟

إيهاب فكري:من خلال تحليل البيانات، لاحظنا أن الدورات المتعلقة بعلم النفس، واللايف كوتشينج، وتربية الأبناء، وإدارة العلاقات تحظى بإقبال كبير، خاصة من السيدات والفتيات اللاتى يعشن خارج المدن الكبرى. هذه الفئة تبحث عن تطوير الذات وتحسين حياتها، خاصة فى المجتمعات التى قد تكون فيها فرص التعلم محدودة.

كما أن الدورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات شهدت طفرة كبيرة مؤخرًا، بينما تراجعت قليلاً تلك المتعلقة بالبرمجة. والتسويق الرقمى أيضًا كان من المجالات الرائدة، لكنه تأثر بظهور تقنيات جديدة مثل تلك التى تقدمها منصات مثل “تيك توك”.

● حازم شريف:إذن، هل يمكن القول إن الدورات تتبع الاتجاهات السائدة “التريند”؟

إيهاب فكري:بالتأكيد، وبعض المجالات مثل العلوم الإنسانية والإدارة والتسويق تحافظ على استقرارها، بينما تظهر مجالات جديدة تتبع التطورات التكنولوجية. على سبيل المثال، دورات الذكاء الاصطناعى أصبحت مطلوبة بشدة، بينما تراجعت دورات البرمجة التقليدية. هناك أيضًا دورات تبقى ذات شعبية مستمرة، مثل تلك المتعلقة بإدارة الضغوط والعلاقات الإنسانية.

● حازم شريف:ما المجالات الأكثر مشاهدة فى الدورات التدريبية؟

إيهاب فكري:الإدارة بفروعها المختلفة، والتسويق، وعلم النفس التطبيقى فى بيئة العمل، وإدارة التغيير، واللغات، كلها مجالات تحافظ على استقرارها. هذه المجالات تشكل أساسًا قويًا للمحتوى التعليمي، وتوفر دخلًا ثابتًا للمنصة والمحاضرين.

● حازم شريف:إذن، يمكن القول إن هناك توازنًا بين المجالات التى تحافظ على استقرارها والمجالات التى تتبع “التريندات”؟

إيهاب فكري:بالضبط، المنصة توفر للمستخدمين الفرصة للتعلم من المجالات الثابتة التى تبقى ذات قيمة مع مرور الوقت، بينما تتيح لهم أيضًا استكشاف المجالات الجديدة التى تظهر مع التطورات التكنولوجية والاجتماعية.

● حازم شريف:فيما يتعلق باختيار المحاضرين. هل تعتمدون على الشعبية على السوشيال ميديا كمعيار أساسي؟ بمعنى أنه لو أن هناك شخصا مشهورا لكن محتواه غير قوي، هل تجلبونه فقط لتحقيق أرباح؟

إيهاب فكري:لدينا معايير واضحة لاختيار المحاضرين. نحرص على التأكد من مؤهلات الشخص وقدرته على تقديم محتوى قيّم. حتى لو كان مشهورًا، يجب أن يكون محتواه ذا قيمة علمية.

نبدأ بتقييم مبدئى قبل التعاقد، ثم نتابع التقييم خلال الأسابيع الأولى بعد إطلاق الدورة. لدينا أيضًا آلية مراجعة دورية، وخلال السنوات الثمانى الماضية، تم إلغاء %2.

● حازم شريف:لماذا تم إلغاء هذه النسبة؟

إيهاب فكري:تم إلغاؤها لأسباب تتعلق بعدم الدقة العلمية أو وجود أخطاء جوهرية. ونحن حريصون كذلك على ألا يُستخدم المحتوى لخدمة أيديولوجيات أو توجهات سياسية أو دينية. نريد أن يبقى المحتوى محايدًا وموثوقًا.

● حازم شريف:ما المعايير الأساسية لاختيار المحاضر أو الدورة؟

إيهاب فكري:أولًا، نتحقق من المرجعية الموثوقة للمحاضر، سواء كانت أكاديمية أو عملية. ثانيًا، نركز على علاقة المحاضر بالموضوع الذى يتحدث عنه. ثالثًا، نحرص على جودة المحتوى من خلال فريق مراقبة الجودة. رابعًا، نقيّم أداء المحاضر وقدرته على توصيل المعلومات بشكل فعال. أخيرًا، نستمع لتعليقات الجمهور بعد إطلاق الدورة.

