فى دولة زاخرة بالقواعد العسكرية الأمريكية والروسية، تقدمت جماعات مسلحة معظمها مصنفة كمنظمات إرهابية بجذور تعود إلى تنظيم القاعدة، فأسقطت المدن السورية واحدة تلو الأخرى وصولا إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد فى العاصمة دمشق، لتنجح خلال بضعة أيام فى تحقيق ما عجزت عنه خلال سنوات طويلة.
السيناريو الغريب والمدبر مسبقا بالطبع، لا يمكن أن ينفصل عن النتائج التى انتهت إليها الدولة السورية فى عهد بشار الأسد ونظامه، خاصة على صعيد الاقتصاد الذى بلغ من الضعف والهشاشة حدا ردع حتى حلفاء النظام عن دعمه باعتباره بؤرة استنزاف فاشلة للموارد التى أضحت عزيزة فى هذا الزمن.
تسلم بشار الحكم فى بلاده قبل 24 عاما خلفا لوالده، ولم تكن سوريا آنذاك مثالا يحتذى فى التعامل السياسى والاقتصادى مع الدولة والشعب، ولكنه على أى حال وعد بالإصلاح الاقتصادى والانفتاح السياسي.
وكحكام كثر فى المنطقة، قدم الأسد الإصلاح الاقتصادى كأولوية قبل التحول السياسي، وتعهد بتخفيف الاحتكارات الحكومية للسوق وتحويله نحو الانفتاح، ولكن تلك الرؤية لم تخدم فى نهاية المطاف سوى نخبة من المحاسيب فى عائلته الأسدية وطائفته العلوية.
هيمن رجال الأعمال المقربون من الأسد على قطاعات التجارة والخدمات والعقارات بسبب احتكارها السهل، وعائداتها السريعة، ومتطلبات رأس المال المنخفضة، لكن تلك الهيمنة ذاتها هى التى ساهمت فى انهيار نظام الأسد الذى لم يبن اقتصادا حقيقيا يمكن الارتكان إليه فى الأوقات الصعبة.
وفقا لبيانات البنك الدولي، تسلم بشار حكم سوريا عام 2000 وقت كان ناتجها المحلى الإجمالى يناهز قرابة 19 مليار دولار، وتعداد سكانها يتخطى 16 مليون نسمة، وفى عام 2011 كان الناتج المحلى قد وصل إلى 67.5 مليار دولار مع نحو 22.7 مليون نسمة فى تعداد السكان.
وكما نعلم، فقد كان 2011 عاما فاصلا فى تاريخ البلاد، إذ واجه بشار ثورة سلمية بالسلاح، وفضل الاستعانة بحلفاء دوليين وإقليميين على أن يتنحى عن الحكم، لتنزلق البلاد إلى حرب أهلية هشمت اقتصادها تماما، وليصبح مصدر دخلها الرئيسى هو إنتاج المخدرات وبيعها!
فى الأعوام الأربعة عشرة اللاحقة، لم تحقق سوريا نموا إلا نادرا، وانتهى بها الحال إلى ناتج محلى إجمالى أقل من 9 مليارات دولار فى العام 2021، أى أن حجم اقتصاد البلاد صار تقريبا نصف حجمه عندما تولى بشار الحكم، وقد خضع هذا الرقم لانخفاضات متتالية فى الأعوام الأربعة اللاحقة حتى توقعات 2024، وهو ما يعنى أن الحكام الجدد - إذا حكمو فعلا - عليهم أن يجتهدوا لسنوات حتى الوصول إلى «صفر البداية»!
حقبة العناد.. عقد من الحرب ونصف من الجوع
دشن الرئيس السورى السابق بشار الأسد عهده الذى بدأ فى العام 2000 بإصلاحات اقتصادية ملموسة، رفع خلالها القيود الاقتصادية ببطء، وسمح للبنوك الأجنبية بالدخول، وفتح الأبواب أمام الواردات، وعزز من قوة القطاع الخاص.
