ناصر أيوب مدير عام الشرق الأوسط لـ‏«EPD international»: عدد المشروعات الحاصلة على مصادقة بيئية في الشرق الأوسط قفز %400

Ad

فى ظل التوجه العالمى نحو خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة، أصبحت الشركات حول العالم مطالبة بتبنى استراتيجيات صديقة للبيئة تلبى المتطلبات الدولية، سواء لتسهيل عمليات التصدير أو تعزيز تنافسيتها فى الأسواق العالمية، فى هذا الحوار مع الدكتور ناصر أيوب، مدير عام شركةEPD Internationalلمنطقة مصر والشرق الأوسط، نستعرض الجهود المبذولة لدعم الشركات فى رحلتها نحو الامتثال للمعايير البيئية، بالإضافة إلى التحديات التى تواجهها، وخطط الشركة لتوسيع خدماتها فى المنطقة.

ويُسلط الدكتور أيوب الضوء على أهمية التصديق البيئى للمنتجات، ودوره فى تعزيز قدرة الشركات على الاستجابة للضغوط الدولية، كما يتناول التحديات الاقتصادية والفنية التى تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة فى هذا المجال، وأهمية رفع الوعى وتوفير الحلول المرنة لتوسيع قاعدة الالتزام.

قال الدكتور ناصر أيوب، مدير عام شركةEPD، إن الشركة متخصصة فى تقديم خدمات التصديق البيئى للمنتجات والشركات من خلال بيانات بيئية شاملة، مضيفًا أنها تمتلك شبكة عالمية واسعة بفروع مرخصة فى العديد من الدول، منها الأرجنتين، تشيلي، المكسيك، السويد (حيث يوجد المقر الرئيسي)، والولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضح أيوب أنه منذ انطلاقEPDمصر فى عام 2020، ارتفع عدد الشركات المستفيدة من الخدمات التى تقدمها فى المنطقة، حيث لديها مجموعة شاملة من الخدمات، تشمل إعداد التقارير البيئية عبر تحليل دورة الحياة وتقديم التصاريح البيئية للمنتجات، وتصديق المنتجات من خلال تسجيل واعتماد البيانات البيئية، ودعم الشركات فى تلبية المتطلبات الدولية، مثل شهادات المبانى الخضراء والكربون للأسواق التصديرية.

وأوضح أن هناك نموًا سريعًا فى عدد المشاريع المسجلة بمنطقة الشرق الأوسط فعلى سبيل المثال، ارتفع عددها من حوالى 50 فى 2023 إلى أكثر من 200 هذا العام، بما يمثل زيادة بنسبة %400.

وأشار إلى أن الشركة شهدت خلال السنوات الأخيرة طلبًا متزايدًا على خدماتها نتيجةً للتشريعات الدولية الداعمة للبيئة، فعلى سبيل المثال، فى عام 2019 كان عدد العملاء محدودًا، أما حاليًا، فنحن نعمل مع نحو 10 شركات فى مصر نشرت بيانات بيئية رسمية لمنتجاتها، بالإضافة إلى حوالى 31 مشروعًا قيد التنفيذ فى السعودية.

وأضاف أيوب أن الشركة تشهد توسعا عالميا سريعا خاصة مع زيادة الطلب على خدماتها البيئية ، مضيفا أن هذا النمو دفع لتوسيع التواجد فى أسواق متعددة ، ونعمل حاليا على تطوير منصة جديدة تهدف لتلبية الطلب المتزايد وتسهيل وصول الشركات للخدمات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

وعنالخطط المستقبلية ، أوضح الدكتور أيوب أنها تسعى فى المدة المقبلة لتحقيق عدة أهداف أساسية منها، دعم الشركات فى القطاعات الأساسية مثل البناء الزراعة والنسيج لمساعدتها فى تلبية متطلبات البصمة الكربونية، وتعزيز الوعى بأهمية التقارير البيئية وأثرها على التصدير والمنافسة فى الأسواق العالمية، وتوسيع نطاق الخدمات فى دول الخليج ومناطق جديدة فى الشرق الأوسط تلبية للطلب المتزايد من العملاء.

أما عنالتوسع الإقليمى والدولي، أشار أيوب إلى أنEPD Internationalقامت العام الماضى بتوسيع نطاق أعمالها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تم إنشاء مركزEPD MENAفى سبتمبر 2023 والذى يتولى إدارته بهدف تلبية احتياجات المنطقة.

وقال أيوب إن المؤسسة تواجه عدة تحديات فى تقديم خدمات التصديق البيئي، مشيرا إلى أن تكلفة إصدار التقارير البيئية والتى تعتمد على الدولار تجعل الشركات الصغيرة والمتوسطة مترددة فى الاستثمار فى هذا المجال، مضيفًا أن الكيانات الكبرى خاصة المصدرة بدأت تدرك أهمية ذلك مما يسهم بشكل إيجابى فى تعزيز النمو.

