عادل اللبان يسرد قصة «بيع ديون مصر» وإعادة بناء «التجاري الدولي» والخروج الحزين منه

Ad

سجلت الإثارة معدلات مرتفعة فى الجزء الثانى من السلسلة الوثائقية التى تُبث عبر CEO Level Podcast والتى تُسرد ملفات هامة تحكى لأول مرة من خلال رصد مسيرة المصرفى القدير عادل اللبان، نائب رئيس مجموعة البنك الأهلى المتحد - البحرين.

يسرد “اللبان” فى حواره مع الكاتب الصحفى حازم شريف، رئيس تحرير جريدة “المال”، مقدم CEO Level Podcast مؤامرة خروجه الحزين من “التجارى الدولي” بالإضافة إلى “برنامج بيع ديون مصر” فى التسعينات.

ويتضمن الجزء الثانى من الحوار المتاح على قناة ALMAL TV على موقع يوتيوب، ومنصات “البودكاست”، كيفية تربح بعض رجال الأعمال من بيع ديون مصر، وعلاقة حرب الخليج بتحرير أسعار الفائدة محليًا، ورؤيته لمستقبل البنوك، وملف إشراك المصارف فى المشروعات القومية فى التسعينات وأسباب توجه الـ CIB نحو طرح شهادات إيداع دولية GDR .

ويشرح “اللبان” ملامح العلاقة بين بنكى “الأهلى المصري” و”CIB” قبيل استقالته، وأسباب تأسيس شركتى CIIC وCIBC، ويحدد شروط الاقتراض الخارجى الناجح، ويتذكر تفاصيل مشهد تسجيل CIB كأول سهم مصرى ببورصة لندن بعد التأميم.

ويسرد نائب رئيس مجموعة البنك الأهلى المتحد – البحرين، الفارق بين مدرستى الائتمان الحديثة والتقليدية، وأهمية توجه القطاع الصناعى نحو التصدير، ولماذا كان البنك الأهلى المصرى مضطرًا لبيع حصته فى CIB؟!

جدير بالذكر أن الجزء الأول من الحوار المتاح للجمهور، تضمن ملفات عدة أبرزها تفاصيل تدشين بنك “الأهلى تشيس” و”قانون السادات” وخبايا التحول من السلك الدبلوماسى إلى المجال المصرفى، وكواليس الاستقالة الأسرع فى “الخارجية”، بالإضافة إلى صراع ABC مع المؤسسات المالية الفرنسية فى ملف قرض “بدر” الجزائرى، ومرحلة العودة لمصر والخروج من “مورجان ستانلي” بعد سبتمبر الأسود للانضمام لإدارة CIB.

وإلى نص الجزء الثانى من الحوار المتاح للجمهور على ALMAL TV بموقع يوتيوب وكافة منصات البودكاست:

● حازم شريف: عدت إلى مصر بالتزامن مع وفاة الأستاذ أحمد إسماعيل نائب رئيس البنك الأهلى حينها ورئيس مجلس إدارة الـ CIB .. كيف وصلت لمنصب العضو المنتدب؟ وما الذى حدث بعد ذلك؟

عادل اللبان: أولاً، البنك كان يحتاج إلى تحريك المياه الراكدة، عبر تطوير السياسات والتنظيم الداخلى، وعند العودة التحقت بوظيفة مدير عام الائتمان والتسويق.

وكانت المهمة الأولى هى إعادة إحياء دور إدارة الائتمان، وساعدنى فى ذلك تواجد كوادر مدربة بشكل جيد داخل البنك، وكان عدد كبير منهم من النساء، فى ظل انتقال العنصر الذكورى منهم إلى وظائف فى الخليج خلال فترة بيع “تشيس”، وهكذا أصبحت التركيبة 50 : 50 مع قيادات نسائية متميزة مما يظهر أنه دون الحاجة إلى فرض “كوتا” أو سياسات إلزامية، تستطيع المرأة التى تمتلك الطموح والحماس أن تحقق نجاحا يضاهى أى رجل.

وكنت دائم التواجد مع الموظفين فى مقابلات العمل الخارجية لمتابعة الأداء وإظهار أهمية ما يقومون به، والقضاء على حالة القلق والخوف لديهم.

● حازم شريف: لماذا كان يشعر الموظفون بالخوف ؟

عادل اللبان: الإدارة العليا فى ذلك الوقت كانت ذات خلفيات مختلفة، غالبًا من البنك الأهلى، وهذا كان يسبب نوعا من الاحتكاك بين أساليب العمل المختلفة.

و”تشيس” كان لديه نظام مستورد بالكامل، بينما البنك الأهلى كان يعتمد على مرجعيات مختلفة، إذ كانت القيادة تأتى من مدرسة بعيدة عن ثقافة المؤسسة، حينها يحدث نوع من الاحتكاك، يترتب عليه خوف لدى الموظفين، وكان الأمر يتعلق بالفلسفة الائتمانية: فالبنوك التقليدية تعتمد على الضمانات العينية والمخزون، وفلسفة إقراض مختلفة عن التدفق النقدى للشركات.

ويكمن الفرق بين مدرستى الائتمان “التقليدية” و”الحديثة”، أن الأولى تركن على الضمانات دائمًا، بينما “تشيس” يعتمد على التدفق النقدى للشركات الذى يمكنها من سداد ديونها عوضاً عن غياب القدرة عن الدفع مما يؤدى إلى اللجوء للمحاكم.

وعبر قرارات جريئة شارك البنك فى موضوعات لأول مرة، مثل موضوع بيع ديون مصر، الذى كان أحد أبرز الأنشطة المصرفية الرائجة فى ذلك الوقت، إذ كانت الديون المصرية السيادية تُباع وتشترى بين البنوك وكانت تسدد على أقساط مرفقة بكمبيالات.

الكمبيالات السيادية، بضمان من بنكى “الأهلي” أو “مصر”، كانت تُباع بقيمة أقل من قيمتها الفعلية، على سبيل المثال، إذا كانت قيمة الكمبيالة 100 دولار، يمكن شراؤها بـ 15 أو 20 دولارًا فقط.

وقررت الحكومة استغلال القطاع الخاص كوسيط لتقليل المديونية، إذ دفعته لشراء تلك الكمبيالات من حامليها الدوليين بقيمة مخفضة، على أن يتم سدادها بالجنيه المصرى بسعر صرف أعلى قليلًا من نظيره الرسمى، شريطة أن تستخدم تلك الحصيلة فى الاستثمار عبر تأسيس شركات تهدف إلى التصدير . وتلك العملية كانت تتطلب وسيطًا بين البنك الأجنبى ونظيره المصرى، وغالبًا ما كان هذا الوسيط رجل أعمال.

تأسيس الشركة كان يتطلب إجراءات عديدة، منها تقديم أوراق تُثبت إيداع رأس المال فى البنك، والحصول على شهادة دفع، كل هذه الخطوات كانت تُنفذ، لكن فى النهاية يتم الإفراج عن رأس المال، ليقوم رجل الأعمال بسحبه وتحويله للدولار مرة أخرى فى السوق الموازية، ومن ثم عدم تنفيذ المشروعات وتحول الشركات المؤسسة إلى كيانات وهمية.

ومع زيادة المنافسة على شراء الكمبيالات كونها باتت عملية مربحة، فارتفعت أسعارها بالدولار، مما قلل من هامش الربح.

ورغم تلك العيوب، إلا أن برنامج بيع ديون مصر كان مثالًا ذكيًا من حيث الفكرة، لكن تطبيقه لم يكن ناجحًا، ويرجع السبب الرئيسى إلى غياب الرقابة، وكان يجب أن يكون هناك متابعة لضمان أن الشركة التى تم تأسيسها باستخدام الأموال قد نفذت برنامجًا معينًا للإنتاج أو التصدير، لأن الهدف الرئيسى للبرنامج كان تخفيض المديونية دون دفع دولارات، وهذا تحقق ظاهريًا.

