أكد خبراء أن مبادئ التأمين المستدام توفر خارطة طريق عالمية لتطوير إدارة المخاطر والحلول التأمينية المبتكرة اللازمة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة والمياه النظيفة والأمن الغذائى والمدن المستدامة والمجتمعات المرنة.
وأضافوا لـ”المال” أن شركات التأمين التى تدمج الاستدامة فى عملياتها التجارية إنما تحفز التدفقات المالية وآفاقها طويلة الأجل اللازمة للتنمية المستدامة لديها.
وأوضحوا أن شركات التأمين تتمتع بموقع فريد فى الأنشطة الاقتصادية للتعامل مع التحديات البيئية والاجتماعية والحوكمة، نظرا لدورها الثلاثى المتميز كمدير وناقل للمخاطر والمستثمرين.
وذكرو أن شركات التأمين المصرية والعربية الإقليمية والدولية تلعب دورا فريدا فى الجهود العالمية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، نظرا لتوفيرها الحماية من المخاطر من جهة، وكذلك إدارة الأصول وقت حدوثها.
التأمين يلعب دوره فى الخطط الحالية للاستدامة
وقالت باسمة مندور، نائب الرئيس الإقليمى لقطاع القناة بشركة ثروة للتأمين، إن قطاع التأمين يلعب دوره فى الخطط الحالية للاستدامة (رؤية 2030)، إذ يعمل على العديد من الجبهات لدفع العالم إلى تحقيق الهدف الحيوى المتمثل فى إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون 2 درجة مئوية.
وأضافت أن هناك تهديدا رئيسا لقطاعى التأمين على الحياة والممتلكات جراء الكوارث المرتبطة بالطقس الناجمة عن الفيضانات والحر الشديد والجفاف والحرائق الضخمة، فضلا عن الأخطار المتعلقة بالأوبئة والأمراض.
وأكدت أن قطاع التأمين المصرى يعتمد بشدة على تبنى مبادئ الاستدامة، لأنها تمثل محرك التنمية فى الاقتصاد، بينما يتميز التأمين بقدرته على حشد المدخرات وإعادة استثمارها، ولهذا السبب كان الاهتمام بالتأمين المستدام، الهادف إلى تقليل المخاطر وتطوير الحلول المبتكرة وتحسين أداء الأعمال والمساهمة فى الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشارت إلى أن دمج مبادئ الاستدامة فى إستراتيجية قطاع التأمين تمثل فرصة استثمار جديرة بالاهتمام، لتحقيق مكاسب مستدامة طويلة الأجل مع الحفاظ على المجتمع والبيئة فى الوقت ذاته.
وألمحت إلى عدد من التدابير التى يجب اتخاذها لرفع مستوى الوعى بين شركات القطاع بأهمية التأمين المستدام ويلزم تنفيذها، من خلال تطوير خطط عمل تتضمن كيفية وخطوات دمج التأمين المستدام فى القطاع، عبر تنظيم اجتماعات متخصصة للشركات فى حوارات بناءة لزيادة الوعى بهذه الجوانب ومواكبة التطورات العالمية فى هذا الصدد.
وشددت على ضرورة تنفيذ مبادئ التأمين المستدام من خلال دمج القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) فى إستراتيجية إدارة المخاطر للشركات وسياسات الاكتتاب، عبر تطوير منتجات تأمينية تدعم “بشكل خاص” الأنشطة منخفضة الكربون وتشجيع الاستثمارات الخضراء، مع إعداد تقارير دورية عن خطى التقدم المُحرز فى هذا المجال لتحسين الشفافية.
وتابعت أن القطاع ربما يحتاج إلى المزيد من تنظيم برامج تدريبية حول قضايا التأمين المستدام، لموظفى الشركات والعاملين بالمجال والعملاء والجمهور المستهدف، لرفع مستويات الوعى بين الجميع (المؤمن عليهم والوسطاء وشركاء الأعمال) بقضايا الاستدامة.
وأفادت بأن شركات التأمين تواصل العمل مع العملاء ومختلف الصناعات والحكومة من أجل حماية ودعم المؤمن عليهم من التأثير المادى للمخاطر من خلال تقديم المشورة لهم بشأن إدارتها ودعم الحلول المبتكرة للتخفيف والمرونة والتكيف معها، فضلا عن دعم الاقتصاد من خلال التخطيط المستقبلى لتوفير استثمارات طويلة الأجل فى التكنولوجيا والسندات الخضراء وتطوير إستراتيجية للتعامل مع تغير المناخ.
وتابعت أن شركات التأمين يمكنها تعزيز قدرة المجتمع على التكيف مع تغير المناخ من خلال الاستمرار فى الاستثمار فى نماذج المخاطر وتعزيز استخدامها وتقديم المشورة بشأن قوانين البناء والمشروعات الهندسية، لأن هذا الأمر أصبح ملحا، للحد من فجوة الحماية مستقبلا.
وأضافت أن سيناريو الاحترار الذى يمكن أن يتجاوز 5 درجات مئوية يمكن أن يحدث اضطرابات متكررة وشديدة خلال القرن الحالى، مما قد يؤدى إلى العديد من المخاطر غير القابلة للتأمين، لا سيما مع التأثر الشديد على الاقتصاد والمجتمع.
لا بد من تحول اقتصادى واجتماعى جذرى
وذكر محمد الغطريفى، وسيط التأمين، أن مرونة التأمين تتلخص فى العمل على تقليل الاحترار المستقبلى، من خلال تقليل انبعاثات الكربون والتكيف مع المخاطر المناخية وهو ما يتطلب تحقيق أهداف اتفاقية باريس الموقعة فى 22 مايو 2015، التى أكدت أهمية تجنب المخاطر المناخية التى ينتج عنها تغييرات اقتصادية واجتماعية جوهرية.
وأوضح ضرورة اتخاذ قطاع التأمين الإجراءات المناسبة لتجنب المخاطر المناخية بطرق منهجية ومنسقة ومخطط لها، كتخارج شركات التأمين من الاستثمارات الأكثر تعرضا للأنشطة المرتبطة بالفحم، ومضاعفة الاستثمارات الخضراء، إضافة إلى توفير قطاع التأمين حلول تأمينية للطاقة المتجددة والمخاطر المناخية والمجتمعات منخفضة الدخل، بالإضافة إلى أنظمة الإنذار المبكر للأحوال الجوية القاسية.
وأكد أن شركة أكسا العالمية للتأمين (AXA) دفعت 1.1 مليار دولار تقريبا كمطالبات لخسائر التأمين المرتبطة بالطقس منذ 10 سنوات (عام 2014)، وهو ما سلط أنظار العالم وقتها على التكاليف التى تتحملها المجتمعات نتيجة لهذه الأحداث.
وتابع أن الدول، ومن ضمنها مصر والمنطقة العربية والإقليمية، لا يمكنها الوقوف أمام الاحتباس الحرارى العالمى دون تحول اقتصادى واجتماعى جذرى، وفقا لهدف اتفاقية باريس المتمثل فى الحد من الاحتباس الحرارى العالمى إلى ما دون 2 درجة مئوية، خلال الفترة 2020 - 2030 لتجنب المخاطر المناخية.
وأشار إلى أهمية زيادة المبادرات التى يساهم التأمين من خلالها فى تعزيز التنمية المستدامة، بما فى ذلك بناء القدرة على تحمل الكوارث والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، كما أن القطاع يمكن أن يساعد فى تسخير إمكاناته الكاملة لتعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
دمج رسائل التوعية فى الدعاية الخاصة بالشركات
وبيّن الدكتور علاء العسكرى، أستاذ التأمين بكلية التجارة – جامعة الأزهر، أن اتفاقية باريس 2015 حثت الدول الموقعة على العمل لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى للحد من درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، مع التزام جميع الدول الـ195 الموقعة عليها بمكافحة أسباب تغير المناخ.
وأضاف أن اتفاقية باريس تهدف إلى إنقاذ حياة ما يقرب من 153 مليون شخص يمكن أن يكونوا معرضين للوفاة المبكرة خلال القرن الحالى عالميا، وهو ما يلقى بأعباء كبيرة على كاهل شركات تأمينات الحياة بمختلف الدول على سبيل المثال، فضلا عن شركات تأمينات المسئوليات لا سيما مع حدوث أضرار ناتجة عن كوارث طبيعية.
وأوضح أن جزءا كبيرا من إستراتيجية التنمية المستدامة تم من خلال مبادرة مبادئ التأمين المستدام (PSI)التى أطلقتها مبادرة الأمم المتحدة للتمويل البيئى (UNEP FI) فى عام 2012، للحد من مخاطر الكوارث، وهو إطار عمل عالمى جديد لمساعدة الحكومات على جميع المستويات على الاستعداد بشكل أفضل للكوارث وتحسين قدرة البلدان والمجتمعات على تحمل الكوارث وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وتابع أن أهداف التأمين المستدام (PSI) يتوافق مع برنامج 2030 للتنمية المستدامة بمصر، بدعم من أكثر من 100 مؤسسة تأمين وأصحاب مصالح فى جميع أنحاء العالم، لصناعة فهم عميق للآثار الاقتصادية والاجتماعية للكوارث على المجتمعات، وكذلك أهمية الحد من مخاطرها خاصة فى سياق تغير المناخ، والحاجة إلى التخفيف من آثاره، حيث تتراوح الخسائر الاقتصادية المتوسطة الناجمة عن الكوارث بين 250 و300 مليار دولار سنويا، فضلا عن أن أكثر من مليون شخص فقدوا حياتهم بسببها.
واقترح على شركات التأمين - للتسويق والمبيعات- دمج رسائل التوعية فى الإستراتيجيات والحملات الخاصة بها، لتأكيد فهم العملاء للمزايا التى تقدمها منتجات التأمين.
مندور: القطاع يتبناها لأنها محرك التنمية الاقتصادية
الغطريفى: على الشركات مضاعفة الاستثمارات الخضراء
