السياحة العلاجية.. نشاط عالمي بمليارات الدولارات مرتقب تفعيله محليا

Ad

على مدار أكثر من عام، تعالت الوعود المتكررة من وزارة الصحة والسكان بشأن إطلاق المنصة الإلكترونية للسياحة العلاجية، وفى حين أكد المسؤولون أكثر من مرة قرب تشغيل المنصة، إلا أن الأمر لا يزال قيد المناقشات والدراسات.

وتظهر هذه التأخيرات وبحسب عدد من المتابعين؛ فجوة بين التصريحات الرسمية والتطبيق العملى، مما يثير التساؤلات حول الجدية والقدرة على تحقيق هذا المشروع الوطنى فى وقته المحدد.

أبريل 2024: الوزارة تؤكد التزامها العمل بشكل مكثف

فى بيان رسمى صدر عن وزارة الصحة والسكان فى أبريل 2024، أكدت الوزارة أنها تعمل بشكل مكثف على تطوير المنصة الإلكترونية للسياحة العلاجية.

وحمل البيان التزام وزارة الصحة والسكان بمواصلة العمل على مشروع المنصة الإلكترونية للسياحة العلاجية، الذى يمثل أحد المحاور الرئيسية لتعزيز العوائد الاقتصادية وزيادة إيرادات الدولة من هذا القطاع الحيوى.

وأكدت حينها أنها أحرزت تقدما كبيرا فى إعداد البنية التحتية الرقمية والتعاون مع شركاء محليين ودوليين لتحقيق أهداف المشروع، كما أنها تعمل على ضمان توفير أعلى مستويات الجودة الصحية للسائحين، مع تسهيل الإجراءات اللازمة لحصولهم على خدمات مميزة”.

يونيو 2024: إعلان مبكر عن قرب الإطلاق

فى يونيو 2024، أعلن سميح عامر، مستشار وزير الصحة والسكان للسياحة العلاجية، أن مصر تستعد لإطلاق المنصة خلال أسبوعين، وصف فى حينه المنصة، بأنها خطوة مهمة لتعزيز العوائد الدولارية، مشيرًا إلى أنها ستضم مقدمى الخدمات الطبية والفندقية والاستشفائية.

أكد عامر آنذاك أن المنصة تتيح للسياح حجز المستشفيات والحصول على تأشيرة علاج تصدر خلال 72 ساعة، بجانب خصومات على رحلات الطيران والإقامة الفندقية.

كما تم الكشف عن توقيع اتفاقيات مع سفارات وشركات عربية وإفريقية لترويج السياحة العلاجية بمصر، ومع ذلك، لم تتحقق تلك الوعود خلال الجدول الزمنى المحدد.

سبتمبر 2024: وعود جديدة وتوجيهات بالإسراع

فى سبتمبر 2024، ترأس الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماع الأمانة الفنية للجنة العليا للسياحة العلاجية، وخلال الاجتماع، أكد الوزير ضرورة إطلاق المنصة خلال أسبوعين، مشددًا على أهمية تسريع الإجراءات واستكمال المعايير اللازمة للحصول على تأشيرات العلاج.

ورغم تلك التوجيهات، استمرت الاجتماعات والمناقشات حول آليات التسجيل والخدمات التى توفرها المنصة، دون الإعلان عن تاريخ واضح للإطلاق.

ديسمبر 2024: لقاءات جديدة ومزيد من الدراسة

فى ديسمبر 2024، صرّح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان، أن الوزارة تلقت خمسة عروض من شركات لتنفيذ المنصة الإلكترونية.

تأتى هذه التصريحات بعد شهور من وعود متكررة عن قرب تشغيل المنصة، ما يعكس استمرار المشروع فى طور التخطيط بدلًا من الدخول فى مرحلة التنفيذ.

كما اجتمع وزير الصحة مع ممثلى شركة “LGA Group” لمناقشة مقترح جديد لتصميم المنصة، تناول خطط التسجيل والخدمات الصحية المقدمة للسياح، بجانب تأمين البيانات وحل تحديات التأشيرات.

