تتزايد التوقعات بأن تقوم الهيئة العامة للرقابة المالية بمد فترة توقف تلقى طلبات تأسيس شركات جديدة لنشاطى التمويل الاستهلاكى وتمويل المشروعات متناهية الصغر لأكثر من 18 شهرا، وذلك فى خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة وتحديث السوق الرقمية فى القطاع، إلى جانب تقييم قدرة الشركات الحالية على تقديم خدمات تمويلية تلبى احتياجات السوق بفعالية، مع تعزيز الشفافية وضمان استقرار القطاع.
يذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية، كانت قد أوقفت قبول طلبات التأسيس والموافقة المبدئية على تأسيس الشركات الراغبة فى الحصول على ترخيص من الهيئة بمزاولة نشاطى تمويل المشروعات متناهية الصغر أو التمويل الاستهلاكى بالطرق التقليدية، كما يوقف قبول طلبات الحصول على الترخيص بمزاولة نشاط التمويل المشروعات متناهية الصغر للجمعيات والمؤسسات الأهلية، وذلك لمدة عام قابل للتجديد، وفقاً للقرار رقم 184 لسنة 2024.
و قالت الهيئة إن عدد الرخص الجديدة الممنوحة من الهيئة العامة للرقابة المالية للشركات العاملة فى نشاط تمويل المشروعات متناهية الصغر بلغت خلال آخر عامين 10 رخص ، بالإضافة إلى نحو 6 طلبات جارٍ دراستها حاليا من إجمالى عدد 25 شركة حاصلة على ترخيص، ونحو 10 طلبات من جمعيات أهلية راغبة فى الحصول على الرخصة.
وتم منح تراخيص لنحو 15 شركة خلال آخر عامين بنشاط التمويل الاستهلاكى ونحو 4 طلبات قيد الدراسة من إجمالى 30 شركة حاصلة على الترخيص.
فيما يصل عدد المستفيدين من نشاط التمويل متناهى الصغر إلى نحو 3.8 مليون مستفيد، ونحو 1.9 مليون مستفيد من التمويل الاستهلاكي، بقيم تمويلات بلغت 56.2 مليار جنيه لمتناهى الصغر ونحو 35.5 مليار للتمويل الاستهلاكي.
وأكد عدد من الخبراء والمسؤولين فى قطاع التمويل، أن هذه الفترة قد تشهد تمديدًا، بناءً على الأداء الفعلى للشركات القائمة، فإذا أثبتت الشركات الحالية قدرتها على تلبية احتياجات السوق، قد لا تكون هناك حاجة لدخول لاعبين جدد فى الوقت الراهن، مما يسهم فى تقوية الأسس المالية لهذه الشركات واستقرار السوق على المدى الطويل.
فى البداية قال محمد الفقى الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة “سيمبل”، إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف تلقى طلبات التأسيس لنشاطى التمويل الاستهلاكى وتمويل المشروعات متناهية الصغر بالطريقة التقليدية هو قرار تنظيمى يهدف إلى تحديث وتنظيم السوق، وليس تقييداً لنشاط أو سوق بعينه.
وأوضح أن هناك حاليًا أكثر من 47 رخصة قائمة فى السوق لشركات كبيرة تعمل فى مجال التمويل الاستهلاكي، إلا أن أقل من %50 منها فقط نشطة وتستغل ترخيصها بشكل فعّال، حيث يقود حوالى 15 إلى 20 شركة من تلك الشركات النشاط الفعلى فى هذا القطاع.
وأشار إلى أن القرار لا يستثنى نشاطات محددة، بل يستهدف تغيير طريقة التقديم للحصول على الرخص لمزاولة الأنشطة، فبدلاً من الاعتماد على الإجراءات التقليدية، يمكن الآن التقديم من خلال قانون التكنولوجيا المالية رقم 5 لسنة 2022.
وأضاف “الفقي” أن قانون التكنولوجيا المالية يضمن رقمنة كاملة لأى أنشطة تتم من خلاله، مما يعنى توحيد استخدام تقنيات الهوية الرقمية (Digital Identity)، ونماذج “اعرف عميلك” الإلكترونية (EKYC)، والعقود الرقمية (E-Contracts).
وأوضح أن وقف التقديم التقليدى هو إجراء مؤقت لمدة عام، بهدف إعطاء الشركات فرصة لتحديث عملياتها ورقمنتها بما يتماشى مع متطلبات القانون.
وقال: “إذا كنت تزاول نشاط التمويل الاستهلاكى أو التمويل المتناهى الصغر حاليًا، فأنت بحاجة إلى تحسين عملياتك الرقمية خلال هذه الفترة لتتوافق مع المتطلبات الجديدة”.
وأشار إلى أن الشركات التى ستتقدم بطلبات جديدة من خلال قانون التكنولوجيا المالية ستكون متوافقة تمامًا مع المعايير الرقمية للهيئة، مما يسهم فى تنظيم وتحديث السوق بشكل شامل.
وقال المهندس أيمن طه، الشريك المؤسس لشركة multiples للاستشارات والخدمات فى مجال الأعمال، إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف إصدار تراخيص جديدة لشركات التمويل الاستهلاكى لمدة عام يُمثل خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى ضبط نمو السوق وضمان جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين.