وحسب وكالة “أسوشيتد برس” شهدت دمشق وغيرها من المدن التى ظلت غارقة فى الكآبة لفترة طويلة (إبان حكم والده حافظ الأسد) ازدهار مراكز التسوق والمطاعم الجديدة والسلع الاستهلاكية، وانتعشت السياحة.
لكن الأسد اعتمد طيلة فترة حكمه إلى حد كبير على نفس قاعدة القوة فى الداخل التى اعتمد عليها والده: الطائفة العلوية، وهى فرع من الإسلام الشيعى تشكل نحو 10 % من السكان، وذهبت العديد من المناصب فى حكومته إلى أجيال أصغر سناً من نفس الأسر التى عملت لدى والده، كما استقطب أيضاً أفراد الطبقة المتوسطة الجديدة التى خلقتها إصلاحاته، بما فى ذلك عائلات التجار السُنّة البارزين.
وعندما اندلعت الاحتجاجات فى تونس ومصر فى عام 2011، وأطاحت فى نهاية المطاف بحكامهما، استبعد الأسد إمكانية حدوث نفس الشيء فى سوريا، وأصر على أن نظامه أكثر انسجاما مع شعبه.
وبعد وصول موجة الربيع العربى إلى سوريا، شنت قواته الأمنية حملة قمع وحشية بينما نفى الأسد باستمرار أنه يواجه ثورة شعبية.
كان هذا العناد بداية لعقد من الحرب، غير تماما من وجهة سوريا واقتصادها.
قبل الصراع، كانت سوريا تعتبر دولة ذات دخل متوسط منخفض، سريعة النمو. ومع ذلك، أدى أكثر من عقد من الصراع المستمر إلى تقليص قدرة البلاد على الإنتاج الصناعى والزراعى بشكل كبير، وزيادة تعرضها للصدمات الدولية.
بعد خسارة نصف ناتجها المحلى الإجمالى بين عامى 2010 و2020، واعتمادها على الواردات وتعرضها للصدمات الخارجية، تحول الوضع الاقتصادى فى سوريا إلى دولة منخفضة الدخل حيث تكافح الأسر باستمرار لتغطية نفقاتها، وتعتمد على مصدر الدعم الوحيد المتبقى لها: القوى العاملة.
وبالمقارنة بفترة ما قبل الصراع، زاد معدل مشاركة القوى العاملة بشكل كبير، حيث يُطلب من النساء بشكل متزايد المساهمة فى سبل عيش أسرهن.
وحتى عندما أدى وقف إطلاق النار الذى اتفقت عليه تركيا وروسيا - اللتان تدعمان الجانبين المتعارضين - إلى تجميد خطوط الصراع فى أوائل عام 2020، كان الدولار يساوى حوالى 1150 ليرة سورية مقارنة بـ 50 ليرة مقابل الدولار قبل الحرب.
وبدلاً من تحقيق الاستقرار فى البلاد وتقديم بعض الراحة للمدنيين السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب، تفاقمت الأزمة الإنسانية فى سوريا منذ التوصل إلى الاتفاق فى عام 2020، حيث أفادت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 90 % من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر.
وفى حين أن احتضان النظام للجريمة المنظمة جلب ما لا يقل عن 2.4 مليار دولار من الأرباح كل عام من بيع نوع واحد فقط من المنشطات الاصطناعية، فإن أيًا من ذلك لم يساعد الشعب السوري. فى الواقع، تم خفض إعانات الدولة على الوقود والغذاء بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.
وبحسب مجلة “فورين بوليسي”، فى ظل الانهيار الاقتصادى الذى عاشته سوريا، تسللت الجريمة المنظمة فضلاً عن إنتاج المخدرات والاتجار بها على المستوى الصناعى إلى قلب أجهزة الأمن التابعة للأسد.
والواقع أن نظام الأسد صار أكبر دولة مخدرات فى العالم متخصصة فى إنتاج الأمفيتامين المعروف باسم الكبتاجون.
ولكن الأسد لم يجد لاحقا من ينقذه من إفلاس الدولة، فقد تضرر الاقتصاد الروسى بشدة بسبب آثار حربها فى أوكرانيا، وأصبح الاقتصاد الإيرانى فى حالة سيئة أيضا.
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية فى البلاد إلى حد غير مسبوق، وانخفاض إرادة العالم وقدرته على المساعدة إلى أدنى مستوياتها، ظل الشعب السورى يعاني، وعندما أدرك السوريون أنه لا يوجد ضوء فى نهاية النفق، بدأوا فى العودة إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط الأسد.
وقبل بدء هجوم الجماهات المسلحة قبل أسبوعين، كان الدولار يساوى 14750 ليرة سورية، قبل أن يقفز مجددا إلى أكثر من 20 ألف ليرة عقب الهجوم الذى أسقط بشار ونظامه.
«ربيع دمشق»..وعد رومانسى تحول إلى أسوأ الكوابيس
ولد بشار الأسد فى دمشق عام 1965، وكان الابن الثانى للرئيس حافظ الأسد وزوجته أنيسة مخلوف، وكان مقدراً له أن يصبح طبيب عيون.
وبعد طفولة هادئة وشهادة فى الطب، ذهب الشاب، الذى وُصِف فى ذلك الوقت بأنه متواضع ومجتهد، إلى لندن للتخصص فى طب العيون.
وفى سن الرابعة والثلاثين، ظهر طبيب العيون الذى تلقى تعليمه فى الغرب كشخص مهووس بالتكنولوجيا ومحب لأجهزة الكمبيوتر يتمتع بسلوك لطيف، كرئيس لسوريا.
لفترة من الوقت، كان بشار الذى درس الطب فى لندن وتزوج لاحقاً من زوجة بريطانية سورية، أسماء، المصرفية الاستثمارية فى جى بى مورجان، حريصاً على أن يظهر للعالم أن سوريا ، تحت قيادته، يمكن أن تتبع مساراً مختلفاً.
بمجرد توليه منصبه، أطلق الأسد سراح السجناء السياسيين وسمح بمزيد من الحوار المفتوح، وفى “ربيع دمشق”، نشأت صالونات للمثقفين حيث كان السوريون قادرين على مناقشة الفن والثقافة والسياسة بدرجة لم تكن متاحة فى عهد والده.
ولكن بعد أن وقع ألف مثقف على عريضة عامة تدعو إلى الديمقراطية التعددية والمزيد من الحريات فى عام 2001، وحاول آخرون تشكيل حزب سياسي، قامت الشرطة السرية المخيفة بقمع الصالونات، وسجنت العشرات من الناشطين.
ولم تكن عقيدة بشار السياسية، كما اتضح فيما بعد، مختلفة عن عقيدة والده إذ تبين أنها ديكتاتورية مع تركيز السلطة فى أيدى القوات المسلحة، بما فى ذلك القوات الجوية، وأجهزة الاستخبارات، وفقا لصحيفة “الجارديان”.
لقد كان خروج الأسد البالغ من العمر 59 عاماً من السلطة متناقضاً تماماً مع الأشهر الأولى التى قضاها رئيساً لسوريا فى عام 2000، عندما كان كثيرون يأملون أن يكون إصلاحياً شاباً بعد ثلاثة عقود من قبضة والده الحديدية.
الرجل الذى أمضى ربع قرن على رأس البلاد، حطم شعبه وسحق بلاده، وخلف وراءه 500 ألف قتيل من شعبه وشرد نصف السكان.
شبكات المحسوبية.. حفنة من رجال الأعمال تخنق الدولة
اعتمد الاقتصاد السورى فى جوهره على شبكات من المحسوبية القريبة من بشار الأسد والتى سيطرت لعقود على قطاعات التجارة والخدمات والعقارات بسبب احتكارها السهل، وعائداتها السريعة، ومتطلبات رأس المال المنخفضة.