● حازم شريف: هل تحقق ذلك على المستوى الكلي؟

عادل اللبان: على المستوى الظاهرى للحكومة يبدو أن الهدف تحقق، لكن على مستوى الدولة ككل من حيث العملة الصعبة المتاحة، فقد حدثت خسائر، فالشخص الذى اشترى الكمبيالة بـ 15 دولارًا فى البداية، بعد أن أكمل الدورة وأخذ الأموال بالجنيه المصرى، عاد إلى السوق السوداء واشترى 20 دولارًا، النتيجة كانت أن الدولة دفعت أكثر مما كسبت.

● حازم شريف: من كانت الأطراف الرئيسية التى شاركت فى هذه العملية؟ سواء بنوك أو وسطاء؟

عادل اللبان: تمثلت أطراف العملية فى البنوك نفسها التى كانت وسيطة منها CITIBANK وBANK OF AMERICA، بجانب بعض الوسطاء الآخرين، كما أننا شاركنا لأننا رأيناها فرصة للحصول على السيولة، لكن اكتشفنا فى النهاية أن هذه السيولة لم تتحول إلى تأسيس شركات حقيقية ذات عمليات إنتاجية.

● حازم شريف: هل كان للبنك أى سلطة على الشركات التى تأسست؟ أم أنه بمجرد أن يودع الشخص الأموال ويحصل على شهادة دفع رأس المال تنتهى مسئولية البنك سواء أسست شركة حقيقية أو وهمية؟

عادل اللبان: لم يكن هناك مخالفة من اتجاه البنك، إذ لم تكن هناك مطالب من أى جهة لفرض رقابة على ما يحدث بعد ذلك.

● حازم شريف: هل يمكنك ذكر أسماء بعض الأشخاص أو المؤسسات التى شاركت فى تأسيس هذه الشركات؟

عادل اللبان: لم يكن عدد المشاركين كبيرًا، بل كان محدودًا نسبيًا، رغم ضخامة حجم العمليات، وجاء CIB فى أواخر تلك الفترة إذ كان هناك حوالى %75 من السوق قد باع الكمبيالات، وكانت تتمثل مشكلتنا فى كيفية الحصول عليها.

وأغلب النشاط كان من نصيب المصارف الأجنبية إذ كان لها الأفضلية، وكان لديها ميزة الوصول إلى الحكومات والبنوك الحائزة على الكمبيالات.

● حازم شريف: “بنك أوف أمريكا” و”سيتى بنك” هما اللذان قاما بأغلب هذه العمليات ؟

عادل اللبان:: نعم أعتقد ذلك.

● حازم شريف: كم كان حجم العملية؟

عادل اللبان: مئات الملايين من الدولارات، سواء فيما يتعلق بقيمة الكمبيالات المشتراة أو المبالغ المستخدمة فى عمليات الشراء والبيع.

● حازم شريف: بعد توليك إدارة الائتمان والتسويق، ما هى نتائج التغير الذى أحدثته؟

عادل اللبان:: قبل الحديث عن النتائج، هناك نقطة مهمة يجب توضيحها: تتمثل فى المعلومات، إذ أن النظام الذى تربيت وتدربت فيه كان قائمًا على تنظيم قطاعى لإدارة الائتمان.

يعنى ذلك تقسيم إدارة الائتمان إلى مجموعات متخصصة حسب القطاعات، على سبيل المثال، مجموعة مختصة بشركات الأدوية، وأخرى الطيران، وثالثة بالسياحة، إلى جانب مجموعة شركات الحديد والصلب، والأسمنت، وخلافه.

إذا كان مدير الائتمان مسئولًا عن مجموعة متنوعة من الشركات من قطاعات مختلفة، فمن الصعب جدًا أن يفهم التحديات الفعلية لكل صناعة، خاصة فى بلد مثل مصر، حيث المعلومات العامة ضئيلة وصعب الحصول عليها.

فعندما يكون مدير الائتمان مسئولًا فقط عن قطاع معين مثل السيراميك، فإنه يصبح أكثر دراية بتفاصيل الصناعة بما يُمكنه من بناء فهم شامل للسوق.

● حازم شريف: هل تتحدث هنا عن التثبيت القطاعى على المستوى الإدارى أم على مستوى الشخاص.

عادل اللبان: أنا أتحدث عن التخصص على مستوى الإدارات، إذ أن الأفراد يمكن أن يتغيروا، لكن التنظيم الإدارى يبقى ثابتًا .

لذلك، لابد من معرفة طرق حل مشاكل المعلومات، إذ أنه فى الأسواق الغربية، إذا أردت الحصول على بيانات عن أكبر 5 أو 10 أو حتى 200 شركة وفق أى معيار، يمكننى ببساطة الحصول عليها بالضغط على زر فى نظام مثل “رويترز” أو غيرها من مصادر المعلومات.

لكن فى مصر الوضع مختلف، عندما كنت فى هذا المجال حاولنا الحصول على بيانات من الغرف التجارية واتحاد الصناعات، لكن وجدنا أن البيانات لديهم كانت ضعيفة للغاية.

على سبيل المثال، إذا أراد شخص طرح سندات لشركة ما، يجب أن تكون هناك حقائق دقيقة تُظهر تفوقها مقارنة بمنافسيها، حيث أن البيانات القابلة للتحليل عبر فترات زمنية معقولة هى ما يساعد المستثمر على اتخاذ قرار رشيد.

لذلك، البنك الذى لا يستثمر فى المعلومات، سواء فى قطاع الأفراد أو الشركات، لن يكون له مستقبل جيد، لأن التسويق يعتمد على المعادلات الاقتصادية، والمعلومات الدقيقة هى أساس هذه المعادلات.

فى أغلب الأحيان، تجد أن البنوك ترسل رسائل تسويقية مثل “لدينا قرض جديد” أو “لدينا عرض خاص على البطاقات الائتمانية”، لكنها لا تفكر فى العميل كشخص ذى احتياجات محددة إذ أن هناك %99 من البنوك على مستوى العالم تتعامل بنفس الطريقة.

ولكن لكل فترة سنية احتياجات معينة، فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك طفل مولود حديثًا عندما فتحت الحساب، يمكن للبنك متابعة هذه المعلومة، فعندما يكبر الطفل ويبدأ المدرسة، يمكنهم المبادرة بتقديم قروض لتغطية المصروفات.

وعندما يصل إلى الجامعة، يمكنهم تقديم قروض مماثلة، وإذا كان لديك سيارتان، فمن المرجح أن تشترى سيارة لابنك عندما يحصل على رخصة القيادة، إذا قدم البنك عرضًا مناسبًا فى هذا التوقيت، فتتعجب أنت أنه “جاء فى الوقت المناسب”، بينما الأمر مجرد استثمار فى المعلومات، وهذا غير متواجد حاليًا، ولكن نحن فى الطريق إلى ذلك .

● حازم شريف: هل تعتقد أن هذا النوع من التسويق مطبق فى مصر؟

عادل اللبان: للأسف لا، كعميل فى بنكين مصريين حاليًا لم ألاحظ تقدمًا يُذكر، ويجب على البنوك أن تستثمر فى أنظمة معلومات متطورة وقواعد بيانات شاملة.

