خبراء لـ«المال»: تمويلات البنوك للقطاع العقاري لا تتناسب مع حجم وقوة السوق

Ad

شهدت السوق المصرية مع نهايات العام الماضى توقيع العديد من اتفاقيات وقروض التمويل الضخمة لصالح شركات تطوير عقارى، وهذا الأمر يبعث بالتفاؤل ويبشر بإمكانية تكرارها خلال العام الحالى مع إطلاق تيسيرات وحوافز من القطاع المصرفى لدعم المطورين رغم الارتفاع اللافت فى أسعار الفائدة.

وخلال 2024 حصلت عدة شركات تطوير على قروض بنكية، أبرزها شركة “مدينة مصر” والتى تم منحها تمويلًا مشتركًا بقيمة 9 مليارات جنيه من تحالف مصرفى يضم 7 بنوك بقيادة البنك التجارى الدولى CIB، بخلاف شركات أورا العقارية، سوديك، بالم هيلز.

ووسط ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد معايير الإقراض، شهد القطاع العقارى المصرى خلال العام الماضى زخمًا غير مسبوق فى التمويل وخصوصًا فى النصف الثانى من العام، مدفوعًا بتحالفات مصرفية كبرى جمعت بين أبرز البنوك المحلية، على الرغم من القيود التى تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة للحصول على القروض.

وحصلت شركة مدينة مصر خلال شهر ديسمبر الماضى على تمويل مشترك بقيمة 9 مليارات جنيه، بهدف تطوير المراحل الرئيسية لمشروعى “تاج سيتي” و”سراي” الممتدين على مساحة إجمالية تبلغ 9 ملايين متر.

وتم تقسيم التمويل إلى شريحتين 4 مليارات جنيه لمشروع “تاج سيتي” فى القاهرة الجديدة، وهو متعدد الاستخدامات يقع على مساحة 3.5 مليون متر مربع، و5 مليارات جنيه لمشروع “سراي” بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة، ويشمل تطوير وحدات متعددة الاستخدامات على مساحة 5.5 مليون متر.

ويمتد التمويل طويل الأجل لأكثر من 7 سنوات، مما يعزز الاستقرار المالى للشركة ويتيح لها تنفيذ خططها الطموحة.

وفى نفس السياق، قدّم تحالف مصرفى يضم 8 بنوك، بقيادة بنك مصر والبنك الأهلى المصرى، تمويلًا بقيمة 10.3 مليار جنيه لشركة “بالم للتنمية” العمرانية، بهدف تغطية جزء من التكلفة الاستثمارية لمشروع “باديا” بمدينة أكتوبر الجديدة، الذى يمتد على مساحة 3000 فدان والذى يُعد نموذجًا حديثًا لمجتمع عمرانى متكامل فى غرب القاهرة.

أما شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” فقد وقعت اتفاق تمويل مشترك بقيمة 4.14 مليار جنيه مع بنكى مصر والتجارى الدولى، وسيتم توجيهه إلى تطوير مشروع يمتد على مساحة 464 فدانًا بمدينة الشيخ زايد، ويشمل “VYE”، و”KARMEEL”، ويأتى هذا التمويل ضمن استراتيجية الشركة لتعزيز أدائها المالى وتقوية محفظتها العقارية.

كما أبرمت شركة أورا ديفلوبرز إيجيبت اتفاق تمويل مشترك بقيمة 7 مليارات جنيه بمشاركة البنك الأهلى المصرى وثلاثة بنوك أخرى.

والتمويل مخصص لدعم أعمال الإنشاءات والبنية التحتية لمشروع “ZED East”، الفاخر متعدد الاستخدامات والذى يقع فى القاهرة الجديدة.

وتجرى شركة “هايد بارك” العقارية مفاوضات لإتمام صفقة تأجير تمويلى بقيمة 500 مليون جنيه لدعم إنشاءات مشروع “بيزنس ديستريكت” فى القاهرة الجديدة، والذى يضم وحدات إدارية وتجارية بمساحات متنوعة، بالإضافة إلى منطقة ترفيهية حديثة تسعى من خلالها إلى تحقيق إيرادات مستدامة.

وفى قطاع المقاولات، حصلت شركة الزاهى جروب على تمويل بقيمة 4.2 مليار جنيه من تحالف مصرفى يضم 3 بنوك لدعم مشروعات متعددة تشمل البنية التحتية واستصلاح الأراضى.

من ناحية أخرى، يعمل “صندوق الإسكان الاجتماعي” على صرف شريحة جديدة بقيمة 170 مليون دولار من قرض البنك الدولى ضمن تمويل إجمالى قيمته مليار دولار لدعم مشروعات الإسكان الاجتماعى.

