أكد خبراء أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تلعب دورًا أساسيًا فى الاقتصاد، إلا أنها أيضًا معرضة للخطر، وأقل قدرة على الصمود فى مواجهة أزمة عالمية، مثل جائحة كورونا (كوفيد19-).
وأشاروا إلى أن التأمين على الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة يعد شبكة أمان حيوية تحمى هذه الكيانات من المخاطر المتعددة التى قد تواجهها، مثل الحرائق والسرقة والأضرار التى تلحق بالممتلكات والمسئولية المدنية، وتوقف الأعمال والكوارث الطبيعية.
وبيّنوا أن التأمين يمثل حماية من الكوارث أو الحوادث غير المتوقعة التى تؤدى إلى خسائر مالية كبيرة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والتى قد تؤدى إلى إغلاقها، إذ تساعد التغطيات فى تلافى الشركات لتلك الخسائر وتحفظها من التعرض للإفلاس.
وأوضحوا أن هناك العديد من الطرق لاجتذاب عملاء التأمين متناهى الصغر والصغير والمتوسط، عبر الدعاية غير الرسمية والمبتكرة وتسهيل شروط الوثائق والتغطيات والشرح الوافى لبنودها، مع أهمية مد حبال التواصل المشترك مع الجمهور ولحاقه بكل جديد فى القطاع، وهذا ما يجعل التأمين أمرًا لا مفر منه لدى تلك الشرائح عند معرفة مميزاته.
مراعاة التغيرات
الهيكلية للقطاع
وبيّن محمد مكارم، مدير عام الإدارة العامة للتأمين متناهى الصغر بالجمعية المصرية للتأمين التعاونى، أن التنبؤ بمرونة الشركات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم قد يعد صعبًا، لا سيما مع الأوضاع الاقتصادية الحالية، بينما يجب على شركات التأمين معرفة المخاطر التى يمكنها تغطيتها فى هذه السوق، وكيفية الاستفادة على أفضل وجه من فرص الأعمال الخاصة بها.
وبيّن مكارم أن الشركات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم تمثل الغالبية العظمى من كيانات الأعمال الاقتصادية فى جميع أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال، توظّف %98 من الشركات البالغ عددها 5.6 مليون شركة فى الولايات المتحدة أقل من 100 شخص، وبالمثل، تشكّل الشركات التى توظف أقل من 250 شخصًا جزءًا مهمًا للغاية من اقتصاد الاتحاد الأوروبى، إذ تمثل حوالى %99 من جميع الشركات، ولا يختلف الأمر كثيرًا فى الدول النامية ذات الأسواق الناشئة، لا سيما فى اقتصادات الشرق الأوسط، ومنها مصر.
وأشار إلى أن هذه الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إنما تتأثر بالأزمات المالية -من خلال العرض والطلب- أكثر من الشركات الأكبر حجما، كما أنها أكثر عرضة لصدمات جانب الطلب، ولا يمكنها تحمل الأزمات إلا لفترة محدودة.
وأوضح أن وباء كورونا (كوفيد-19) كان ذا تأثير أعلى من المتوسط على قطاعات الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل خاص، بما فى ذلك قطاعات النقل والإنتاج والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والنقل الجوى والفنادق والمطاعم والعقارات والخدمات ذات الاتصال الشخصى الوثيق (مثل مصففى الشعر)، وفقًا لتحليل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD).
ومن ثم، أكد أهمية انتباه شركات التأمين التى تريد تغطية الكيانات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم، أن تراقب حساسية الأسعار المتزايدة، والرغبة فى المزيد من المرونة، مع مراعاة التغيرات الهيكلية للقطاع فى سياق الرقمنة.
وذكر أن على شركات التأمين أن تميز بين المخاطر التجارية الكبيرة للشركات الضخمة وبين الكيانات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى، إذ لا بد أن تقلل من عدد أسئلة تقييم المخاطر، وأن تُبقى متطلبات الوقاية من المخاطر قابلة للإدارة، وأن تبسّط شروط وأحكام التأمين.
وأفاد بأن نسب الخسارة لدى الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تختلف بشكل كبير حسب نوع وحجم العمل، بينما يتمثل مفتاحان للنجاح فى تقديم المنتجات القائمة على الاحتياجات للمجموعات المستهدفة من هذه النوعيات من التغطيات، إذ لا بد من التركيز على العملاء الأكثر جاذبية أولًا، ومراقبة المحفظة من كثب ثانيًا.
التركيز على العملاء
وأوضح شريف محيى، المدير الإقليمى لفرع دمنهور بشركة مصر للتأمين التكافلى، أن شركات التأمين يمكنها تقليل الإنفاق على الاستشارات والمبيعات والإدارة اللاحقة ومعالجة المطالبات، من خلال تحديد احتياجات التأمين للشركات، وتوفير التغطيات المناسبة التى تتناسب مع قدرة العميل واستعداده للدفع، كحزمة موحدة من المنتجات للاختيار من بينها.
وأضاف أن الاستثمارات فى تكنولوجيا المعلومات إنما تؤتى ثمارها بسرعة أكبر فى التأمين فى التغطيات الشخصية، لكن فجوة الرقمنة فى القطاع التجارى تمنح مقدمى خدمات التأمين الرقمية الجدد ميزة تنافسية كبيرة بسبب التكاليف الإدارية المرتفعة باستمرار فى الشركات.
