إنشاء شركات تأمين «متناهي صغر» مستقلة حجر أساس لنمو القطاع

Ad

يعد التأمين متناهى الصغر ذا أهمية قصوى، نظرًا لطبيعة ونطاق وأنواع المخاطر التى يواجهها قطاع كبير من المجتمع الذى يحتاج إلى دعم إضافى لدعم أعماله، وتحسين مستويات معيشته.

وسط التركيز الأخير على تأمين المشروعات متناهية الصغر، وافق مجلس النواب المصرى على قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024، ويسمح هذا القانون بإنشاء شركات تأمين متناهى الصغر وتتولى هيئة الرقابة المالية ترخيص الشركات التى يكون الغرض الوحيد منها ممارسة نشاط التأمين متناهى الصغر، ويجوز لهذه الشركات الجمع بين فروع التأمين على الممتلكات والتأمين على الحياة، ويخضع إنشاؤها وتسجيلها وترخيصها لممارسة النشاط للشروط والقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون وأى قرارات تصدرها الهيئة لتنفيذه، ويحدد مجلس إدارة الهيئة الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لهذه الشركات بما لا يقل عن 30 مليون جنيه مصرى أو ما يعادلها من العملات القابلة للتحويل الحر التى يقبلها البنك المركزى، كما يجوز للهيئة تفويض شركات التأمين بممارسة نشاط التأمين متناهى الصغر، وفقًا لفروع التأمين التى هى مرخصة لممارستها.

تواصلت «المال» مع عدد من خبراء التأمين الذين أوضحوا أن إنشاء شركات تأمين متناهى الصغر مستقلة حجر أساس لنمو صناعة التأمين، ويعود ذلك إلى مزايا مثل احتفاظ الشركات بالقسط الكامل المحصل، وتساهم فى رفع الوعى التأمينى بين شرائح جديدة من العملاء، بالإضافة إلى ذلك، تعد المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أهم المؤسسات الاقتصادية التى قادت اقتصادات العديد من البلدان، لا سيما فى شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.

وأوضحوا أن الحكومة مهتمة بالمشروعات متناهية الصغر من خلال توجيه الجهات المانحة والبنوك لتخصيص حصة أكبر من أموالها لتمويل هذه المشروعات، مما يخلق فرص عمل للشباب، ويقلل من معدلات البطالة، لذلك، فإن تأمين هذه المشروعات يعد دعمًا لاستمرار هذه الأنشطة وضرورة أخلاقية واقتصادية عاجلة، بالإضافة إلى الدور الحيوى للتغطية فى دعم هذه الأنشطة فى حالة المخاطر.

نقطة الانطلاق

وأوضحت باسمة مندور، نائب رئيس قطاع القناة بشركة ثروة للتأمين، أن الهيئة العامة للرقابية المالية لديها رؤية جريئة فى استراتيجيتها لتعزيز نمو الأنشطة المالية غير المصرفية، بما فى ذلك قطاع التأمين، الذى اكتسب أهمية خاصة فى حماية الأصول والمدخرات، ولذلك، تسعى إلى تعزيز البيئة التجارية التى تحقق النمو لهذا القطاع من خلال إنشاء، وتطوير آليات تدعم شركات التأمين، وتحقق الشمول التأمينى.

وتابعت قائلة إن الهيئة، اعترافًا منها بقيمة التأمين متناهى الصغر، سبق أن سمحت بإصدار الوثائق إلكترونيًا واستخدام الحلول التكنولوجية لتوزيعها، بهدف تسهيل الوصول إلى عدد أكبر من العملاء، وتيسير ذلك كأحد أهم أسباب نجاح هذا النوع من التأمين، للمساهمة بشكل أكبر فى المنتج الوطنى، وعلى مستوى منتجات التأمين المتناهى الصغر.

وأضافت أن تعديل قانون التأمين رقم 10 لسنة 1981 هو نقطة انطلاق جديدة لإطلاق شركات التأمين متناهى الصغر، التى تجمع بين أنشطة التأمين على الحياة والممتلكات لتوفير آلية للعدد الكبير من هذه الشرائح المتناهية الصغر، بهدف تحقيق حجم أقساط كبير يساعدها على الوفاء بالتزاماتها من جهة، ويزيد من قدرتها على مواجهة المخاطر المؤمن عليها من جهة أخرى.

وأشارت إلى أن القانون منح شركات التأمين متناهى الصغر العديد من الحوافز، بدءًا من تحديد رأس مال متواضع، وتقليل رسوم الرقابة والمتابعة، ومحاولة إعفائها أو تخفيض الضرائب عليها، بالإضافة إلى التعديلات المتعلقة بجميع أنشطة التأمين.

وذكرت أن إنشاء شركات التأمين المتناهى الصغر يجب أن يدعم الأسباب الاستراتيجية التى يتم الاعتماد عليها لمتابعة خطة العمل والرؤية والرسالة والأهداف الخاصة ببرنامج التأمين المتناهى الصغر، كما يجب أن تكون المستويات الاقتصادية والديمغرافية والفقر من بين الركائز المهمة التى يستند إليها سبب وجود برامج الشركة.

وكشفت أن تطوير المنتجات وتسعيرها يمران بخطوتين حاسمتين تعتمدان على نتائج الدراسات السوقية، ويتطلبان مهارات إكتوارية، لضمان ملاءمة المنتجات للسوق، من خلال تحديد وفهم قائمة المخاطر التى تؤثر على الأسر المستهدفة وتحديد المخاطر القابلة للتأمين التى يفضلها المستهلكون فى سوق التأمين والتقدير الفوائد والميزات المنتج مقترنا بقدرة ورغبة العملاء فى شرائه.

جهود تحقيق الشمول

أما أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشارى، فقد سلط الضوء على اهتمام الحكومة الكبير بهذا الملف، إذ عملت الهيئة العامة للرقابية المالية على وضع أُطر تنظيمية وتنفيذية لتحقيق أهداف النمو التى تسعى إليها، وفى وقت سابق، صدر القرار رقم 15 لسنة 2019 الذى يلزم شركات التمويل متناهى الصغر بتوفير تأمين جماعى لعملائها ضد خطر الوفاة أو الإعاقة الكلية.

وأضاف أن هذا يفسر سبب إصدار %80 من وثائق التأمين متناهى الصغر من قبل شركات التأمين على الحياة، خاصة بعد صدور قرار “الرقابة المالية” رقم 17 لسنة 2019 الذى يعفى وثائق التأمين متناهى الصغر من رسوم الدراسة والإصدار، مما ساعد على تخفيض التكاليف وتخفيف العبء على المستفيدين من هذه الوثائق.

وأشار إلى وجود جهود لتحقيق الشمول المالى والتأمينى، إذ أصدرت هيئة الرقابة المالية القرار رقم 87 لسنة 2019 الذى يسمح لشركات التمويل متناهى الصغر باستخدام البطاقات المدفوعة مسبقًا لتسهيل المعاملات، سواء فى صرف التمويل أو دفع الأقساط، مما أدى إلى تعزيز نمو قطاع التمويل متناهى الصغر، مما دفع نشاط التأمين متناهى الصغر إلى تحقيق المزيد من النمو، وتحقيق التكامل بين مختلف الأنشطة.

وذكر أن خطوة تمكين استخدام الحلول التكنولوجية والتطبيقات الإلكترونية، بالإضافة إلى توفير منتجات مالية جديدة مناسبة لجميع شرائح المجتمع، أدت إلى نمو سريع فى التأمين متناهى الصغر، خاصة خلال عامى 2021 و2022، إذ ارتفع حجم أرصدة التمويل متناهى الصغر من 27 مليار جنيه إلى 40 مليار جنيه، مع قفزة فى عدد العملاء من 3.5 مليون إلى 4 ملايين عميل لمنتجات التمويل متناهى الصغر، لينمو عددهم فى النهاية إلى ما يقرب من 6.3 مليون موزعين على 15 شركة، وفقًا لهيئة الرقابة المالية.

وأكد أن قرار هيئة الرقابة المالية رقم 292 لسنة 2023، الذى سمح باستخدام شركات الاتصالات ومحلات التجارة الإلكترونية كأحد قنوات توزيع التأمين متناهى الصغر، كان قرارًا محفزًا لهذا النوع من التأمين، مما أدى إلى إدراك أهمية هذا النوع من التغطيات، وصدر قانون التأمين الموحد الذى يسمح بإنشاء شركات تأمين صغيرة برأسمال لا يقل عن 30 مليون جنيه.

وأوضح أن إعداد خطة عمل متينة للتأمين متناهى الصغر عملية تتطلب جهدًا كبيرًا ومستويات مختلفة من الخبرة والمهارات الفنية، بينما يجب أن يسعى مطورو خطط العمل للحصول على أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات من أصحاب المصلحة الرئيسيين كعامل أساس فى نجاح برنامج التأمين متناهى الصغر، مع الحاجة إلى أداة أساسية للرصد الشامل والمرجعية لإدارة تقييم الأداء.

نجاح منتجاته يعتمد على بساطتها

بينما أوضح إيهاب خضر، خبير الإدارة الاستراتيجية ووسيط التأمين، أن التأمين متناهى الصغر مصمم للأفراد ذوى الدخل المنخفض الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، خاصة مع وجود مشاريع صغيرة ناجحة تتطلب تأمينًا.

وأضاف أن أكثر منتجات التأمين طلبًا بين عملاء “متناهى الصغر” هى التأمين الصحى، الذى يشمل دفع مصاريف المستشفيات، يليها التعويض عن الخسارة أو الضرر الذى يلحق بالممتلكات أو الأصول، وأخيرًا المساهمات فى مصاريف التعليم.

ولفت إلى أن احتياجات العملاء ذوى الدخل المنخفض لا تختلف كثيرًا عن الاحتياجات الأساسية للمجموعات الأخرى، بينما يكمن الاختلاف فى ترتيب الأولويات الذى يتباين من مجموعة إلى أخرى حسب مستوى الدخل والجنس والعمر، وأحيانًا من منطقة إلى أخرى حسب المخاطر الحالية أو المحتملة وطرق التأقلم والتعافى المتاحة من القنوات الرسمية وغير الرسمية.

وأوصى بضرورة التحدث إلى العملاء والاستماع إليهم بعناية من أجل تطوير منتجات تأمين ذات قيمة مضافة، وفقًا لمركز التأمين متناهى الصغر.

وأكد أن نجاح منتجات التأمين متناهى الصغر يعتمد على بساطتها وسهولتها من خلال الإجراءات والشروط والتسويق، بالإضافة إلى وضوح الأسعار وشروط العقد وتفاصيل التغطية، وسهولة عمليات الدفع والتسوية (الأقساط، التعويضات، المطالبات)، مع أهمية تلبية احتياجات العملاء وتوفير حزمة شاملة من الخدمات بأسعار مناسبة وعادلة.

خضر: ضرورة التواصل مع الجمهور لتطوير منتجات قيمة مضافة

مندور: «الهيئة» سمحت بإصدار الوثائق رقميًا للتسهيل على العملاء

إبراهيم: ينبغى استخدام شركات الاتصالات كأحد قنوات توزيع هذا النوع