وفى استطلاع أجرته “المال” مع بعض الخبراء قال المهندس طارق شكرى رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن أسعار الفائدة مرتفعة للغاية وتمثل أزمة للمطورين، ولا يجب أن تزيد عن %13 لضمان تخفيف الأعباء المالية عن الشركات.

وأكد أن الغرفة تعمل بقوة على تعديل آليات التمويل العقارى والإقراض بالسوق المحلية من خلال التواصل مع البنك المركزى، لتصبح ملائمة لتطورات الأوضاع فى السوق المحلية.

وقال جون سعد خبير الاستثمار العقارى إن هناك شريحة شركات التطوير العقارى ذات التاريخ وحجم الأعمال الضخم ينبغى أن تحصل على تمويلات بنكية فى ضوء وجود فرص للنمو فى الفترة المقبلة.

وأكد أن السوق حققت مبيعات قياسية فى العام الماضى، وهو ما يتطلب العمل بسرعة على تنفيذ عدد وحدات ضخم فى العام الحالى لتتناسب مع المبيعات المحققة، وبالتالى لا بديل عن تدخل مصرفى لسد أى فجوة تظهر مستقبلًا مع الحصول على ضمانة من المطور.

ورأى أن البنوك العاملة فى السوق المحلية مؤهلة بقوة لدعم القطاع العقارى والذى يعتبر قاطرة للتنمية الاقتصادية لافتًا إلى أنه مؤخًرا أصبح لديه تطلعات للتوسع فى أسواق إقليمية ومجاورة.

وأشار محمود جاد، محلل قطاع العقارات، إلى أن حصول شركات تطوير عقارى كبيرة مثل مدينة مصر على قروض بمبالغ ضخمة تصل إلى 10 مليارات جنيه، خصوصًا فى النصف الثانى من عام 2024، يعكس الثقة التى تحظى بها الشركة من قبل المؤسسات المالية، والتى تعتمد على قوة موقفها المالى، واستدامة تدفقاتها النقدية، بالإضافة إلى محفظة مشروعاتها القوية التى تتمتع بفرص تحقيق عوائد مرتفعة.

ولفت إلى أنه بالرغم من ارتفاع أسعار الفائدة الذى يزيد من تكلفة التمويل، فإن الشركات الكبرى غالبًا ما تلجأ إلى هذه الخطوة عندما تكون لديها رؤية واضحة بشأن توجيه هذه الأموال نحو مشروعات واعدة ذات عوائد تفوق تكاليف التمويل.

وأكد أن كل هذه الشركات لديها حجم أعمال كبير تحت الإنشاء وخصوصًا بعد الدخول فى مشاريع جديدة، التى تشمل أيضًا دفعات لتكلفة الأرض، وهو ما يمثل جزءًا مهمًا من التكاليف الإجمالية.

ويرى المهندس مروان فارس رئيس مجلس إدارة شركة إبداع للتطوير العقارى، أن القطاع العقارى يواجه تحديات كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، ولكن هذا لم يمنع الشركات من مواصلة تحقيق نمو ملحوظ فى المبيعات.

وأوضح أن ارتفاع الفائدة أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض بالنسبة لشركات التطوير العقارى التى تعتمد بشكل كبير على التمويل البنكى لتطوير مشروعاتها، وعلى الرغم من هذا التحدى، فإن القطاع لا يزال يحظى بطلب قوى، حيث يلجأ العملاء إلى الاستثمار فى العقارات كوسيلة لحفظ قيمة مدخراتهم وسط تقلبات اقتصادية.

وأشار إلى أن تكلفة الإنشاءات ارتفعت منذ بداية العام الماضى، مما أدى إلى زيادة أسعار الوحدات، ومع ذلك، شهدت قيمة المبيعات نموًا ملحوظًا، وإن كان العدد المباع قد تأثر نسبيًا نتيجة هذه الزيادات.

وأوضح المهندس مروان أن الشركات العقارية تعتمد على القروض الضخمة لتسريع وتيرة الإنشاءات ومواكبة الضغوط الاقتصادية، مضيفًا أن هذه القروض ليست مجرد حلول تمويلية، بل هى أدوات استراتيجية تمكن الشركات من تعزيز استقرارها المالى، وتمويل مشروعاتها الكبرى، وتطوير مجتمعات عمرانية مستدامة تلبى احتياجات السوق.

