بعد فوز ترامب.. هل تنتظر الأسواق العالمية انتعاشة تدفع نظيراتها العربية؟

Ad

يرى خبراء سوق المال أن فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد يحمل فرصًا جديدة للأسواق المالية العالمية، رغم المخاوف المصاحبة لسياساته الاقتصادية، ويُعرف “ترامب” بدعمه للاقتصاد الأمريكى عبر سياسات تحفز على النمو، مما يُثير التوقعات بانتعاش اقتصادى قد يؤثر إيجابيًا على الأسواق المالية، بما فى ذلك أسواق الأسهم العربية المتأثرة بشكل غير مباشر بأداء الاقتصاد الأمريكى.

ويتوقع الخبراء أن تدفع سياسات ترامب التحفيزية وخفض الضرائب إلى انتعاش سريع للاقتصاد الأمريكى، مما ينعكس بارتفاع فى الأسواق العالمية، هذا الارتفاع قد يكون دافعا للأسواق العربية، حيث يسعى المستثمرون للاستفادة من أى انتعاش فى الاقتصاد الأمريكى الأكبر عالميًا.

ورغم تلك الآمال، يشير الخبراء إلى أن سياسات ترامب التجارية الصارمة قد تُشعل حربًا تجارية مع قوى كبرى، مما قد ينعكس سلبًا على الأسواق الناشئة والعربية تحديدا، خصوصًا فى حال فرض رسوم جمركية قد تزيد تكاليف الاستيراد.

على الجانب الآخر، يترقب المستثمرون قرارات الفيدرالى الأمريكى بشأن أسعار الفائدة، حيث يُرجح بعض الخبراء التوجه نحو خفضها مستقبلًا، مما قد يعزز السيولة ويخفف الضغوط عن الأسواق الناشئة مثل السوق المصرية المعتمدة على الاستثمارات الأجنبية.

وأعلن دونالد ترامب، المرشح الجمهورى، الأربعاء الماضى فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما أثار ردود فعل قوية فى أسواق المال العالمية التى تفاعلت مباشرة مع هذا الحدث.

وقد شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعًا سريعًا بمجرد إعلان فوز ترامب، حيث انخفضت الأسعار وقتها بنسبة %0.85 لتسجل 2721 دولارًا للأونصة ، وفى ساعات لاحقة، تواصلت موجة الهبوط ليصل الانخفاض إلى %1.68، مسجلاً 2697 دولارًا للأونصة.

أما عن الأسواق المالية فكانت ردود الأفعال فى الأسواق الآسيوية، حيث قفز مؤشر “نيكي” اليابانى بنسبة %2.61 ليصل إلى 39480.67 نقطة، محققًا أعلى مستوى له فى ثلاثة أسابيع عند الإغلاق، وجاء هذا الارتفاع بدعم من أداء قوى لأسهم شركات الرقائق والأسهم ذات المخاطر المحدودة، فى ظل حالة من التفاؤل الحذر بانتظار تأثير السياسات الأمريكية الجديدة.

وعلى الجانب الآخر، تراجعت الأسواق الصينية بشكل ملحوظ، حيث انخفض مؤشر “هانج سنج” فى بورصة هونج كونج بنسبة %2.23، وتراجع مؤشر شنغهاى المركب بنسبة %0.9 نتيجة تعهدات ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، مما أثار مخاوف المستثمرين من تصاعد النزاع التجارى بين البلدين.

وبالنسبة للسوق الأوربية فكانت أكثر تفاؤلًا وإن كان بشكل محدود، حيث ارتفع المؤشر القارى “ستوكس 600 “بنسبة %0.22 ليغلق عند 510 نقاط، مما يعكس تفاؤلًا محدودًا لدى المستثمرين فى أوروبا تجاه المستقبل الاقتصادى مع وصول ترامب إلى السلطة.

أما أسواقنا العربية فقد حقق معظمها إغلاقات إيجابية، حيث ارتفع المؤشر العام للسوق السعودى (تاسي) بنسبة %0.65 ليصل إلى 12093 نقطة، كما سجلت بورصة دبى مكاسب بنسبة %0.47 ليصل مؤشر سوق دبى المالى إلى 4616 نقطة، فى حين صعد مؤشر سوق أبوظبى بنسبة %0.43 ليبلغ مستوى 9424 نقطة.

واختتمت بورصة عمان الأردنية تداولاتها بارتفاع بنسبة %0.22، وهنا فى مصر، أنهت البورصة تعاملاتها بارتفاع مؤشر”EGX30“الرئيسى بنسبة 0.82% ليصل إلى 31045 نقطة.