● حازم شريف:كيف تتعاملون مع الملاحظات الفنية من الجمهور؟

إيهاب فكري:نرحب بأى ملاحظات، حتى لو كانت صغيرة مثل أخطاء إملائية. نكافئ من يبلغنا عنها، ونقوم بتصحيحها فورًا. لدينا شباب موهوبون يساعدوننا فى اكتشاف الأخطاء التقنية، ونحرص على تشجيعهم.

وتظهر أحيانًا بعض الملاحظات الشخصية، مثل انتقاد اللهجة أو الأسلوب، ولكننا نتعامل معها بجدية ونحرص على تحسين جودة المحتوى بشكل مستمر. المنافسة فى هذا المجال دائمة، لذا نعمل باستمرار على تطوير أنفسنا وتحسين أدائنا، فى عملية تصحيح وتطوير لا تتوقف.

● حازم شريف:“المنتور” جمعت 3.5 مليون دولار، وبدأت العمل للوصول إلى 10 آلاف مشترك. فمتى حققتم هذا الهدف تحديدًا؟

إيهاب فكري:فى البداية، كنا نعمل بشكل غير معلن لمدة 18 شهرًا دون الإعلان عن وجود “المنتور”، وهدفنا كان إقناع أول 100 عميل وبناء التكنولوجيا اللازمة قبل الإطلاق الكبير. قضينا 18 شهرًا فى البناء، ثم حققنا الـ10 آلاف مشترك فى الستة أشهر التالية.

● حازم شريف:بعد أن أنفقتم 3.5 مليون دولار وحققتم الهدف. هل دخلتم بعدها فى جولة تمويلية ثانية؟

إيهاب فكري:نعم، دخلنا جولة تمويلية ثانية بمشاركة مؤسسات كبرى، بما فى ذلك حكومات مصر والإمارات.

● حازم شريف:هل هذه الحكومات مساهمة أم شركاء فقط؟

إيهاب فكري:هم مساهمون، أى يحملون أسهمًا فى “المنتور”.

● حازم شريف:كيف يتم تمثيل هذه الحكومات فى المساهمة؟

إيهاب فكري:وزارة التعاون الدولى المصرية لديها ذراع استثمارية تُدعى “إيجيبت فينتشرز”، وهى مستثمرة معنا. أيضًا، “سوارى فينتشرز”، وشركة اتصالات الإمارات، التى تمثل الحكومة الإماراتية، و”بارتك” الفرنسية، و”سانجو كابيتال” من جنوب أفريقيا.

● حازم شريف:بعد كم جولة تمويلية جاءت هذه الشراكات؟

إيهاب فكري:بعد الجولة الأولى التى بلغت 3.5 مليون دولار، انضم إلينا “سواري” و”إيجيبت فينتشرز” و”سانجو كابيتال” و”أندى كابيتال”. عندما يرون نجاح الشركة، ينضم للاستثمار آخرون.

● حازم شريف:ما نسبة المؤسسين بالشركة حالياً بعد كل التمويلات التى حصلتم عليها؟

إيهاب فكري:حوالى %40 متبقية كحصة للمؤسسين.

● حازم شريف:أليست هذه نسبة قليلة؟

إيهاب فكري:على العكس، تعتبر كبيرة. بعض الشركات الناجحة قد تصل نسبة المؤسسين فيها إلى %3 فقط. بعد تسع سنوات، ما زلنا نحتفظ بهذه النسبة الكبيرة.

● حازم شريف:ما التقييم الحالى للشركة وفقًا لأحدث تقييم تم إجراؤه؟

إيهاب فكري:فى الواقع، لا يمكننى الإفصاح عن ذلك بشكل مباشر.

● حازم شريف:أعني، ما هو تقييمك الشخصى للشركة؟

إيهاب فكري:هذا سؤال يصعب الإجابة عليه بشكل علني. تقييم الشركة يعتمد على آليات محددة، مثل عدد المستخدمين، والأرباح، والصناعة التى نعمل بها. نستخدم معايير مختلفة لتحديد القيمة، ولكن فى النهاية، التقييم الحقيقى يتم عند إتمام الصفقات مع المستثمرين.

