توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على الذهب بالبنوك مع تزايد التحديات العالمية

Ad

قال خبيران مصرفيان إن أسواق الذهب العالمية تشهد تحولاً مع زيادة ملحوظة فى شراء البنوك المركزية للمعدن النفيس كأصل استثمارى آمن ومستقر، موضحين أن هذا التحول يعود إلى عدة أسباب رئيسية، من بينها التأمين ضد التقلبات الاقتصادية، وتنويع الاحتياطيات من خلال تحقيق توازن فى محفظتها من الأصول، إلى جانب أنه يعتبر أحد الأدوات التى تستخدمها البنوك المركزية لدعم عملاتها المحلية ومواجهة التضخم.

وأكد الخبيران أن الاهتمام بالذهب كأصل مستدام، يجذب المزيد من المستثمرين، مشيرين إلى أن بعض البنوك المركزية تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار من خلال زيادة حيازتها من الذهب، بهدف تحقيق استقرار مالى أكبر وتقليل المخاطر الناتجة عن التقلبات فى أسواق العملات.

وتوقع المصرفيان استمرار هذا الاتجاه خلال العام المقبل، مع تزايد الطلب على الذهب فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

ويُذكر أن احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية تجاوزت 35 ألف طن مترى، أى ما يقرب من خُمس إجمالى الذهب المستخرج فى التاريخ، وفقًا لتقرير صادر عن مجلس الذهب العالمى.

وقال وليد عادل، الخبير المصرفى، إن هناك زيادة ملحوظة فى الذهب تشير إلى اهتمام البنوك المركزية به كأداة احتياطية.

وأشار إلى أن ذلك يرجع إلى تأمين القيمة حيث يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا فى أوقات عدم اليقين الاقتصادى، موضحًا أنه عندما تتعرض العملات لتقلبات أو تضخم تلجأ البنوك المركزية إلى الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة.

وأضاف أنه كسبب آخر يعود إلى تنويع الاحتياطيات حيث تميل البنوك إلى تنويع احتياطياتها بين العملات والذهب وهذا التنوع يساعد فى تقليل المخاطر المالية.

وفى وقت سابق، أكد ممثلون عن ثلاثة بنوك مركزية فى مؤتمر عالمى، أن البنوك المركزية ما زالت تشترى كميات كبيرة من الذهب، ضمن إستراتيجيات البنوك لتنويع استثماراتها وتأمين اقتصاداتها.

ولعب الطلب المتزايد على الذهب من قبل هذه البنوك دورا كبيرا فى دعم أسعاره خلال الفترة التى شهدت ارتفاعا فى أسعار الفائدة العالمية إلا أن هذا الطلب شهد تباطؤًا هذا العام مع ارتفاع سعر الذهب بشكل ملحوظ.

وأوضح "عادل" أنه مع تزايد المخاوف من الركود الاقتصادى والتوترات الجيوسياسية تفضل البنوك المركزية تعزيز احتياطياتها من الذهب.

وأفاد بأنه مع استقرار الأسعار حيث يميل الذهب إلى أن يكون أقل تقلبًا من بعض الأصول الأخرى مما يجعله خيارًا جذابًا للبنوك التى تبحث عن استقرار طويل الأمد.

وتتصدر الولايات المتحدة قائمة أكبر حائزى الذهب فى العالم، حيث تمتلك أكثر من 8100 طن من الذهب، وهو ما يمثل حوالى %78 من إجمالى احتياطياتها من العملات الأجنبية. وتأتى ألمانيا فى المرتبة الثانية باحتياطيات تزيد عن 3300 طن، أى ما يعادل حوالى %74 من احتياطياتها، وفقًا لتقرير صادر عن مجلس الذهب العالمى.

ومن المتوقع أن تستمر البنوك المركزية فى شراء الذهب خلال عام 2025 حيث تشير العديد من التقديرات إلى أن الطلب على الذهب قد يظل مرتفعًا؛ وفقًا للخبير المصرفى.

وأكد "عادل" أن التقلبات الاقتصادية قد تؤدى إلى أزمات مالية أو اقتصادية وزيادة الطلب على الذهب كوسيلة للحماية.

