أكد خبراء مصرفيون على أهمية اتباع نهج تدريجى فى خفض أسعار الفائدة، مع مراقبة مؤشرات التضخم وسعر الصرف بشكل مستمر، مع مراعاة التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية.
وأوضحوا أن تخفيض أسعار الفائدة فى مصر أمر محتمل الفترة المقبلة، ولكن اختلفوا حول النسبة المتوقعة.
وأرجعوا هذا إلى عدة عوامل، منها تحسن التوقعات الاقتصادية العالمية، واستقرار أسعار الصرف، والتعديلات المالية التى يتم تنفيذها لتخفيف الضغوط التضخمية، وسعى البنك المركزى لتحقيق توازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
وأضافوا أن الإيجابيات المتوقعة من تخفيض الفائدة، تتضمن تحفيز الاستثمار وزيادة النمو الاقتصادي، وتقليل تكلفة التمويل على الشركات، وزيادة السيولة فى السوق، وتحسين جاذبية الاستثمار فى مصر.
ولفتوا إلى أن من التحديات المحتملة للتخفيض السريع للفائدة تشمل تفاقم مشكلة التضخم.
وتوقع بنك جولدمان ساكس خفضًا كبيرًا فى سعر الفائدة فى مصر خلال العام الجاري، ليصل إلى نحو %13 بنهاية العام، من %27.25 حاليا على الودائع- أى بخفض %14.25 مرتبطًا بتحسن متوقع فى قيمة الجنيه المصري، ومدعومًا بعودة تدفقات الاستثمار الأجنبي.
ويرى البنك أن هذا التخفيض لن يؤثر بشكل كبير على التضخم، معتمدًا على التعديلات المالية الجارية التى من شأنها تخفيف الضغوط التضخمية، كما يتوقع أن تظل أسعار الفائدة على الودائع والشهادات إيجابية، مما يشجع على الادخار.
وفى آخر اجتماعات سعر الفائدة لعام 2024، قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، حيث تم تثبيت سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند %27.25 والإقراض عند %28.25.
وقال أحمد عادل أبو الخير، الخبير المصرفى إن توقعات جولدمان ساكس تشير إلى تحليل شامل للوضع الاقتصادى فى مصر، بما فى ذلك توقعات تراجع معدلات التضخم والتى تعتبر عاملًا رئيسيًا يُشجع البنك المركزى على خفض أسعار الفائدة، وتحسن سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار.
وتُصدر مؤسسة جولد مان ساكس، وهى شركة عالمية رائدة فى مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية والأوراق المالية والإدارة الاستثمارية، تقارير دورية حول توقعات الاقتصاد العالمى والاقتصادات الإقليمية، بما فى ذلك الاقتصاد المصري.
وتتضمن هذه التقارير تحليلات وتوقعات حول مجموعة واسعة من المؤشرات الاقتصادية، من بينها أسعار الفائدة.
وأضاف عادل أن الأسباب السابقة تقلل الضغوط على البنك المركزى للحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة، بالإضافة إلى استمرار جاذبية الاستثمار فى مصر من خلال العائد المرتفع، ورغم التحديات، ما زالت تشكل عامل جذب للمستثمرين.
وأوضح عادل أنه على الرغم من قلق رجال الأعمال من ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرها السلبى على تكلفة تمويل المشاريع، مما يُعيق التوسع والاستثمار، فإن قرار خفض أسعار الفائدة، وإن كان يُخفف هذا العبء ويُشجع على الاقتراض والاستثمار، إلا أنه قرارًا ذو حدين.
وأضاف أن نجاح قرار خفض الفائدة يعتمد بشكل كبير على قدرة البنك المركزى على إدارة السياسة النقدية بحكمة، وتحقيق التوازن الدقيق بين تحفيز النمو الاقتصادى من جهة، والسيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف من جهة أخرى.
ولفت أنه بينما تُبدى مؤسسات مثل جولدمان ساكس توقعات إيجابية، يقع على عاتق البنك المركزى مسؤولية كبيرة فى إدارة عملية خفض أسعار الفائدة؛ فالخفض، وإن كان يُخفف الأعباء عن رجال الأعمال ويُحفز الاستثمار، إلا أن الخفض السريع وغير المدروس قد يُؤدى إلى نتائج عكسية، كارتفاع التضخم وتدهور سعر الصرف.
وأكد أن الأمر يقتضى اتباع نهج تدريجى ومدروس، يتضمن اتخاذ إجراءات مُصاحبة للسيطرة على التضخم، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من تحفيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي.