● حازم شريف:هل أصبحت الشركة “يونيكورن” (تقدر بمليار دولار أو أكثر)؟

إيهاب فكري:لا، لم نصل بعد إلى مرحلة “اليونيكورن”. الإفصاح عن مثل هذه المعلومات قد يؤثر سلبًا على أى مفاوضات جارية مع المستثمرين. نتعامل مع بيوت خبرة مالية عالمية لتقييم الشركة، ونتجنب الإعلان عن أى أرقام قبل إتمام الصفقات.

● حازم شريف:بعد الجولة التمويلية الأخيرة التى جمعت 26 مليون دولار، أصبحت حصة المساهمين %60 بينما يحتفظ المؤسسون بـ%40 ما أبرز الأرقام المتعلقة بعدد المشتركين والمحاضرين وساعات المشاهدة؟

إيهاب فكري:لدينا حوالى 2.7 مليون مستخدم تعلموا عبر منصتنا منذ انطلاقها. نحن نعمل كشريك تعليمى مع العديد من الحكومات العربية، ونشارك فى مشاريع قومية فى مصر والسعودية والإمارات.

على سبيل المثال، فى مصر، شاركنا فى مبادرة “مودة” التى تهدف إلى تعليم مليون شاب وفتاة مبادئ الزواج الناجح، ووصل عدد المستفيدين إلى نحو 750 ألف شخص حتى الآن. كما شاركنا فى مشروع “محمد بن راشد للمدرسة الرقمية” فى الإمارات، والذى يستهدف الطلاب فى المناطق الصعبة.

● حازم شريف:إذن، دور شركة “المنتور” فى هذه المشاريع يشبه دور المقاول الذى ينفذ المشروع ثم يسلمه؟

إيهاب فكري:بالضبط. نحن نعمل مع صاحب الرؤية، سواء كان جهة حكومية أو خاصة، لبناء المحتوى وإدارة العملية التعليمية. على سبيل المثال، فى مشروع “أشبال مصر الرقمية”، نقوم ببناء المحتوى التعليمى وضمان حصول الطلاب على شهاداتهم بشكل سليم.

● حازم شريف: ما نسبة إيراداتكم من الشراكات مع الحكومات؟

إيهاب فكري: تمثل نسبة كبيرة، ولها أهمية إستراتيجية. ومنذ البداية، كان هدفنا تقديم محتوى عالى الجودة يعكس صورة عالمية، فالعمل مع الحكومات كان خيارًا أساسيًا لضمان الاستقرار والتوسع. وفى البداية، شكلت هذه الشراكات نحو %80 من أرباح “المنتور”، لكن مع نمو الدورات الأخرى، بدأ هذا التوزيع فى التغير.

● حازم شريف: إلى جانب الشراكات الحكومية (B2G)، والدورات المباشرة للأفراد (B2C)، هل لديكم مسارات أخرى مثل التعاون مع الشركات (B2B)؟

إيهاب فكري: نعم، لدينا مسار (B2B) الذى يستهدف تدريب موظفى الشركات. فهناك مؤسسات صغيرة تضم 15 أو 50 موظفًا، وأخرى مثل البنوك تضم آلاف الموظفين، وكلها بحاجة إلى برامج تدريبية متخصصة.

● حازم شريف: هل تحصل هذه الشركات على دورات مخصصة أم تكتفى بالاشتراك فى المحتوى المتاح على المنصة؟

إيهاب فكري: كلا النموذجين متاح. بعض الشركات تفضل الاشتراك فى الدورات الجاهزة مع إمكانية متابعة تقدم موظفيها عبر تقارير دورية، بينما تطلب شركات أخرى تصميم دورات حصرية تناسب احتياجاتها وتكون متاحة فقط لموظفيها. كما أن هناك مؤسسات تمتلك أنظمة تعليم إلكترونى خاصة بها وتطلب منا إنتاج المحتوى وتسليمه لها مباشرة دون استضافته على منصتنا.

● حازم شريف: هل هناك أشكال أخرى من التعاون؟

إيهاب فكري: نعم، هناك نموذج (B2B2C)، حيث تتعاون “المنتور” مع شركات وسيطة تقدم خدماتها للأفراد. مثال على ذلك، عندما توفر شركات الاتصالات اشتراكًا فى “نتفليكس” ضمن باقاتها، فنتفليكس تحصل على العائد من الاتفاق مع شركة الاتصالات وليس من المستخدم النهائى مباشرة. الفكرة نفسها تنطبق على “المنتور” فى بعض الشراكات.

