أكد خبراء مصرفيون أن قرار البنك المركزى، بزيادة حدود السحب اليومى والشهرى لحسابات الشمول المالى يأتى فى وقت مناسب، حيث يتماشى مع التطورات الحالية فى الاقتصاد المصرى، مثل التضخم وتغير سعر الصرف، وأنه من المتوقع أن يؤدى إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكى، وتحفيز النشاط الاقتصادى، وخلق فرص عمل جديدة.
وأوضحوا أن القرار سيساهم فى جذب المزيد من الأفراد والشركات متناهية الصغر إلى النظام المصرفى الرسمى، مما يقلل من التعاملات النقدية غير الرسمية، ويساهم فى نمو أعمالهم وتوسيع نطاقها، كما ستصبح المعاملات المالية أكثر سهولة ومرونة.
ومع زيادة حجم المعاملات، ستواجه البنوك تحديات تتعلق بإدارة المخاطر، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتقديم خدمات أفضل للعملاء، لذا يجب بذل جهود أكبر لتوعية الأفراد والشركات بأهمية الشمول المالى وكيفية الاستفادة من الخدمات المصرفية، وفقًا للخبراء.
وتوقعوا أن يشهد القطاع المصرفى زيادة ملحوظة فى حجم المعاملات، سواء كانت إيداعات أو حوالات أو سحوبات.
وفى وقت سابق، رفع البنك المركزى المصرى الحدود اليومية والشهرية القصوى للتعامل على حسابات الشمول المالى بنسبة %50، بهدف تسهيل المعاملات المالية للفئات المستهدفة.
وبموجب القرار، أصبح الحد الأقصى اليومى للأفراد 90 ألف جنيه بدلًا من 60 ألفا، والحد الشهرى 300 ألف بدلًا من 200 ألف.
أما بالنسبة للشركات والمنشآت متناهية الصغر (فئة أ)، فقد تم رفع الحد الأقصى اليومى إلى 120 ألف جنيه بدلًا من 80 ألفا، والحد الشهرى إلى 600 ألف بدلًا من 400 ألف.
وفيما يتعلق بالشركات (فئة ب)، أصبح الحد الأقصى اليومى 90 ألف جنيه بدلًا من 60 ألفا، والحد الشهرى 300 ألف بدلًا من 200 ألف.
من جانبه، قال عز الدين حسانين، الخبير المصرفى، إن رفع البنك المركزى لحدود السحب اليومى والشهرى للأفراد والشركات متناهية الصغر وأصحاب المهن الحرة بالنسبة لحسابات الشمول المالى، هو تقرير للوضع الاقتصادى الحالى من مؤشرات التضخم وتحريك سعر صرف الجنيه وانخفاض القوة الشرائية لحجم الإنفاق العام الشهرى.
وأضاف أن هذا يستند إلى دراسة سابقة لعمليات السحب والتحويلات لهذه الشركات والأفراد خلال فترة دراسة حددها البنك المركزى قبل اتخاذ قراره.
وأكد أن القرار صائب ويتناسب مع مؤشرات الاقتصاد الكلى ويعطى مساحة مالية للإنفاق داخل السوق المحلية لتحريك عجلة الاقتصاد، مشيرًا إلى أن زيادة الإنفاق تعنى رفع الاستهلاك تدريجيًا وفى حدود محسوبة بدقة حتى لا تتسبب فى زيادة السيولة المحلية.
وفى وقت سابق، ارتفع حجم السيولة المحلية لدى القطاع المصرفى المصرى لتسجل 11.247 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر الماضى، مقابل 8.877 تريليون بنهاية ديسمبر 2023.
ولاشك أن حجم المعاملات المالية سيزداد فى ضوء هذا القرار وتتحرك الأنشطة الاقتصادية خاصة فى ظل ركود محتمل، وفقًا للخبير المصرفى.
وعن تغيير الحدود، قال "حسانين" إنه يمكن حدوث ذلك بالزيادة أو بالانخفاض وفق مؤشرات الاقتصاد الكلى وخاصة التضخم وسعر الصرف، ووفق مستهدفات البنك المركزى لحجم وكتلة السيولة المحلية.
وسجل معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، الذى يعده البنك المركزى، %0.4 فى نوفمبر الماضى مقابل %1.0 فى نوفمبر 2023 و%1.3 فى أكتوبر 2024، وعلى أساس سنوى، سجل معدل التضخم الأساسى %23.7 فى نوفمبر 2024 مقابل %24.4 فى أكتوبرالماضى.
