قال خبراء اقتصاد إن الزيادة فى المخصصات قد تكون بمثابة إجراء احترازى واستباقى من البنوك المصرية؛ لمواجهة مجموعة من المخاطر المستقبلية المتوقعة خلال العام المقبل، خاصة تلك المتعلقة بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
والمخصصات هى مبالغ مالية تخصصها البنوك من أرباحها لتغطية أى خسائر محتملة فى المستقبل، تخيلها كـ"صندوق طوارئ" تقوم البنوك بإنشائه لمواجهة أى مفاجآت قد تحدث، مثل عدم قدرة أحد العملاء على سداد قرضه.
وأضافوا أنه رغم تحسن مؤشرات الديون فإن البنوك تدرك أن الاقتصادين العالمى والمحلى يشهدان تقلبات قد تؤثر سلبًا على قدرة المقترضين على السداد، بالإضافة إلى أن الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة قد تؤدى إلى تدهور قدرة العملاء على سداد قروضهم.
وأوضحوا أن القطاعات الحساسة مثل السياحة والعقارات والصناعات المعتمدة على الاستيراد قد تشهد تراجعًا، مما يزيد من مخاطر عدم سداد القروض، بالإضافة إلى أن تطبيق معايير "IFRS 9 " يدفع البنوك إلى تخصيص مخصصات أكبر لمواجهة أى تدهور محتمل فى جودة الأصول.
وأكدوا أن البنوك تحتاج إلى حماية رأس مالها وسيولتها، وبالتالى تزيد المخصصات كجزء من إستراتيجية الحماية.
ووفقًا لتقرير مؤشرات السلامة المالية، الصادر عن البنك المركزى، تراجعت القروض غير المنتظمة إلى إجمالى القروض بالقطاع المصرفى إلى %2.4 بنهاية سبتمبر 2024 مقابل %2.7 فى يونيو الماضى.
وبالنسبة لمخصصات القروض إلى القروض غير المنتظمة بالقطاع المصرفى المصرى، فقد سجلت %87.4 بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل %86.2 بنهاية يونيو 2024.
وكشف وسيم المتولى، رئيس قطاع التخطيط الإستراتيجى والاستدامة وإدارة المشروعات ببنك البركة مصر، عن الأسباب الكامنة وراء قيام البنوك المصرية برفع مخصصاتها المالية، رغم تراجع معدلات الديون غير المنتظمة.
وبلغ إجمالى مخصصات البنوك العاملة فى السوق المصرفية المصرية نحو 504.89 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى.
وأوضح "المتولي" أن هذا الإجراء الاحترازى يأتى فى إطار سعى البنوك إلى بناء "وسادة أمان" لمواجهة التحديات المتوقعة خلال العام المقبل.
وأشار إلى أن بعض المحافظ الاستثمارية، خاصة تلك المرتبطة بالشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)، تستدعى زيادة المخصصات نظرا لطبيعة هذه الشركات وحساسيتها للتغيرات الاقتصادية.
وأضاف أن ارتفاع الأرباح التى حققتها البنوك خلال العام الحالى شجعها على تخصيص جزء منها لزيادة المخصصات، استعدادا لأى تقلبات محتملة فى السوق خلال الفترة المقبلة.
أما الدكتور حازم وجدى زيدان، الخبير المصرفى، فأشار إلى أن الزيادة فى المخصصات رغم تراجع القروض غير المنتظمة يرجع إلى عدد من العوامل المالية والمصرفية المباشرة وغير المباشرة التى قد تؤثرعلى القطاع المصرفى المصرى.
وأضاف أنه رغم أن القروض غير المنتظمة قد تتراجع، إلا أن البنوك قد تكون حريصة على زيادة المخصصات تحسبًا لأى تدهور محتمل فى الأوضاع المستقبلية، مشيرًا إلى أنه فى حالات الركود أو التقلبات الاقتصادية، قد تزداد المخاطر المرتبطة بالقروض.
وأوضح أنه مع الضغوط التضخمية والتقلبات التى يشهدها الاقتصاد، قد تكون البنوك بحاجة إلى توفير مخصصات إضافية لمواجهة تدهور محتمل فى قدرة العملاء على سداد القروض.
ولفت إلى أن بعض القطاعات الاقتصادية قد تكون أكثر تأثرًا بالأوضاع الحالية، مثل القطاع السياحى أو العقارى أو الصناعات التى تعتمد على الاستيراد، لذلك قد يشعر القطاع المصرفى بالحاجة إلى تخصيص مخصصات أكبر لاحتواء المخاطر المتعلقة بتلك القطاعات.
وأكد أنه مع تطبيق معايير الرقابة المالية الدولية مثل (IFRS 9) ، قد تطلب البنوك تخصيص مخصصات أكبر لمواجهة أى تدهور محتمل فى جودة الأصول، حتى لو كانت القروض غير المنتظمة فى تراجع.
والمعيار الدولى لإعداد التقارير المالية "9 "هو معيار لإعداد التقارير المالية (IFRS) نشره مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) ويتناول المحاسبة عن الأدوات المالية، ويحتوى على ثلاثة موضوعات رئيسية : تصنيف وقياس الأدوات المالية، وانخفاض قيمة الأصول المالية، والمحاسبة التحوطية.
وأوضح "زيدان" أن البنوك قد تسعى لضمان سلامة رأس المال والسيولة، وبالتالى تزيد المخصصات كجزء من إستراتيجية الحماية لضمان استقرار الأداء المالى للبنك فى مواجهة أى صدمات اقتصادية أو مالية.
وقال محمد سيد، الخبير الاقتصادى، إن زيادة المخصصات لدى البنوك بالرغم من تراجع القروض غير المنتظمة يمكن تفسيرها بعدة عوامل مرتبطة بالسياسة التحوطية وإدارة المخاطر، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تتعلق بالتوجهات العامة للحفاظ على استقرار القطاع المصرى وسط تحديات اقتصادية محلية وعالمية.
وأضاف أنه رغم تحسن مؤشرات القروض غير المنتظمة قد تتوقع البنوك مخاطر إضافية بسبب التضخم أو تراجع النشاط الاقتصادى فى بعض القطاعات.
وأوضح أن رفع مستوى المخصصات يعزز الثقة فى قدرة البنوك على مواجهة المخاطر، مما يدعم استقرار القطاع المصرفى ويحفز على جذب المزيد من الاستثمارات.
وأكد أن التزام القطاع المصرفى بمعايير المحاسبة الدولية يدفع البنوك إلى بناء مخصصات إضافية لضمان تغطية أى خسائر محتملة على القروض.
و خلال الآونة الأخيرة تبين وجود بعض التقلبات الاقتصادية العالمية والمحلية الأمر الذى يثير قلق البنوك بشأن المخاطر المستقبلية الناجمة عنها، أو تأثير ارتفاع أسعار الفائدة عالميا على تدفق السيولة والاستثمار، وفقًا للخبير الاقتصادى.
وتابع أن هناك تأثيرا تراكميا للمخصصات حيث إنه مع انخفاض القروض غير المنتظمة فإن بعض البنوك يقوم بإعادة تقييم الأصول أو القطاعات المدينة مما يؤدى إلى بناء مخصصات إضافية كإجراء احترازى حتى لو لم تكن هناك زيادة فعلية فى القروض غير المنتظمة وتلك المخصصات تضاف إلى الأرباح أو يحتفظ بها لدعم رأس المال.
المتولى: لمواجهة تحديات 2025
زيدان: المصارف المصرية تستعد للتعامل مع تحديات محتملة
سيد: الالتزام بالمعايير الدولية السبب
