رجح عدد من خبراء قطاع تكنولوجيا المعلومات مواصلة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال فترة ولايته الثانية الضغط على شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق التواصل الاجتماعى الشهير عالميا «تيك توك» من خلال فرض ضرائب على مستخدميه، أو إجبارها على بيع جزء من أسهمها لشركة أمريكية لضمان عدم خروج بيانات مشتركيه خارج حدود الولايات المتحدة .
توقع أحمد صبري، رئيس شركة «دى إم آرتس» أكاديمى للاستشارات والتسويق الرقمي، استمرار الحظر المفروض على تيك توك، مبينا أن هذه الخطوة جاءت فى سياق الحرب التجارية والتكنولوجية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة، والتى تصاعدت بشكل متسارع خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف «صبرى» فى تصريحات لـ«المال» أن الرئيس الحالى دونالد ترامب يعتبر أكثر عداء لتيك توك إذ اتخذت خلال فترة ولايته الأولى مواقف حاسمة ضد منصة التواصل الاجتماعى الصينية، مهددًا بحظر التطبيق فى الولايات المتحدة بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومى، وادعى آنذاك أن التطبيق قد يستخدم لسرقة بيانات المستخدمين الأمريكيين ونقلها إلى حكومة بكين.
وتابع أن ترامب أصدر أمرين تنفيذيين ضد تيك توك، أولهما يحظر على الشركات الأمريكية التعامل مع التطبيق، والآخر يعترض على نقل البيانات للمستخدمين إلى الصين.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكى الجديد قد أمهل «بايت دانس» أول أمس 90 يوماً لتصفية أعمالها فى الولايات المتحدة أو بيع حصصها لكيان آخر من الجنسية ذاتها، ثم سرعان ما بدأت الحكومة الأمريكية تطلب من «بايت دانس» بيع أعمالها بالولايات المتحدة لأخرى كشرط لمواصلة تيك توك نشاطها بالبلاد .
وأشار إلى أنه كان هناك اقتراح بأن يتم بيع أجزاء من التطبيق إلى شركات أمريكية مثل «أوراكل»، وذلك لضمان أن تظل بيانات خاضعة للقوانين الأمريكية بدلا من الصين إلا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائى حول البيع قبل انتهاء فترة ولاية ترامب.
و رأى أن «تيك توك» ستسير على نفس نهج «هواوي» فيما يتعلق بالضغوط الأمريكية المتزايدة عليها، كما حدث فى عام 2019 عندما أدرجت الولايات المتحدة شركة هواوى الصينية فى القائمة السوداء، مما حال دون تعامل الكيانات الأمريكية مثل جوجل وأنتل معها.
بينما أكد محمد الحارثي، المدير التنفيذى لشركة «سيميكولون» للحلول التقنية، أن تطبيق «تيك توك» لن يتم حظره نهائيًا فى الولايات المتحدة، موضحًا أن الرئيس ترامب، خلال فترة ولايته الثانية، لن يميل إلى التصعيد ضد الصين بشكل كبير، حيث أن مصالح الاقتصاد الأمريكى تتطلب تجنب المواجهة المباشرة مع بكين.
وتوقع الحارثى أن يتم اتخاذ إجراءات أخرى لتضييق الخناق على منصة «تيك توك»، مثل فرض ضرائب إضافية عليها، بدلاً من الحظر التام.
أضاف أن ترامب سيتجه إلى تقليص نفوذ بعض منصات التواصل الاجتماعى غير الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا التحرك لن يقتصر فقط على «تيك توك»، واستشهد بقرارات الإدارة الأمريكية التى اتخذتها ضد شركة هواوى الصينية، حيث منعتها من الوصول إلى خدمات جوجل ومتجر بلاى ستور، فى إطار سعيها لتضييق الخناق على التقنيات الصينية.
ولفت إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لترامب هو تعزيز ودعم التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما تعهد به خلال حملته الانتخابية لعام 2024.
وأوضح أن ترامب لديه توجه ورؤية سيضعها حيز التنفيذ، تهدف إلى تمكين الابتكارات التقنية الأمريكية وتعظيم قدرات الشركات المحلية فى مواجهة المنافسة الأجنبية وبالأخص الصينية منها.
ولفت إلى أنه من خلال هذا التضييق على التقنيات الصينية، يأمل ترامب فى حماية الصناعة التكنولوجية الأمريكية وتعزيزها، مما يساهم فى ازدهار الاقتصاد الوطنى ويقلل من الاعتماد على التقنيات الأجنبية التى قد تشكل تهديدات للأمن القومي.
وتوقع أن تبيع الشركة الأم لتيك توك، «بايت دانس»، حصة كبيرة من أسهم «تيك توك» لشركة أمريكية، مبينًا أن هذا الحل سيسمح بأن تظل البيانات الخاصة بالمستخدمين الأمريكيين داخل الولايات المتحدة، مما يخفف من المخاوف حول إمكانية وصول الحكومة الصينية إليها، وبالتالى يحل جزءً من القلق المتعلق بالتجسس الإلكتروني.
واعتبر أنه حال إتمام صفقة بيع جزء من « بايت دانس « المالكة لـ «تيك توك قد يوفر ذلك حلولًا وسطية تعزز من موقف التطبيق فى السوق الأمريكية وتسمح له بالاستمرار فى العمل دون القلق من تداعيات قانونية، وفى الوقت ذاته سيمنح الولايات المتحدة ضمانًا أكبر بشأن الخصوصية وحماية البيانات الشخصية.
يشار إلى أنه تم حظر تيك توك فى أمريكا لمدة 12 ساعة يوم الأحد الماضى، فى الوقت الذى كان من المقرر بدء سريان قانون جديد يلزم الشركة الأم المالكة إما ببيعها لمستثمرين بالولايات المتحدة أو وقف العمل به نهائيا داخل البلاد، إلا أن التطبيق استأنف نشاطه مجددا بعدما أعلن ترامب عن نيته إصدار أمر تنفيذى لإعادة تفعليه مرة أخرى.
