التعديل المستمر لمبالغ تأمين السيارات ضرورة لمواجهة التضخم

Ad

أكد خبراء أن شركات التأمين تواجه العديد من التحديات فى ظل تأثرها بالعوامل الاقتصادية والمالية ومن بينها تغير سعر الصرف الخاص بالعملة، مشيرين إلى أن شركة التأمين تقوم بحساب تكاليف ومخاطر التأمين بناء على توقعات الأضرار المستقبلية وقيمة المعاملات المالية، وعندما يحدث تغيير فى سعر صرف العملة المحلية يؤدى ذلك إلى التأثير بشكل كبير على صناعة التأمين.

وأوضحوا أن هذه التغييرات تعد جزءا من تحديات إدارة المخاطر التى تواجه شركات التأمين وتتطلب تقديرات دقيقة من شركات التأمين لضمان استدامة عملياتها وتقديم خدمات ملائمة للعملاء فى ظل التغييرات الاقتصادية المختلفة.


وقالوا إن قطاع التأمين على السيارات بشكل خاص، يواجه تحديا بسبب محاولات إعادة ضبط سياسته لتتناسب مع البيئة الاقتصادية بعد تحرير سعر الصرف، مشيرين إلى أن تلك التعديلات لا بد من إجرائها على مبالغ تغطيات السيارات فى ظل الإجراءات المستمرة لتحرير أسعار الصرف، مع ضرورة دمج إستراتيجيات جديدة بشركات القطاع بناء على أسعار الصرف المتغيرة وضغوط التضخم وتقنيات العمليات التأمينية، لضمان تسعير وثائق المركبات بعدل.


وأكد وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى وعضو المؤسسة الأمريكية للوقاية من الحريق، أن الاقتصاد يتعرض لتقلبات فى سعر الصرف الخاص بالعملة، وهذا يؤدى إلى صعوبة تحديد شركات التأمين لمخاطرها بدقة عالية، وفى ظل تلك التحديات التى تواجه شركات الـتأمين الخاصة بالتغييرات فى سعر الصرف أصبح من الضرورى على شركات التأمين القيام بتعديلات فى مبالغ التأمين والأقساط الخاصة بالمستفيدين بما يتناسب مع التغيرات الاقتصادية.


وأوضح أن انخفاض سعر الصرف تسبب فى تغيير قيمة الأصول، وهذا يتطلب إعادة تقدير قيم مبالغ التأمين لهذه الأصول حتى تتناسب مع القيمة الwسوقية الحالية لها، ويتجنب العملاء تطبيق “شرط النسبية” عند الحصول على التعويضات، كارتفاع أسعار السيارات المستمر بالسوق المحلية، مما يؤدى إلى تبدل قيمتها السوقية، وهذا يتطلب من العملاء ضرورة إعادة تقييم مبلغ التغطية عبر زيادته، ليتناسب مع القيم السوقية الجديدة للمركبات، لتجنب الوقوع تحت وطأة “شرط النسبية” عند حدوث الضرر.


وأضاف أن التحديات الاقتصادية الأخيرة أدت إلى الحاجة الماسة إلى استمرار الإصلاحات لمواجهة هذه التحديات، مع ارتفاع أسعار الفائدة فى الأسواق المتقدمة والصراعات العالمية والإقليمية الأخيرة، وقد أجرت مصر تعديلات على سعر الصرف وكانت التعديلات النقدية والمالية لوقف خسائر الاحتياطيات واحتواء الضغوط التضخمية وتوفير التخفيف الاجتماعى، حيث سمح البنك المركزى بخفض سعر الصرف للجنيه ورفع أسعار الفائدة الرئيسة للحد من الضغوط التضخمية، وهذا ما أثر على جميع القطاعات داخل الاقتصاد، ومن ضمنه قطاع التأمين بشكل عام.


وتابع أن تلك الإجراءات كانت لها تأثيرات واضحة على تأمين السيارات التكميلى داخل شركات القطاع المصرية، التى تأثرت وأثرت على تأمين السيارات، لارتفاع أسعار المركبات وقطع الغيار بما لا يتناسب مع قيمة الأقساط ومبلغ التأمين، وهذا ما قد يؤدى إلى خسائر لشركات التأمين التى كانت قد قامت بتحديد الأقساط استنادا إلى أسعار السيارات وبعض الاعتبارات الأخرى وقت شراء العميل للتأمين قبل ارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار بشكل غير متوقع.


