أكد مجموعة من خبراء التأمين، أن القطاع أحد أهم النشاطات الاقتصادية التى تساهم فى النمو، فى حين أن الخدمات الأساسية التى يقدمها تساعد فى مواجهة العديد من التحديات التى تواجه المشروعات والأفراد، كما يساهم فى تخصيص الموارد بكفاءة، ويوفر السيولة، لذلك فإن هذه الخدمات هى إحدى طرق مواجهة المخاطر المستقبلية المختلفة.
وأشاروا إلى أن العلاقة بين التأمين والنمو الاقتصادى فى الدول المتقدمة قوية للغاية، ويتم اعتبار القطاع فى هذه الدول أحد الصناعات المهمة والحيوية، من خلال الدور الكبير الذى تلعبه شركات التأمين فى النظام الاقتصادى بشكل عام، وفى تقليل المخاطر وتعويض المتضررين، مما يؤدى إلى تطور واستقرار النشاط الاقتصادى، بينما لا تزال السوق المصرية للتأمين تعانى من ضعف مالى وتقنى، وانخفاض مستويات الاستثمار، ومساهمة بطيئة فى النمو الاقتصادى.
وأضافوا أن التأمين يلعب دورًا مهمًا فى تنمية اقتصادات الدول، ولا أحد يتجاهل أهميته فى قيادة عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، ويعمل على زيادة القدرات الإنتاجية للدول، ورفع معدل النمو، وتحسين الوضع الاقتصادى، من خلال دوره المزدوج، بالإضافة إلى إدخال الأمن والاستقرار فى الحياة اليومية والعملية للفرد، وإعطائه الثقة بالنفس، وتحرير ذهنه من التفكير فى المخاطر التى قد تشغله إذا أراد تنفيذ مشروع أو إنجاز مهمة، كما أن له تأثيرًا ومساهمات فى النمو الاقتصادى من خلال جمع كميات كبيرة من الموارد المالية واستخدامها فى مجالات مختلفة من الحياة الاقتصادية.
وبينوا أن النمو الاقتصادى يركز على عملية زيادة الموارد والقدرات الإنتاجية التى تعمل على تعظيم القدرة الاقتصادية كعملية مستمرة وطويلة الأجل، وفى الوقت نفسه، فإن النمو الاقتصادى وتطور التأمين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، إذ إن الاقتصاد الذى يفتقر إلى خدمات التأمين يكون أقل نموًا واستقرارًا.
التركيز على إعداد ميزانيات التخطيط طويلة الأجل
أكد هشام شقوير، خبير التأمين الاستشارى، ضرورة قيام الشركات بتعزيز كفاءة استخدام الأصول المتاحة لديها، بالإضافة إلى مراجعة هياكل تمويلها، للعمل على تحسين إدارة السيولة والربحية، مع ضرورة عدم تجاهل البيئة القانونية، وكذلك الاستفادة من آثارها الإيجابية والتحوط من آثارها السلبية، من خلال الالتزام بنظم وقوانين وتعليمات القطاع، وتحديث التشريعات بشكل مستمر لتلائم متطلبات المرحلة التى تمر بها الشركات.
وأضاف أن الشركات يجب أن تركز على توفير وتسويق خدمات التأمين بجودة عالية، من خلال تنويع المنتجات المقدمة للعملاء، وكذلك امتلاك الأدوات التى تمكنها من الحصول على مزايا تنافسية والسعى لإيجاد طرق مناسبة لزيادة حصتها السوقية والالتزام بالابتكار والتجديد فى أساليب العمل والإجراءات ومواكبة التطورات التكنولوجية.
وذكر أهمية تركيز شركات التأمين على إعداد ميزانيات التخطيط طويلة الأجل، ومراقبة بنود التكلفة وتعظيم الإيرادات، واستخدام الميزانيات لتحفيز الأفراد والإدارات، من أجل الالتزام بتحقيق الأهداف المخطط لها مسبقًا، والسعى لتقييم الانحرافات وتقديم مقترحات عملية لتصحيحها.
ولفت إلى أن تقييم المخاطر التشغيلية، وتحديد ثغرات الأداء المالى للشركات، وتطوير السياسات والإجراءات التى تضمن التطبيق السليم للضوابط الداخلية وتنفيذ نظم الرقابة الداخلية، هى جميعها خطوات تدل على أهمية العوامل الداخلية والاستثمار فى دورها فى تحسين الأداء المالى لشركات التأمين.
وأفاد بضرورة سعى شركات التأمين إلى تبنى مبادرات الجودة وتقديم خدمات عالية الجودة، مع الحرص على مواكبة التطورات التكنولوجية من خلال خدمات التأمين فى الأسواق الافتراضية، وتبنى الحلول المبتكرة والإبداعية فى توفير التغطية لتجنب التأثير السلبى لمثل هذه البيانات على عوائد الأصول والملكية.
وشدد على أن مبادئ التأمين المستدام تضع التنمية فى قلب عملية التغطية، من أجل تنظيم الشركات بشكل فعال كصناعة عالمية لها أهمية كبيرة فى تحقيق الاستدامة، مع وجود خارطة طريق وإجراءات تركز على دمج عوامل الاستدامة فى الإدارة الاستراتيجية للمخاطر والأهداف الإدارية والرؤية فى جميع عملياتها.