وفى الولايات المتحدة، ارتفعت العقود الآجلة للأسهم بشكل ملحوظ، مما يعكس رهانات المستثمرين على فترة جديدة من النمو الاقتصادى، حيث صعد مؤشر “داو جونز” الصناعى بنحو 1133 نقطة، أى بنسبة %2.7، كما شهدت العقود الآجلة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” ومؤشر “ناسداك 100” ارتفاعات بنسبة %2.4 و%1.8 على التوالى.

وبالنسبة للدولار فقد حقق مكاسب ملموسة، حيث سجل ارتفاعًا بأكثر من %1 قبل تأكيد فوز ترامب، واستقر عند مستوى 1.079 أمام اليورو، وحقق مكاسب بنسبة %1.5 مقابل الين اليابانى ليصل إلى 153.33 ين، بينما حافظ على استقرار نسبى أمام الجنيه الإسترلينى عند 1.292 دولار.

وتدفق أيضًا 20 مليار دولار إلى صناديق الأسهم الأمريكية، فى أكبر تدفقات منذ خمسة أشهر، واستحوذت صناديق أسهم الشركات الصغيرة على 3.8 مليار دولار، مدفوعة بتوقعات استفادتها من السياسات الحمائية المتوقعة من إدارة “ترامب”.

وقد يؤدى إلى تبنى سياسات تشمل تخفيضات ضريبية للشركات بقيمة 8 تريليونات دولار، وزيادة الإيرادات من الرسوم الجمركية بـ3 تريليونات دولار، مع خفض الإنفاق العام بتريليون دولار.

وبلغ إجمالى التدفقات إلى صناديق الأسهم الأمريكية 32.8 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهى فى 6 نوفمبر.

وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة “مباشر كابيتال هولدنج” للاستثمارات المالية، إن فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية قد يترك تأثيرات متعددة على أسواق الأسهم العربية، وذلك يعتمد على نوعية السياسات التى سيتبعها ترامب، ومدى استجابة الأسواق لها فى الأجلين القصير والطويل.

وأضاف “رشاد” أن “ترامب” معروف بسياساته الداعمة للنمو الاقتصادى الأمريكى، مثل خفض الضرائب وتقديم التحفيزات المالية إذا استمر فى هذه السياسات، فقد يعزز ذلك الاقتصاد الأمريكى على الأجل القصير، مما قد يؤثر إيجابيًا على أسواق الأسهم العالمية، بما فى ذلك الأسواق العربية، خاصة أن العديد من الشركات فى المنطقة مرتبطة بشكل غير مباشر بالاقتصاد الأمريكى.

وأوضح أن فوز ترامب قد يؤدى إلى تحولات فى النظرة العالمية تجاه الاقتصاد الأمريكى والعالمى وفى حال ازدياد التفاؤل حول أداء الاقتصاد الأمريكى أو تجنب المخاطر العالمية، قد تنعكس هذه التحولات إيجابيًا على أسواق الأسهم فى المنطقة العربية، التى تعتبر السوق الأمريكية محركًا رئيسيًا للأسواق العالمية.

وقال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا للاستثمارات المالية، إن الأسواق الأمريكية شهدت صعودًا قويًا، حيث ارتفعت السوق بشكل ملحوظ وكسرت مستويات مقاومة هامة، مما يشير إلى بداية أو استمرار اتجاه صعودى عنيف فى السوق الأمريكية.

وأضاف “حسن” أن هناك ترقب لقرار الفيدرالى الأمريكى بخصوص أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه متوقع تثبيتها فى هذه المرحلة، ولكن مع التوجه نحو خفض الفائدة بشكل ملحوظ فى الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر بشكل إيجابى جدًا على الأسواق.

وأوضح أن سعر الدولار شهد ارتفاعًا قويًا بالأمس، بينما تراجعت أسعار الذهب بشكل كبير.

وأرجع هذا إلى سياسات ترامب، التى وصفها بأنها أقل حدة ومتوازنة نسبيًا مقارنة مع سياسات الحزب الديمقراطى، مما قد يسهم فى تهدئة الأوضاع العالمية، خصوصًا فى ملف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وأكد “حسن” أنه إذا تمت السيطرة على الحرب الروسية الأوكرانية، فإن ذلك سيسهم إيجابيًا فى استقرار الأسعار العالمية للغاز والغذاء، وسيؤدى إلى تراجع التضخم وانخفاض أسعار الفائدة عالميًا، مما سيعزز أسواق المال بشكل كبير.

وفيما يتعلق بمصر، أشار “حسن” إلى أن تراجع أسعار السلع والفائدة سيؤدى إلى توفير سيولة دولارية، وتخفيف عبء الدين وخدمة الدين على الاقتصاد المصرى.

وأكد أن هذه التطورات ستنعكس بشكل إيجابى على السوق المصرية، حيث ستشهد الأوضاع الاقتصادية تحسنًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة.

وقال باسم أبو غنيمة، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة عربية أون لاين، إن فوز ترامب سيكون له تأثير إيجابى للغاية على أسواق المال العالمية.

وأضاف أن الأسواق الأمريكية شهدت ارتفاعا ملحوظا يوم الجمعة الماضى بنسبة تقارب %3، كما سجلت العملات الرقمية ارتفاعات قوية أيضا.

وأوضح أن خلفية ترامب المالية ودعمه للتداولات وأسواق المال تجعله مؤثرا إيجابيا على الأسواق بشكل كبير، خاصة مع وعوده الانتخابية بإنهاء الحروب فى المناطق المتوترة، مما سيقلل من المخاطر الجيوسياسية، لا سيما فى المنطقة العربية.

وأوضح “أبو غنيمة” أن تراجع الفيدرالى الأمريكى عن رفع سعر الفائدة يعد دليلاً على تراجع التضخم، وهو مؤشر إيجابى، مشيرًا إلى أن ترامب قد يسعى إلى تقنين التعامل بالعملات المشفرة، مما سيؤدى إلى تعزيز ثقة المستثمرين ودعم الأسواق المالية.

وأكد أن هذا التوجه سيخفف من مخاطر الأسواق العربية، وخاصة السوق المصرية، مما سيشجع المستثمرين على ضخ السيولة بشكل أكبر فى الفترة المقبلة بعد تراجع المخاوف الجيوسياسية.

وقال محمد منصور، محلل فنى بشركة ثمار لتداول الأوراق المالية، إن الأوضاع تبدو وكأن الرياح جاءت بكل ما تشتهيه سفن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، حيث استعاد السيطرة على البيت الأبيض و سيطر الجمهوريون على الكونجرس مما يمهد الطريق لتنفيذ أجندته الاقتصادية بسلاسة.

وأوضح “منصور” أن ترامب، المعروف بلقب “رجل الصفقات”، صرح مرارًا بأن “التعريفة” هى “أجمل كلمة فى القاموس”، ويستهدف ترامب رفع التعريفات الجمركية على الجميع، خصوصًا الصين والاتحاد الأوروبى، وهو ما يُنذر بحرب تجارية قد تؤدى إلى اضطرابات فى الأسواق المالية، خاصة الأسواق الناشئة، ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على شهية المستثمرين الأجانب فى الأسواق الناشئة مثل مصر، سواء فى أسواق الدين أو الأسهم.

وأكد أن “ترامب” يسعى إلى خفض الضرائب على الشركات الأمريكية من 21 إلى %15 لتحفيز النمو ودعم سوق العمل، لكنه حذر من أن ذلك قد يؤدى إلى اتساع العجز فى الموازنة العامة وزيادة الدين الأمريكى.

وأوضح أن النمو المرتفع ومعدلات التوظيف العالية، إذا ترافقت مع عجز الموازنة، قد تدفع الفيدرالى إلى تشديد سياسته النقدية مجددًا، حال استمرار استقلاليته، مما قد يؤدى إلى تقوية الدولار ورفع عوائد السندات الأمريكية.

وأشار إلى أن رفع الفائدة سيزيد الضغوط على موازنات الدول المدينة والتى تعانى من عجز تجارى، مثل مصر، مما سيؤدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض بالدولار وارتفاع تكلفة الاستيراد عمومًا على الشركات المصرية.

وتوقع “منصور” أن يستغل ترامب عوائد الرسوم الحمائية فى تعويض خفض الضرائب، مع تعزيز الصادرات وتقليل الواردات، لكنه أشار إلى أن أفكار ترامب الاقتصادية قد تُصدر الأزمات إلى الدول الأخرى، خاصة الناشئة، بسبب رفضه الكبير للعولمة.

وأبرز أن سوق الأسهم الأمريكية سيكون المستفيد الأكبر من سياسات ترامب، فى ظل خفض الضرائب وتخفيف القيود على المنتجين، ودعم بعض القطاعات فى ظل الحرب التجارية المتوقعة.

وأوضح أن الذهب سيواصل ارتفاعاته كملاذ آمن للمستثمرين، إضافة إلى العملات المشفرة التى قد تتلقى دعمًا هائلًا من تخفيف القيود التنظيمية.

واعتبر أن الأسواق الناشئة قد تواجه اضطرابات أكبر فى ظل سياسات ترامب، وستختلف تأثيرات هذه الاضطرابات بحسب حجم وتأثير تداولات الأجانب فى كل سوق، مشيرًا إلى أن السوق المصرية قد تشهد فى البداية تأثيرًا نفسيًا، ثم انعكاسات على سعر الصرف وأسواق الدين نتيجة السياسات الاقتصادية الأمريكية.