أكد عدد من الخبراء فى مجال ريادة الأعمال، أن لجنة الاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال التى تم تشكيلها بتوجيه من الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ستسهم بشكل كبير فى إعادة صياغة التشريعات وتذليل العقبات وتحسين بيئة ريادة الأعمال فى مصر، فضلا عن أهمية وضع قوانين تتناسب مع طبيعة وخصائص الشركات الناشئة، خاصة وأنها تمثل نقطة جذب حيوية لرؤوس الأموال الأجنبية.
كان رئيس الوزراء قد أصدر قرارا منذ أيام بتشكيل عدة لجان استشارية لتعزيز التواصل بين الحكومة والخبراء فى مجالات القطاع الخاص المختلفة، فى إطار سياسة تعتمد على مبدأ الشفافية وخلق قنوات دائمة لتبادل الرؤى والمقترحات.
تضم لجنة الاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال، عددا من خبراء ومسئولى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من بينهم كريم بشارة الشريك المؤسس لشركة A15 ، وأمل عنان الشريكة فى صندوق 500 جلوبال للاستثمار فى مشروعات رأسمال المخاطر، وداليا إبراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة نهضة مصر، وعمر الصاحى مدير عام شركة أمازون مصر، ومحمد عكاشة الشريك الإدارى لصندوق ديسربتيك للاستثمار فى شركات حلول التكنولوجيا المالية الناشئة، وحسام سيف الدين مدير عام شركة كابجيمينى الفرنسية لخدمات التعهيد بمصر .
قالتمنة زغلول، الشريك المؤسس ورئيس قطاع الاتصال والشئون العامة فى شركة “انطلاق”، إن تشكيل لجنة الاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال يعكس التزام الحكومة بتسريع التحول الرقمى ودعم بيئة الابتكار وريادة الأعمال، معتبرة أن هذه المبادرة تعد خطوة استراتيجية تأتى فى توقيت حرج يتطلب تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على المنافسة عالميًا فى ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة، ومن الواضح أن اللجنة تستهدف توظيف التكنولوجيا والابتكار كركيزتين أساسيتين لدفع عجلة النمو الاقتصادى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030.
وأضافت أن اللجنة ستسهم بالتعاون مع المجموعة الوزارية لريادة الأعمال فى تحقيق التكامل، مما يسرع وتيرة التغيير والتطوير فى السياسات الاقتصادية والرقمية، لافتة إلى أن التعاون بين اللجنة والمجموعة الوزارية سيؤدى إلى توفير بيئة شاملة لتنسيق الجهود وتحقيق رؤية متكاملة، وستقوم اللجنة بدور محورى فى إيصال رؤية القطاع الخاص والمستثمرين والشركات الناشئة مباشرة إلى رئيس الوزراء، وأن هذا النهج يعزز من فعالية السياسات، ويضمن مواءمتها مع احتياجات السوق ومتطلبات الواقع العملى.
ورأت أنه من أبرز إيجابيات اللجنة دمج الكفاءات والخبرات المتنوعة، إذ أن تشكيلها بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين يتيح تبادل الأفكار والخبرات فى مجالات متعددة، تشمل التكنولوجيا والاقتصاد وصناديق رأس مال المخاطر وريادة الأعمال، لا سيما وأن هذا التوجه يسهم فى صياغة سياسات واقعية واستباقية.
وتابعت: تفتح اللجنة المجال لحل المشكلات التى تواجه رواد الأعمال والشركات الناشئة، سواء من ناحية توفير أدوات تمويل أو حوافز وتشريعات مناسبة،مما يحفز من نمو القطاع، كما ينتظر الجميع منها أيضا مساعدة الحكومة على وضع خطة استراتيجية مدروسة بأهداف قابلة للقياس والتنفيذ لتعزيز الاقتصاد الرقمى وتحقيق أثر ملموس.