كذلك، استفادت الطبقة العليا السورية والمستثمرون الأجانب، وخاصة من ممالك الخليج وتركيا، من تسريع سوريا فى تنفيذ السياسات النيوليبرالية فى العقد الذى أعقب صعود بشار الأسد إلى السلطة، على حساب الغالبية العظمى من السوريين، الذين تضرروا من التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
لكن مع اندلاع الحرب، والأثمان التى ارتبطت بها، واجهت سوريا ضائقة اقتصادية متعاظمة، ثم وصلت إلى وضع اقتصادى مزر نتيجة الحرب وتدمير الصناعة، والانهيار الاقتصادى فى لبنان المجاور (الذى تسبب فى أكبر انهيار للعملة السورية فى عام 2019)، والفساد وسوء الإدارة على نطاق واسع، وتأثير العقوبات الغربية، وتداعيات زلزال فبراير 2023، وحقيقة أن المناطق الغنية بالنفط فى الشمال الغربى لا تزال خارج سيطرة الحكومة، والأداء الاقتصادى الضعيف المستمر، والذى تفاقم بسبب الهجرة المستمرة للعمال المهرة.
وفى الأثناء، بدأ بشارالأسد فرض هيمنته على الموارد، خاصة مع رفض ابن خاله رامى مخلوف – الذى سيطر على موارد ضخمة قبل الحرب - تسليم الأصول إليه فى 2019-2021.
لذا، فضل بشار بناء شبكة أكثر موثوقية تضمن تدفق الإيرادات مباشرة إلى خزائن الرئيس الشخصية، وذلك عن طريق فرض مركزية الشبكة وتبسيطها، لينتقل من شبكات المحسوبية إلى شبكة صغيرة من رجال الأعمال التابعين له مباشرة.
وتختلف شبكات بشار الأسد التى تشكلت حديثاً واعتمادها على رجال الأعمال عن الشبكات الاقتصادية التى تطورت حول المحسوبية التقليدية، وفقا لمعهد “بروكينجز”.
ففى حين يمتلك المحسوبون مكاتب مادية وعناوين عمل وملفات تعريف عامة يهتمون بها ويروجون لها، فإن شبكات رجال أعمال الأسد ليس لديهم أى شيء من هذا القبيل، ورغم الإمبراطوريات التجارية التى تشير الوثائق إلى أن رجال الأعمال هؤلاء يسيطرون عليها، إلا أنهم أشباح بالنسبة للعامة.
وفى حين يقدم المحسوبون الدعم السياسى والاقتصادى فى مقابل المعاملة التفضيلية التى يتلقونها من مؤسسات الدولة، مما يؤدى إلى إثراء أنفسهم فى هذه العملية، فإن شبكات رجال الأعمال ليس لديها ما تقدمه فى مقابل المناصب المتميزة التى تحتلها، إن مجرد وجودهم كـ”رجال أعمال” يعتمد على عامل واحد فقط: موافقة الأسد.
وعلاوة على ذلك، فإن نطاق الأنشطة الاقتصادية التى يمارسها المحسوبون تقتصر على تلك التى يقومون بها نيابة عن النظام، فى حين تحتل شبكات رجال الأعمال مواقع تخدم بشكل مباشر مصالح الأسد الاقتصادية.
إن ظهور هذه الشبكات الاقتصادية الجديدة ونموها السريع لا يمكن رؤيته إلا من خلال التحليل الدقيق للبيانات على مستوى الشركات والمستثمرين، والتى تسلط الضوء على تشكيل الشركات من قبل أفراد ليس لديهم أى وجود تجارى سابق أو لديهم علاقات وثيقة مع الأسد.
وقد هيمن على شبكات رجال الأعمال 11 فردًا يتألفون من عائلة الأسد؛ ومستشاريه وبعض عناصر حزب الله.
وغطت الشبكة أيضًا 19 كيانًا، تسعة منها شركات تعمل كواجهة، والتى بدورها تمتلك أو تدير جزئيًا ثلاثة كيانات فى القطاع العام، وثلاث شركات راسخة لها علاقات قوية مع أصدقاء النظام، وكيانات مؤقتة أخرى تعمل على سد الفجوة بين مختلف مكونات الشبكة.
تأسست شبكات رجال الأعمال منذ عام 2015 مع تأسيس شركة العهد للتجارة والاستثمار، إلا أن الشركات التى تعمل كواجهة لم تنشط إلا فى عام 2018، حيث استحوذت شركة العهد على حصة فى شركة الكابلات السورية الحديثة، والتى كانت مملوكة فى البداية لعائلة غريواتى التى تم تجميد أصولها لاحقًا عندما أصبح ولاؤها للأسد موضع تساؤل.