وأوضح أنه إذا استمرت البنوك المركزية فى تطبيق سياسات نقدية ميسرة فمن المحتمل أن يرتفع الطلب على الذهب.

ووفقًا للبنك المركزى المصرى، ارتفع رصيد الذهب المدرج باحتياطى النقد الأجنبى بنحو %26.11 خلال العام الماضى، ليسجل 10.644 مليار دولار بنهاية 2024، مقابل 8.440 مليار دولار بختام 2023، بزيادة إجمالية قدرها 2.204 مليار.

ومع تزايد الاهتمام بالاستدامة والقضايا البيئية والاجتماعية، قد يتجه المستثمرون نحو الذهب كمصدر مستدام، وفقًا لـ "عادل".

من جانبه، قال الدكتور عز الدين حسانين، الخبير المصرفى، إن البنوك المركزية رفعت فى السنوات الأخيرة مشترياتها من الذهب لأسباب مختلفة.

وأوضح أن كل بنك مركزى حول العالم يشترى الذهب بهدف مختلف عن باقى البنوك، وقد تتشابه الأهداف النقدية والمالية لغالبية البنوك المركزية مثل تنويع الاحتياطيات الأجنبية.

وأكد أن الذهب يمثل مساحة مهمة من بنود الاحتياطى النقدى الأجنبى لمعظم البنوك المركزية؛ من أجل دعم العملة المحلية ومواجهة التضخم العالمى والصدمات المالية والنقدية العالمية، وتقليل مخاطر تركز الاحتياطى النقدى الأجنبى فى العملات الأجنبية التى تتأثر بالتضخم وتقلبات سعر الصرف.

وأشار إلى أن الذهب ما زال المعدن الأكثر استقرارا والقابل إلى زيادة قيمته المالية باستمرار، وهو أحد أدوات السياسة النقدية للبنوك المركزية لدعم السيولة الدولية وضامن مهم للقروض الأجنبية من الخارج.

وأفاد بأن بعض البنوك المركزية تستخدم ذهب الاحتياطى فى الاتجار العالمى وتحقيق مكاسب بالعملة الأجنبية من خلال إعارة الذهب لبعض المؤسسات المتخصصة فى التجارة بالذهب لفترة محددة وجنى أرباح رأسمالية، بالإضافة إلى مخاطر متعلقة بدولة الإصدار للدولار وهى أمريكا التى تطبع الدولار دون وجود غطاء من الذهب ولا سلع أو خدمات فى مقابلها معتمدة على الدولار الدولى الذى يجوب العالم بدون أى قيود.

وفى المقابل، تعانى الولايات المتحدة الأمريكية من عجز هائل فى موازناتها والذى يستدعى مزيد من طباعة الدولار من أجل تغطية الدين العام الهائل الداخلى ومقابلة الإنفاق الحكومى الكبير مما يتسبب فى تصدير التضخم للعالم، وفقًا للخبير المصرفى.

وأكد "حسانين" أن اللجوء للذهب أصبح من مهام البنوك المركزية فى الآونة الأخيرة من أجل الدفاع عن قيمة عملاتها الوطنية أمام هجمات التضخم المستورد.

وذكر أن هناك بنوكا مركزية لبعض الدول مثل الصين وروسيا وهما يحتلان المركزين الأول والثانى عالميا فى إنتاج الذهب والاستحواذ عليه من أجل تقليل الاعتماد على الدولار واليورو وتشكيل عملات أخرى دولية قوية فى مقابل الدولار.

وتابع أن وجود هذه العملات جنبا إلى جانب الدولار واليورو والاسترلينى والين اليابانى فى المعاملات الدولية وكسر هيمنة الدولار على وجه الخصوص الذى مازال يمثل أكثر من %70 من حجم المعاملات الدولية وأكثر من %60 من عملة الدين فى العالم.

وعن توقعات استمرار اكتناز البنوك المركزية للذهب فى 2025، أشار إلى أننا سنجد أن أهداف حيازته ستختلف من بنك لآخر، ولكنها جميعا ستتفق على هدف وهو تحقيق الاستقرار المالى والنقدى داخل أنظمتها الداخلية.

عادل: الخيار الأمثل للاستقرار المالى فى ظل التوترات الجيوسياسية

حسانين: المعدن الأصفر يعزز الثقة فى الأنظمة النقدية المحلية