● حازم شريف: كم عدد الشراكات التى أبرمتموها حاليًا؟ وهل يمكن للعملاء الجدد الحصول على اشتراك مجانى فى “المنتور” عند الاشتراك فى خدمات معينة؟

إيهاب فكري: هذا العام وقعنا عقود شراكة مع 10 شركات ضمن اتفاقية B2B2C، وقريبًا سيتم الإعلان عن تفاصيل هذا التعاون، حيث يحصل المشتركون فى هذه الشركات على اشتراك مجانى فى “المنتور” كجزء من الباقة المقدمة لهم.

● حازم شريف: كيف يتم توزيع الإيرادات وفقًا لأنواع الشراكات المختلفة؟

إيهاب فكري: يمكن القول إن أكثر من %50 من الإيرادات تأتى من شراكات B2G (مع الحكومات) وB2B2C، بينما تمثل B2C (مع الأفراد) وB2B (مع الشركات) أقل من %50 نحن نعتبر B2C وB2B كفئة واحدة فى هذا التصنيف.

● حازم شريف: ما المبادرات الجديدة التى تعملون عليها حاليًا؟

إيهاب فكري: لدينا حلم قديم بإنتاج أفلام تعليمية لا تعتمد فقط على الدورات التدريبية التقليدية، بل تقدم المحتوى بشكل أكثر تفاعلية وتأثيرًا.

● حازم شريف: تقصد أفلامًا درامية تهدف إلى تحقيق أهداف تعليمية؟

إيهاب فكري: تمامًا، الفكرة أن هذه الأفلام تخلق أسئلة لدى المشاهد حول مواضيع لم يكن يدرك أهميتها. أحيانًا يواجه الفرد مشكلة فى حياته العملية دون أن يكون مدركًا لها مسبقًا، وعندما يشاهد محتوى معينًا، يدرك فجأة أنه بحاجة إلى تعلم مهارة معينة أو تطوير معرفته فى مجال معين.

● حازم شريف: هل يستهدف إنتاج هذه الأفلام الجهات الحكومية فقط أم الأفراد أيضًا؟

إيهاب فكري: بدأنا بالفعل فى تنفيذ بعض المشاريع الدرامية مع الحكومات، لكننا الآن نستعد لإطلاق هذا النوع من المحتوى للأفراد ضمن نموذج B2C. ستكون هذه الأفلام قصيرة، تتراوح مدتها بين 7 إلى 10 دقائق، وتعالج موضوعات حياتية مؤثرة. على سبيل المثال، قد يتناول أحد الأفلام مشكلة رعاية كبار السن المصابين بمرض ألزهايمر فى البيئات الأسرية، مما يساعد المشاهدين على إدراك أهمية تعلم كيفية التعامل مع هذه الحالات.

● حازم شريف: كيف يمكن تحويل هذه الفكرة إلى منتج درامى متكامل؟

إيهاب فكري: الفكرة تكمن فى إنتاج أفلام قصيرة تستعرض المشكلة دون تقديم الحل مباشرة، مما يدفع المشاهد للبحث عن المعرفة. على سبيل المثال، معظم الناس لديهم أقارب كبار فى السن، لكن كم شخصًا منا سعى لتعلم كيفية رعايتهم علميًا؟ من هنا، يمكن للفيلم أن يثير فضول المشاهد ويدفعه للاشتراك فى دورة تدريبية متخصصة.

● حازم شريف: إذن، يمكن اعتبار هذه الأفلام جزءًا من إستراتيجية التسويق للدورات التدريبية؟

إيهاب فكري: بالفعل، فهى جزء من إستراتيجية إنتاج المحتوى، وتساهم فى خلق طلب حقيقى على المعرفة والتدريب.

● حازم شريف: من المسؤول عن تطوير هذه الأفكار داخل “المنتور”؟

إيهاب فكري: لدينا إدارة محتوى تنقسم إلى قسمين: الأول مسؤول عن تحليل الاتجاهات العالمية وتحديد المجالات الأكثر طلبًا فى سوق التعلم الإلكتروني، بينما يتولى القسم الثانى إنتاج المحتوى نفسه، سواء من حيث تصميم الدورات التدريبية أو تطوير الأفلام التعليمية.

