أكد خبيران مصرفيان أن ارتفاع العجز فى ميزان المدفوعات يعود إلى تراجع إيرادات قناة السويس بسبب التوترات السياسية فى المنطقة وانخفاض عدد السفن العابرة، وزيادة الواردات مقارنة مع الصادرات، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار السلع العالمية.
وأضاف الخبيران أنه من ضمن الأسباب أيضًا تذبذب أسعار النفط، والذى يؤثر بشكل مباشر على إيرادات مصر من صادرات النفط وواردات المنتجات البترولية، وتأثير الأحداث العالمية، مثل الحرب فى أوكرانيا، والتى أدت إلى اضطرابات فى سلاسل الإمداد وزيادة التضخم، بالإضافة إلى دفع أقساط وفوائد الديون الخارجية التى تمثل عبئًا على ميزان المدفوعات.
وأوضح الخبيران أن الآثار المترتبة على العجز ضغطت على الجنيه المصري، فقد يؤدى إلى انخفاض قيمة الأخير مقابل العملات الأجنبية، وارتفاع التضخم، نتيجة لارتفاع أسعار الواردات وخاصة السلع الأساسية.
وكشف تقرير صادر عن البنك المركزى المصري، أن مصر سجلت عجزًا فى ميزان المدفوعات قدره 991 مليون دولار خلال الربع الأول من السنة المالية 2024 - 2025، مقارنة مع فائض قدره 229 مليونا فى الفترة المماثلة من السنة المالية السابقة 2023 - 2024 ويعكس هذا العجز فرقًا قدره 762 مليونا بين الفترتين.
من جانبه؛ قال الدكتور حازم وجدى زيدان الخبير المصرفى، إن ارتفاع العجز فى ميزان المدفوعات يشير إلى زيادة فى الفجوة بين الأموال الداخلة إلى الاقتصاد المصرى والخارجة منه.
وأرجع ذلك إلى عدة عوامل أبرزها؛ زيادة قيمة الواردات مقارنة مع الصادرات، حيث إن مصر تستورد أكثر مما تصدر، وهذا ما يؤدى إلى خروج المزيد من العملة الأجنبية من البلاد مقارنةً مع ما يدخل إليها.
وقال إن أى تراجع للإيرادات من السياحة أو تحويلات المصريين العاملين بالخارج، يمكن أن يؤدى إلى تزايد العجز فى ميزان المدفوعات، مشيرًا إلى أنه مؤخرًا هناك تحسن تدريجى فى القيمتين.
وأفادت بيانات تقرير أداء ميزان المدفوعات للعام المالى 2024-2025، الصادر عن البنك المركزي، بأن إيرادات السياحة فى مصر شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة %8.2 خلال الربع الأول من العام الحالى، لتصل إلى نحو 4.8 مليار دولار، مقارنة مع 4.5 مليار فى الفترة نفسها من العام المالى الماضي.
وأظهر التقرير أن عدد الليالى السياحية ارتفع أيضًا، حيث سجل نحو 51.6 مليون، مقابل 47.7 مليون خلال الفترة ذاتها من العام السابق.
وأضاف أن الديون الخارجية تمثل عبئا على ميزان المدفوعات حيث يتم دفع الأقساط والفوائد عليها بمبالغ معينة تساهم أيضًا فى خروج العملة الأجنبية.
وأفاد بأن زيادة العجز فى ميزان المدفوعات قد يؤدى إلى ضغوط على احتياطات النقد الأجنبي، مما يجعل من الصعب دعم العملة الوطنية، ويؤدى إلى انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.
وفى وقت سابق، كشف البنك المركزى المصرى عن تسجيل احتياطات النقد الأجنبى الصافية مستوى قياسيًا جديدًا بلغ 47.109 مليار دولار فى ديسمبر 2024، مقارنة مع 46.952 مليار دولار فى نوفمبر من العام نفسه، بزيادة قدرها 157 مليونا.
ويشمل الاحتياطى النقدى فى مصر مجموعة من المصادر، منها احتياطى الدولة من الذهب، وعوائد قناة السويس، وحصيلة الصادرات، بالإضافة إلى تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
وأوضح "زيدان" أننا شهدنا مؤخرا ارتفاعًا فى قيمة الجنيه أمام الدولار بسبب تدفق الأموال الساخنة منذ بداية العام، والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة مما يساهم فى تحسن وضع الملاحة فى قناة السويس وانتظام حركة مرور السفن، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصرى عانى من انهيار عوائد القناة بما يقرب من %70 خلال العام المالى الحالي.
أما تأثير العجز على التضخم، فأوضح أنه عندما يحدث تراجع فى قيمة الجنيه، فإن تكلفة الواردات ترتفع، خاصة السلع الأساسية مثل المحروقات والمواد الخام وتشكل حوالى %80 من الواردات وهذا يؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، وبالتالى زيادة التضخم.
من جانبه، قال هشام حمزة، الخبير المصرفى إن انخفاض قيمة الجنيه المصرى و ارتفاع معدلات التضخم يرجع إلى أن إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضًا بنسبة %25، حيث بلغت 6.6 مليار دولار، مقارنة مع 8.8 مليار فى الفترة المقابلة من العام الماضي، ويُعزى هذا الانخفاض إلى تراجع عدد السفن العابرة بنسبة تزيد عن %61 نتيجة التوترات العسكرية والسياسية فى المنطقة.
وفى الوقت الذى ارتفع فيه الطلب على واردات البترول، انخفض حجم الصادرات البترولية، مما أثر سلبًا على الميزان التجاري، وفقًا للخبير المصرفي.
وأفاد بأنه من المتوقع أن يتم تحريك سعر الصرف خلال عام 2025، لكن ليس فى الربع الأول من العام الحالي، حيث تظل عدة عوامل تحد من ذلك، مثل الزيادة فى حصيلة الصادرات غير البترولية وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج بنسبة %85، والتى ارتفعت من 4.5 مليار دولار إلى 8.3 مليار.
وأوضح "حمزة" أن التضخم الحالى فى مصرهو تضخم مستورد، ناتج عن أحداث خارجية مثل جائحة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى مشكلات فى منطقة الشرق الأوسط، ويعتمد التحكم فى معدلات التضخم على قرارات اقتصادية داخلية وسياسات نقدية مرنة، مع ضرورة استقرار الأوضاع العالمية.
وأكد أن السياسة النقدية المتشددة ساهمت فى تقليل معدلات التضخم حتى فبراير 2024، ومنذ ذلك الحين بدأت هذه المعدلات فى الانخفاض تدريجيًا، رغم استمرار التأثيرات الخارجية.
زيدان: تدفق الأموال الساخنة واتفاق غزة يعززان مكانة العملة المصرية
حمزة: استقرار الأوضاع الإقليمية مفتاح التحكم فى معدلاته