مبادئ التأمين المستدام وعوامل الاستدامة فى القطاع
وأوضح محمد الغطريفى، وسيط التأمين، أن العلاقة بين مبادئ التأمين المستدام وربحية الشركات قوية، كما يتضح من العائد على الأصول وحقوق المساهمين ورأس المال المستثمر، ومع ذلك، لم تلتزم الشركات بعد تمامًا بمبادئ عوامل الاستدامة، ولكن المستقبل القريب سيشهد سوقًا ملتزمة بتطبيق مبادئ التأمين المستدام، مما يعطى إمكانات أكبر ونتائج أفضل.
وتابع أن النظر فى مبادئ التأمين المستدام وعوامل الاستدامة فى قطاع التأمين هو موضوع جديد، خاصة فى مصر، إذ لم تطلب هيئة الرقابة المالية من الشركات إصدار تقارير الاستدامة حتى نهاية عام 2020، بينما -حاليا- شركات التأمين “ملزمة” بنشر هذه التقارير على المواقع الرسمية لها وتقديمها إلى الهيئة.
وذكر أن المستقبل القريب سيشهد العديد من الممارسات البيئية أو الاجتماعية المتعلقة بالحوكمة، مما يسمح بإضافة المزيد من المؤشرات القابلة للقياس التى تشير إلى ربحية الشركة وبعدها الاجتماعى وتأثيرها على مؤشرات العائد، ثم البعد البيئى، بسبب انخفاض تأثير قطاع التأمين على البيئة مقارنة بالقطاعات الأخرى.
وذكر أن بُعد الحوكمة، رغم أهميته الكبيرة، يتطلب مزيدًا من الوقت لنشر قدرات الشركات وتضامن أعضاء مجلس الإدارة لتطبيقه بسرعة وكفاءة، مع تطبيق سياسات الاستدامة حتى فى غياب إطار تنظيمى قوى، إذ تفتقر مصر إلى إطار تنظيمى إلى حد كبير مقارنة بما هو متاح فى أوروبا، على سبيل المثال.
وأوصى شركات التأمين بأخذ أنشطتها الاستدامية فى الاعتبار، من أجل زيادة الربحية، من خلال دمج ممارسات مبادئ التأمين المستدام فى استراتيجيتها، للحفاظ على تأثير إيجابى مستمر على أداء الشركة ودعم النتائج المحققة.
وشدد على أهمية إعداد التقارير غير المالية وتقارير الاستدامة لتعزيز الشفافية، مع دمج المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة فى عمل لجنة إدارة المخاطر بالشركات، لضمها إلى دليل إدارة المخاطر فى المؤسسات، بالإضافة إلى العمل على دمج المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة فى سياسة الشركة واستراتيجيتها.
تعزيز آليات التواصل والتعاون بين شركات التأمين
وأفاد الدكتور علاء العسكرى، أستاذ التأمين بكلية التجارة – جامعة الأزهر، بضرورة قيام شركات التأمين بتنظيم برامج تدريبية لموظفيها حول قضايا البيئة والاجتماعية والحوكمة (ESG) والتأمين المستدام، والعمل على دمج مبادئ التأمين المستدام فى استراتيجياتها وثقافاتها وبيئاتها.
وأشار إلى أهمية تطوير منتجات تأمين صديقة للبيئة مع حوافز مالية لتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، وتعزيز آليات التواصل والتعاون بين شركات التأمين، على غرار الشركات العالمية الرائدة فى تنفيذ التأمين المستدام.
وأكد ضرورة تدريب وسطاء التأمين على جميع الأحداث العملية الجارية فى القطاع، حتى يتمكنوا من مساعدة الشركات فى مهامها السوقية، موضحًا ضرورة إعداد نماذج إلكترونية تكشف عن ممارسات شركات التأمين المتعلقة بالاستدامة.
وشدد على ضرورة تفعيل دور اتحاد التأمين ولجانه الفنية المتخصصة فى التأمين المستدام، للعمل على وضع خطة عمل تتضمن خطوات لدمجه فى قطاع التأمين فى البلاد، إلى جانب إقامة تعاون فعال بين شركات التأمين لتبادل التقييمات للكوارث الطبيعية والبشرية، وفهم الضوابط المحددة داخل القطاع.
ولاحظ أن الاتحاد المصرى للتأمين يعمل على تطوير قواعد بيانات متخصصة حول التنمية المستدامة لتستفيد منها شركات التأمين، بالإضافة إلى تبادل ودعم البحث العلمى فى مجال التأمين المستدام ونشره بين الدول العربية.
كما ذكر أهمية تشجيع هيئات الرقابة التأمينية بالبلاد العربية والاتحاد العربى للتأمين واتحاد التأمين المصرى والجامعات ومراكز البحث على الانخراط فى برامج بحثية وتعليمية تناقش وضع خرائط طريق لتطوير الصناعة وتطبيق مبادئ التأمين المستدام، وربط استراتيجيات التأمين بخطط التنمية المستدامة للبلاد.
واقترح تشكيل لجنة خاصة للتأمين المستدام داخل جامعة الدول العربية لمتابعة التقدم المحرز فى التأمين المستدام فى الدول العربية، إذ تصبح جميع هيئات الرقابة التأمينية أعضاء، وتنظيم اجتماعات متخصصة بين شركات التأمين على أساس منتظم على المستوى العربى لتبادل الخبرات فى مجال التأمين المستدام.
شقوير: يجب توفير الخدمات بجودة عالية وتنويعها للعملاء
الغطريفى: المستقبل القريب سيشهد سوقًا تطبّق مبادئه
العسكرى: ضرورة تفعيل دور «الاتحاد» ولجانه المتخصصة
