«العقارات» يفتح شهية المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية

Ad

يشهد قطاع العقارات فى مصر حاليًا انتعاشًا كبيرًا، مدعومًا بتزايد الاهتمام من المستثمرين الأجانب، وخصوصًا العرب، رغم التقلبات الاقتصادية محليًا ودوليًا، ويعكس هذا الاهتمام المتزايد الثقة فى مستقبل القطاع، خاصة مع وجود عدد من الشركات الكبرى التى تسيطر على السوق وتسعى للتوسع داخليًا وخارجيًا.

ويرى محللو أسواق المال أن هذا الانتعاش يمثل فرصة واعدة لتحقيق أرباح قياسية، إذ أن القيم العادلة لأغلب الشركات المدرجة أعلى بكثير من قيمها السوقية الحالية، نتيجة لذلك، تزايد اهتمام رءوس الأموال المحلية والأجنبية بالاستثمار فى هذا القطاع، مما يعكس تفاؤلًا بمستقبل الأداء المالى للشركات المقيدة.

ويُعزى هذا التفاؤل إلى قوة الأصول المالية للشركات الكبرى فى القطاع، بالإضافة إلى امتلاكها لمحافظ ضخمة من الأراضى غير المستغلة، إلى جانب وجود بعض التحديات بالقطاع، مثل ارتفاع أسعار مواد البناء وتأثيرات تقلبات سعر الصرف، مما يؤثر على التكاليف والأسعار النهائية.

فى البداية، قال حسام عيد محلل أسواق المال، إن قطاع العقارات يُعدّ ضمن الأبرز فى البورصة المصرية، إذ يحتل الصدارة دائمًا فى قائمة القطاعات الأكثر نشاطًا.

وأضاف أن هذا الأداء القوى يعود إلى قوة الشركات المقيدة فى القطاع ماليًا، بالإضافة إلى امتلاكها أصولًا ضخمة ذات قيمة مرتفعة، مما دفع المؤسسات المالية الكبرى إلى ضخ استثمارات ضخمة فى أسهم هذه الشركات خلال الفترة الأخيرة، كما جذب القطاع اهتمام بعض المؤسسات المالية الأجنبية التى تقدمت بطلبات استحواذ على شركات مدرجة بفضل معدلات النمو العالية التى تحققها هذه الشركات.

ويتوقع “عيد” أن يشهد القطاع المزيد من عروض الاستحواذ خلال الربع الأول من 2025، وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع إيجابى فى أسعار الأسهم المدرجة وتحقيق مستويات سعرية قياسية جديدة.

وأشار إلى أن أبرز الشركات التى تثير اهتمام المستثمرين حاليًا هى “مصر الجديدة للإسكان والتعمير”، لافتًا إلى أنها تُعدّ من رواد القطاع وتمتلك واحدة من أكبر محافظ الأراضى غير المستغلة فى مصر، موضحًا أن قيمة هذه الأصول -التى تعتبر من الأصول ذات القيمة العادلة المرتفعة- تمنحها جاذبية استثمارية كبيرة رغم انخفاض قيمتها السوقية الحالية.

وأكمل: “هذا الانخفاض فى السعر قد يشجع على ظهور عروض استحواذ جديدة من مؤسسات مالية كبيرة أو حتى على دخول جزئى فى هيكل ملكيتها”.

وقال “عيد” إن التوقعات الإيجابية لقطاع العقارات تشير إلى إمكانية جذب المزيد من التدفقات النقدية، سواء من المؤسسات المالية الكبرى أو من المستثمرين الأفراد، مما يعزز من احتمالية تصدر القطاع قائمة أنشط القطاعات فى الفترة المقبلة.

فى سياق متصل، أكد سامح هلال، العضو المنتدب لشركة الهلال لتداول الأوراق المالية، أن قطاع العقارات فى عام 2024 شهد طفرة غير مسبوقة على مستوى النشاط الميدانى وفى سوق الأوراق المالية.

وأرجع هذه الطفرة إلى الظروف والعوامل الاقتصادية التى تمر بها مصر والعالم، مثل معدلات التضخم العالمية، بالإضافة إلى تأثيرات محلية، أبرزها تعديل سعر الصرف فى مارس الماضي، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، وهو ما انعكس بوضوح فى ارتفاع الأسعار.

وأوضح أن ارتفاع أسعار المحروقات عادة ما يؤدى إلى تضخم، مما ينعكس بشكل مباشر على قطاع العقارات، سواء من حيث تكلفة البناء أو من حيث الأسعار النهائية للعقارات، مؤكدًا أن قطاع العقارات يعد من أكبر القطاعات فى البورصة المصرية، إذ يضم حوالى 39 شركة مدرجة.

وأشار إلى أن مجموعة طلعت مصطفى تتصدر هذا القطاع، نظرًا لحجم رأس المال الكبير وعدد الأسهم المتداولة فى السوق، مما يمنحها تأثيرًا كبيرًا على أداء بورصة الأوراق المالية، أما شركة مصر الجديدة، التى تمتلك محفظة كبيرة من الأصول والأراضى على مستوى الدولة، فتوقع وصول سهمها إلى 3 جنيهات قريبا.

وأوضح أن العرب يتوجهون بشكل متزايد للاستثمار فى مصر من خلال شراء القرى السياحية والكمباوندات، مما يعزز من البنية التحتية ويشجع على بناء مجتمعات عمرانية جديدة، وهو ما يتماشى مع توجهات الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية.

من جانبه، قال باسم أبوغنيمة، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة أون لاين للتداول، إن القطاع العقارى شهد تراجعًا فى الزخم الشرائى خلال الربع الثالث من هذا العام.