وأوضح الوزير أن المنصة تمثل خطوة استراتيجية لتنشيط السياحة العلاجية، دون الإشارة إلى موعد محدد لإطلاقها.

تناقضات بين الوعود والواقع

تبرز التصريحات المتتالية من مسؤولى الوزارة حالة من التناقض بين الوعود المعلنة والواقع الفعلى، ففى الوقت الذى أكدت فيه الوزارة اكتمال الاستعدادات لإطلاق المنصة، نجد أن المشروع لا يزال فى مرحلة دراسة العروض.

تؤثر هذه التناقضات على مصداقية المشروع، خاصة أن الحكومة كانت قد طرحت المنصة كجزء من رؤية قومية لتحقيق عوائد دولارية وزيادة حصة مصر فى سوق السياحة العلاجية العالمى.

التأمين على المرضى والاعتمادات الدولية أبرز التحديات

من جانبه قال الدكتور خالد سمير، وكيل غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية والمستشفيات الخاصة باتحاد الصناعات، إن ملف السياحة العلاجية واحد من أهم الملفات التى تأخرنا فى إنجازها وحتى الآن مصر غير جاهزة له.

وأكد، وكيل غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية، فى تصريحات لـ”المال”، أنه لا جدال حول مساهمة مشروع السياحة العلاجية فى دعم الاقتصاد الوطنى، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقة لا تكمن فى تأخير إصدار منصة إلكترونية.

وتابع: يجب أن نعرف أولا؛ هل لدينا مؤسسات علاجية حاصلة على الاعتمادات الدولية، وهل هناك بنية تحتية جاهزة لاستقبال هذا النوع من السياحة.

وأوضح أن هناك تساؤلات حول وجود تأمين على المرضى خاصة الذين يتعرضون لأخطاء طبية، من عدمه، خاصة أن الأخطاء الطبية من الأمور الوارد حدوثها فى أى دولة فى العالم.

وطالب بضرورة عقد لقاءات جادة بين وزارة الصحة والسكان والمسؤولين والمعنيين بسوق السياحة، بما يضمن نجاح تحويل مصر لمقصد للسياحة العلاجية.

وأشار إلى ضرورة العمل وبشكل أكبر على إعادة تأهيل المنشآت الصحية، مضيفا أن عملية إعادة التأهيل لابد أن تشمل حتى الأطقم الطبية والإداريين، من خلال تعليمهم عدد من اللغات ودراسة الثقافات المختلفة.

تحديات تواجه المشروع

مصدر بغرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات - طلب عدم ذكر اسمه – قال لـ”المال”، إنه ورغم الإمكانات الكبيرة التى تمتلكها مصر فى مجال السياحة العلاجية، يواجه المشروع عدة تحديات، منها: البيروقراطية، والتى تبدو واضحة من استمرار الاجتماعات والدراسات دون خطوات تنفيذية واضحة.

وأضاف المصدر أن هناك غيابا للإطار الزمنى المحدد، وتكرار الوعود دون الالتزام بجداول زمنية دقيقة، لافتا إلى الحاجة لتكامل الجهود بين الوزارات والهيئات المعنية، حتى تتمكن الحكومة من اتخاذ خطوات جادة.

واعتبر المصدر أن المشروع يمثل فرصة كبيرة لمصر لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية للرعاية الصحية، ومع ذلك، فإن التأخيرات المتكررة تضعف من ثقة الجمهور والشركاء الدوليين.

وطالب بضرورة أن تتبنى وزارة الصحة والسكان، نهجا أكثر شفافية فى التعامل مع هذا المشروع، مع تحديد جدول زمنى واضح وملزم للتنفيذ، معتبرا أنه بدون هذه الخطوة، قد تفقد مصر فرصة الاستفادة من سوق عالمية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات.