يرى عدد من ممثلى القطاع السياحي، أن الذكاء الاصطناعى سيكون له دور كبير فى تشكيل مستقبل صناعة السياحة، لافتين إلى أنه يُمكن الاستعانة به لتحسين تجارب السفر، وعند تنفيذ الحملات الترويجية للمقاصد المصرية المختلفة، وغيرها من الإمكانيات التى يمكن تسخيرها لتحقيق تغيير إيجابى فى هذا القطاع.
وصرح شريف فتحى وزير السياحة والآثار، بأن الذكاء الاصطناعى وتقنياته المختلفة له العديد من التأثيرات الإيجابية على هذه الصناعة ومن بينها مساهمته فى تعزيز تدابير وإجراءات الأمن والسلامة، وتوفير سهولة فى الوصول إلى المعلومات المختلفة، مما يجعل هناك فرصة أكبر للترويج للمنتجات السياحية بشكل أكثر فعالية.
وأشار الوزير إلى بعض التحديات الرئيسية التى تواجه استخدام الذكاء الاصطناعى وعلى رأسها ضرورة صياغة إطار قانونى لتطبيقات وممارسات الذكاء الاصطناعى بما يضمن الامتثال للقوانين واللوائح على المستويين المحلى والدولي، وضمان الخصوصية وحماية البيانات، واحترام القيم والاختلافات الثقافية.
وأوضح أن تحديد الإطار القانونى أمر يمكن تنفيذه إلا أنه يواجه العديد من الصعوبات من بينها ضرورة أن يكون ديناميكيًا نظرا لاستمرار ومواصلة الآلة فى التطور، متابعا: وهو أمر صعب للغاية إذ أنه قد يتسبب فى العديد من المشكلات التى تؤثر على تجربة السائحين.
وأشار إلى أن هناك تحديا آخر تواجهه السلطات التنظيمية وهو أنها تحتاج إلى خبرة فنية ومراقبة دورية متزامنة مع تطور الذكاء الاصطناعى لتكون قادرة على تعديل وتطوير هذه اللوائح أولاً بأول، فضلا عن وجود كود مرجعى وإطار تنظيمي، بما يضمن عدم خروج التعلم والتطور الآلى عن السيطرة، بجانب تطوير المحفزات اللازمة للتحذير عندما يتم تجاوز هذه القواعد أو اللوائح التى تم وضعها.
وقال الدكتور حسام درويش الخبير الدولى للسياحة الإلكترونية ورئيس الاتحاد الأفريقى الآسيوى للتنمية السياحية والتكنولوجيا، إن الذكاء الاصطناعى أصبح قوة محركة فى شتى المجالات ومن بينها مجال السياحة وذلك فى العصر الحديث.
وأضاف «درويش» لـ«المال» أن قطاع السياحة يعتمد بشكل كبير على التعامل المباشر مع العملاء مما يجعل الذكاء الاصطناعى أداة ذات قيمة كبيرة لتحسين تجربة السائح، وزيادة الكفاءة التشغيلية وفتح آفاق جديدة للنمو بالقطاع.
وأشار إلى أن هناك عدة فوائد يقدمها الذكاء الاصطناعى لقطاع السياحة ومن بينها تحسين تجربة العملاء بشكل ملحوظ، من خلال فهمه لاحتياجات السائحين وتقديم خدمات مخصصة تلبى تفضيلاتهم الشخصية.
وتابع أنه على سبيل المثال تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعى تحليل بيانات البحث السابقة واهتمامات العملاء لاقتراح وجهات سياحية وأنشطة تلائم اهتماماتهم، مما يجعل الرحلة أكثر راحة ورضاء.
وأشار إلى أن الفنادق أصبح بإمكانها استخدام المساعدات الذكية مثل «روبوتات الاستقبال» للتفاعل مع السائحين وتقديم المعلومات والإرشادات باللغة التى يفضلونها، كما أن هذه الروبوتات تسهم فى تحسين مستوى الخدمة وتوفير تجربة متطورة تتناسب مع توقعات الزوار.
ولفت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعى تساعد أيضًا على تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية للشركات السياحية والفنادق والمطارات.
ونوه بأن أنظمة التحليل والتنبؤ بالذكاء الاصطناعى تساعد فى إدارة الطلب وتحسين تسعير التذاكر والغرف الفندقية وفقًا لتغيرات السوق والطلب الموسمي.
وأكد «درويش» أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يساهم فى تبسيط إجراءات الحجز وتسجيل الوصول والخروج، مما يوفر على السائحين وقتًا وجهدًا، بالإضافة إلى جعل العمليات أكثر سلاسة.
وتابع أن الذكاء الاصطناعى يُمكن شركات السياحة من تحسين إستراتيجياتها التسويقية عبر تحليل سلوك المستهلك وتقديم عروض خاصة تلائم تفضيلاتهم، كما يساعد على إنشاء محتوى مخصص وجذاب للتسويق الرقمي، إذ يمكنه التعرف على الصور والفيديوهات التى تحظى بإقبال كبير من المستهلكين، وبالتالى اقتراح المحتوى الذى يلقى صدى إيجابيًا لديهم.
وأشار إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعى تساهم أيضًا فى إدارة الحملات التسويقية عبر منصات التواصل الاجتماعى وتحليل نتائجها بدقة، مما يسمح للشركات بإجراء تعديلات فورية واستهداف الفئات المناسبة من العملاء.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعى يمكنه مساعدة المسئولين فى قطاع السياحة على اتخاذ قرارات أفضل وأكثر استنادا إلى البيانات، موضحا أنه على سبيل المثال يمكن لتحليل البيانات التى يجمعها توفير نظرة شاملة حول توجهات الصناعة وأماكن الطلب المرتفع، مما يساعد فى وضع خطط تطويرية تتماشى مع تطلعات السوق.
ولمعرفة مدى أهمية تلك التقنيات قال إنه خلال جائحة كورونا أثبت الذكاء الاصطناعى فعاليته فى تحليل البيانات الصحية وتقديم توصيات حول السفر الآمن مما ساهم فى حماية السياح وطمأنتهم، كما أنه يستطيع رصد وتوقع الأزمات المحتملة وإدارتها بشكل سريع وفعال.
وأكد أن الذكاء الاصطناعى يُمكن أن يساعد فى تطوير مفهوم «المدينة الذكية» الذى يعزز السياحة المستدامة من خلال توفير بنية تحتية تقنية تساهم فى تحسين جودة الحياة للسكان والزوار على حد سواء، يشمل ذلك تطوير أنظمة ذكية للتنقل وتحسين إدارة الموارد وتقليل النفايات، مما يجعل الوجهات السياحية أكثر جذبًا واستدامة.
ولفت إلى أن تجارب الواقع الافتراضي(VR)والواقع المعزز(AR)المدعومة بالذكاء الاصطناعى تستطيع أن توفر تجربة مدهشة للسائحين، إذ تمكنهم من استكشاف المواقع السياحية افتراضيًا قبل زيارتها، أو الحصول على معلومات تفاعلية فى المواقع السياحية نفسها.
وشدد «درويش» على أن الذكاء الاصطناعى أصبح أحد العوامل الأساسية التى تساهم فى تطوير صناعة السياحة وتقديم تجارب استثنائية للسائحين، مع الحفاظ على الكفاءة التشغيلية وتوفير الوقت والتكاليف.
وتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعى فى إحداث تغييرات جذرية فى كيفية إدارة هذا القطاع وابتكار طرق جديدة للتفاعل مع الزوار وتحقيق مستويات أعلى من الرضا.
فى السياق ذاته، قال سامح سعد مستشار وزير السياحة للتسويق والترويج سابقًا، إن الذكاء الاصطناعى إحدى الطرق الهامة التى يُمكن الاستعانة بها عند الترويج السياحي.
وأضاف «سعد» أن الذكاء الاصطناعى يستطيع فهم احتياجات السائحين وبالتالى يصنع المواد الدعائية التى تلائم تلك الاحتياجات ويعرضها أمامهم، كما أنه يساعد فى تحسين تجارب السفر.
ولفت إلى أن جمعية الحفاظ على السياحة الثقافية تُعد حاليًا لتنظيم مؤتمر عن كيفية التحول الإلكترونى فى القطاع السياحى والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى للفنادق والشركات، فضلا عن الدفع الإلكترونى والذى تشجعه الحكومة.
وأشار «سعد» إلى أنه جار التواصل مع مختلف الشركات العالمية والمحلية التى تعمل فى هذا المجال للمشاركة فى المؤتمر المهم.
وشدد على أهمية تواجد العنصر البشرى فى تشغيل تلك التقنيات ولتوجيهها بصفة دورية، مرجعا ذلك إلى أنه يعرف المزايا التى يتمتع بها المقصد المطلوب الترويج له.
من جانبه، أكد معتز صدقى مدير عام شركة «ترافكو هوليدايز»، على أهمية الذكاء الاصطناعى فى صناعة السياحة، مشيرا إلى أن هناك تجارب دولية عديدة فى هذا الشأن وحققت نجاحا كبيرا ومن بينها السعودية.
وكانت وزارة السياحة والآثار، أطلقت منذ عدة أيام، مشروع”Project Revival”لإحياء التاريخ المصرى القديم بتجربة تفاعلية عبر تقنية الواقع المعزز على تطبيق إنستجرام، والذى يتم تنفيذه بالتعاون مع شركة «ميتا» العالمية فى كل من المتحف المصرى بالتحرير والمتحف القومى للحضارة المصرية.
ويأتى هذا المشروع فى إطار إستراتيجية وزارة السياحة والآثار للتحول الرقمى والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى مجال السياحة والآثار وتحسين التجربة السياحية بالمتاحف والمواقع الأثرية على مستوى الجمهورية.
واستعانت وزارة السياحة والآثار بالذكاء الاصطناعى فى تنفيذ إحدى الحملات الترويجية والتى أثمرت عن نتائج إيجابية فى ظل قدرته على التركيز على الفئة المستهدفة وإلقاء الضوء على نقاط القوة بالمقصد السياحى المصرى والانتقال من فكرة لفكرة، كما تستهدف تنفيذ مواد ترويجية خلال الفترة المقبلة مبنية على الذكاء الاصطناعي.
وقال فارس العقاد المدير الإقليمى لأفريقيا والشرق الأوسط بشركة «ميتا»، إنها تعمل على تطويع التكنولوجيا الحديثة وحلولها المبتكرة للمساعدة فى الحفاظ على التراث والترويج له وإطلاع الشباب على ما يمثله من قيمة لا تنتهى على مدار الزمن.
ولفت إلى أن هذا المشروع يعد الأول من نوعه عالميا، والتى ستعزز تجربة السائحين فى زيارتهم لمتحفى الحضارة المصرية والمصرى بالتحرير، مؤكدا أن هذا المشروع سيكون مصدر إلهام فريد من نوعه، كما أنه يمثل فرصة للتفكير فى نطاق الإمكانيات الواسعة التى يفتحها الترويج السياحى الرقمى المبتكر.