وأوضح أن المؤسسة تسعى إلى تعزيز جهودها فى المنطقة مع التركيز على رفع الوعى بأهمية التقارير البيئية وتقديم حلول مرنة تتناسب مع احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة مما يسهم فى توسيع قاعدة العملاء.

وأكد أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تطورا ملحوظا فى اهتمام الشركات بالبصمة الكربونية حيث كان عدد المهتمين محدودا جدا سابقا ، لكن زاد بشكل كبير حاليا خاصة فى قطاعات محددة مثل البناء وضرب مثالًا بتنفيذه ذلك مع شركة كبرى فى هذا المجال.

وأشار إلى أن البنوك بدأت أيضا تهتم بشكل كبير بهذا التوجه خاصة بعد إصدار البنك المركزى قرارا يلزم الشركات بضرورة حساب البصمة الكربونية ، مما فتح المجال أمام شركات التكنولوجيا الماليةFinTechلدخول هذا القطاع لتطوير حلول تساعد على حساب وتتبع تلك الآلية.

وأضاف أنه فيما يتعلق بشركات الأسمنت فتعمل الشركة على منحى آخر مرتبط بالاستدامة يعرف بالإفصاح البيئى للمنتج حيث تركز على تقديم تقارير بيئية تفصيلية لمنتجاتها.

وقال إن الشركات التى تتواصل معه حاليًا تركز بشكل أكبر على حساب البصمة الكربونية للمنتجات الفردية، بدلاً من حسابها للمؤسسات ككل، فعلى سبيل المثال، قد يرغب مصنع ما فى قياسها لمنتج معين مثل الهاتف المحمول، بدلاً من قياسها للمنشأة أو الشركة بأكملها.

وأوضح أن المشاريع المتعلقة بقياس البصمة الكربونية على مستوى الشركات ككل عادةً ما تتم مطالبتها من الجهات التنظيمية، فعلى سبيل المثال، فإن هيئة الرقابة المالية بدأت فى مطالبة الكيانات التى يتجاوز حجم أعمالها 500 مليون جنيه بتقديم تقارير تتعلق بالبصمة الكربونية.

وأضاف أن شركته ساهمت فى تدريب حوالى 104 مؤسسات تجاوز عمرها التشغيلى خمس سنوات لمساعدتها على الامتثال لهذه المتطلبات.

وأضاف أيوب أن الشركات الصغيرة لا تزال بعيدة عن هذا الاتجاه، حيث أبدت قلة قليلة منها اهتمامًا بحساب البصمة الكربونية، وتعانى من غياب الوعى الكافى حول هذا المفهوم وآلية التعامل معه، حيث تطرح غالبًا عدة تساؤلات: كيف يمكن قياس الكربون؟ وكيف يمكن تقليل الانبعاثات؟، وهو ما يعكس فجوة فى الفهم والتخطيط للاستدامة.

وأشار إلى أن كثيرًا من الشركات تبدأ مشروعات لتحسين الاستدامة دون تخطيط مسبق أو تسجيل واضح للانبعاثات الكربونية قبل وبعد التنفيذ ، فعلى سبيل المثال، يتم استبدال مولدات الديزل بخلايا شمسية بما يُعد خطوة إيجابية، لكنه غالبًا ما يتم دون توثيق الفوائد الفعلية أو قياس الانبعاثات قبل وبعد التنفيذ.

وأكد أن إحدى العقبات الرئيسية هى التكلفة العالية للحصول على شهادات الكربون، إذ تبيّن أن تسجيل مشروع للحصول على تلك الشهادة مرتفع للغاية، مما يجعل الشركات الصغيرة والمتوسطة تبتعد عن دخول هذا المجال، لكنه أشار إلى وجود مبادرات محلية تُناقش حاليًا فى مصر لخفض التكلفة، مما قد يشجع المزيد على الالتزام بالمعايير البيئية.

وأوضح أن الشركات الكبيرة لديها الموارد اللازمة لتوظيف خبراء وتحليل الانبعاثات وتنفيذ المشاريع، لكنها تحتاج إلى مزيد من الجهود لدعم الشركات الأصغر فى هذا المجال.

ولفت إلى أن تكلفة تسجيل مشروع للحصول على شهادات الكربون فى قطر تصل إلى حوالى 500000 دولار، مما يجعل هذه العملية مناسبة فقط للمشروعات الكبيرة.