وقالت: من المهم أن تقدم اللجنة حلولًا عملية لدعم الشركات الناشئة، مثل توفير أدوات التمويل جديدة وتحسين الوصول إلى الأسواق وتعزيز المهارات التكنولوجية، وهى تحديات رئيسية يمكن معالجتها بفاعلية،من خلال تحسين التشريعات والمناخ القانونى الذى سيكون أحد المهام المهمة للجنة، إذ يُنتظر منها إيصال صوت القطاع ووضع أطر تشريعية مرنة تناسب التطورات الرقمية العالمية وسرعة وتيرة نمو القطاع.
وأكدت أن تشكيل اللجنة مع وجود المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، يمثل خطوة طموحة تحمل فى طياتها إمكانيات كبيرة لإحداث نقلة نوعية فى الاقتصاد المصرى، إذ أنها تتطلع إلى أن تسهم جهود اللجنة فى تحقيق نقلة شاملة نحو اقتصاد رقمى مبتكر ومستدام.
وأشادمحمد الغنام، مدير الاستثمار فيFlat6Labs، بتشكيل اللجنة الاستشارية فى هذا التوقيت تحديدًا، الذى وصفه بالدقيق والحرج، فى ظل تزايد مطالب الشركات الناشئة والتحديات التى تواجهها، بالإضافة إلى زيادة الوعى بأهمية ريادة الأعمال فى تشكيل مستقبل الاقتصاد الوطنى وتعزيزه، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعكس اهتمام الدولة، ممثلة فى الحكومة ومجلس رئاسة الوزراء، بتحسين بيئة ريادة الأعمال فى مصر والاستماع إلى احتياجات رواد الأعمال.
وثمّن التنوع داخل اللجنة المشكلة للاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال،حيث تضم طيفًا واسعًا من الخبراء المتخصصين فى مجالات متنوعة، تشمل الاستثمار، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا، والجوانب القانونية والتشريعية، لافتًا إلى أنها تمتاز بدمج الخبرات الشابة والخبرات الأكثر نضجا، مما يضمن رؤية شاملة ومتكاملة للتحديات والفرص المتاحة.
وتابع:تواجه الشركات الناشئة فى مصر تحديات متعددة تعيق نموها وازدهارها، فعلى الصعيد المالى، تعانى هذه الشركات من صعوبة الوصول إلى التمويل اللازم من البنوك، إذ تتردد المؤسسات المالية فى إقراضها بسبب طبيعة عملها وارتفاع المخاطر المرتبطة بها، بالإضافة إلى ذلك قد تعانى السوق المصرية من شح الاستثمار التمويلى، مما يقلل من فرص الشركات الناشئة فى الحصول على التمويل من المستثمرين.
ورأى أن الشركات الناشئة تواجه على الصعيد التنظيمى تحديات ناجمة عن بعض التشريعات التى لم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملها وحجمها، فعلى سبيل المثال، قد تتطلب بعض القوانين واللوائح متطلبات تتناسب مع الشركات الكبيرة، مما يثقل كاهل الشركات الناشئة الصغيرة ويحد من قدرتها على النمو، كما أن اعتماد الشركات الناشئة على الأصول الرقمية بدلا من الأصول المادية قد يمثل تحديا إضافيا فى التعامل مع بعض الإجراءات الحكومية.
وأكد ضرورة قيام اللجنة بإعادة النظر فى الإجراءات التشريعية المتعلقة بتأسيس الشركات الناشئة وحوكمتها، مع وضع إطار تنظيمى واضح وشفاف يمكن رواد الأعمال من استيفاء جميع المتطلبات القانونية، وهذا بدوره سيمكنهم من الحصول على الخدمات الحكومية والاستثمارات اللازمة لتحقيق النمو والازدهار.