هذان القسمان يعملان معًا لتحديد الموضوعات المهمة، ثم يعقدان ورش عمل لمناقشة الأفكار وتنفيذها بشكل احترافي. وبالطبع، ليس كل الدورات تحتاج إلى معالجة درامية، لكننا نستخدم هذا الأسلوب عندما يكون له تأثير تعليمى فعال.

● حازم شريف: بالنسبة لـ 2.7 مليون متعلم على “المنتور” منذ انطلاقها، هل هذا العدد يشمل التكرار؟

إيهاب فكري: هذا هو إجمالى الأشخاص الذين تعلموا على “المنتور” منذ البداية، وهو يعكس العدد الفعلى للمستخدمين غير المكرر. هناك أشخاص انضموا ثم خرجوا، لكن هذا هو عدد المشتركين الحاليين.

● حازم شريف: هؤلاء المشتركون من كم دولة؟

إيهاب فكري: نظرًا لأننا منصة تعليمية عبر الإنترنت، فإن قاعدة بياناتنا تشمل مشتركين من 92 دولة، ولكن %80 إلى %85 منهم يأتون من مصر والخليج وشمال أفريقيا وأمريكا وأوروبا، أى من الجاليات العربية المنتشرة فى هذه المناطق.

● حازم شريف: وما نسبة مصر تحديدًا؟

إيهاب فكري: مصر تمثل %60 من المشتركين، بينما يمثل الخليج %25.

● حازم شريف: كم ساعة مشاهدة تم تسجيلها خلال عام 2024؟

إيهاب فكري: لا أملك الرقم الدقيق فى ذهنى حاليًا، لكن ما أتذكره أننا كنا نستهدف أن يأخذ كل مشترك دورة تدريبية واحدة شهريًا، ومتوسط مدة الدورة التدريبية يتراوح بين ساعتين وساعتين ونصف. فى عام 2024، ارتفع المتوسط إلى 3.5 ساعة لكل متعلم شهريًا، أى أن المستخدم يأخذ دورة كاملة بالإضافة إلى جزء إضافى من دورة أخرى.

أما بالنسبة لمعدل الإكمال، فهذه الصناعة تشبه إلى حد ما شراء الكتب، حيث لا يقرأ الجميع الكتاب كاملاً. عالميًا، يتراوح معدل الإكمال بين %5 و%7 وكانت “يوديمي” أعلى منصة عند بدء “المنتور”، حيث أعلنت وصولها إلى %21.

فى عام 2024، بلغت نسبة إتمام الدورات لدينا، فى قطاع الأفراد الذين يدفعون مقابل التدريب، %39 وهى نسبة مرتفعة جدًا فى المجال.

● حازم شريف: كم عدد المحاضرين والدورات التدريبية على “المنتور”؟

إيهاب فكري: لدينا أكثر من 1200 محاضر، وحوالى 50 ألف فيديو تدريبي، حيث تتكون الدورة الواحدة من عدة مقاطع فيديو، قد يصل عددها إلى 8 أو أكثر.

● حازم شريف: ما نسبة الدورات التى تمنح شهادات معتمدة؟

إيهاب فكري: ليست نسبة كبيرة، فلدينا شراكات مع 5 أو 6 جامعات داخل وخارج مصر، بالإضافة إلى عدد مماثل من المؤسسات الأكاديمية. كما نعمل على شراكة جديدة مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.

● حازم شريف: من هم المنافسون لـ”المنتور” فى تقديم المحتوى التعليمى العربى فى المنطقة؟

إيهاب فكري: على المستوى الدولي، هناك منصات مثل “يوديمي” التى تقدم محتوى عربي، و”يوداستي”، وهى شركة عالمية تنفذ مشروعات حكومية فى المنطقة، مما يضعنا أحيانًا فى منافسة مباشرة أو تكامل فى بعض المشروعات.

أما على المستوى المحلي، فهناك شركات تعمل فى مجالات معينة ضمن قطاع التعليم الإلكتروني. على سبيل المثال، “كلاسيرا” فى السعودية توفر حلولاً تكنولوجية للمنصات التعليمية دون إنتاج محتوى، وأحيانًا نتعاون معها فى مشروعات، كما حدث فى مشروع “تمكين” فى سلطنة عمان.