وأوضح أن القرار لن يؤثر بشكل مباشر على شركته، نظرًا لطبيعة عملها والتى لا تعتمد بشكل كبير على التعامل مع شركات التمويل الاستهلاكي، مؤكدًا أن الهدف الأساسى من هذا التوقف المؤقت هو منح الهيئة فرصة كافية لمراجعة الملفات المالية للشركات القائمة وتقييم قدرتها على الوفاء بمتطلبات التمويل الاستهلاكي، لضمان حصول العملاء على خدمات آمنة وموثوقة.
وأشار إلى النمو الكبير الذى شهدته سوق التمويل الاستهلاكى فى مصر خلال الفترة الأخيرة، حيث منحت الهيئة حوالى 30 ترخيصًا لشركات تعمل فى هذا القطاع.
وأوضح أن هذه الفترة قد تشهد تمديدًا إذا اقتضت الضرورة، بناءً على أداء الشركات الحالية وقدرتها على تلبية احتياجات السوق.
وشدد “طه” على أهمية التعاون بين الشركات المالية والهيئة العامة للرقابة المالية لدعم مسيرة التحول الرقمى فى هذا القطاع وضمان جاهزية الشركات لمواجهة التحديات المستقبلية.
وقال إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف إصدار تراخيص جديدة لشركات التمويل الاستهلاكى يعتبر خطوة تنظيمية حكيمة تهدف إلى تحقيق الاستقرار فى السوق وضمان حماية حقوق المستهلكين، ومن المتوقع أن يساهم فى تعزيز كفاءة الشركات العاملة فى هذا القطاع وتحسين جودة الخدمات المقدمة.
وفى سياق متصل، أشاد محمد عباس عطية، رئيس قطاع المخاطر بشركة سندة للتمويل متناهى الصغر، بقرار الهيئة العامة للرقابة المالية بوقف تلقى طلبات التأسيس لنشاطى التمويل الاستهلاكى وتمويل المشروعات متناهية الصغر بالطريقة التقليدية، مؤكدًا أن القرار جاء فى توقيت مناسب جدًا.
وقال عباس: “شهدنا فى الفترة الأخيرة زيادة كبيرة فى عدد الشركات إلى أكثر من 25 ، وهناك ما يقرب من 10 شركات إضافية تتقدم بطلبات للحصول على التراخيص حاليًا”.
وأشار إلى أن القرار يتماشى مع ظروف السوق، مثل التضخم وقرارات الدولة نحو تعزيز الشمول المالى وزيادة الاعتماد على المدفوعات الإلكترونية، مؤكدًا أن هذا الإيقاف لمدة عام هو خطوة جاءت بناءً على اقتراحات عديدة وسيلبى احتياجات السوق، مما سيدعم استقرار الشركات العاملة حاليًا.
وأضاف أن شركة سندة حققت تقدمًا ملحوظًا فى السوق، إذ ضاعفت حجم قاعدة عملائها ومحفظتها المالية خلال العام الماضي، مشيرًا إلى حاجة السوق لهذه الخطوة التنظيمية.
وتابع أن السوق المصرية كبيرة وتمتلك فرصًا واسعة للعديد من الشركات العاملة فى هذا القطاع، خاصةً بعد نشر الهيئة للخريطة التفاعلية التى توضح مدى انتشار الشركات فى المناطق المختلفة.
وأوضح رئيس قطاع المخاطر بشركة سندة أن التغطية تشمل المناطق البعيدة عن الحضر والمدن الرئيسية، مما يسهم فى توسيع نطاق التمويل ليشمل المزيد من المناطق التى تحتاج إلى دعم اقتصادي.
وفى سياق متصل، أعرب أحمد ناصر، رئيس القطاع القانونى بشركة “نقود” للتمويل، عن تأييده الكامل لقرار الهيئة، موضحًا أنه يأتى فى إطار الجهود المبذولة لضمان استقرار السوق وحماية حقوق العملاء، لافتًا إلى أن بعض الشركات العاملة فى هذا القطاع لم تستطع الوفاء بالتزاماتها المالية، مما أثر سلباً على سمعة السوق بأكمله.
وأشار إلى أن القرار سيسهم فى الحد من السلوكيات غير المهنية لبعض الشركات التى تحصل على التراخيص دون أن يكون لديها القدرة على تفعيل دورها وتقديم الخدمات المطلوبة.
ورأى “ناصر” أنه من الممكن تمديد مدة تطبيق القرار لأكثر من عام، نظراً لأهميته وتأثيره الكبير على السوق، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تحتاج إلى وقت كافٍ لتحقيق أهدافها المنشودة.
وأشار إلى أن الأفراد هم المتضررون الأوائل من أى خلل فى سوق التمويل متناهى الصغر، إذ إن أى تقصير من جانب الشركات سيؤثر على قدرتها على تقديم التمويلات اللازمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن بعض المؤسسات الناشئة تواجه بالفعل صعوبات مالية، وأن القرار يؤدى إلى زيادة هذه الصعوبات، ومع ذلك، أكد أن المستفيد الأكبر من هذا القرار على المدى الطويل هو القطاع ككل، حيث سيساهم فى تعزيز الثقة بين الممولين والعملاء.
محمد الفقي: عدد الكيانات القائمة النشطة محدود
أيمن طه: خطوة تنظيمية ضرورية
محمد عباس عطية: شهدنا زيادة كبيرة فى الإقبال
