«التوترات الجيوسياسية».. مكاسب للبعض.. وانتكاسة للأغلبية

Ad

حدد الاتحاد العربى لغرف الملاحة البحرية  الفئات المستفيدة من تداعيات أزمة البحر الأحمر، والخاسرون منها، مع توقع أن تظل الأزمة قائمة خلال الشهور المقبلة، لحين الوصول إلى حل سياسي، الأمر الذى سينتج عنه انخفاض المؤشرات السلبية على قطاع النقل البحرى بشكل تدريجي.

فى البداية أشار المهندس مدحت القاضى رئيس شعبة خدمات النقل الدولي، والنائب الأول لرئيس الاتحاد العربى لغرف الملاحة البحرية، عبر دراسة تم تقديمها بعنوان تأثير الاضطرابات فى البحر الأحمر على حركة الحاويات فى مصر والمنطقة إلى أن الموانئ المصرية تأثرت بالأزمة حيث شهدت الواردات انخفاضات فى 9 أشهر من العام الجارى بواقع %19 واختلف هذا التراجع من ميناء لآخر، حيث كان التراجع فى ميناء الإسكندرية بنسبة %8 فقط، بينما كان التراجع فى دمياط بواقع %18، أما السخنة فكان %34، بينما كان التراجع فى بورسعيد بواقع %22.

أما الصادرات فكانت فى 2022 بواقع 932 ألف حاوية، وفى عام 2023 وصلت الى 1.09 مليون حاوية، بينما وصلت حتى أكتوبر الماضى خلال العام الجارى إلى نحو 1.06 مليون.

وجاءت شركات تشغيل السفن ضمن الفئات المستفيدة من اضطرابات البحر الأحمر، بسبب زيادة الطلب على الرحلات الطويلة حيث يعتبر البحر الأحمر شديد الخطورة، ويتم إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح، وهذا يزيد بشكل كبير من مسافات الرحلات، مما يؤدى إلى زيادة الطلب على السفن وربما رفع أسعار التأجير وإمكانية تحقيق أرباح أعلى.

أوضح “القاضي” خلال عرضه لدراسة الاتحاد، إلى أن موانئ اليونان، ومالطا، وإيطاليا، وإسبانيا، أصحبت من المستفيدين بشدة من الأزمة، وهناك مزيد من الخطوط الملاحية أصبحت تتجه نحوها.

ولفت إلى أن الأزمة أظهرت الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس والبحر الأحمر، فى تعزيز حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد.

واستفادت شركات التأمين و تموين الوقود من الأزمة بالبحر الأحمر، بسبب ارتفاع أقساط التأمين بسبب المخاطر العالية وزيادة فترة الرحلات البحرية.

وأشارت الدراسة إلى أن الخاسرين من اضطرابات البحر الأحمر، فى مقدمتهم مصر، نظرا لاعتمادها الكبير على عائدات قناة السويس، فإنها تعانى من خسائر مالية كبيرة عند تحويل حركة المرور،مما يؤثر ذلك على اقتصادها وقدرتها على تمويل مشاريع البنية التحتية، بالإضافة إلى خسائر الدول المطلة على البحر الأحمر حيث تواجه اليمن والمملكة العربية السعودية والأردن ودول أخرى اضطرابات فى التجارة ونقصاً محتملاً فى البضائع وزيادة تكاليف الاستيراد والذى يمكن أن يؤثر على اقتصاداتها ورفاهية مواطنيها.

كما أن خطوط الشحن تواجه زيادة فى التكاليف التشغيلية بسبب الرحلات الطويلة وزيادة استهلاك الوقود وربما ارتفاع أقساط التأمين، ومن ثم تأثير على الربحية والقدرة التنافسية.

كما أنه من بين الخاسرين من الأزمة مشغلى الموانئ فى البحر الأحمر، حيث تشهد موانئ مثل جدة والعقبة والسخنة انخفاضا فى حركة المرور وخسائر فى الإيرادات وتسريحا محتملا للعمال.

وأوضحت الدراسة إلى أن شركات الخدمات اللوجستية تواجه تحديات فى إدارة اضطرابات سلسلة التوريد وإعادة توجيه البضائع والتعامل مع التأخيرات المحتملة وزيادة التكاليف.

وأشارت الدراسة إلى أنه من بين الخاسرين المستوردون والمصدرون والذين يواجهون تأخيرات فى استلام أو شحن البضائع، مما قد يؤدى إلى خسارة المبيعات واضطرابات الإنتاج وزيادة التكاليف، كما أن الشركات قد تواجه تأخيرات فى استلام المواد الخام أو المكونات، مما يؤثر على جداول الإنتاج وقد يؤدى إلى ارتفاع تكاليف السلع تامة الصنع،كما يواجه تجار التجزئة نقصا فى المنتجات، مما يؤثر على المبيعات ورضا العملاء.