● حازم شريف: كيف يمكن للبنوك تحسين استخدام المعلومات؟

عادل اللبان: يبدأ الأمر بجمع المعلومات بطريقة منهجية، عندما يفتح العميل حسابًا، يمكننا أخذ الحد الأدنى من البيانات، ولكن لا يجب أن نتوقف عند هذا الحد، حيث لا بد من وجود فريق متخصص يمكنه التواصل مع العميل لاحقًا لجمع المزيد من التفاصيل، مثل مكان عمله، حالة زوجته الوظيفية، أعمار أطفاله، وغيرها من المعلومات التى قد تكون مفيدة فى المستقبل، إذ أنه لا يوجد معلومة غير مفيدة.

ويجب تسجيل المعلومات فى نظام مركزى، وليس فى ملفات ورقية لدى موظف معين، إذ أنه بهذه الطريقة إذا تغير الموظف المسئول عن الحساب فإن المؤسسة تحتفظ بذاكرة مؤسسية يمكن للجميع الوصول إليها.

● حازم شريف: كيف يمكن للمعلومات أن تقلل الأخطاء فى تقديم الخدمات المالية؟

عادل اللبان: المعلومات الدقيقة تساعد البنك على فهم العميل بشكل أفضل، مما يقلل نسبة الخطأ فى تقديم الخدمات، لكنها ليست فقط لتجنب الأخطاء، بل هى أداة لتوقع احتياجات العملاء والتقدم خطوة أمام المنافسين، إذا تحركت مع القطيع لن تحقق أرباحًا كبيرة، لأن هناك دائمًا من يسبقك بخطوة.

وتحتاج الموارد الحالية إلى تطوير كبير، إذ أن مستقبل العمل المصرفى يعتمد على تجميع وتحليل البيانات بشكل أعمق بكثير مما هو عليه الآن، اليوم نعتمد على موظف الفرع الذى يبتسم ويتذكر اسم العميل، لكن الجيل الجديد مختلف تماما، هذا الجيل لا يريد التواصل مع الأشخاص؛ هو يريد كل شيء عبر هاتفه الذكى الذى يحتوى على جميع الإمكانيات، وسيغير المشهد بشكل جذرى، إذ أن الجيل الجديد الذى سيتولى العمل مستقبلا هو من سيخلق الثروات الجديدة.

كما أن “من لا يتقدم يتقادم”، إذ أن التقدم يستوجب فهم التقنيات الحديثة الخاصة بالتعامل مع البيانات، والخروج من الماضى، وكذلك لا أؤمن بشيء اسمه “الخصوصية المصرية”، ربما فى سياقات اجتماعية أو تراثية يمكن أن يكون هناك هذا المفهوم.

لكن حين نتحدث عن “العمل، المال، البنوك” وغيرها، فهناك معايير واضحة، منها العالى، المتوسط، وكذلك هناك معيار منخفض، وأنت تختار أين تريد أن تكون، ولكن لا تبرر اختيارك بمفهوم الخصوصية إذا اخترت مسارا معيناً، فعليك أن تكون صريحا مع نفسك.

● حازم شريف: كيف يمكننا ربط ذلك بواقع العمل المصرفى وتطورات الوضع فى CIB حيث توليت مهمة قيادته ؟

عادل اللبان: فى سنة 1990، كان أكبر بنك خاص فى مصر هو بنك مصر الدولى “مى بنك”، - حاليا قطر الوطنى - والوصيف كان المصرى الأمريكى، الذى أصبح جزءا من كريدى أجريكول، أما CIB فى ذلك الوقت فكان فى المرتبة الثالثة.

نحن كنا الأوائل فى مرحلة معينة لكننا فقدنا الريادة لصالح المنافسين، وهما البنك المصرى الأمريكى و”مى بنك”، إذ استغلا وجود شركاء أجانب لديهما، بينما نحن لم نعد نملك هذه الميزة، وكنا نعمل بكامل طاقتنا التشغيلية، وكان التحدى الأول هو التغلب على هذين المنافسين.

بحلول عام 1992، أصبحت أرباحنا توازى أرباح البنكين الآخرين مجتمعة، وكانت طفرة هائلة وربما واحدة من أفضل الإنجازات خلال تلك الفترة، و قد تكون من أفضل السنوات من حيث الإنجاز.

● حازم شريف: ما الذى ساهم فى تحقيق هذه الطفرة؟

عادل اللبان: واحدة من العوامل غير المباشرة كانت حرب الخليج الثانية، عندما غزا صدام حسين الكويت، أدت الأحداث إلى إلغاء جزء كبير من ديون مصر، وجرى توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولى عام 1991، هذا الاتفاق كان أساسيا فى تحفيز النمو، بما فى ذلك نمو CIB، إذ إنه سمح بتحرير سعر الصرف.

فقبل ذلك وحتى عام 1991، كان البنك المركزى هو الذى يحدد سعر الصرف وفقا لمنشور خاص، كان الجنيه المصرى مرتبطا ويتم تحديده وفقاً لـ 3 قطاعات: “الزراعة، والصناعة، والتجارة”.

وكان الحد الأدنى للمرونة التسويقية محكوما بشكل كبير، وحتى العمليات المصرفية مثل خطابات الضمان والتحويلات كانت مقيدة، إذ كانت الأمور محدودة للغاية حتى ظهرت هذه التغيرات الجوهرية.

وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية، كنا نعلم أن هناك اتفاقا مع صندوق النقد الدولى قيد التنفيذ، الدكتور صلاح حامد، محافظ البنك المركزى حينها، دعا لاجتماع رؤساء البنوك، وأعلن خلاله أن جزءا من الاتفاق مع الصندوق يتضمن تحرير الفوائد والعمولات بالكامل.

وخلال أسبوع واحد فقط من هذا الإعلان، قمنا بإصدار أول سندات محلية بالجنيه المصرى بفائدة أعلى من المعتاد، وكان هدفنا منها هو زيادة التمويل.

وأصبح لدينا مساحة أكبر للتنافس مع البنوك الأخرى، وبدأنا فى التركيز على تقديم عروض مقنعة للعملاء.

على سبيل المثال، عندما أجتمع مع أى عميل، لا أبدأ الحديث مباشرة عن التسعير، وأبحث عن مدخل غير متوقع للحوار مثل القطاع المنتمى له والمنافسين وهل فكر فى الاستحواذ على أحدهم؟ والتكنولوجيا المستخدمة فى أعمالهم وهل هى معرضة للمخاطر أو التقادم.

وعلى مدى 9 سنوات فى مصر فى أى اجتماع مع عميل، كنت دائما أسأل: “ما هى سياستك للتصدير؟” كان هذا السؤال مفتاحا لفهم مدى طموح العميل واستعداده للتوسع أو العمل معنا على مستوى إستراتيجى.

كنا نمتلك وفرة نسبية من العملة الصعبة، كان هذا بسبب قطاع البترول وحسابات العملاء الأجانب الحساسة التى ظلت مستمرة معنا، هؤلاء العملاء كانوا يبيعون كميات كبيرة من العملة الصعبة، مما وفر لنا مصدرًا دائمًا.

فى تقديرى أن طموح الشركة المصرية الخاصة يجب أن يتعدى الحدود المحلية، هذا كلام كنت أقوله منذ التسعينات، وليس اليوم، بعض الشركات استمعت إلى هذا الكلام ونجحت، والبعض الآخر ظل يعتمد على السوق المحلية وسياسات الحماية.

وللأسف، الميزان التجارى ظل يعانى بسبب قلة التصدير، هذا ليس أمرًا يمكن حله بعصا سحرية، بل يتطلب جهود من كل شركة لإنتاج وتصدير منتجاتها.

● حازم شريف: متى تقلدت منصب العضو المنتدب ؟

عادل اللبان: فى عام 1991 أو 1992، أصبحت عضوًا منتدبًا، المنصب كان شاغرًا وقتها؛ كان هناك نائب رئيس ورئيس مجلس إدارة، لكن منصب العضو المنتدب التنفيذى لم يكن مشغولا، وبصورة غير رسمية كنت أمارس بعض مهامه.