هناك أيضًا “نون أكاديمي”، التى تركز على دروس المدارس، و”أبواب” فى الأردن، التى تقدم محتوى تعليميًا مشابهًا. فى مصر، هناك “Eyouth”، التى لفتت انتباهى بأدائها المتميز، وتناقشنا معهم حول إنتاج شهادة مشتركة. بالإضافة إلى ذلك، هناك شركة “iSchool”، التى تقدم برامج متخصصة لتعليم الطلاب التكنولوجيا المتقدمة، ولها نشاط ملحوظ فى المنطقة.

● حازم شريف: إذن المنافسة تتزايد فى المجال؟

إيهاب فكري: بالتأكيد، وهذا أمر إيجابي، فالسوق تتطور بسرعة، ووجود أكثر من لاعب يعزز مستوى الجودة ويقدم خيارات أكثر للمتعلم العربي.

● حازم شريف: متى ستكون أول جولة تمويلية قادمة؟

إيهاب فكري: من المحتمل أن تتم قبل نهاية 2025، حيث نستهدف جولة تمويلية كبيرة. حتى الآن، استثمرنا 50 مليون دولار فى الصناعة، تشمل 26 مليون دولار تم جمعها سابقًا، إلى جانب الإيرادات والاستثمارات الذاتية. هذه الصناعة تحتاج إلى 100 مليون دولار أخرى، ما يعنى أننا ما زلنا بحاجة إلى 50 مليون دولار إضافية.

● حازم شريف: هل تخطط لجمع 50 مليون دولار كاملة فى الجولة المقبلة؟

إيهاب فكري: نعم، بينما سيأتى الباقى من الإيرادات، تمامًا كما فعلنا سابقًا. ولكن هذه الجولة التمويلية ستشهد خروج بعض الصناديق الاستثمارية التى شاركت منذ البداية، حيث أن طبيعة هذه الصناديق تفرض عليها التخارج بعد فترة محددة، والتى عادة ما تكون 10 سنوات.

من الأفضل للصندوق أن يخطط للتخارج التدريجى بدلاً من الانتظار حتى اللحظة الأخيرة، لذا قد تتضمن الجولة القادمة جزءًا من الاستثمارات الجديدة وجزءًا من شراء حصص المستثمرين الراغبين فى التخارج.

● حازم شريف: كيف سيتم توظيف الأموال التى سيتم جمعها؟ هل هناك خطط للاستحواذات؟

إيهاب فكري: بعد الإدراج فى البورصة، سنركز على التوسع والاستحواذات. الجولة التمويلية القادمة ستكون الأخيرة قبل الإدراج، والهدف الأساسى من الإدراج هو تمكيننا من التوسع عبر عمليات استحواذ مدروسة. سنعزز وجودنا الفعلى فى أسواق جديدة، فحاليًا نحن موجودون فى مصر، والإمارات، والسعودية، وعُمان، لكن هناك أسواقًا أخرى لم ندخلها بعد.

● حازم شريف: ما الأسواق التى تستهدفون التوسع فيها؟

إيهاب فكري: شمال أفريقيا تمثل فرصة مهمة، كما أن التوسع الرأسى فى السعودية يعد أولوية. رغم وجود فريق عمل لدينا فى المملكة، فإن حجم عملياتنا هناك لا يزال أقل مقارنة بمصر والإمارات.

السوق السعودية واعدة جدًا، ونسعى إلى التوسع فيها بشكل أكبر، إلى جانب تعزيز وجودنا فى عُمان.

أما على المدى البعيد، فهناك فرص كبيرة فى شمال أفريقيا، حيث تُعد إعادة بناء المنظومات التعليمية جزءًا أساسيًا من عمليات إعادة الإعمار فى العديد من الدول. نريد أن نكون مستعدين لدخول هذه الأسواق بمجرد تحسن بنيتها التحتية الرقمية.

● حازم شريف: هل سيكون هذا التوسع عبر شراكات حكومية (B2G) بشكل أساسي؟

إيهاب فكري: ليس فقط عبر الشراكات مع الحكومات، بل أيضًا من خلال التوجه المباشر إلى الأفراد (B2C). هناك أسواق جاهزة حاليًا مثل العراق، حيث بدأ الاستهلاك الرقمى يرتفع بشكل ملحوظ، وتحسنت البنية التحتية للإنترنت وخدمات الدفع الإلكتروني. لذلك، سنتوجه إلى الأفراد والشركات، وليس فقط إلى الحكومات.