وقال أحمد عادل أبو الخير، الخبير المصرفى، إن القرار سيساهم فى تسهيل المعاملات المالية وزيادة حجمها من خلال تمكين الأفراد والشركات الصغيرة وإجراء معاملات مالية أكبر وأكثر تعقيدًا مما يُساهم فى تيسير أعمالهم وتوسيع نطاقها. وأضاف أنه يُساهم أيضًا فى دفع نشاط القطاع المصرفى وزيادة الإيرادات، كما تشجع هذه الخطوة المزيد من الأفراد والشركات متناهية الصغر على الانضمام إلى النظام المالى الرسمى، مما يُقلل من التعاملات النقدية خارج النظام المصرفى.
وأكد أن الزيادة تساعد فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من إدارة أموالها بكفاءة أكبر والاستفادة من الخدمات المالية المتنوعة، وتعزيز الشمول المالى من خلال دمج المزيد من الفئات المهمشة فى النظام المالى مثل أصحاب المهن الحرة التى تضمنها القرار.
وتشير مؤشرات قاعدة بيانات الشمول المالى الصادرة عن البنك المركزى، للأفراد الطبيعيين إلى إحراز تقدم ملحوظ، حيث بلغت نسبة المواطنين (16 سنة فأكثر) المشمولين ماليا %71.5 فى يونيو الماضى، كما شهدت الفترة من 2016 حتى يونيو 2024 زيادة فى نسبة المواطنين المشمولين ماليا بمعدل نمو بلغ %181.
وأفاد بأنه من المهم أن تستعد البنوك لمواجهة بعض التحديات، بما فى ذلك تعزيز أنظمة إدارة المخاطر، خاصةً الائتمان والتشغيل والاحتيال، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية لضمان قدرتها على التعامل مع الزيادة المتوقعة فى حجم المعاملات، وتكثيف جهودها فى التوعية والتثقيف المالى، لضمان استخدام الأفراد والشركات للخدمات المالية بشكل آمن وفعّال.
وقال علاء أبو المجد، خبير التحول الرقمى والتكنولوجيا المالية، إن قرار البنك المركزى المصرى بزيادة الحدود القصوى لحسابات الشمول المالى للأفراد والشركات متناهية الصغر يمثل نقلة نوعية لدعم الاقتصاد غير الرسمى، وتعزيز معدلات الشمول المالى، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تنسجم مع الجهود الوطنية لتحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام.
وأفاد بأن الآثار المتوقعة هى زيادة حجم المعاملات المالية الرسمية، حيث سيشجع الأفراد والمؤسسات الصغيرة على الانخراط فى المنظومة المصرفية، مما يعزز حركة الأموال داخل الاقتصاد الرسمى وسيؤدى ذلك إلى ارتفاع الإيداعات والحوالات المصرفية، وتوسيع قاعدة عملاء البنوك.
وأضاف أن تعزيز ريادة الأعمال والنمو الاقتصادى وتسهيل فتح حسابات مصرفية وتوفير التمويل اللازم للشركات متناهية الصغر يدعم استمراريتها ونموها، بالإضافة إلى خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، خاصة فى المناطق الأقل استفادة من الخدمات المصرفية.
وأوضح أن هناك بعض التحديات المتوقعة مثل زيادة عدد العملاء مما يفاقم التحديات المتعلقة بالامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسوف تحتاج البنوك إلى تطوير أدواتها وآلياتها لضمان إدارة المخاطر بكفاءة، بالإضافة إلى البنية التحتية والتكنولوجيا.
ولفت إلى أنه قد يتطلب القرار تعزيز البنية التحتية الرقمية للبنوك لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات المصرفية مع ضرورة التوسع فى القنوات الإلكترونية لتقديم خدمات أسرع وأكثر شمولاً.
وقال إن المهم هو التثقيف المالى من حيث توعية الأفراد والشركات بأهمية الشمول المالى ومزاياه لتعزيز ثقافة التعامل المصرفى، وفقًا لـ "أبو المجد".
وتوقع أن تظل هذه الحدود قابلة للتطوير مع نمو الطلب وارتفاع معدلات الشمول المالى، وقد يترافق ذلك مع سياسات إضافية مثل تخفيض الرسوم أو تقديم حوافز للمؤسسات الصغيرة لتعزيز الانتقال إلى النظام الرسمى.
حسانين: آلية لتوفير مساحة جديدة فى السوق
أبو المجد: القرار يدعم الاقتصاد غير الرسمي
أبو الخير: البنوك بحاجة إلى تعزيز أنظمة المخاطر وتطوير التكنولوجيا لمواجهة التحديات