وحول تأثير ارتفاع الفائدة على أسعار البيع، أشار إلى أن زيادة تكلفة الاقتراض تنعكس بشكل مباشر على العملاء، حيث ارتفعت أسعار الوحدات بنسبة تتراوح بين %10 و%30.

وأضاف أن الشركات أصبحت أكثر حذراً فى إدارة مخزونها، إذ تركز على بيع الوحدات التى تحت الإنشاء بأسعار جديدة تعوض بها الزيادات المستمرة فى التكلفة.

واختتم المهندس مروان حديثه بتأكيده على مرونة القطاع العقارى، وعلى الرغم من ارتفاع الفائدة وتكاليف الإنشاءات، فإن الطلب القوى على العقارات يمنح القطاع العقارى زخمًا يساعده على تخطى التحديات الاقتصادية.

وأضاف أن استراتيجيات الشركات العقارية تتمحور حول توفير منتجات تلبى توقعات العملاء فى ظل التغيرات الاقتصادية المستمرة، مع الحفاظ على الجودة والقيمة.

وقال المهندس أحمد قدرى، الرئيس التنفيذى لشركة SAK للتطوير العقارى، إن شركات التطوير الآن يقع على عاتقها العديد من التحديات، بخلاف الجزء الخاص بالتطوير، متمثلة فى الإنشاء والإشراف وأحيانًا الإدارة والصيانة، من خلال إنشاء شركات تابعة لها تتولى مسؤولية إدارة وتشغيل المشروع بعد الانتهاء منه، لضمان استمرارية وكفاءة المنتج العقارى الذى تقوم بتقديمه للسوق المصرية، بالإضافة إلى لعبها أيضًا دور البنك كممول للعميل من خلال تقسيط الوحدة لسنوات تصل إلى 10 سنوات.

وطالب بضرورة تفعيل دور القطاع المصرفى بشكل أكبر فى تمويل القطاع العقارى خلال الفترة المقبلة، إذ لا يتناسب إطلاقًا مع حجم وقوة السوق، لافتًا إلى أن %2 من حجم مبيعات القطاع فقط تتم من خلال تمويلات بنكية، و%98 تمويلات مباشرة من العملاء وشركات التطوير العقارى.

ورأى أن هذه النسب قليلة مقارنة مع عدد من الدول الأخرى والتى لا تتمتع بما يتمتع به القطاع فى مصر من صلابة واستقرار، الأمر الذى يستلزم إعادة النظر والتدخل من قِبل الدولة لإصدار التشريعات والإجراءات الميسرة، للحصول على التمويل سواء للمطور أو العميل، حتى يتحقق المزيد من التعاون والأداء المرجو من قبل الحكومة مع القطاع الخاص.

ووفقاً لبيان صحفى سابق قال عمرو الجناينى نائب الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب بالبنك التجارى الدولى، إن القطاع العقارى أصبح صمام أمان مجتمعيا يحقق الاستقرار لنحو 30 مليون مواطن ويوفر حوالى 5 ملايين فرصة عمل على الأقل ويدعم الناتج المحلى بنحو %20 مع توقعات بزيادته إلى %22 فى 2025.

وقال رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات أحمد جلال إن المشاركة فى التمويلات العقارية تعد امتدادًا لاستراتيجية البنك نحو التوسع فى تمويل القروض المشتركة التى تدعم الشركات والمؤسسات الكبرى وبما يساهم فى تحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة وأقصى استفادة ومنفعة على كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وتابع أن البنك يؤمن بأهمية قطاع التطوير العقارى كونه أحد القطاعات الكثيفة العمالة ويدعمها العديد من الصناعات المغذية وذلك لاستيعاب طاقات إنتاجية وأيدى عاملة مما يساعد على تخفيض البطالة.

وأكد الرئيس التنفيذى العضو المنتدب لبنك التعمير والإسكان، حسن غانم، على أهمية دعم القطاع العقارى باعتباره أحد الركائز الأساسية للنمو الاقتصادى وتحقيق التنمية الشاملة، موضحًا أن البنك يحرص على مواصلة دعم ومساندة المشروعات الكبرى التى تسهم فى تعزيز الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى.

طارق شكرى: أسعار الفائدة مرتفعة للغاية ونبحث عن حوافز

جون سعد: استدامة التدفقات النقدية تعزز موقفه

محمود جاد: الصفقات دليل على الثقة فى بعض الكيانات كبيرة الحجم

مروان فارس: الشركات العقارية تعتمد على الاستدانة لتسريع وتيرة الإنشاءات

أحمد قدرى: %2 من العمليات تتم عبر المصارف