● حازم شريف: هل يمكن أن تفرض الشراكات مع الحكومات قيودًا على إستراتيجيات التخارج المستقبلية، خاصة بعد الإدراج فى البورصة؟

إيهاب فكري: هذا الأمر سابق لأوانه، ولكن بشكل عام، إذا كنا ندير مشروعات ذات طبيعة خاصة، فقد يتطلب الإفصاح عن تفاصيل معينة عند الإدراج.

● حازم شريف: ماذا لو عرضت شركة كبرى الاستحواذ عليكم بعد الإدراج، هل ستوافق؟

إيهاب فكري: هذا احتمال وارد، لكن القرار يعتمد على مجلس الإدارة ومدى توافق العرض مع مصالح المساهمين. هناك سيناريوهات قد تجعلنا نرفض الاستحواذ من جهات معينة إذا لم يكن ذلك فى مصلحة الشركة أو يتعارض مع إستراتيجياتنا. فى النهاية، هذا قرار استثمارى مثل أى استثمار آخر، حيث يمكن أن ترفض الولايات المتحدة بيع شركات معينة للصين، على سبيل المثال، لأسباب إستراتيجية.

● حازم شريف: بعد الجولة التمويلية، متى تتوقعون قيد “المنتور” فى البورصة؟

إيهاب فكري: خطتنا تستهدف الإدراج فى إحدى البورصات العربية، ولكن هناك عوامل قد تؤدى إلى تأجيل ذلك. حاليًا، نرى أن الفترة المناسبة ستكون بين عامى 2027 و2028، بناءً على أداء الأسواق.

● حازم شريف: هل سيكون الإدراج فى السعودية أم الإمارات أم مصر؟

إيهاب فكري: هذا سيتحدد لاحقًا، إذ قد تطرأ متغيرات تؤثر على القرار. على سبيل المثال، قبل 4 أشهر، لم يكن أحد يتوقع أن تصبح بورصة دبى بهذه الجاذبية، ولكن مع تطورات مثل إدراج “ألف إديوكيشن” المتخصصة فى التعليم التكنولوجى فى بورصة أبوظبى بقيمة سوقية تجاوزت 2 مليار دولار، تغير المشهد. لذا، نفكر فى الإدراج وربما حتى الإدراج المزدوج. القرار سيعتمد على تطورات الأسواق بحلول 2027 أو 2028.

● حازم شريف: ما المسار الذى تتوقعه لـ”المنتور” خلال السنوات المقبلة؟

إيهاب فكري: “المنتور” هى منصة إعلامية تعليمية، كما توجد منصات إعلامية ترفيهية أو رياضية. بدأنا بالتدريب والتعليم التكنولوجي، لكن رؤيتنا هى بناء شبكة إعلامية متكاملة تشمل الأفلام، المسلسلات، البرامج، البودكاست، والراديو، حيث يتحول كل محتوى مستهلك إلى عنصر تعليمي. كما نعمل على تقديم شهادة “المتعلم الذاتى المعتمد” (CSL)، والتى ستكون معيارًا عالميًا لتقييم مدى قدرة الأفراد على التعلم الذاتي، وهى إضافة قوية لسوق العمل.

● حازم شريف: هل يمكن أن نرى “المنتور” تنتج أعمالًا درامية بعيدًا عن الطابع التعليمي؟

إيهاب فكري: الشهر الماضي، ناقشنا هذا الأمر مع أحد المنتجين فى مصر. الفكرة أن بعض الأعمال الدرامية يمكنها تقديم محتوى تعليمي، مثل فيلم “Interstellar” الذى قدم مفاهيم فيزيائية وسط حبكة درامية. لذا، نعمل على تطوير هذا الاتجاه، لكن دون أن تتحول “المنتور” إلى شركة إنتاج ترفيهي، بل ستظل تقدم محتوى يحمل قيمة تعليمية.

● حازم شريف: هل تخططون للتوسع خارج المنطقة العربية؟

إيهاب فكري: رؤيتنا تتجاوز العالم العربي. هناك أسواق ضخمة لم تُستغل بالشكل الكافى مثل ماليزيا، وإندونيسيا، وباكستان، والتى تتمتع بارتباط ثقافى مع المنطقة. بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكاننا توفير المحتوى بلغات مختلفة بتكلفة أقل بكثير. بدلاً من التركيز على الأسواق التقليدية فى أمريكا وأوروبا، نفضل التوسع فى هذه الأسواق الواعدة التى تتمتع بإمكانات هائلة.

