وضعت وزارة النقل خطة شاملة للتحول الرقمى الكامل وميكنة الموانئ بالتعاون مع العديد من الوزارات والهيئات، للتحول إلى مركز إقليمى فى تداول كل البضائع بمنطقتى البحرين الأبيض والأحمر، مستغلة ما صرفته من استثمارات على قطاع الموانئ خلال العشرة سنوات الماضية بقيمة 225 مليار جنيه.
تشمل الخطة تفعيل العديد من التطبيقات الإلكترونية، وأساليب الذكاء الاصطناعي، لتسهيل العمل مثل حجز الشاحنات من خلال الموقع الإلكترونى للميناء، وتفعيل الفاتورة الموحدة للسفن، والتحصيل الإلكتروني، والربط الآلى لجميع جهات الميناء فى منظومة واحدة متكاملة، إضافة إلى توفير خدمات الدعم الفنى للتوكيلات الملاحية.
أجرت «المال»، استطلاعًا مع قيادات شركات النقل البحرى العاملة فى الموانئ البحرية، لتقييم فكرة التحول إلى المحطات الذكية، والتى يقوم عملها على التكنولوجيا بالدرجة الأولى.
بداية، قال محمد خطاب، مدير العلاقات الحكومية، فى شركة قناة السويس للحاويات المشغل لمحطة حاويات ميناء شرق بورسعيد، إن محطات الحاويات الجديدة التى تم تشييدها خلال الفترة من 2014 حتى العام الحالي،لديها فرصة جيدة للعمل بشكل إلكترونى كامل، لوجود بنية تحتية قوية كما أن الشركات الأجنبية القائمة على تشغيلها تسعى لتحقيق أعلى معدلاتتداول فى أقل فترة زمنية أقل، وذلك تم فى حطة حاويات تحيا مصر بالإسكندرية الذى يديرها الخط الملاحى الفرنسى سى إم، ويتوقع تنفيذ الأمر ذاته فى محطة تحيا مصر 1 بميناء دمياط التى يديرها خط تحالف “يوروجيت، كونتشيب إيتاليا، وهاباج لويد”.
انتهجت وزارة النقل خلال السنوات الماضية، فى عدة مشروعات بموانئ “دمياط، والسخنة، والإسكندرية” أسلوب تمويل وإنشاء المحطات الجديدة فى كل الموانئ على نفقتها، وتسليمها فيما بعد تحالفات تضم شركات عالمية، معها كيانات محلية متخصصة فى نفس القطاع، لتولى عملية الإدارة والتشغيل لمدة تصل لـ30عامًا، لضمان تحقيق المستهدف فى زيادة حجم تداول البضائع، وتحويل الموانئ البحرية بالسوق المحلية ومراكز لوجستية دولية.
وأضاف “خطاب” أن “قناة السويس للحاويات” تطمح فى توظيف كل مناحى التكنولوجيا فى محطة الحاويات الثانية التى تتولى الشركة تنفيذها فى الوقت الحالى بميناء شرق بورسعيد، لافتًا إلى أنهجارٍ استلام 30 ونشًا للرصيف الجديد سيتم تشغيلها على مراحل عبر كبائن الكترونية، معتمدة على عدد محدد من العمالة المدربة على أعلى مستوى.
من جانبه، قالاللواء عبد القادر جاب الله، الرئيس الأسبق لشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائعوالرئيس الحالى لغرفة ملاحة البحر الأحمر،إن إستخدام معدات وأوناش التداول التكنولوجية بالموانئ تحتاج بنية أساسية جيدة بتجهيزات خاصة تتكلف استثمارات مرتفعة، لافتًا إلى أنالتوسع فى المحطات الذكية واستخدام معدات تداول متطورة إلكترونية يتناسب مع المحطات الحاويات التى يتم إنشاؤها مؤخرًا.
وأوضح أن أحد عيوب التوسع فى استخدام التكنولوجيا المتطورة، هو خفض عدد العمالة فقط، فضلًا أن الأنظمة الإلكترونية تساعد على تسريع أعمال تفريغ السفن، والتنبؤ بالمخاطر.
وأشار إلى أن الفرصة أصبحت متاحة أمام كل الموانئ المحلية،للاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعى بشكل كامل فى المحطات الجديدة، كونها منشأة وفقًا للمعايير العالمية سواء فى أحجام الأرصفة والغاطس المائي، والساحات الخليفة، وأنظمة التشغيل التى تركبها عند بداية التشغيل.
وأكد جاب الله أنعلى التنوع فى محطات الموانئبين القديم والجديد يحقق المعادلة الصعبة، ويحافظ على الجانب الاجتماعى الخاص بتوفير فرص عمل، ويحقق للدولة إنتاجية عالية ومؤشرات أداء تحسن من تصنيف الموانئفى تقارير المؤسسات الدولية.
وفى سياق متصل، قال الدكتور عصام البكل مدير مجمع خدمة الصناعة الأسبق بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، إن الموانئ العالميةتتجه إلى استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى فى عمليات التشغيل، وأصبح الاعتماد عليهالدرجة قد تشارك فى وضع منظومة العمل داخل الميناء نفسه بعد تغذيتها بالبيانات والمعلومات الأساسية.
وتابع: “هذه الآلية أصبحت تطبق بموانئ أوروبا وشرق آسيا، لافتًا إلى أن مصر مازالت تتحفظ على استخدام تلك التطبيقات بشكل كامل فى إدارة موانيها بسبب حرصها على سرية البيانات”، مما يفسر تراجع أسباب التراجع لدى التصنيفات الدوليةالتى تضع آليات ومعدات التشغيل الذكية عناصر رئيسية فى تقييم الموانئ.
ولفت إلى أن استخدام التكنولوجيا بشكل كامل فى تشغيل المعدات وعمليات التداول ومنظومة الخدمات واللوجستيات سيصبح أمرًا حتميًا خلال السنوات المقبلة، وسيكون التطور بشكل سريع جدًا.
وكشف مصدر مسؤولبوزارة النقل أن السوق المحلية تحتاج إلى أنشطة كثيفة العمالة لاستيعاب الخريجين وتوفيرفرص عمل، وهيئات الموانئلجأت مؤخرًا لميكنة المحطات المهمة سواء من خلال منظومة التشغيل، أو الأمان وسرية البيانات، مروًا بمنظومة الإفراج الجمركى والتخزين التى تساعد على اتخاذ القرار بسهولة، ولكن دون المساس بنوعيات الوظائف.
وأوضح المصدر -الذى طلب عدم الكشف عن هويته- تطبيق منظومة الميناء الذكى الذى يدار إلكترونيًا ويستبعد وجود عناصر بشرية لابد وأن يتناسب مع ظروف كل دولة، والسوق المحليةتضع فى صدارة أولوياتها فرص التوظيف وخفض معدلات البطالة، موضحًا أنه عادة يتم وضع شرط مع المشغلين العالميين لمشروعات النقل البحري، الاعتماد على 95% من العمالة المصرية.
وأوضح المصدر، أن تطبيق فكرالموانئ الذكية لا يقتصر فقط على استخدام الإدارة الإلكترونية والمعدات ذاتية الحركة، بينما تشمل وجود عناصر أخرى مهمة أبرزها توافر منظومة دقيقة لحساب معدلات دخول وخروج شاحنات البضائع داخل الميناء، ومراقبة الساحات وأماكن البضائعوالحاويات ومنع تكدس الساحات والبوابات.
ولفت إلى أن موانئ الإسكندرية ودمياط، تمتلك بنية أساسية قادرة على التحول للموانئ الذكية واستخدام المنظومة الإلكترونية لتشغيل المعدات، مشيرًا إلى أنه يتم حاليًا تنفيذ منظومة رقمية تتضمن ربط كل البيانات الخاصة بالموانئ بكل الجهات المشاركة فى عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بأنشطة النقل البحرى ككل.
وفى سياق متصل، كشف الدكتور علاء مرسي، عميد معهد تدريب الموانئ، عن تنفيذ العديد من البرامج الدولية المشتركة فى مصر بمشاركة خبراء دوليين من معاهد وجامعات رائدة فى مجال التحول الرقمى فى الموانئ من إسبانيا وفرنسا والصين، مثل برنامج الذكاء الاصطناعى فى الموانئ، وبرنامج النافذة الواحدة والتحكيم الدولى الإلكترونى وبرنامج الموانئ الذكية الخضراء.
كما يقوم المعهد باستخدام أحدث البرامج والتطبيقاتالرقمية فى عملية التدريب، مثل برنامج تخطيط تشغيل الموانئ إلكترونيا، وكذلك مجمع محاكيات معدات الموانئ.
وأضاف “مرسي” أن المعهد يهتم أيضًا ببرامج تدريب شباب الخريجين من الجنسين لتدريب جيل جديد من العاملين فى مجال تكنولوجيا المعلومات، إذ تم ذلك من خلال مشروعات بحثية بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبى للتدريب على أحدث تقنيات تكنولوجيا اللوجستيات بالموانئ.
وأشار مرسي، إلى أن ميناء الإسكندرية قام بتفعيل أول منظومة مصرية GIS) /AIS) تتبع حركة السفن والحوادث البحرية وإدارة الوحدات البحرية على خرائط تفاعلية، فضلًا عن أنها قامت بتفعيل حجز الشاحنات Online، مرورًابمنظومة الإفراجات الجمركية.
أشارعميد تدريب الموانئ إلى شركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع، تعمل على تشغيل وتفعيل منظومة التعرف الآلى على الشاحنات والمعدات، والتكامل مع منظومة مجتمع الميناء من خلال نافذة واحدة،بجانب تفعيل منظومة دورة عمل الصرف والإضافة لأصناف مواقع التخزين، وكذلك التكامل مع الوزارات والجهات الحكومية من خلال المحول الرقمى الحكومى G2G بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقال الدكتور محمد الأباصيري، رئيس قطاع الدراسات الاقتصادية بمركز البحوث والاستشارات التابع لوزارة النقل، إن الموانئ العربية والأوروبية بدأت تتجه لاستخدام معدات المناولة الإلكترونية والرقمية ومنها شبكات الجيل الخامس “5G”،وهو نوع من أنواع أسلوب الإدارة الذى تنتهجهالموانئ الذكية.
ولفت الأباصيرى إلى أن أكثر التطبيقات استخدامًافى تقنيات الموانئ الذكية هى التحكم عن بعد فى رافعات السفنإلى الشاطئ إذ يمكن تحميل وتفريغ الحاويات من السفينة للرصيف بدقة، وكذلك التحكم الآلى الرافعات الجسريةالخاصة بتجميع الحاويات عند المحطات والمركبات، باستخدام أجهزة الاستشعار عن بعد، وكذلك أعمال مراقبة الميناء إذ يمكن استخدامهافى كشف الأعطال قبل وقوعها، وتقليل فترات التوقف غير المخطط لها، وتعزيز إنتاجية أصول المحطات.
◗ «قناة السويس للحاويات» تبدأ توظيف التكنولوجيا بمحطتها الثانية فى شرق بورسعيد
◗ مسئول بوزارة النقل: التحول للمحطات الذكية لا يعنى الاستغناء عن العمالة.. ووضع منظومة كاملة لتسريع الإفراج الجمركى عن البضائع