وذكر أن خفض التكاليف من خلال الاكتتاب الآلى والعمليات المبسطة وبوابات الخدمة الذاتية هو النهج الصحيح للتعامل مع حساسية الأسعار المتزايدة لأصحاب الأعمال متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الدرجة الأعلى من الرقمنة تمكّن من طرح المنتجات فى السوق بشكل أسرع، فضلًا عن إجراء تغييرات على المنتجات والأسعار فى غضون مهلة قصيرة.
وأشار إلى أن، فى المبيعات المباشرة عبر الإنترنت، لا يتم بيع سوى عدد محدود من وثائق التأمين للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، فغالبًا ما تكون المنتجات والعمليات معقدة، وبالتالى غير مناسبة للمبيعات الرقمية، علاوة على ذلك، يميل أصحاب الأعمال إلى البحث عن عروض التأمين والأسعار عبر الإنترنت، ثم طلب المشورة الشخصية قبل شراء التأمين، ونظرا لأن العديد من الوكلاء لا يعرفون احتياجات التأمين ونطاق التغطيات المحتملة بالتفصيل، فمن المهم جعل العروض والتطبيقات واضحة وغنية بالمعلومات قدر الإمكان، من خلال تقديم أمثلة ملموسة للمطالبات الخاصة بوثائق مختلفة، على سبيل المثال.
وأكد أن على شركات التأمين -بالتعاون مع عملائها فى القطاع- تطوير حلول تأمينية مصممة خصيصًا للشركات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم، فبهذه الطريقة سيتم تعزيز المستوى المنخفض للتحول الرقمى فى هذا القطاع، الأمر الذى سيعود بالنفع على شركات التأمين والشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم على حد سواء.
واقترح أن تعمل الشركات فى القطاع على تقديم الفرص لعملاء التأمين متناهى الصغر والصغير والمتوسط، لدمج متطلباتهم مباشرة فى عمليات تطوير المنتجات التأمينية وفق اختياراتهم، اعتمادًا على احتياجاتهم الفردية، حتى يمكنهم الاختيار من بين خدمات استشارية محددة مسبقًا ومكونات تكنولوجيا المعلومات، وهذا يعنى أن العملاء إنما يمكنهم طرح حل تأمينى جديد فى السوق بشكل مشترك.
العثور على منتجات جديدة
وذكر أحمد حسني، مراقب تسويق بشركة مصر لتأمينات الحياة، أن دراسة السوق بناء على البيانات الخاصة بشركات القطاع والبيانات الخارجية الخاصة بجهات أخرى، إنما تحدد الفئات المستهدفة الأكثر جاذبية وتحلل احتياجاتهم التأمينية، والتى يمكن على ضوئها تحليل الجدوى من طرح الخدمات التأمينية للعملاء من الفئات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وشرح الخيارات المختلفة المتاحة للعملاء للانتقاء من بينها.
وأوضح حسنى أن المنتجات لتأمينية لا بد أن تتضمن إنشاء التغطيات والحزم التى تناسب احتياجات العملاء من الفئات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، عبر بناء نموذج للعمل بشكل مشترك على إنشاء تغطيات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات التأمين للمجموعات المستهدفة المحددة، مع إعداد الأسعار المناسبة وتشكيل لجان مشتركة لمراقبة الأسعار والمنتجات.
وأضاف أن على شركات التأمين تقديم الدعم لعملاء التأمين متناهى الصغر والصغير والمتوسط، فى صياغة شروط التأمين وإرشادات الاكتتاب، فضلًا عن ضرورة تقديم حلول تكنولوجيا المعلومات لإطلاق بوالص سريعة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ويمكن ذلك من خلال منصات المعاملات الرقمية التى تعتمد على التخزين السحابى، وتركز على الاكتتاب الآلى المصمم للتكامل فى مشهد الرقمنة الحالى.
واقترح -على سبيل المثال- نظامًا تكنولوجيًا متكاملًا قائمًا على الحوسبة السحابية، لإنشاء عروض تأمينية رقمية، يتضمن إدارة المخزون ومعالجة المطالبات مع ميزات الفوترة والتقارير، إضافة إلى تضمينه بوابة خدمة ذاتية للعملاء النهائيين، وإتاحة تشغيل قنوات مبيعات مختلفة، بما فى ذلك المبيعات المباشرة عبر الأجهزة المحمولة.
وتابع أن شركات القطاع يمكنها تعظيم المبيعات المباشرة لتأمينات الشركات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم عبر الأجهزة المحمولة، من خلال التطبيقات المختلفة عبر الإعلان من خلالها، ومن ثم يستطيع العملاء الاستفادة من فرص التحول الرقمى بطريقة فعالة من خلال التكلفة.
وشدد على أهمية أن تكون منتجات التأمين متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة سهلة الفهم والاستخدام، وأن تكون عمليات رشيقة ذات تأمين آلى بالكامل، مع التركيز على العملاء من خلال تقديم حزم التأمين المناسبة لكل فئة مستهدفة على حدة.
وأكد أهمية ضرب الأمثلة على المطالبات، لتوضيح الحاجة التأمينية لعملاء التأمين متناهى الصغر والصغير والمتوسط، مع إمكانية إجراء التنفيذ السريع والسهل للتغييرات على المنتجات التأمينية وأسعار التغطيات، والاستفادة من الحلول المبتكرة المصممة لتلك الفئات من الشركات، وهو ما يعود بالنفع على العملاء والقطاع.
ورجّح أن تتغير الطرق التى تحصل بها الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على خدمات التأمين فى المستقبل القريب، وبناء على ذلك، يتعين على شركات التأمين التكيف مع المتطلبات الجديدة لعملائها وتوقعاتهم المتغيرة، وهنا على القطاع أن يتدخل بكفاءته وخبرته لتقديم حلول مخصصة للعملاء.