● حازم شريف: هل هناك خطة للتوسع فى الأسواق الخارجية؟ ومتى سيتم ذلك؟

إيهاب فكري: هذه الخطوة ستتم دراستها بعد الطرح فى البورصة والاستحواذات. فعند الدخول إلى أسواق مثل باكستان، وماليزيا أو إندونيسيا، لن نبدأ من الصفر، بل سنبحث عن شراكة أو استحواذ على شركة قائمة تعمل فى هذه الأسواق. سنعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعى لترجمة المحتوى وتوظيف محاضرين محليين لنقل التجربة بشكل يتناسب مع الثقافات المختلفة.

أمامنا خياران: إما تأسيس شركة جديدة وتوظيف فريق من البداية، وإما الاستحواذ على شركة فى قطاع التكنولوجيا، التعليم أو الإعلام داخل هذه الأسواق. هذا التوسع سيتم بعد الإدراج فى البورصة، كجزء من خطتنا الإستراتيجية، إلى جانب استحواذات أخرى فى المنطقة العربية. الإدراج يمنحنا أداة مالية قوية، وهى أسهم الشركة، التى يمكن استخدامها فى عمليات الاستحواذ إلى جانب التمويل النقدي، مما يجعل توسعنا أكثر كفاءة.

● حازم شريف: هناك أسماء بارزة مثل محمود محيى الدين، زاهى حواس، وفاروق الباز، مسجلة كمحاضرين لديكم. كيف نجحتم فى استقطاب هذه الشخصيات؟ وهل كان للحكومات دور فى تعزيز مكانتكم بالسوق؟

إيهاب فكري: السبب فى انضمام هذه الشخصيات الكبيرة إلينا يعود إلى عدة عوامل. فى البداية، كان الأمر صعبًا، لكن مع مرور الوقت وبناء سمعتنا، أصبح لدينا أكثر من 3000 طلب من خبراء يرغبون فى تقديم دورات على منصتنا، بعضهم أسماء كبيرة لم نتوقع أن يتقدموا بأنفسهم. كثير من المحاضرين الجدد انضموا إلينا بناءً على توصيات ممن سبقوهم، وهو ما عزز مصداقيتنا.

● حازم شريف: لنلخص المشهد.. المرحلة القادمة تشمل جولة تمويلية، إدراجا فى البورصة، وتوسعات بقيمة 100 مليون دولار، مع استهداف أسواق جديدة فى العالم العربى وجنوب شرق آسيا.

إيهاب فكري: هذا صحيح. نحن نعمل على تحقيق هذه الأهداف بخطوات مدروسة لضمان نجاح التوسع.

● حازم شريف: شكراً لك دكتور إيهاب فكري، المؤسس لشركة المنتور للتعليم عن بُعد، وأتمنى لكم التوفيق فى الطرح القادم، وأترقب أرقامًا إيجابية فى هذا الإدراج.

إيهاب فكري: شكراً لك، وسعيد بهذه الاستضافة.

● حازم شريف: شكرًا لكم أعزائى المشاهدين والمستمعين، نراكم فى الحلقة القادمة.

%60 من إيراداتنا تأتى من شراكات حكومية

ندرس الشراكة مع 10 كيانات بنظام «B2B2C»

نستعد للإدراج فى إحدى البورصات بحلول 2027/2028

خطة لدخول أسواق شمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا

إطلاق مهرجان «المنتور» للأفلام التعليمية القصيرة قريبًا

لدينا رؤية لتقديم محتوى تعليمى عبر الأفلام والمسلسلات

2.7 مليون مشترك و50 ألف فيديو تعليمى على المنصة

نسعى لجذب 10 ملايين متعلم «دائم» بحلول 2032

«يوديمي» و«أبواب» و«كلاسيرا» أبرز منافسينا

بدأنا أعمالنا بـ 200 ألف دولار ثم أنجزنا جولة تمويلية أولى

انطلقنا بـ 3000 فيديو كمرحلة أولى ووصلنا إلى 50 ألفًا حاليًا

خدماتنا تمتد إلى 92 دولة ومصر تستحوذ على %60 والخليج %25

ارتفاع معدل إكمال الدورات إلى %39

قاعدة المحاضرين بالمنصة تصل إلى 1200 معلم

بصدد الإعلان عن شراكة مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا