فى تقريره السنوى لتوقعات عام 2025، سلط بنك استثمار “سى آى كابيتال” الضوء على أداء عدد من القطاعات والشركات فى مصر، مشيرًا إلى تفوق البنك التجارى الدولى فى القطاع المالى بفضل مكانته القوية فى قروض المؤسسات وإدارة الخزينة، مع معدلات كفاية رأس مال مرتفعة ونمو متوقع فى صافى الأرباح.
كما أشاد بالفرص الواعدة لشركات العقارات، مثل أوراسكوم للتنمية وطلعت مصطفى، التى تتمتع بمحافظ أراضٍ واسعة ومشروعات استراتيجية، رغم تحديات المديونية والمخاطر الجيوسياسية.
وفى قطاع الاستهلاك، أكد التقرير هيمنة “إيسترن كومباني” فى سوق التبغ مع توقعات بتحقيق نمو قوى فى الأرباح بدعم من استقرار أسعار التبغ وبرامج التوسع، وبالنسبة لشركة راية القابضة، مشيرًا إلى الاستفادة من إيراداتها الدولارية المرتفعة والتوسع فى قطاعات جديدة مثل السيارات الكهربائية.
أما قطاعى التعليم والرعاية الصحية، فأبرز التقرير الأداء المتميز لشركتى “تعليم” و”ابن سينا فارما”، بفضل استراتيجيات توسعية وهوامش ربحية قوية، مع تحذيرات من التحديات التنظيمية والمنافسة، وفى قطاع التكنولوجيا المالية، لفت إلى فرص النمو الكبيرة لشركة “فوري” مع توسع المدفوعات الرقمية، رغم حدة المنافسة.
وعلى الصعيد الاقتصادى الإقليمى والعالمي، توقع التقرير تحسنًا تدريجيًا فى الاقتصاد العالمى بدعم من السياسات النقدية التيسيرية، وتراجع المخاطر الجيوسياسية، مع تأثير انخفاض أسعار النفط على الدول المصدرة، كما أشار إلى تحديات الاقتصاد الأمريكى مع عودة السياسات التجارية، وتأثير ذلك على الأسواق العالمية.
قال بنك استثمار “سى آى كابيتال” إن البنك التجارى الدولى يتمتع بعدة مزايا تجعله فى صدارة القطاع المالى ضمن البنوك التى يتم تغطيتها، موضحًا أن البنك يمتلك أقوى علامة تجارية فى القطاع، فضلًا عن مكانة قوية فى قروض المؤسسات وإدارة نشطة للخزينة تهدف إلى الحفاظ على هوامش ربح وربحية قوية.
وأضاف أن البنك يتميز بمركز جيد من حيث الودائع، إذ تشكل ودائع الحسابات الجارية وحسابات التوفير حوالى 54% من إجمالى الودائع، كما أن نسبة القروض إلى الودائع بلغت %39.1 فى الشهور التسعة الأولى من عام 2024، مما يمنحه إمكانية كبيرة لتحقيق نمو فى القروض خلال الفترة المقبلة.
وأشار البنك إلى أن معدلات كفاية رأس المال للبنك التجارى الدولى بلغت %26.2 فى عام 2023، وارتفعت إلى %29.1 فى الشهور التسعة الأولى من عام 2024، وهى من أعلى المعدلات بين البنوك المنافسة، كذلك، توقع البنك أن يحقق البنك التجارى الدولى أعلى معدلات نمو صافى ربح بين البنوك التى يتم تغطيتها، بمعدل نمو سنوى مركب يُقدر بـ %11 خلال الفترة من 2024 إلى 2027، مقارنة بمتوسط %6.9 للبنوك المماثلة.
وأوضح التقرير أن سهم البنك يتم تداوله بمضاعف قيمة دفترية متوقع لعام 2025 عند 1.22 مرة، مقابل عائد مستدام على حقوق الملكية يبلغ %33.6، وهو الأعلى بين البنوك التى يشملها التغطية، ومع ذلك، مشيرًا إلى أن المركز المالى للبنك يعد أكثر حساسية لتقلبات أسعار العملات الأجنبية بسبب ارتفاع حصة القروض بالعملات الأجنبية إلى %31 فى الشهور التسعة الأولى من 2024، إلا أن البنك يعوض هذا الأمر من خلال زيادة رأس المال المساند المقوم بالعملة الأجنبية، مؤكدًا أن نسبة تكلفة الدخل بلغت %30.4 فى الشهور التسعة الأولى من 2024، وهى أعلى من متوسط البنوك المماثلة الذى بلغ %18.9.
وبالنسبة للقطاع العقاري، قال “سى آى كابيتال” إن شركة أوراسكوم للتنمية مصر، تتمتع بمحفظة أراضٍ واسعة وسجل قوى يسهل وصولها إلى التمويل، مع تدفقات إيرادات مقومة بالعملات الأجنبية، ما يجعلها من الشركات التى تحقق أداءً إيجابيًا فى ظل الأوضاع الحالية.
وأضاف التقرير أن سهم الشركة يتم تداوله بمضاعف قيمة منشأة/متر مربع يبلغ 1.16 ألف جنيه، بخصم يقارب %40 مقارنة بالشركات المماثلة، كما تتمتع الشركة بقدرة على تمرير زيادات الأسعار مقارنة بالمنافسين، موضحًا أن قطاع الفنادق يُساهم بحوالى 21 % من الإيرادات، مما يضعها فى مكانة متقدمة من حيث مساهمة الإيرادات المتكررة.
وأشار إلى أن الإدارة تركز على تعزيز التدفقات النقدية الحرة من خلال تحقيق إيرادات من الأصول، مثل مبيعات الأراضي، ذاكرًا أن صفقة بيع أراضٍ بقيمة 1.5 مليار جنيه فى الجونة خلال الشهور التسعة الأولى من 2024 ساهمت فى تحسين الأرقام المعلنة وهوامش الأرباح.
ورغم هذه الإيجابيات، أوضح البنك أن الشركة تواجه تحديات، أبرزها ارتفاع مستوى المديونية، إذ بلغ معدل الدين إلى حقوق الملكية 0.92 مرة فى سبتمبر 2024، مع أن حوالى 66 % من الديون مقومة بالعملة الأجنبية، كما أشار إلى أن تعرض قطاع الفنادق للعوامل الخارجية قد يؤثر سلبًا على أداء الشركة إذا حدثت أى تطورات غير مواتية فى قطاع الضيافة.
أما بالنسبة إلى مجموعة طلعت مصطفى، فأوضح “سى آى كابيتال” أنها تُعد أكبر مطور عقارى من حيث القيمة السوقية والمبيعات التعاقدية والمشروعات قيد التنفيذ، مما يمنحها رؤية واضحة للإيرادات المستقبلية.
وأضاف أن الشركة تتمتع بميزانية قوية، إذ بلغت صافى السيولة النقدية 37 مليار جنيه فى سبتمبر 2024، إلى جانب سجل مشروعات بقيمة 270 مليار جنيه.
وأشار البنك إلى أن المجموعة تُعد المستفيد الأكبر من التطورات الاقتصادية الأخيرة فى السوق العقارية المصرية، مع استراتيجية فعالة لزيادة التدفقات النقدية الأجنبية، من خلال مشاريع مثل مشروع “بنان” فى الرياض والتوسع فى قطاع الضيافة.
وأضاف أن الاستحواذ على فنادق “ليجاسي” وخططها لتوسيع قطاع الضيافة، مما يرفع إجمالى عدد الغرف الفندقية إلى 5ww000 غرفة، يعزز من مكانتها فى هذا القطاع، كما أن مشروع “The Spine” المتوقع إطلاقه فى مدينتى خلال النصف الثانى من 2025 قد يجتذب طلبًا قويًا ويحسن مبيعات الشركة.
ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن السوق لا يمنح قيمة كافية لمشروعات الشركة فى السعودية أو قطاع الضيافة، إلى جانب مخاطر التركز الجغرافى القوى فى شرق القاهرة، التى قد تتفاقم مع زيادة المنافسة فى هذه المنطقة، كما أن أى تدهور فى قطاع الضيافة المصرى أو الأوضاع الجيوسياسية فى المنطقة قد يؤثر سلبًا على معدلات الزيارة فى مصر.
وعن القطاع الاستهلاكي، قال البنك، أن إيسترن كومبانى تتمتع بمكانة متميزة فى سوق التبغ فى مصر، الذى يُعد من بين أكبر 10 أسواق عالميًا، إذ تهيمن الشركة على السوق بحصة سوقية تبلغ 70 % من السجائر التقليدية، إضافة إلى حصة 24 % من السوق من خلال الرخصة الثانية (المتحدة للتبغ).
وأضاف أن الشركة تستفيد من استقرار توفير العملات الأجنبية لاعتمادها على استيراد التبغ الخام، مشيرًا إلى أنها مستعدة لتحقيق نمو فى هوامش الربحية بفضل رؤية تسعير مستقرة وانخفاض التكاليف، إلى جانب الجولة الثانية المحتملة لبرنامج التقاعد المبكر خلال 2025/2026.
كما أشار إلى أن الشركة تمتلك ميزانية قوية، مع محفظة استثمارية كبيرة (معظمها فى أذون الخزانة)، مما يجعلها تستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة.
وذكر أن لديها رؤية لإنشاء مركز إقليمى لتصدير المعسل المنكه من مصر على المدى المتوسط، بالإضافة إلى توزيعات أرباح مرتفعة، إذ يُتوقع أن يصل عائد التوزيعات لعام 2026 إلى 15 %.
ولكن، حذر البننك من تباطؤ تعافى حجم المبيعات عن المتوقع بسبب تأخر وصول إمدادات المواد الخام، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بتحركات غير مواتية فى سعر الصرف أو أسعار التبغ الخام.
وتابع البنك، أن راية القابضة تُعد شركة استثمارية تركز على القطاع الاستهلاكى والنظم، مستفيدة من تراجع قيمة العملة المحلية، موضحًا أن 72 % من إيرادات الشركة مقومة بالدولار، مقابل تكلفة دولارية تبلغ 60 % من المبيعات، مما يعزز موقفها النقدي.
وأضاف التقرير أن الشركة تتوقع نمو التدفقات النقدية الداخلة بالدولار بنسبة 10 % سنويًا فى 2025، مدعومة بنمو إيرادات راية فودز (100 % صادرات) وراية لخدمات مراكز الاتصالات، كما توقع تحقيق نمو قوى بنسبة 52 % فى أرباح قطاع النظم خلال 2025، بدعم من رصيد مشروعات بقيمة 251 مليون دولار.
وأشار إلى أن السياسات النقدية التوسعية المرتقبة، إلى جانب قوة قطاعات التمويل متناهى الصغر والاستهلاكى فى “أمان”، ستدعم نمو محفظة القروض، مع توقع نمو أرباح هذا القطاع بنسبة 174 % على أساس سنوى فى 2025.
كما أوضح أن تخفيف قيود الاستيراد وزيادة حصة الشركة فى توزيع منتجات “سامسونج” قد يرفع أرباح قطاع التوزيع بنسبة 33 % سنويًا فى 2025، بجانب مساهمة اتفاقيات توزيع سيارات “XPENG” الكهربائية فى نمو الأرباح بنسبة 50 % فى العام نفسه.
لكن التقرير أشار إلى بعض التحديات، منها ارتفاع معدل الدين إلى حقوق الملكية إلى 2.4 مرة فى 2024 (باستثناء ديون أمان)، وتأثير تأخر خفض أسعار الفائدة المتوقع على هوامش الربحية، كما لفت إلى المخاطر الناتجة عن المنافسة المتزايدة فى قطاعات التوزيع والنظم والسيارات.
وعن قطاع التعليم، أوضح “سى آى كابيتال” أن شركة تعليم تركز على قطاع التعليم العالى فى مصر، الذى يعانى من نقص فى المعروض، إذ تعمل الشركة على تقديم خيارات متميزة وتخطط للتوسع إلى أربع منصات خلال 3 إلى 5 سنوات.
وأضاف أن الشركة تتمتع بأصول استراتيجية فى مواقع متميزة، مع تركيز على الكليات الطبية ذات الرسوم المرتفعة، مشيرًا إلى أن الشركة تخطط لزيادة طاقتها الاستيعابية بنسبة 34% لتصل إلى 17.9 ألف طالب بحلول 2026، مما يدعم نمو الأرباح بنسبة 28 % سنويًا خلال 2025 - 2029.
كما أشار إلى أن نموذج أعمال الشركة قابل للتوسع، مع هوامش ربحية مرتفعة مقارنة بالشركات المنافسة، ودورة تحويل نقد سالبة تدعم قدرتها على تحقيق تدفقات نقدية حرة.
ومع ذلك، أشار إلى تحديات محتملة، منها تأخر الموافقات الحكومية التى قد تعطل التوسعات المخطط لها، وتصاعد المنافسة من المؤسسات القائمة التى قد تجبر الشركة على تقديم خصومات للحفاظ على معدلات التسجيل، كما لفت إلى أن أى قرارات تنظيمية غير متوقعة قد تؤثر سلبًا على أداء الشركة.
قطاع الرعاية الصحية والتكنولوجيا المالية
أوضح بنك استثمار “سى آى كابيتال” أن ابن سينا فارما تسيطر على 30 % من سوق الأدوية المصرية، مشيرًا إلى أن كل تغير فى الحصة السوقية بنسبة ±1% قد يؤثر على السعر المستهدف للسهم بمقدار ±1 جنيه.
وأكد البنك أن الشركة ستشهد نموًا قويًا خلال الفترة من 2023 إلى 2025، مع توقع ارتفاع الإيرادات بنسبة 46 % وصافى الأرباح بنسبة 96 %، مدعومًا بتعافى أحجام المبيعات وزيادة الأسعار.
وأضاف أن الخفض المتوقع لأسعار الفائدة سيكون له تأثير إيجابى كبير، إذ إن كل خفض بنسبة 1 % قد يضيف حوالى 55 مليون جنيه إلى صافى أرباح الشركة.
وأشار البنك إلى قوة الوضع المالى لابن سينا فارما، إذ من المتوقع أن تسجل الشركة نسبة صافى الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك لعام 2025 عند 1.3 مرة، مقارنة بالمتوسط التاريخى البالغ 2.7 مرة، مما يعكس تحسنًا كبيرًا فى الأداء المالي.
وتوقع “سى آى كابيتال” أن تستفيد الشركة من تدفقات نقدية إضافية بقيمة 300 - 500 مليون جنيه خلال عام 2025، نتيجة لدعم هيئة الدواء المصرية للموزعين، مما سيعزز التدفقات النقدية الحرة، مع عائد نقدى متوقع بنسبة 12 % لعام 2025.
كما توقع أن تحقق الاستثمارات فى القطاعات غير الدوائية نموًا كبيرًا، لتساهم بنسبة 8 % من الإيرادات و32 % من الأرباح لعام 2025، مما يدعم زيادة هامش الربح الإجمالي.
وأشار البنك إلى أن سهم الشركة يتداول عند مضاعف ربحية متوقع لعام 2025 قدره 7.9 مرة، وهو تقييم منخفض بخصم قدره 97 % عن متوسط خمس سنوات، مما يجعله جذابًا للمستثمرين.
على الجانب الآخر، حذر البنك من عدة مخاطر، من بينها، تأخر خفض أسعار الفائدة، إذ إن كل زيادة بنسبة 1 % فى أسعار الفائدة قد تؤدى إلى خفض التقييم بحوالى 5 %، وحدة المنافسة فى السوق، والتى قد تعرقل نمو الحصة السوقية، وتأخير إعادة تسعير الخدمات الطبية، والمتوقع فى الربع الثانى من عام 2025، مما قد يؤثر سلبًا على الأرباح، وتباطؤ نمو القطاعات غير الدوائية، مما قد يحد من توقعات الربحية.
وعن التكنولوجيا المالية أوضح بنك “سى آى كابيتال” أن شركة فورى تستفيد بشكل مباشر من نمو المدفوعات الإلكترونية فى مصر، عبر محفظة متنوعة تشمل نقاط البيع، الخدمات المصرفية، التمويل متناهى الصغر، التأمين، والإقراض الاستهلاكي.
وأكد البنك أن الشركة مؤهلة للاستفادة من الوضع الاقتصادى الحالي، إذ يتم إعادة تسعير العمليات وفقًا لمعدلات التضخم، مما يعزز قدرتها على النمو.
وأضاف أن استراتيجية فورى المرنة تدعم زيادة هوامش الربحية، خاصة مع إطلاق منتجات جديدة قيد الموافقة التنظيمية، مثل خدمات الحوالات وشبكة المدفوعات الفورية، والتى تمثل فرصًا إضافية للنمو.
وأشار إلى أن فورى تمتلك قاعدة عملاء ضخمة تضم 52 مليون مستخدم، مما يدعم قدرتها على طرح خدمات ومنتجات جديدة.
وتوقع البنك أن تساهم الخدمات المصرفية والمالية بنسبة 64% من إيرادات 2025، مقارنة بـ 52 % فى 2023، مما يدعم مزيج الإيرادات المربح للشركة.
كما أشار إلى أن سهم الشركة يتداول عند معدل السعر إلى العائد المتوقع لعام 2025 بقيمة 0.57 مرة، وهو أقل بنسبة 70 % عن متوسط تقييم الشركات المماثلة.
وعلى الرغم من ذلك، حذر البنك من المخاطر التالية، حدة المنافسة فى السوق، خاصة فى قطاع المدفوعات الرقمية البديلة، وتأخر الحصول على الموافقات التنظيمية، مما قد يعطل إطلاق المنتجات الجديدة، وضعف التدفقات النقدية الحرة نتيجة دورة رأس المال العامل الأضعف من المتوقع وارتفاع النفقات الرأسمالية، وتباطؤ النمو فى الاستثمارات الجديدة نتيجة زيادة حدة المنافسة.
وفى رؤيته للاقتصاد الكلى فى الشرق الأوسط، توقع بنك استثمار “سى آى كابيتال” أن يشهد الاقتصاد العالمى فى عام 2025 تحولًا نحو الأوضاع المعتادة، إذ ستساهم تحولات السياسات النقدية والمالية والتحركات نحو تحقيق توازن بين النمو والتضخم فى رسم ملامح المشهد الاقتصادي، موضحًا أن العالم يتجه إلى دورة تيسير نقدى بوتيرة أبطأ بعد فترة تشديد استثنائية استمرت عامين فى أعقاب جائحة كورونا.
وأضاف البنك أن وقف إطلاق النار فى غزة ساهم فى تقليل المخاطر الجيوسياسية الكبرى، مما يدعم تحسن معنويات المستثمرين، ويعزز تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى دول مثل السعودية والإمارات، وقد وضعت السعودية والإمارات أهدافًا طموحة لتصل الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 100 مليار دولار و150 مليار دولار بحلول عامى 2030 و2031 على التوالي.
وأشار البنك إلى أهمية تسريع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السعودية لتحقيق أهداف رؤية 2030، موضحًا أن انخفاض أسعار النفط يشكل ضغطًا على اقتصادات الدول المصدّرة مثل السعودية والكويت، بينما تواجه الإمارات مخاطر أقل بفضل تنوع مصادر إيراداتها، وقد قُدرت أسعار التعادل فى ميزانيات السعودية والكويت بـ91 و82 دولارًا للبرميل على التوالى لعام 2025.
وأوضح البنك أن هناك غموضًا فى الأسواق بسبب رد فعل أسعار السلع العالمية على التغيرات الانتقالية، مشيرًا إلى أن الحروب التجارية وتجدد الرسوم الجمركية تحت إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب قد تزيد الضغوط التضخمية، مما قد يؤثر على خطط الاحتياطى الفيدرالى لخفض أسعار الفائدة، كما أكد البنك أن ارتفاع تكاليف الاقتراض وقوة الدولار يشكلان تحديات أمام الأسواق الناشئة.
وذكر البنك أن الاحتياطى الفيدرالى خفض أسعار الفائدة فى ديسمبر 2024 بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 4.25 % و4.50 %، مع تأكيده على نهج حذر فى التخفيضات المستقبلية خلال عام 2025 بسبب المخاطر التضخمية.
وأشار إلى أن هذا الانخفاض فى أسعار الفائدة يدعم نمو الائتمان فى دول الخليج، إذ من المتوقع أن يرتفع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بنسبة 10.7 % فى السعودية، و9.25 % فى الإمارات، و5 % فى الكويت، و8 % فى قطر.
وأشار البنك أيضًا إلى أن انخفاض أسعار الفائدة يدعم تجارة العائد فى الأسواق الناشئة، مما يوفر تمويلًا أرخص لمصر، التى تحتاج إلى تدفقات شهرية بنحو 300 مليون دولار من العملات الأجنبية لتغطية التزاماتها الخارجية.
كما أوضح أن مصر تستفيد من استئناف حركة الملاحة فى قناة السويس ودعم الحساب الجارى من خلال مبيعات الأصول الأجنبية المباشرة أو صفقات استثمارية استراتيجية.
وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى تدفقات شهرية بمتوسط 300 مليون دولار من المحافظ الأجنبية بالعملة الصعبة لتغطية التزاماتها المتعلقة بالدين الخارجي، مع افتراض سداد مستحقات تبلغ 6.9 مليار دولار مقابل ديون مستحقة تصل إلى 16 مليار دولار، علاوة على ذلك، من المتوقع أن يصل عجز الحساب الجارى لمصر إلى نحو 13 مليار دولار خلال عام 2025، وسيتم تمويله من خلال مبيعات الأصول أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو الصفقات الاستراتيجية، وفى هذا السياق، يُعتبر استئناف حركة الملاحة فى قناة السويس عاملًا إيجابيًا يعزز الحساب الجاري، مع دور مهم للبنك المركزى فى دعم الاستقرار الاقتصادى من خلال السياسات النقدية والتسهيلات اللازمة.
وعن أسعار خام البرنت، توقع بنك استثمار “سى آى كابيتال” أن تظل الأسعار مستقرة خلال عام 2025، متأثرة بتراجع الطلب، خاصة من الصين، ومخاوف فائض الإمدادات، موضحًا أن أوبك+ قامت بتخفيض توقعاتها للطلب العالمى على النفط إلى 1.54 مليون برميل يوميًا بدلًا من 1.64 مليون برميل يوميًا، فى ظل الضعف الواضح للطلب الصيني.
وأضاف البنك أن المملكة العربية السعودية تتمتع بمرونة مالية تُمكنها من مواجهة ضعف الأسواق النفطية، مستندةً إلى قوة الكيانات الاقتصادية مثل صندوق الاستثمارات العامة واستمرار برامج الإصلاح الاقتصادي، فى المقابل، تواجه الكويت تحديات أكبر بسبب تأخرها فى تنفيذ الإصلاحات مقارنة بدول الخليج الأخرى، مشيرًا إلى أن فرض الكويت لضريبة دخل بنسبة 15 % على الشركات متعددة الجنسيات اعتبارًا من يناير 2025 سيكون تأثيره المالى محدودًا.
وفى سياق السياسات الأمريكية، أوضح البنك أن انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد يُعيد إشعال الحروب التجارية، إذ دعا إلى فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10 % و20 % على جميع الواردات، بالإضافة إلى رسوم أعلى على المنتجات القادمة من كندا، المكسيك، والصين.
ولفت إلى أن الألومنيوم والصلب قد يكونان من أكثر السلع تأثرًا بهذه الرسوم، مما قد يؤدى إلى ارتفاع أسعارهما فى الولايات المتحدة، كما حذّر البنك من أن ردود الفعل الصينية، بما فى ذلك فرض تعريفات انتقامية، قد تزيد من التوترات التجارية والجيوسياسية.
وأشار البنك إلى أن هذه السياسات ستؤدى إلى استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض وزيادة الضغوط التضخمية، مما سيُبقى أسعار الفائدة مرتفعة، كما وافقت المملكة العربية السعودية على خطة اقتراض بقيمة 139 مليار ريال سعودى لعام 2025 لتغطية العجز المالى واستحقاقات الديون، وحذر من أن أحد السيناريوهات السلبية قد يتمثل فى خفض الحكومة للإنفاق العام أو الاستثمارات عبر صندوق الاستثمارات العامة، مما قد يضغط على السيولة المحلية.
وفيما يخص التوترات الجيوسياسية، أكد البنك أن دول الخليج أظهرت مرونة أمام الاضطرابات الإقليمية، وتواصل تنفيذ خططها التنموية والاقتصادية، إلا أن التوتر فى منطقة البحر الأحمر أو تصعيد الهجمات قد يؤدى إلى توقف نقل النفط عبر قناة السويس، مما يُشكل تهديدًا كبيرًا لإيرادات مصر من العملات الأجنبية.
وفيما يتعلق بالتيسير النقدي، أوضح البنك أن استمرار سياسة الاحتياطى الفيدرالى الخاصة بخفض أسعار الفائدة قد تُضعف من قوة الدولار، بينما تستمر أسعار خام برنت فى استقرارها بفضل ضعف الطلب من الصين، مضيفًا أن التوترات فى البحر الأحمر واضطرابات الإمدادات الناتجة عن المناخ قد تؤثر سلبًا على أسعار المواد الغذائية فى عام 2025.
وختم البنك توقعاته بالإشارة إلى أن السياحة أظهرت مرونة كبيرة أمام الاضطرابات الجيوسياسية، مع تسجيل مصر ودول الخليج أعدادًا قياسية من السياح، مما يُسهم فى تعزيز إيراداتها من العملات الأجنبية خلال عام 2025.