على الجانب الآخر، لفت “أبوغنيمة” الانتباه إلى الأداء الجيد لبعض الشركات الأخرى فى القطاع، مشيرًا إلى أن سهم شركة “بالم هيلز” حقق مستهدفه السعرى البالغ 7 جنيهات، بينما تجاوز سهم إعمار مصر مستوى 18 جنيهًا، ومع ذلك، فإن الأسهم المرتبطة بالقطاع الحكومي، مثل هليوبوليس ومدينة نصر للإسكان، لم تشهد أى ارتفاع ملحوظ فى الزخم الشرائي.

وأضاف أنه إذا أراد القطاع العقارى استعادة الزخم الشرائى فى الربع الأخير من العام، فإن ذلك يتطلب أخبارًا إيجابية قوية، قائلاً : إذ استطاع سهم طلعت مصطفى كسر حاجز 65 جنيهًا، فإنه قد يستهدف مستوى 80 وربما يتخطى 90 جنيهًا، لكن طالما استمر الزخم الشرائى فى حالة من الركود، فإن المستثمرين سيظلون فى حالة حذر حتى يتمكن السهم من تجاوز هذه المستويات.

وبالنسبة لشركة مصر الجديدة، أوضح أن الزخم الشرائى لا يزال ضعيفًا، لكن هناك توقعات بأن يتحسن قريبًا، مشيرًا إلى أنه إذا استطاع السهم اختراق مستوى 10.20 جنيه، فإنه قد يستهدف مستويات 11 و12 جنيهًا كمستويات مقاومة رئيسية.

فى المقابل، لفت إلى أن المستثمرين الأجانب يظهرون اهتمامًا بقطاع العقارات، مع توقعات بأن تشهد الشركات ذات الملكية الأجنبية حركات سعرية قوية، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاع العقارات المصرى قد تكون موجهة نحو الاستحواذ على شركات قائمة، بدلاً من الاستثمار المباشر فى الأراضي.

وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن أسعار العقارات فى مصر تشهد حاليًا زيادة مطردة وعنيفة، بسبب لجوء معظم المطورين العقاريين إلى التسعير بناءً على معدلات صرف مرتفعة للدولار، تحسبًا لأى تقلبات مستقبلية، خاصة مع تقديم تسهيلات سداد طويلة الأمد، ويأتى هذا التوجه فى إطار السعى لضمان استقرار الأرباح.

وأضاف “شفيع” أن هناك عدة عوامل تسهم فى هذه الزيادات، أبرزها التضخم المستمر وارتفاع أسعار المواد الخام، بالإضافة إلى الزيادات المتتابعة فى أسعار المحروقات، مشيرًا إلى أن هذه العوامل دفعت المطورين إلى تحميل تكاليف الإنتاج على الأسعار النهائية للعقارات، مع المحافظة على هوامش ربحية مناسبة، مما ساهم فى تسارع نمو السوق العقارية بشكل ملحوظ.

ولفت إلى أن الشركات الكبرى المدرجة فى البورصة المصرية، مثل “سوديك”، و”بالم هيلز”، و”إعمار”، و”طلعت مصطفى”،و “أوراسكوم للتنمية”، و”مدينة نصر”، هى المحرك الرئيسى لهذا النمو فى السوق.

وأوضح أن تلك الكيانات تركز على الفئات العليا من المشترين مع توجه خاص نحو الاستثمار فى العقارات السياحية، سواء فى الساحل الشمالى أو البحر الأحمر، بالإضافة إلى الاستثمار فى القطاع الفندقى والعقارات السياحية.

وتحدث “شفيع” عن توسع بعض هذه الشركات خارج مصر، وتحديدًا فى السعودية، بهدف تصدير العقارات للأجانب والعرب والمصريين المغتربين.

وأكد أن هذه الإستراتيجية تستهدف بيع العقارات الفاخرة لهذه الفئات، مما يعزز من فرص جذب الاستثمار الأجنبى إلى السوق العقارى المصري.

كما توقع “شفيع” أن يستمر القطاع العقارى فى مصر فى تحقيق نمو قوى خلال الفترة المتبقية من عام 2024، مشيرًا إلى أن النتائج المالية للنصف الثانى من العام قد تكون مماثلة أو تفوق ما تحقق فى النصف الأول.

وأضاف أن هناك تركيزًا متزايدًا على العقارات السياحية والخدمات الفندقية، مما يشير إلى توجه السوق نحو هذا النوع من الاستثمارات فى المستقبل القريب.

ورغم ذلك، أشار إلى أن التحديات التى تواجه القطاع تشمل ارتفاع أسعار الفائدة والمخاوف المتعلقة بإمكانية تحرير سعر الصرف مجددًا، حتى لو لم تكن هناك دلائل على حدوث ذلك قريبًا.

واختتم حديثه بالإشارة إلى اهتمام المستثمرين الأجانب المتزايد بالقطاع العقارى المصري، وخاصة بعد صفقات مثل صفقة رأس الحكمة ورأس بناس، مؤكدًا أن القطاع يُعتبر واعدًا من وجهة نظر الاستثمار الأجنبي، رغم أن أسعار العقارات الحالية لا تتناسب مع أغلبية المصريين، إذ تستهدف بشكل أساسى الفئات الثرية.

حسام عيد: التدفقات النقدية تتزايد والقطاع يواصل التفوق

سامح هلال: آثار سلبية مرتقبة بسبب تبعات ارتفاع أسعار مواد البناء

باسم أبوغنيمة: من المرجح حدوث طفرة بتحركات الكيانات ذات الملكية الخارجية

مصطفى شفيع: مبيعات وربحية العام المقبل تتفوق على نظيرتها فى الحالى