وأشار إلى أن أهم الموانئ التى تأثرت بشكل مباشر بالأزمة هي:” جدة السعودية، والعقبة بالأردن، والسويس والأدبية والسخنة بمصر”، و تعد من المواقع البحرية الحيوية فى استقبال البضائع القادمة من الشرق الأقصى وأوروبا، وبسبب الهجمات التى تشنها جماعة الحوثيين باليمن حولت شركات الشحن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح ومن ثم تم إلغاء العديد من الرحلات.

ولفتت الدراسة إلى أنه تم الاعتماد على موانئ أخرى فرعية، مما أسفر عن زيادة استهلاك الوقود وتلوث البيئة بمزيد من الكربون وزيادة تكلفة المنتجات وانخفاض معدلات تردد السفن والحاويات.

وتابع نائب رئيس اتحاد غرف الملاحة العربية البحرية، أن تكاليف النقل ارتفعت مع تعطيل بعض الموانئ، حيث تتجه السفن الى موانئ أخرى بعيدة عن منطقة البحر الأحمر مثل بيريه وبرشلونة وجنوه والإسكندرية وبورسعيد، ويتم بعد ذلك نقل البضائع بسفن روافد، وتسبب ذلك فى زيادة تكاليف النقل بسبب المسافات الأطول وارتفاع تكاليف التحميل والتفريغ.

وزادت رسوم النقل البحرى نتيجة التكدس فى بعض الموانئ التى تم النقل الحاويات إليها وأدى الى زيادة رسوم النقل، حيث يسعى أصحاب السفن إلى تعويض خسائرهم من خلال رفع أسعار الخدمات.

و أشارت الدراسة إلى وجود تأثيرات اقتصادية على مصر والمنطقة، من حيث انخفاض ايرادات قناة السويس والتى تعد أهم الموارد للسوق المصرية، خاصة بعد أن اقتربت ايراداتها من 10 مليار ات دولار قبل الازمة، كما شهدت التجارة الاقليمية والدولية أزمة كبرى حيث يعد البحر الأحمر طريقا رئيسيا لنقل السلع بين الشرق والغرب مما أدى إلى تأثيرات سلبية على التبادل التجارى بين الدول العربية وأفريقيا وأوروبا.

وأوضح “القاضي“ أن الفترة الأخيرة شهدت نقصا فى المواد الخام للسوق المحلية، نتيجة التأخيرات فى تسليم المنتجات المصدرة إلى الأسواق الدولية مما أثر على الإنتاجية والأرباح للعديد من الشركات الصناعية محليا.

وأشار “القاضي“ إلى أن هناك تأثيرات على النقل البرى والسكك الحديدية، مشيرا إلى أنه فى حالة استمرار الأزمة فى البحر الأحمر، فقد تجد الشركات صعوبة فى نقل الحاويات عبر شبكة النقل البرى والسكك الحديد إلى الوجهات الداخلية، وهو ما يمكن أن يؤدى الى اختناقات فى محطات التوزيع وزيادة فى الأوقات اللازمة لتسليم البضائع.

وأوضح القاضى أن هناك تأثيرات على التجارة العالمية، من حيث تأخر شحنات المواد الاساسية، خاصة وأن البحر الأحمر من الطرق التى تربط أوروبا بآسيا وأى توقف فى الموانئ المصرية وقناة السويس قد يترتب عليه تأخير فى شحنات المواد الأساسية من النفط والغاز وهو ما يؤثر على الأسواق العالمية، خاصة فى قطاع الطاقة.

وذهبت الدراسة إلى وجود حلول لتخفيف التأثير على حركة الشحن، منها استخدام الطرق البرية وهو ما قامت به بعض الشركات ومنها ربط بين الموانئ السعودية والمصرية عبر البر لتقليل الاعتماد على البحر الأحمر، بالإضافة إلى تعزيز الأمن البحرى عبر زيادة التدابير الأمنية فى المناطق المتأثرة والوصول إلى حل سياسي.

من ناحية أخرى أعد الدكتور عماد فواز رئيس الوحدة الاقتصادية لقناة السويس، دراسة عن قناة السويس ودورها فى خدمة التجارة العالمية، وذلك خلال فعاليات انعقاد الجمعية العمومية للاتحاد العربى لغرف الملاحة البحرية.

وأشار فواز إلى أن قناة السويس شهدت تطورات فى المجرى الملاحى من ناحية، بالإضافة إلى تطورات فى المعدات، والسياسات التسويقية والتسعيرية المرنة، كما يتم تطوير نظم سلامة الملاحة والاتصالات والدعم الملاحي.