وأشار إلى أن تعرض المؤمن له لخسارة كبيرة، على سبيل المثال، فى حالة التأمين على سيارته بسعر معين وعند حدوث الخطر المؤمن ضده (سواء سرقة أو حادث) فإن قيمة التعويض لن تكون مناسبة للعميل مقارنة مع أسعار السيارات عند تسوية المطالبة.
وأضاف أن هناك احتماليات لارتفاع نسب الإلغاءات للوثائق من جانب المؤمن لهم، وهو ما سيؤثر بالسلب على شركات التأمين.


ارتفاع حجم القسط بالوثيقة


وأوضح حسن العمارى، الخبير التأمينيى والعضو المنتدب لشركة “جلوبال أدفايس” للوساطة التأمينية، أن “التأمين التكميلى” يعد نوعا من أنواع تغطيات السيارات فى مصر وله العديد من الشروط والاستثناءات، ويشمل فئات مختلفة مثل وثائق للسيارات الخاصة، وبوالص على المركبات التجارية، ووثائق على الرخص التجارية، وتختلف أنواع “التكميلى”، فالأول يشمل المسئولية المدنية المادية تجاه ممتلكات الغير، و”الثانى” يتضمن التأمين ضد الحريق والسرقة فقط، بينما “الثالث” يختص بالتغطية الشاملة.


وأكد أن المؤمن له إنما يتعين عليه أن يقوم بالتأمين على السيارة بالقيمة السوقية لها، وإذا كانت “الأخيرة” تزيد عن مبلغ التأمين المذكور فى وثيقة التأمين الخاصة بالمركبة وقت وقوع الحادث، فإن قيمة التعويض تخفّض بنسبة مبلغ التأمين إلى القيمة السوقية للسيارة فى حالة الخسارة الجزئية.


وأشار إلى أهمية البحث فى إعادة تقدير مبالغ التأمين بما يتناسب مع التغييرات التى تحدث فى سعر الصرف الخاص بالعملة وبما لا يضر بحقوق المؤمن له والشركة على السواء، فبسبب الأحداث الأخيرة يعد سعر الصرف الخاص بالعملة المحلية والتقلبات العالية فى سعر صرف العملات الأجنبية مؤثرا على جميع الصناعات، ومنها صناعة التأمين، التى ليست بمعزل عن الأحداث الاقتصادية.


ولفت إلى أن متوسط معدلات التضخم عام 2016/ 2017 ارتفعت، بسبب تحرير سعر الصرف فيه (التحرير الأول) ثم انخفاضه واستقراره بعد ذلك حتى ارتفاعه عام 2022 إلى أكثر من %25 وفى عام 2023  وصل إلى %40 تقريبا، وذلك ما يعكس مدى تأثر معدلات التضخم بتحرير سعر الصرف، والذى بدوره أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار لمستويات لا تتناسب مع مبالغ التأمين وقيمة الأقساط المحصلة.


وأكد أن هناك زيادات فى أقساط التأمين نتيجة لزيادة معدلات التضخم التى صاحبت تغير سعر صرف الجنيه، والذى أدى إلى زيادة القيمة السوقية للسيارات بنسب تتراوح بين 30 - %60 (حسب نوع المركبة)، وهذا ما يدعو إلى ضرورة إعادة النظر فى مبلغ التأمين وكذلك قسط التأمين حتى لا تتعرض القيم المؤمنة لتطبيق “قاعدة النسبية” عند حدوث الخطر.


وأشار إلى أن زيادة مبالغ التأمين لتلك الوثائق، سوف يؤدى إلى ارتفاع حجم القسط بالوثيقة، كما قد يؤدى إلى زيادة سعر التأمين، خاصة السيارات المستوردة، وذلك لمواجهة الارتفاع الكبير فى فاتورة الإصلاح بالتوكيلات المحددة لذلك النوع من المركبات وارتفاع أسعار قطع الغيار غير المحلية.


وأضاف أن ارتفاع مبلغ التأمين إنما يزيد من قيمة التعويض المتوقع فى ظل ارتفاع أسعار السيارات بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية (سواء الجديدة أو المستعمل) إلى جانب ارتفاع أسعار الصيانة وقطع الغيار، إضافة إلى نسبة الجمارك عليها وفارق العملة بالزيادة من حين لآخر، فكل ذلك سوف يرفع أسعار الإصلاح وقطع الغيار.