ولفت إلى أنقطاع الشركات الناشئة يشكل رافدًا هامًا للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر، إذ يجذب سنويًا ما يتراوح بين 600 إلى 700 مليون دولار من الاستثمارات من أوروبا ودول الخليج وغيرها، مبينا أن هذا التدفق النقدى الأجنبى يجعل من الضرورى وجود تشريعات مرنة تسهل دخول هذه الأموال إلى البنوك المصرية، بما يعزز من جاذبية السوق المصرية للاستثمارات، ويسهم فى دعم الاقتصاد الوطنى.
وسلط الضوءعلى أهمية تبنى اتفاقية “الوعد بالبيع” (convertible note) كوثيقة معترف بها فى الهيئات والمؤسسات المصرية، مع إدخال التعديلات اللازمة لتتناسب مع طبيعة السوق المحلية، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية تُعدّ من الأدوات التمويلية الشائعة للشركات الناشئة فى معظم دول العالم، مما يجعل اعتمادها فى مصر أمرًا ضروريًا لدعم نمو هذا القطاع.
وأشار إلى أن اتفاقية الوعد بالبيع تتميز ببساطتها وسرعة إبرامها مقارنةً مع اتفاقيات الاستثمار التقليدية، مما يوفر على المستثمر الوقت والجهد فى المفاوضات والإجراءات القانونية المعقدة.
كماشدد على ضرورة تقديم حوافز ملموسة للشركات الناشئة، مثل الإعفاءات الضريبية للشركات العاملة فى قطاعات استراتيجية، وتنظيم دورات تدريبية متقدمة بإشراف خبراء دوليين، مشيرًا إلى أن هذه الحوافز، على غرار التسهيلات الائتمانية التى تُقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة، ستلعب دورًا حاسمًا فى دعم رواد الأعمال وتحفيزهم على إطلاق مشاريعهم الناشئة.
وأشار إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية حقق نجاحًا ملحوظًا خلال الـ 4 سنوات الماضية، بفضل الدعم الذى حظى به من البنك المركزى، بعد إنشاء قسم متخصص للتكنولوجيا المالية، وتطوير التشريعات، ومعالجة قضايا الأمن السيبرانى، وتطبيق إجراءات “اعرف عميلك”، مما أدى إلى إنشاء جهة مركزية تتولى التنظيم والتدريب والإشراف على هذه الشركات.
وطالب بضرورة توفير نفس القدر من الدعم والاهتمام لقطاعات الشركات الناشئة الأخرى، من خلال إنشاء جهة مركزية داخل الحكومة تتولى تنظيم والإشراف على هذه الشركات، على غرار ما حدث مع شركات التكنولوجيا المالية.
كما رأىأن الشركات الناشئة فى قطاع التصنيع تحتاج إلى دعم خاص، إذ تواجه تحديات فى جذب الاستثمارات مقارنة مع غيرها، مؤكدًا أن لجنة الاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال يمكن أن تسهم بفاعلية فى تذليل هذه العقبات من خلال توفير فرص تواصل وتعاون مع كبار المصنعين، وتنظيم برامج تدريبية متخصصة تساعد هذه الشركات على تطوير منتجاتها وتحسين جودتها.
من جانبه، قالأحمد أسامة، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لشركةBrainwiseالمتخصصة فى حلول التكنولوجيا المالية المعززة بالذكاء الاصطناعى، إن الشركات الناشئة تواجه تحديات كبيرة فى مجال بطاقات الائتمان الخاصة بالشركات، موضحًا أن إصدار وتفعيل هذه البطاقات يستغرق قرابة شهرين، وتحصل على بطاقة واحدة فقط بحد ائتمانى محدود (يبلغ 70 ألف جنيه شهريا على سبيل المثال)، وهو مبلغ غير كافٍ لتغطية جميع مصروفاتنا، خاصة وأن الشركات الناشئة تعتمد بشكل كبير على برمجيات يتم دفع تراخيصها بالعملة الصعبة لجهات أجنبية.
وأشار إلى أن الشركات المصرية تفقد فرصًا للحصول على خصومات كبيرة تصل إلى %40 تقدمها بعض الشركات الأجنبية مثل (أمازون وجوجل ومايكروسوفت) على الاشتراكات السنوية، مرجعًا السبب إلى القيود المفروضة على الحد الائتمانى للبطاقات البنكية، مما يضطرها إلى الدفع شهريًا بدلًا من الاستفادة من الخصومات السنوية.
كماأكد ضرورة وجود تشريعات أكثر مرونة تتناسب مع طبيعة عمل الشركات الناشئة، مشيرًا إلى أن بعض الاشتراطات الحالية قد تكون مُعيقة، فعلى سبيل المثال، تتطلب بعض تراخيص المزاولة عددًا كبيرًا من الخطوات والإجراءات الروتينية، كما أن هذه الإجراءات لا تأخذ فى الاعتبار التنوع فى قطاعات الشركات ونماذج عملها، ودعا إلى تبسيط وتسهيل الإجراءات مع تخصيصها لتلائم طبيعة كل قطاع.
ولفت إلىأهمية تسهيل وتبسيط الإجراءات الخاصة بحصول الشركات الناشئة على تمويلات خارجية، مشيرًا إلى أن ذلك سينعكس إيجابًا على تدفق العملة الدولارية إلى البلاد، ويعزز من قدرة الاقتصاد الوطنى على مواجهة التحديات.
وقالمصطفى المصرى، المؤسس الشريك والرئيس التنفيذى لشركةFincartالمتخصصة فى التجارة الإلكترونية، إن من أبرز التحديات التى تواجه رواد الأعمال عند تأسيس شركاتهم هو تعقيد الإجراءات القانونية والتنظيمية، مضيفًا أن العديد من رواد الأعمال يفتقرون إلى المعرفة الكافية بالتشريعات والقوانين ذات الصلة، مما يجعلهم يواجهون صعوبات فى استيفاء جميع المتطلبات والأوراق اللازمة لبدء عملهم فى السوق.
وأكد أهمية تسهيل وتبسيط إجراءات إنشاء الشركات والحصول على التصاريح اللازمة، حتى يتمكن رواد الأعمال من التركيز على تطوير أعمالهم بدلا من الانشغال بالمسائل القانونية والإدارية.
وأشار إلى أن رواد الأعمال، فى بداية مسيرتهم غالبا ما يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة فى مجال الحوكمة، مما يجعلهم غير قادرين على فهم الإجراءات والمتطلبات القانونية اللازمة لتأسيس شركاتهم، موضحًا أن هذا النقص فى المعرفة قد يؤدى إلى تأخير بدء عمل الشركات، وضياع فرص استثمارية مهمة، ويقلل من إنتاجية الشركات الناشئة.
وأشار إلى أهمية نشر الوعى والثقافة الخاصة بمجال الحوكمة، وتوفير برامج تدريبية وإرشادية لرواد الأعمال، لمساعدتهم على فهم الإجراءات القانونية والإدارية، وكيفية الحصول على الأوراق والتصاريح اللازمة لبدء عمل شركاتهم.
كما أكد ضرورة مراجعة بعض التشريعات الحاكمة بهدف تعزيز تدفق الاستثمار الأجنبى إلى البلاد، وفى الوقت نفسه تسهيل إجراءات تخارج المستثمرين الأجانب من الشركات المصرية، موضحًا أن وجود تشريعات مرنة وواضحة يُعدّ عاملًا حاسمًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية، إذ يطمئن المستثمرون إلى وجود بيئة استثمارية جاذبة وآمنة.
منة زغلول: يجب توفير حلول عملية لدعم الكيانات الناشئة
محمد الغنام: ضرورة تفعيل وثيقة «الوعد بالبيع» كأداة تمويلية
مصطفى المصرى: تسهيل تخارج المستثمر الأجنبى
أحمد أسامة: رفع الحد الائتمانى للبطاقات البنكية لتغطية احتياجاتنا