وذكر أن قناة السويس تقوم بصفة مستمرة بتطوير وتحديث أسطولها من القاطرات اللازمة فى عمليات القطر والإنقاذ ومصاحبة السفن، حيث تمتلك الهيئة حاليا 31 قاطرة من طرازات وقدرات مختلفة.

وتسعى الى تحديث معداتها باستمرار من الكراكات والتى يتم استخدامها فى أعمال الصيانة والتطوير لمجرى القناة، كما تقوم بتحديث ترسانتها البحرية بأحدث الأدوات والمعدات.

وأشار الى أن الهيئة تقوم بتطوير نظم سلامة الملاحة والاتصالات والدعم الملاحى بهدف زيادة الأمان للسفن العابرة للمجرى الملاحى للهيئة.

وتهدف تلك الاستراتيجية إلى التحول الرقمى بإدخال أحدث تكنولوجيا الإبحار الرقمية، وإدارة ومتابعة الملاحة بالقناة الكترونيا بنظام الـ V. T.M.S، وتطوير نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية ومركز الاتصالات البحرية، وتطوير مركز المحاكاة للتدريب وعمل السيناريوهات الكاملة لعمليات الإرشاد والقطر ومكافحة التلوث، كما يتم تطوير المساعدات الملاحية، التى تشمل (القاطرات والعوامات ومحطات الإرشاد).

ولفت إلى أن القناة تضع استراتيجية للبعد البيئى فى مقدمة أولوياتها وهو ما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال اقتصاد نظيف صديق للبيئة، مع جهود المنظمة البحرية الدولية (IMO ) لخفض الانبعاثات الناجمة عن قطاع الشحن البحري.

كما أطلقت قناة السويس العديد من المبادرات للتحول إلى قناة خضراء بحلول عام 2030، موضحا أنها توفر أكثر من %50 من استهلاك الوقود مقارنة بالطرق البديلة.

ويتم ذلك من خلال دراسة تقديم حوافز للسفن التى تستخدم الطاقة الخضراء، واستراتيجية تحويل محركات الوحدات البحرية التابعة لهيئة قناة السويس للعمل بالغاز الطبيعي، و تطوير مراكز مكافحة التلوث لهيئة قناة السويس.

وبالنسبة لتطور السياسة التسويقية أوضح “فواز“ أن ذلك يتم من خلال منشورات دورية تنص على تخفيضات لنوعيات السفن المختلفة، بناء على دراسات دقيقة، وتهدف إلى جذب رحلات وسفن من طرق مختلفة، كما تهدف الى مواجهة الطرق المنافسة لقناة السويس، كما يتم التكامل مع خط أنابيب سوميد، كما يتم تقديم حوافز لسفن الغاز الطبيعى.

وذكرت الدراسة أن قناة السويس تسمح لناقلات البترول العملاقة أكبر من 300 ألف طن ساكن بحمولة جزئية بعد تفريغ جزء من الشحنة فى خط السوميد بالعين السخنة، وخلال عام 2023 عبرت قناة السويس 68 حاملة بترول عملاقة بالتكامل مع خط سوميد.

وعن تأثير الأزمة الأمنية بالبحر الأحمر وتأثيرها على التجارة العالمية المنقولة بحرا، أشار فواز، إلى أن التأثير كان متمركزا فى زيادة المساحات الخاصة برحلات السفن، وارتفاع أسعار النوالين، و أقساط التأمين البحري، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود، وزيادة الانبعاثات واضطرابات سلاسل الإمداد.

وذكر أن عدد الرحلات التى تحولت من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح حتى أول أكتوبر الماضى نحو 6502 رحلة، كما انخفضت عدد الرحلات العابرة لقناة السويس نحو %48.8 كما انخفضت الحمولات الصافية العابرة لقناة السويس من بداية الأزمة حتى أول أكتوبر بنحو %65.4، كما زادت نسبة الانبعاثات الناتجة عن قطاع الشحن نتيجة الأزمة بواقع %60.4.

وتابع أن قناة السويس قامت بعدد من الإجراءات للتعامل مع الأزمة من أهمها التواصل مع عملائها، وتقديم خدمات الإصلاح والصيانة، وتقديم خدمات القيمة المضافة واستمرار عمليات التطوير فى القناة، بالإضافة إلى تقديم خدمات متكاملة لإدارة المخلفات الصلبة والسائلة، وإنشاء مارينا لليخوت وخدمات تغيير الطاقم، بالإضافة إلى تقديم خدمات تزويد السفن بالوقود.

◗ تأثيرات كبيرة على موانئ جدة والسخنة والعقبة والأدبية

◗ إنشاء مسار برى بين مصر ودول الخليج كبديل لنظيره البحري

◗ زيادة انبعاثات الكربون بسبب تحويل كيانات الشحن مسارها نحو رأس الرجاء الصالح