«إعادة تقييم الأصول» دوريا للوثائق طويلة الأجل


ويرى إيهاب خضر، خبير الإدارة الإستراتيجية ووسيط التأمين، أن هناك تأثيرا لتغير سعر الصرف على شركات تأمينات الممتلكات والمسئوليات وما صاحبه من زيادة فى معدلات التضخم وارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار وانخفاض القيمة الحقيقية لمبالغ التأمين، وهذا الأمر يفرض على شركات التأمين إعادة تقدير مبالغ التغطيات بشكل دورى (ربع سنوى على سبيل المثال) لتفادى أثر تحرير سعر الصرف على سوق التأمين المصرية وبما يضمن استدامتها وتحسين تكافؤ الأسعار وتحقيق مبدأ الكفاية والعدالة.


وأوصى بإدراج خطر تغير سعر الصرف ضمن إستراتيجيات إدارة المخاطر فى شركات التأمين، مع مراجعة التقنيات المستخدمة لمواجهة خطر تغير سعر الصرف بصفة دورية واختيار آليات مناسبة للحد من تأثير هذا الخطر على شركات التأمين، ويمكن، على سبيل المثال، إصدار وثائق نصف سنوية قابلة للتجديد، أو إصدار بوالص ربع سنوية لتفادى مشكلة التغير المستمر فى قيم الأصول نتيجة تحرير سعر الصرف وعدم كفاية مبالغ التأمين، وإدراج شروط “إعادة تقييم الأصول” بشكل دورى للوثائق طويلة الأجل.


واقترح إصدار الشركات بالقطاع تطبيقات للهواتف، يتم التواصل من خلالها بين شركة التأمين وصاحب السيارة، ويتم عبرها رفع صور المركبة بشكل دورى لإعادة تقييمها وتحديد مبلغ التأمين المعدل وقيم الأقساط بدلا من إرهاق أصحاب السيارات بزيارة الشركة فى كل مرة لتجديد العقد نصف أو ربع السنوى.


وأضاف أن الشركات يمكنها تطوير نظام دورى لإعادة تقييم التأمين، عبر نظام تنتهجه مؤسسات القطاع يتيح إعادة تقييم مبالغ التأمين على السيارات بانتظام، مع مراعاة التغيرات فى سوق صرف العملات وتأثيرها على التكاليف والمخاطر، مع أهمية دمج عوامل سعر الصرف فى تقييم المخاطر، لتحديد تأثيرها على تكلفة التأمين والاستفادة المتوقعة، وإدراج خطر تغير سعر الصرف ضمن إستراتيجيات شركات التأمين، إضافة إلى مراجعة التقنيات المستخدمة لمواجهة خطر تغير سعر الصرف بصفة دورية واختيار الآليات المناسبة للحد من تأثير تلك الأخطار على شركات التأمين.


ودعا شركات التأمين إلى الالتزام  بالشفافية فى عمليات تحديد تكاليف التأمين وعوامل التقييم، مما يساهم فى بناء الثقة مع العملاء والمستثمرين، مع أهمية التفاعل مع التغيرات الاقتصادية عبر تحفيز الشركات على إنشاء آليات مرنة تتيح التفاعل السريع مع التغيرات الاقتصادية، مما يساعد فى تحديث تقديرات التأمين بشكل فعال، مثل تبنى أساليب التحليل الاقتصادى المتقدمة لفهم تأثيرات تحرير سعر الصرف على تكلفة المخاطر والتأمين.


وأشار إلى أهمية التعاون مع السلطات الرقابية لتطوير إطار قانونى يشجع على ممارسات التأمين المستدامة والمناسبة للبيئة الاقتصادية، مع زيادة الاستثمار فى البحث والتطوير لخلق نماذج تأمين متقدمة تتناسب مع التحولات فى سوق العملات

مصطفى: «التعويم» تسبب فى تغيير قيمة الأصول المؤمن عليها
العمارى: مطلوب إعادة النظر فى التغطيات بما يتناسب مع الواقع
خضر: من المهم إدراجه ضمن إستراتيجيات إدارة المخاطر