وانصب اهتمامى الأساسى على التسويق، وتطوير الأعمال، والتنمية، ووظيفة العضو المنتدب تشمل جزءًا يتعلق بالأعمال والتنمية، ولكنها تتضمن أيضًا أدوارًا أخرى تتعلق بالضوابط، والرقابة، والإدارات المعنية، إضافة إلى مسئولية الإشراف على استراتيجية البنك ككل، وهذا يختلف عن التركيز الضيق على كسب أو خسارة عميل معين.

وحينما أصبحت العضو المنتدب خلال تلك الفترة، صنعت جهدا ذاتيا “دون أن يطلبه أحد”، حتى ألقى إجابة على تساؤل هام هو “ما هو وضعنا التنافسي”، وبحلول عامى 1992 و1993، كان وضعنا التنافسى ممتازًا كما ذكرت سابقًا، انتقلنا من كوننا من ثالث البنوك الخاصة إلى أن أصبحنا أكبرهم .

فى ذلك الوقت، كانت هوامش الربح على عمليات الإقراض بالجنيه المصرى رغم تحرير أسعار فائدة إيجابية تتراوح بين %3.5 و%4.5. لكن التحدى كان فى كيفية الاستمرار فى التوسع واستيعاب المزيد من العملاء، سواء الحاليين الذين يرغبون فى توسيع أعمالهم، أو من الجدد الذين نريد جذبهم.

وكان هناك تساؤل آخر “كيف تخطط لاستيعاب هذا التوسع؟”، إذ أن فى البنوك حجم المحفظة الائتمانية التى يمكن أن يقدمها أى بنك مرتبط مباشرة بحجم رأس المال.

فإذا كان رأس مال البنك X، فإن الحد الأقصى للإقراض يكون Y، وبالتالى إذا ضاعفنا رأس المال إلى 2X، يمكننا مضاعفة الإقراض إلى 2Y ، المشكلة كانت فى كيفية زيادة رأس المال.

وفى ذلك الوقت كنا مملوكين بنسبة %100 للبنك الأهلى المصرى، الذى كغيره من المؤسسات الحكومية فى مصر وقتها، كان يحول كل أرباحه إلى الخزانة العامة فى نهاية السنة، وبالتالى لم يكن لديه الأموال للاستثمار فى زيادة رأس مالنا.

● حازم شريف: كم كان يبلغ رأس المال حينها؟

عادل اللبان: 200 مليون جنيه تقريباً ، وكان لا بد من رفع رأس المال من جهة غير البنك الأهلى، كما أنه كان هناك تحديًا كبيرًا، يتمثل فى فقدان أعداد كبيرة من الموظفين الأكفاء سنويًا، خاصة من خريجى دورات الائتمان الشهيرة لدينا.

وكان الحل يكمن فى ربط مصالح الموظفين بمكافآت مؤجلة، مثل برامج تمليك الأسهم، هذا يحفزهم على البقاء ويجعلهم شركاء فى نجاح البنك.

والتحليل البسيط أظهر أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ثلاثة أهداف معًا هى زيادة رأس المال، والأهداف كانت تتمثل فى “الحصول على تمويل لتوسيع البنك وتحسين أدائه، الحفاظ على الموظفين الأكفاء من خلال برامج الحوافز طويلة الأجل، إلى جانب تقليل نسبة مساهمة البنك الأهلى المصرى فى البنك، مما يتيح لنا مرونة أكبر”، لذلك، كانت زيادة رأس المال أمرًا أساسيًا لتحقيق هذه الأهداف.

● حازم شريف: لماذا كنت ترغب فى خفض نسبة مساهمة البنك الأهلي؟

عادل اللبان: السبب الأساسى هو أن أجندة البنك الأهلى تأتى مباشرة من وزارة المالية والدولة، وإذا تغيرت هذه الأجندة أو تغيرت القيادات التى تنفذها، فقد تُفرض علينا مشروعات أو قرارات لا تتماشى مع إستراتيجيتنا، كوننا مملوكين %100 للبنك الأهلى يتيح لهم تطبيق هذه الأجندة بسهولة.

وعلى سبيل المثال، لقد تعرضنا مرات عديدة لضغوط للمشاركة فى مشروعات قومية، على سبيل المثال كان هناك مشروع لإنشاء مصنع للحديد والصلب فى السويس، تم جمع البنوك لدعمه، وكوننا البنك الخامس وقتها كان من المتوقع أن نشارك.

كانوا يمارسون ضغطًا شخصيًا كبنك وطنى، ويطلبون من البنوك تمويل مشروعات بدون دراسات جدوى واضحة، كنت أسأل أسئلة بديهية مثل: هل توجد دراسة جدوى؟ ما هى البيانات المتوفرة عن المشروع؟ وغالبًا ما كانت الإجابات سطحية.

● حازم شريف: هذا الأسلوب كان موجودًا فى بعض البنوك العامة بشكل كبير.. أذكر موقفًا عندما كنت أحضر أحد الطروحات فى سوق المال لشركة تابعة لبنك عام، كلما سأل أحد الصحفيين سؤالًا، كان ممثل البنك يرد بطريقة غير مهنية، انتوا بتسألوا عن إيه باقولكم: « فلان بيه قرر يبيع واحد من أحسن ولاده ».

عادل اللبان:المهم بالنسبة لى كان تحقيق الأهداف الثلاثة التى ذكرتها سابقًا، هنا تأتى الصدف مثل تحرير أسعار الفائدة، ثم سعر الصرف، ساعدتنا كثيرًا إذ سمحت لنا بحركة كبيرة فى السوق.

كما أن قانون إعادة إحياء البورصة الذى صدر عام 1992، مع لائحته التنفيذية التى صدرت فى 1993، كان العامل الحاسم لتنفيذ الأهداف الـ 3 سالفة الذكر، أتذكر أننا قلنا إن مصر كانت لديها بورصة تاريخيًا، وشركات مسجلة هنا وأخرى فى إنجلترا.

أردنا إعادة إحياء هذه الفكرة ورفع رأس المال، وجعل جزء من الزيادة موجهًا لبرنامج تمليك الأسهم للموظفين.

ووافق البنك الأهلى على دعم الخطوة لكن بشرطين رئيسيين، الأول أن نسبته فى رأس المال لا تقل عن %51، وهذا كان مطلبًا منطقيًا، والثانى أنه تم تخصيص جزء من برنامج تمليك الأسهم للموظفين .

● حازم شريف: ما علاقة هذا الشرط الأخير بالأمر؟

عادل اللبان: لأن هناك توازنات داخل الصفقات، كما أن المكسب العائد من الـ CIB يعوض من وجهة نظرى تكاليف أسهم موظفى البنك الأهلى، وكانت الفترة بين 1993 - 1998 من أفضل الفترات فى مسيرتى المهنية.

● حازم شريف: متى تم الطرح فى البورصة؟ وكيف؟

عادل اللبان: فى عام 1993 كانت البورصة والأسهم كلمات سيئة السمعة، بسبب التجارب التاريخية السلبية، إذ كان هناك فى عهد الرئيس عبد الناصر قرارات تأميم أضرت بأصحاب الأسهم الذين لم يتحصلوا على تعويضات كافية، مما خلق تلك الصورة السلبية.

وكان علينا تقديم فكرة الطرح بشكل مقنع للجمهور يظهر أهمية البورصة والأسهم كوسيلة للاستثمار والتنمية الاقتصادية، لأنه إذا تأخر الوقت، موافقة البنك الأهلى قد تتغير.

لذلك قررنا كأعضاء مجلس الإدارة أن نبدأ حملة مكثفة تشمل سوق المال بشكل عام.

كانت الحملة منظمة بشكل جيد، استخدمنا الإعلانات التلفزيونية، التى كانت الوسيلة الرئيسية للوصول إلى الجمهور، كما استخدمنا الصحف، وهذا رفع صورة CIB بشكل ملحوظ، بعيدًا عن المكاسب المباشرة للبورصة.

وبعد صدور اللائحة التنفيذية، أصبح لدينا هدف واضح لتغطية العملية، كما ذكرت، فعندما كنا نقدم قروضًا، كان هناك دائمًا متعهد لتغطية القروض، لكن فى الأسهم لم يكن هذا متاحا، لذا استخدمنا ما يسمى بـ Soft Underwriting، إذ نتحدث مع بعض الجهات مسبقًا ونحصل على تعهدات دعم قبل الطرح.

كنت حريصًا على إدخال بعض المؤسسات الأجنبية، إذ أن وجودها يعزز صورة المؤسسة ويقدم نوعًا من الحماية من التدخلات، وكان أول من تواصلت معه هو الأستاذ عبدالله سعود، لأنه كان يمتلك خبرة كبيرة فى شراء البنوك، لكنه اعتذر وقتها بسبب توتر العلاقات بين مصر وليبيا آنذاك.

ثم تواصلت مع هيئة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولى، ودورهم استثمارى تجارى وليس دعمًا حكوميًا، ويستهدفون الدول النامية أو الأسواق الناشئة، وفى الحقيقة لم أتوقع أن تؤدى المحادثات معهم إلى أى نتائج، لكن عندما يشاء الله تحدث الأمور.

وبشكل غير متوقع، وافقوا وشاركوا بنسبة %10 معنا، كان لديهم استثمارات محدودة فى مصر وقتها، أبرزها شركة الدخيلة فى الإسكندرية.

وأتذكر أن المشاركين فى هذا الاكتتاب قد حققوا أرباحًا ضخمة.

كما دخلت الشركة العربية للاستثمار ضمن الاكتتاب، وهذه شركة تمتلكها حكومات عربية، كنت أعرفهم منذ فترة عملى فى البحرين يمكنك وصفهم بأنهم نسخة عربية من “IFC”، وإن كان هذا التشبيه قد لا يروقهم ، لكن فكرتهم العامة مشابهة من حيث المنظور.

كان الهدف الأول هو توسيع أنشطة البنك، وخاصة فى مصر، إذ نفتح فروعًا جديدة تستقطب عملاء أكثر ونزيد من عمليات الإقراض، لكن الأهم كان جملة صغيرة فى النشرة أشرت فيها إلى رغبتنا فى التوسع فى مجال الاستثمار والتأمين.

● حازم شريف: لماذا اخترتم التأمين والاستثمار تحديدًا؟

عادل اللبان: بالنسبة للخدمات التأمينية كانت أكثر تأخرًا من الخدمات المصرفية، شركات التأمين لم تكن قد دخلت بعد فى أى دورة تحديث حقيقية، كنا نمتلك سمعة طيبة بصفتنا بنك CIB وشبكة من العملاء المميزين، لذا قررنا تقديم خدمات مالية غير مصرفية فى عام 1994، عبر تدشين شركة “البنك التجارى الدولى للاستثمار”، وكانت أول كيان يعمل بمفهوم الخدمات المالية الاستثمارية فى مصر.

ووفقًا للقواعد لا يستطيع البنك أن يمتلك أكثر من %40 من الشركة أما الـ%60 الأخرى، فكانت من نصيب مجموعة من كبار رجال الأعمال من عملائنا، الذين انضموا إلينا بنظام المبادلة مقابل حصص فى شركاتهم.

● حازم شريف: إنشاء شركة للاستثمار المباشر كان بمثابة فكرة مبتكرة وجديدة تمامًا على السوق المصرية يمكن القول إنها كانت الأولى من نوعها فى مصر.

عادل اللبان: كان رأس المال المدفوع 500 مليون جنيه، وهو مبلغ كبير جدًا بمقاييس تلك الفترة، منه %40 حصة البنك وهى الجزء النقدى، والباقى حصص عينية.

● حازم شريف: إذن الشركة توسعت بسرعة بناءً على هذه الحصص العينية؟

عادل اللبان: نعم، ووصلت ميزانية الشركة إلى أكثر من مليار جنيه عندما غادرت بعد بضع سنوات، وكانت هذه الاستثمارات موزعة فى شركات مختلفة.

كما حاولنا الدخول إلى قطاع الخدمات المالية من خلال استثمارات مشتركة مع بعض شركات السمسرة القائمة وقتها، لكن هذه التجارب كانت غير ناجحة بصراحة، وقررنا التوقف عنها، وقررنا أن نضع شركات السمسرة تحت مظلة البنك بدلا من أن تكون منفصلة، وقبل أن أترك البنك فى الشهور الستة الأخيرة، أسسنا شركة جديدة تحت مسمى “ CIBC” .

● حازم شريف: كيف كان وضع شركة “CIBC”؟

عادل اللبان: كانت ناجحة جدًا، الأمر ببساطة أن السمسرة تحتاج إلى شبكة واسعة من العملاء، وهذا ما يملكه البنك.

كما أنشأنا شركة للتأمين على الأفراد بالشراكة مع “ليجال آند جنرال”، وهى واحدة من أكبر شركات التأمين على الحياة فى إنجلترا.

● حازم شريف: ما أهمية الشراكة مع “ليجال آند جنرال”؟

عادل اللبان: “ليجال آند جنرال” كانت تمتلك صناديق استثمارية ضخمة بحجم يتراوح بين %8 و%10 من إجمالى قيمة الأسهم المتداولة فى بورصة لندن، نحن نتحدث عن لاعب عالمى رئيسى، وهذا يوضح قوة الشراكة التى أقمناها، وتم التوقيع على تلك الشركة قبل رحيلى بفترة قصيرة، كما أعتقد أن البنك قد تخارج منها بعد ذلك بحوالى 10 سنوات.

● حازم شريف: كيف فكرتم فى طرح شهادات الإيداع الدولية الخاصة بأسهم البنك ؟

عادل اللبان: الأمر كان مرتبطًا بزيادة رأس المال، عندما قمنا بزيادة رأس المال، كانت لدينا إستراتيجيتان واضحتان، الأولى هى تعزيز النشاط التقليدى للبنك، والثانية تحويل “CIB” إلى مؤسسة خدمات مالية متكاملة، وليس مجرد بنك تجارى.

وبعد الانتهاء من زيادة رأس المال، واجهنا ضغوطًا من الجهات التنظيمية لتقليل استثمارات البنوك فى الشركات التابعة لها، هذه الخطوة كانت تهدف إلى تقليل ازدواجية القرارات وتجنب تعارض المصالح، وفى الحقيقة، كانت لديهم رؤية أبعد مما كنا نتصور.

بناء عليه قررنا أن نوسع نطاق تداول الأسهم خارج مصر، السوق المحلية كانت قد استنفدت تقريبًا كل الإمكانيات المتاحة، ولم يكن هناك الكثير من الفرص لإعادة تكرار ما قمنا به.

بالإضافة إلى ذلك كان لدينا رغبة فى خلق تداول دولى لأسهمنا فى فترة كانت البورصة المصرية فيها لا تتمتع بحجم التداول الكبير، إلى جانب الرغبة فى تسجيل عمليات خارج التداول المصرى، وهنا طرحت شهادات الإيداع الدولية الـ “GDR” كحل مبتكر.

“GDR” تعنى Global Depositary Receipt أو شهادة الإيداع الدولية”، وهى شهادة تمثل عدداً من الأسهم المحلية ولكن يتم تسجيلها وتداولها فى بورصة خارجية، مثلاً، يمكنك شراء وبيع شهادات الإيداع هذه فى بورصة لندن بنفس السهولة التى تشترى بها السهم فى مصر، لكل شهادة معادل من الأسهم يمكن تبادله بنسبة معينة، مثل 1:1 أو 1:5 وهكذا .

القيمة الاقتصادية للشهادة كان متفقًا عليها مسبقًا، فى حالتنا كانت النسبة 1:1، مما يعنى أن شهادة الإيداع تعادل سهمًا واحدًا، إذا اشتريت الشهادة فى الخارج فستدفع بالدولار، وأى توزيعات أرباح تحصل عليها ستكون أيضًا بالدولار، مما يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين الدوليين، وكانت هذه الخطوة مهمة للبنك الأهلى المصرى تحديدًا.

وذلك لأن البنك الأهلى كان الجهة التى قامت ببيع أسهمها فى تلك العملية، ولم تكن هذه عملية زيادة رأس مال، بل إعادة هيكلة للملكية، واضطر البنك الأهلى إلى بيع أسهمه أولا لأنه كان فى موقف يتطلب ذلك بسبب ما ذكرته من ضغوط ، وثانيًا لأنه استفاد من العملية لتحقيق مكاسب مقارنة بالبنوك العامة الأخرى التى كانت تعانى، وثالثًا لأن مقابل تخارجه كان على شيك ضخم بالدولار كعائد مباشر.

وللتوضيح، الأسهم تم بيعها لمساهمين أجانب، وكان هؤلاء المستثمرون مزيجًا من صناديق استثمار، وشركات تأمين، وصناديق معاشات، ومستثمرين أفراد أثرياء من مختلف أنحاء العالم غربًا وشرقًا، كانوا يرون فى هذا الإصدار فرصة لتنويع محافظهم الاستثمارية من خلال دخول السوق المصرى.

● حازم شريف: من كان المستشار المالى لهذه العملية؟

عادل اللبان: شركة بارينجز.

● حازم شريف: لماذا تم اختيارها؟

عادل اللبان: لأن شهادات الإيداع الدولية بدأت أصلا فى إنجلترا وليس فى الولايات المتحدة، وكانت شركات مثل بارينجز وفليمنجز تقود هذا النوع من العمليات، بفضل خبرتها الطويلة كبنوك إنجليزية تقليدية تعود لعصر الإمبراطورية البريطانية.

أذكر أننى تحدثت مع أحد الشخصيات المؤثرة فى ذلك الوقت - لن أذكر اسمه - عن المشروع سألنى: “ما الذى تعمل عليه بالضبط؟” فقلت له: “نعمل على إصدار GDR “ فرد ممازحًا وقال: “هل أنت ذاهب إلى ألمانيا الشرقية؟” كانت الحروف الثلاثة تشبه أيضاً أختصار اسم دولة ألمانيا الشرقية التى كانت قائمة آنذاك .

ثم ذهبنا إلى لندن لإتمام عملية التسعير (Pricing) للصفقة، الأوضاع كانت إيجابية، وتمكنا من تحقيق تسعير أفضل مما توقعنا، كما ضغطنا على البنك الأهلى لزيادة الحصة التى يبيعها.

وكنت أريد أن تكون حصة البنك الأهلى أقل من %20، والسبب أن الجهاز المركزى للمحاسبات كان له الحق فى مراجعة أى شركة يمتلك القطاع العام فيها %20 أو أكثر، لتجنب هذا التدخل، قررنا تقليل حصة البنك الأهلى إلى أقل من %20 .

● حازم شريف: ما النتيجة النهائية للحصة المبيعة؟

عادل اللبان: تم تخفيض الحصة إلى ما يقرب من %19، وتم بيع باقى الأسهم لمستثمرين أجانب وصناديق استثمار، لا أتذكر الرقم بدقة، وقد تم إنجاز كل ما سبق خلال 3 سنوات فقط.

وفى إصدار GDR شارك حوالى 50 إلى 60 صندوقًا استثماريًا، إلى جانب أن الموظفين فى البنك استفادوا، وهذا كان مهمًا للغاية لاستدامة مستقبله.

وفى 1997 حققنا خطوة أخرى مهمة من خلال تنفيذ أول قرض مشترك بالدولار فى تاريخ البنك، إذ أنه بعد تعويم الجنيه، احتجنا إلى إصدار محلى سريع بالجنيه المصرى لتمويل السندات.

فى نفس الوقت طلبنا عروضًا من البنوك لإدارة عملية إصدار القرض، وحصلنا على قرض بقيمة تتراوح بين 100 إلى 200 مليون دولار، لمدة ثلاث سنوات، وبسعر فائدة مرتبط بسعر الليبور - وهو سعر الفائدة على الاقتراض بين البنوك فى سوق لندن - .

ونجحنا فى إدارة القرض عبر بنك “جى بى مورغان”، المميز فى هذه العملية أنها كانت أول قرض مشترك بهذا الحجم، وفتحت أبوابًا مهمة للبنك وللبلد بشكل عام، عن طريق أى بنك آخر أو شركة ذات أهمية، أن تصل إلى منابع رأس المال سواء بصورة أسهم أو إقراض.

وقد يتبادر فى ذهن بعض الناس، أن الاقتراض الدولارى لديه مخاطر كثيرة، ويؤدى إلى حدوث مشاكل، ولكنه تخوف قصير النظر، إذ يعد وسيلة للحصول على موارد إضافية لتحقيق أهداف محددة.

وإذا تم توظيف القرض بشكل سليم لتحقيق أهداف اقتصادية واضحة، مثل تعزيز السيولة بالدولار أو تمويل مشاريع إستراتيجية، فإن النتائج تكون إيجابية.

جدير بالذكر أن عملية القرض المشترك التى تمت فى عام 1997 كانت أول عملية من نوعها للإقراض المشترك فى مصر، وبالمثل، كان إصدار شهادات الإيداع الدولية (GDR) هو الأول من نوعه، وكذلك الطرح العام الأولى (IPO) المحلى، والحمد لله، هذه كانت الأولى من نوعها فى تلك المجالات.

وبالنسبة للقرض المشترك الوحيد الذى تم قبل ذلك، بالصدفة، كان من تنفيذ “جى بى مورجان” بعد حرب عام 1973، حينها قام إخوتنا فى الخليج بتأسيس هيئة تسمى “الهيئة المصرية للتنمية”، بالتعاون مع بنك “تشيس مانهاتن” وقتها، وجمعوا حوالى 500 مليون دولار بضمان مساهمين من السعودية والكويت وربما بلد خليجى ثالث، لكن هذا القرض كان مختلفًا، حيث لم يكن بنفس الطبيعة التجارية البحتة كما كان فى حالة قرض 1997.

● حازم شريف: دعنا ننتقل الآن إلى نقطة أخرى وهى انتقالك من العمل فى مصر إلى نجاحك فى الخارج.. كيف تصف هذا الانتقال؟

عادل اللبان: الحياة كتاب مليء بالفصول، فصل يبدأ وآخر ينتهى، فعندما عدت إلى مصر لم يكن لديّ نية للعمل خارجها مرة أخرى، كنت أرغب فى الاستقرار وتربية ابنى مع عائلتى فى بلدى.