لكن عدد الشبكات ومدى أنشطتها لم يصبح واضحا إلا مع الضغوط الاقتصادية الشديدة التى تعرض لها النظام بين عامى 2019 و2020، نتيجة للأزمة المصرفية اللبنانية، وجائحة كوفيد-19، وإقرار قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين فى الولايات المتحدة.
وكان الأسد حريصا على تولى دور قيادي، وإن كان خفيًا، فى الشركات التى تدعم الشبكات، مما ساعد المحسوبون على النظام الارتقاء إلى مناصب حساسة فى شبكات المحسوبية منذ عام 2011، ولكن هذه المجموعات تعمل بشكل متزايد جنباً إلى جنب مع الشبكات التى يسيطر عليها الأسد نفسه وواجهاته وحلفاؤه الذين اختارهم بعناية، وبدا الأسد مقتنعاً بأنه بدلاً من الاعتماد على المحسوبين عليه، فمن الأفضل له أن يتولى دوراً مباشراً باعتباره الفاعل الاقتصادى والسياسى المهيمن فى سوريا.
وقد ساعدته هذه الشبكات على عزله عن التدقيق العام والنقد الذى قد ينتج عن تورطه فى صفقات تجارية فاسدة وفى تسهيل المشاركة الإيرانية فى الاقتصاد السوري.
وظل السوريون الذين يكافحون من أجل البقاء يشعرون بغضب متزايد بسبب استعراض أصدقاء النظام البارزين مظاهر البذخ على وسائل التواصل الاجتماعي.
شبكات المحسوبية تفوت فرصة إنقاذ النظام
فى إطار الاعتراف بالنظام ومنحه الشرعية، كانت الدول العربية تأمل فى إطلاق عملية “خطوة بخطوة” للتطبيع تتضمن تقديم الدعم المالى الذى تشتد الحاجة إليه فى مقابل تعاون النظام فى القضايا ذات الأهمية الحيوية لجيرانه، وخاصة وقف تدفق المخدرات المتدفقة من سوريا إلى المنطقة، واتخاذ خطوات ملموسة لتسهيل العودة الآمنة للاجئين.
ومن أجل المضى قدماً فى المفاوضات حول الخطوات التى يتعين على سوريا اتخاذها وما قد تحصل عليه فى المقابل، أنشأت جامعة الدول العربية لجنة اتصال تضم ممثلين من الأردن ولبنان والسعودية والعراق ومصر.
لكن، كانت آمال جيران سوريا فى غير محلها، ففى السابع من مايو 2024، أى بعد عام واحد بالضبط من إعادة قبول سوريا فى جامعة الدول العربية، علقت لجنة الاتصال العربية اجتماعاتها.
وحتى قبل النجاح مؤخرا فى الإطاحة بالرئيس السوري، رفض نظام الأسد تقديم خطوات ذات مغزى لمعالجة المخاوف الإقليمية.
وقد أكد عناده على فشل نهج الخطوة مقابل الخطوة وحدود التطبيع فى تحفيز التغيير فى سلوك النظام، كما أوضح أن معاناة السوريين هى ثمن مستعد النظام لدفعه لتجنب التسوية.
وتلعب العديد من العوامل دورًا يفسر موقف النظام الرافض للتطبيع وحتى التحولات الرمزية فى السياسة رغم أن القيام بذلك من شأنه أن يجلب الإغاثة الاقتصادية التى تشتد الحاجة إليها.
ويشير تقرير مركز بروكنجز إلى أن نظام الأسد ودائرته الداخلية ينظر إلى أى شكل من أشكال التنازل باعتباره إشارة إلى الضعف.
وأتقن نظامه، مثل نظام والده، فن المماطلة للتغلب على الخصوم على طاولة المفاوضات، وعلاوة على ذلك، فإن استعداد الأنظمة العربية للحفاظ على التطبيع على قيد الحياة أقنع الأسد بأنه يمكنه الحصول على شيء مقابل لا شيء.