وأفاد أن متابعة المؤشرات الاقتصادية الأخرى، كالتضخم والنمو الاقتصادى وحركة سعر الصرف، تُعدّ أمرًا بالغ الأهمية لتقييم شامل لتأثير خفض الفائدة.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي، سجل معدل التضخم الأساسى %23.2 فى ديسمبر 2024 ،مقابل %23.7 فى نوفمبر.
وتوقع أن يكون خفض الفائدة بنسبة تتراوح بين %6 و%8 على مدار العام، مع مراقبة دقيقة لمعدلات التضخم وسعر الصرف، كنهج أكثر حذرًا وملاءمة، وتحقيق الهدف الرئيسى للبنك المركزى بالتوازن الدقيق بين تحفيز النمو الاقتصادى والحفاظ على استقرار الأسعار وسعر الصرف.
وأفاد باهى طاهر، الخبير المصرفي، إمكانية تخفيض البنك المركزى لسعر الفائدة لتصل الى حوالى %17 خلال هذا العام تدريجيا.
وأشار طاهر إلى أن هناك احتمالاً لخفض الفائدة فى الفترة المقبلة، خاصة بعد التحركات الأخيرة للفيدرالى الأمريكي.
وأوضح طاهر أن خفض سعر الفائدة سيؤدى إلى تقليل تكلفة الاقتراض، مما سيمكن الشركات من تحسين هوامش ربحها وتوسيع أنشطتها.
وأضاف أن خفض الفائدة من شأنه زيادة السيولة فى السوق، حيث ستحفز البنوك على تقديم المزيد من منتجات القروض، مما يعزز التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع أن بعض الشركات المثقلة بالديون ستستفيد أيضاً من إعادة التمويل بأسعار فائدة أقل، مما قد يشجعها على الدخول فى استثمارات جديدة.
وأوضح أن خفض سعر الفائدة سيؤثر بشكل إيجابى على الشركات المدرجة فى سوق المال، حيث من المتوقع أن يؤدى ذلك إلى زيادة قيمة الأسهم نتيجة لتمويل تكلفة التخفيض.
على الجانب الآخر، حذر الخبير المصرفى من بعض التحديات التى قد تطرأ نتيجة خفض الفائدة من بينها، زيادة الطلب على الشركات الصغيرة ، والذى قد يؤدى إلى منافسة قوية مع الشركات الكبرى التى قد تسيطر على حصة أكبر من السوق، مشيرًا إلى أن ارتفاع مستويات التضخم قد يؤثر سلباً على تكاليف الإنتاج، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً.
وخلص الخبير المصرفى إلى أن خفض الفائدة سيكون إيجابيًا للشركات من حيث تحسين قدرتها على التمويل، لكنه يحمل مخاطر تضخمية تتطلب إدارة حذرة.
وتوقع أن يتم الخفض بشكل تدريجي، ما لم تحدث تغيرات مفاجئة فى الأحداث العالمية تؤثر على الاقتصاد المصري.
وأشار الدكتور محمد ربيع، الخبير المصرفي، إلى أن التخفيض المتوقع فى سعر الفائدة من قبل جولدمان ساكس يعد كبيرًا جدًا إذا تم تنفيذه فى سنة واحدة.
وأوضح ربيع أن انخفاض سعر الفائدة سيكون له تأثير إيجابى على زيادة منح الائتمان ونمو الاستثمار، حيث أن انخفاض تكلفة التمويل يشجع الشركات على الاقتراض، مما يعزز الربحية.
ومع ذلك، أشار ربيع إلى أن التخفيض الكبير فى سعر الفائدة قد يكون غير مناسب فى الوقت الحالى نظرًا لمعدلات التضخم المرتفعة الحالية والمتوقعة.
وخلال الاجتماع الأخير للبنك المركزي، تقرر تمديد الأفق الزمنى لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 و عام 2028 عند %7 (± 2 نقطة مئوية) و%5 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط على الترتيب، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجى نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
وتوقع ربيع أن يتم خفض سعر الفائدة بنحو 6% بشكل تدريجي، مؤكدًا أن مصر لم تقم مسبقًا بتخفيض سعر الفائدة بنسبة %14 دفعة واحدة.
وأوضح أن التدرج فى خفض سعر الفائدة يعكس الحاجة إلى موازنة بين تحفيز النمو الاقتصادى من خلال خفض تكلفة الاقتراض، وبين الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم.