ربما أحيانًا كان لديّ رغبة دائمة فى أن أكون الأفضل، وهذه الحماسة جعلتنى أحيانًا أتعامل باندفاع، ومع مرور أكثر من 25 عامًا، أدركت أننى لو امتلكت النضج الذى أملكه اليوم، كنت سأتعامل مع بعض الملفات بمرونة أكبر، حيث العالم ليس أبيض وأسود فقط، بل هناك درجات رمادية يجب أن تُفهم وتُقبل.

وقناعتى الحالية أن مصر فى التسعينيات كانت مثل قطعة قماش تحتوى على %30 من السواد، و50-%65 رمادى، والباقى كان أبيض، مع نسبة صغيرة من الألوان الباهتة، كنت أؤمن بأنه إذا تمكنت من وضع نقطة بيضاء على هذا القماش، فإن هذه النقطة ستكبر، وسيفعل الآخرون فى مؤسسات أخرى الشيء نفسه.

● حازم شريف: فى عملك بين ما هو مهنى وفني وما هو سياسى ؟

عادل اللبان: السياسة بالنسبة لى على الأقل متوازية مع العمل، هى ليست مرتبطة بالمجال العام بقدر ارتباطها بالعمل نفسه، يعنى مثلا، أنا رجل مُقلّ فى النشاطات الاجتماعية بسبب طبيعة عملى، فعندما أعود إلى المنزل فى الثامنة أو التاسعة مساءً بعد يوم طويل فى المكتب، أكون منهكًا ولا أملك الطاقة لحضور مناسبات اجتماعية تمتد لساعات متأخرة، هذا جعلنى أعتذر عن العديد من المناسبات، لكنه انعكس أيضًا على بعض العلاقات، خصوصًا مع الأشخاص الذين لديهم تطلعات أو مصالح متعارضة معى.

● حازم شريف: كيف كان وضعك إعلاميًا خلال تلك الفترة؟

عادل اللبان: كنت من المقلّين جدًا فى الظهور الإعلامى، ونتج عن ذلك عدم الرؤية بوضوح للعديد مما يحدث حولك، كأنك تركز فقط على ما أمامك، لكنك لا تلاحظ كثيرًا ما يحدث على الجانبين، هذا قد يؤدى أحيانًا إلى انزعاج الآخرين منك دون قصد.

العلاقة مع البنك الأهلى كانت أشبه بعملية تعايش، وهذه برأيى أفضل طريقة لوصفها، العلاقة بدأت عندما كان لـ «الأهلى» حصة كبيرة تصل إلى %100، ثم انخفضت تدريجيًا إلى حوالى %19 .

هذا التعايش قام على أساس عملى، يتمثل فى وجودهم كشريك رئيسى فى البنك، وكانوا مشكورين يدعموننا عندما نحتاج تمويلًا بالجنيه المصرى، ولكن الدعم كان مشابهًا لأى دعم يحصل عليه أى بنك آخر فى البلاد، ولم يكن هناك تفضيل خاص لنا.

فى المقابل، كنا نقدم لهم قصة نجاح فى مجال الخصخصة والعمليات المصرفية والإنجازات، وهى أمور ربما لم تكن الكوادر الداخلية لديهم تمتلك الخبرة الكافية لتحقيقها.

وبالتأكيد لم يكن الوضع سهلًا، فعندما تكون الشريك الأكبر، وتشاهد أن الشركة التى تساهم فيها تحقق إنجازات لا تتمكن كوادر مؤسستك من تحقيقها، فإن هذا قد يؤثر على النفوس البشرية، مهما حاولنا تجنب ذلك، يبقى التأثير النفسى موجودًا.

لكن فى الحقيقة لم يكن هناك تدخل مباشر بيننا وبين البنك الأهلى، ما كانوا يفعلونه كان بعيدًا عنّا، وما كنا نفعله كان بعيدًا عنهم، أسلوب العمل بيننا كان مختلفًا؛ تركيزهم كان على الحكومة، بينما كنا نركز بشكل أساسى على القطاع الخاص.

وفى عام 1998، كان “CIB” يمتلك %15 من عمليات الإقراض للقطاع الخاص فى مصر، إذ كنا أكبر من أى بنك آخر فى هذا المجال، حتى البنك الأهلى نفسه، وتركيزنا كان واضحًا على القطاع الخاص، بينما كان الأهلى يركز على الأفراد والحكومة.

وفى تلك الفترة كان النظام القائم ينص على أن رئيس البنك الأهلى يُعتبر بشكل أو بآخر مسئولًا عن أكبر البنوك التابعة له، بالنسبة لنا، كان هناك ثلاثة أعضاء منتدبين فى البنك، اثنان منهم لم يمارسا السلطة التنفيذية، بينما الثالث كان المسئول الفعلى، وهو من يتحدث معك الآن.

ملحوظة : العضوان التنفيذيان الآخران كانا الأستاذين محمود عبد العزيز ومحمود هلال رحمهما الله .

كانت الأمور تسير بسلاسة بنسبة %95 تقريبًا، ومع ذلك، لم تكن تخلو من بعض الطلبات التى كنت أراها غير منطقية، وكنت أرفضها أو أصعّب تنفيذها إذا لم أجد مبررًا لها.

وفى صيف 1998، تمت إحالة العضو المنتدب الذى كان يعمل معى إلى التقاعد بحكم السن، لكن تم تجديد فترته للعمل فى الـ CIB، وفى الوقت نفسه، كان رئيس البنك الأهلى نفسه وهو رئيس مجلس إدارة الـ «CIB» وعضو منتدب معى على وشك التقاعد بعد فترة قصيرة جدًا.

وكان من العرف الطبيعى حينها أن يتم تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة بنك آخر لفترة سنتين كنوع من التقدير لخدمته، هذا الإجراء لم يكن استثناءً بل كان متعارفًا عليه.

لكن هنا تأتى إشكالية الحوكمة، إذ أن الحوكمة السليمة تقتضى أن يكون رئيس مجلس الإدارة غير تنفيذى، خصوصًا إذا كان هناك عضو منتدب تنفيذى، حتى لا يخلق ازدواجية فى القيادة ويعطل العمل.

فى ذلك الوقت لم تكن اللوائح والقوانين واضحة بما يكفى لتمييز هذا الأمر. والرئيس القادم كان لديه خلفية كرئيس مجلس إدارة تنفيذى فى البنك الأهلى، لذلك كان من الطبيعى أن يتوقع الاستمرار بنفس الصلاحيات فى المؤسسة الجديدة، وهو ما خلق تعارضًا مع وجودى كعضو منتدب تنفيذى.

لذلك تم فى هذه الفترة افتعال مشاكل تهدف إلى تقليص دورى أو إجبارى على الخروج، كان الوضع بمثابة خيارين: إما تقليص دورى بشكل ملحوظ أو دفعى للاستقالة، وهذا لم يكن مقبولًا بالنسبة لى، على الأقل لأننى كنت أحقق إنجازات واضحة فى عملى، ولكن للأسف لم أكن أملك الحنكة السياسية لتوقع هذا السيناريو مسبقًا.

● حازم شريف: هل حدث خيانة داخلية؟

عادل اللبان: نعم تعرضت إلى نوع من الخيانة الداخلية، وهذا من وجهة نظرى يعد أمرا طبيعيا فى بعض الأوساط البيروقراطية، لكنه كان صعبًا جدًا بالنسبة لى، واضطررت للاستقالة احترامًا لنفسى، رغم أن أحدًا لم يجبرنى مباشرة على ذلك.

كنت أعلم أن وجودى كان يسبب إزعاجًا لبعض الأطراف، لكننى كنت أؤدى عملى بإخلاص، وبعد تقديم استقالتى، واجهت تحديًا كبيرًا: ما هو المنصب المناسب لى داخل القطاع المصرفى بعد هذا؟ أى منصب كنت سأشغله كان سيعتبر محاولة لإعادة بناء ما عملت عليه طيلة تسع سنوات.

لكننى مؤمن بأن كل مرحلة فى الحياة تحمل رسالة، رسالتى فى تلك اللحظة كانت واضحة: دورى داخل مصر وداخل “CIB” انتهى، وعليّ أن أبحث عن مسار جديد.

وهذه التجربة هزت استقرارى النفسى والعاطفى، كنت أحب عملى جدًا فى “CIB”، وكنت مستقرًا وسعيدًا بما أفعله، لكن ردود أفعال المحيطين بى بعد استقالتى كانت محبطة.

وكان أكثر ما أزعجنى هو ما حدث بعد تقديم استقالتى، وفى نفس الليلة، اجتمعت قيادات البنك فى نادى البنك الأهلى بمصر الجديدة، وخلال الاجتماع، تم توجيه رسالة واضحة لقيادات “CIB” بأنهم ليسوا أفضل من موظفى بقية البنوك، وأن الأمور ستدار بطريقة مختلفة.

لم أدّعِ يومًا أننا أفضل من البنوك الأخرى، لكننى كنت فخورًا بأننا كنا نحقق النجاح فى التنافس معها، والتحدى الحقيقى دائمًا كان فى تحقيق النتائج على أرض الواقع وليس مجرد الادعاءات للأسف هذا كان جزءًا من الإشكاليات التى ظهرت مع رحيلى.

لذلك فإن العقلية التى أُديرت بها الأمور أكدت لى أن التعامل مع هذه المجموعة كان عديم الجدوى تمامًا، إذ أن الطريقة التى أُخرج بها الأمر كانت فى منتهى البساطة، كان لدينا فى «CIB» حصة تبلغ %40 فى شركة التجارى الدولى للاستثمار «CIIC»، وفجأة، وفى يوم وليلة، تم اتخاذ قرار ببيع نصف أي %20 للبنك الأهلى.

● حازم شريف: هل كان هذا السعر يعكس القيمة الحقيقية للحصة؟

عادل اللبان: بالطبع لا كان لدينا تقييم للشركة يقارب 1.5 مليار جنيه، والسعر الذى تم بيعه كان أقل بكثير من هذا التقييم.

● حازم شريف: ماذا كان موقف الجمعية العمومية والبنك المركزى من هذا القرار؟

عادل اللبان: كان أمرا واقعا لا نقاش فيه، ولم يكن هناك أى مبرر منطقى، البنك لم يكن يعانى من عجز مالى يستدعى بيع حصتنا، ولو كان هناك حاجة للبيع، لكان من الأفضل أن يتم ذلك لصالح مساهمين يضيفون قيمة للشركة، إذ أن بيع الحصة بهذه الطريقة لم يكن له أى بُعد تجارى أو إستراتيجى.

● حازم شريف: تقدمت باستقالتك اعتراضًا على ذلك هل كان هناك ثمة استفادة للبنك الأهلى فيما يتعلق بالحصة؟

عادل اللبان: نعم، من جهتي لم يكن بالإمكان القبول بما حدث، واستفاد البنك الأهلى بالطبع بالحصول على حصة الـ %20 بسعر مخفض كان صفقة رابحة بالنسبة لهم، لكننى لا أعتقد أن الاستفادة الفعلية للبنك الأهلى كانت هى الهدف الأساسى من هذه العملية، بل كانت خطوة جانبية فى سياق أكبر.

كما حاولت استغلال الفترة لبناء بعض المشاريع الداخلية، على سبيل المثال، قمت بإنشاء شركة السمسرة التابعة للبنك، كانت هذه الجهود ضمن فترة عملى الممتدة من أكتوبر حتى موعد خروجى من البنك.

● حازم شريف: بدأت تعمل على تأسيس شركة السمسرة؟

عادل اللبان: بالظبط ولكن فى الحقيقة لقد اتخذت قرار تأسيس شركة السمسرة قبل عملية الاستحواذ من البنك الأهلى على CIIC التى انتقلت من خانة أهم استثمار إلى كونها استثمار مهم، ويجب علينا تعويض خسارة الـ %20 من خلال عمليات أخرى.

وذلك ترتب عليه استياء المساهمين الآخرين، لأنهم كانوا يمتلكون اعتقادا أسهم فى شراكة استراتيجية مع CIB، وبالتالى لا يوجد منافسة.

فى حين أنه لم يكن قرارى تحويل الإستراتيجية إلى مساهمة ، على الرغم من كونها نقطة فرعية، ولكن الأساس فى الأمر هو طريقة المعاملة لشخص صنع 9 سنوات من الإنجازات.

● حازم شريف: الملخص: أى أنه بعد تقديم الاستقالة من الـ CIIC قد تم الحشد ضدك اعتراضًا على اتجاه CIB لتأسيس شركة سمسرة أخرى رأوا أنها تنافس الـ CIIC، ماذا كانت طبيعة علاقتك مع الإدارة التنفيذية فى الـ CIIC؟

عادل اللبان: كانت طبيعة علاقة التعامل جيدة باستثناء شخصين أو ثلاثة فقط، من بينهم واحد مؤثر، ومن وجهة نظرى تمثل قصة استقالتى من أصعب الأحداث التى مررت بها، سواء على المستوى الشخصى أو المهنى، حيث كانت أسوأ ضريبة للنجاح وكذلك أسوأ نهاية.

بينما على الجانب الشخصى، فمن أصعب القرارات التى تعاملت معها، هى تغريب ابنى، إذ اضطر للخروج معى من مصر منذ كان فى الـ 11 من عمره، والآن هو فى عامه الـ 37، أى أنه قضى أكثر من 25 عاما بالخارج، مما أثر بالسلب على تكوين علاقاته الاجتماعية، إلى جانب اختزال مصريته فى أوراق سفر.

وإلى الآن أرفض تمامًا التقليل والمزايدة، على فكرة احتمال وجود خير فيما حدث، إذ أن السفر كان يمثل خيرا لى فى حالة اختياره وليس إجبارى عليه، وحينها أخبرت الأسرة أن هذا القرار والذى تمثل فى السفر بالخارج يعد هو الأحسن لنا جميعًا، على الرغم من توافر العديد من فرص العمل، والتى كان منها “رئاسة مجلس إدارة بنك الإسكندرية” وذلك بترشيح من مكتب رئيس الوزاراء حينها قبل السفر بيومين فقط، واعتذرت عن هذا المنصب لأنه من الصعب العودة مرة أخرى للخطوة السابقة بعد الصعود احترامًا لطاقة تحملى.

1997 نفذنا أول قرض مشترك دولاري فى تاريخ القطاع المصرفي

1998 «التجارى الدولي» كان الأكبر فى مصر من حيث إقراض القطاع الخاص

أصبحنا أكبر بنك قطاع خاص في عام 1993

برنامج «بيع ديون مصر» كان فكرة ذكية افتقر للرقابة مما تسبب فى خسائر

التدفق النقدى للشركات عزز مدرسة الائتمان الحديثة عن نظيرتها التقليدية

60 صندوقا استثماريا شاركت فى أول إصدار GDR مصري

حققنا أرباحا تعادل مجموع أكبر بنكين من القطاع الخاص فى 1993

الاستثمار فى المعلومات مستقبل البنوك

حرب الخليج أدت لتحرير أسعار الفائدة والعمولات وأطلقنا أول إصدار لسندات محلية بالجنيه

تعرضنا مرات عديدة لضغوط للمشاركة فى مشروعات قومية

قرارات التأميم فى عهد «عبدالناصر» أضرت بسمعة البورصة والأسهم

تم دفعي للاستقالة و«الأهلى المصري» استحوذ على %20 من CIIC بأقل من قيمتها