وأشار إلى أن الحصول على شهادات الكربون يُعد استثمارًا طويل الأجل، حيث تُصدر سنويًا ويمكن بيعها ،مضيفا أن سوق هذه الشهادات يواجه تحديًا، حيث لا تزال أسعارها منخفضة نسبيًا، وهو ما قد يقلل من العائد المادى على المدى القريب.

وقال إنه إذا تم إنشاء سوق كربون محلى أو إقليمى وظهرت متطلبات ملزمة للامتثال، فإن الأسعار سترتفع بشكل كبير، وبالتالى حتى لو كانت تكاليف التسجيل عالية الآن، فإن العائد المستقبلى من بيع الشهادات سيكون مجزيًا.

وأضاف أن الشركة التى يمثلها تعمل فى مجالين رئيسيين، هما حساب دورة حياة المنتج وتسجيل الشهادات، وفى الجزء الأول نقوم بحساب الانبعاثات الناتجة عن كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتج، من التصنيع إلى الناتج النهائي، أما فى تسجيل الشهادات، فنقدم الدعم اللازم لتسجيل الشهادات من خلال مؤسسات معترف بها عالميًا.

وأضاف أن هذا النمو يعزى إلى عدة عوامل، من أبرزها متطلبات التصدير، حيث أصبح تسجيل شهادات الكربون شرطًا أساسيًا لدخول بعض الأسواق الدولية، والتوجه نحو المبانى الخضراء التى تتطلب تقارير البصمة كجزء من متطلبات الاعتماد.

وأكد أن الاتجاه العام فى السوق واضح، والطلب على البصمة الكربونية وتسجيلها فى تزايد مستمر ولن يتراجع، بل سيستمر فى الارتفاع، ومع تطور المتطلبات البيئية وظهور أسواق الكربون، ستزداد الضغوط على الشركات لتلبية هذه المعايير.

وأوضح أن سياسة تعديل حدود الكربون وسوقها الطوعى ترتبط ببعضها البعض، وتحتاج نوعية بيانات متشابهة، وبذلك، إذا قامت الشركة بجمع البيانات بشكل صحيح مرة واحدة، يمكن استخدامها لتلبية متطلبات متعددة، مما يبرز أهمية التخطيط المسبق وتكامل البيانات.

وأضاف أيوب أن العالم فى خضم تحول كبير، أشبه بعاصفة من التغيير، وعلى الجميع الآن تعلم كيفية حساب البصمة الكربونية والعمل على تحسينها، ولم يعد فى مرحلة الانتظار، فقد دفعت الالتزامات الدولية، كاتفاقية باريس للمناخ، الأسواق نحو الالتزام بالمتطلبات البيئية.

واستكمل أنه عادةً ما تستجيب السوق للتوجهات التنظيمية، فإذا طُلب من الشركة تقديم تقرير عن البصمة الكربونية، ستقوم بذلك لكن يجب أن ندرك أن البصمة ليست مجرد التزام يُنفذ مرة واحدة، بل إنها عملية دورية تتطلب إعادة حساب الانبعاثات سنويًا، وتقديم التقارير، والسعى نحو تحسين الأداء.

وتابع حديثه عن التوجهات المستقبلية، قائلاً إنه رغم التركيز الحالى على قطاعات مثل البناء، فإن الموجة القادمة ستصل إلى أخرى، أبرزها النسيج والأغذية والزراعة.

وأشار أيوب إلى أن التحدى الرئيسى يكمن فى التوعية وبناء القدرات، موضحًا أن الشركات بحاجة إلى تعلم كيفية حساب البصمة الكربونية والعمل على تحسينها باستمرار، خاصة فى ظل تزايد التشدد فى المعايير البيئية.

واختتم أنه رغم التحديات الكبيرة، توجد فرصًا لتحويلها إلى مكاسب حقيقية من خلال الاستثمار فى تقنيات وممارسات مستدامة، فمثلاً يمكن تحسين كفاءة استخدام الأسمدة، وتقليل انبعاثات الماشية، واستثمار المخلفات الزراعية مثل قش الأرز فى تطبيقات جديدة، وبهذا يمكن للشركات تحقيق التزاماتها البيئية وجنى عوائد اقتصادية فى آنٍ واحد.

التكلفة عقبة أمام «الصغيرة» و«المتوسطة»

التحديات فرصة استثمارية إذا تمت إدارتها بحكمة

التعاون مع البنوك والشركات الكبرى يعزز مسار الاستدامة

قطاعا النسيج والزراعة سيشهدان ضغطًا متزايدًا بسبب «البصمة»

سوق الكربون المحلية ستفتح مجالاً جديداً لـ«الصغيرة»

زيادة كبيرة فى الطلب عالميا على خدمات التصديق