تمويل تصنيع السيارات نشاط جاذب للبنوك رغم التحديات

Ad

قال عدد من المحللين والخبراء المصرفيين إن نشاط تصنيع السيارات فى مصر يعد واحدًا من النشاطات الجاذبة للبنوك، لا سيما فى ظل حجم السوق وارتفاع الطلب على السيارات، موضحين أن هناك الكثير من الفرص الكامنة فى هذا القطاع والتى تجعله أحد القطاعات التى يمكن التعويل عليها للدفع بالصناعة الوطنية قدما.

وأضافوا - فى تصريحات لـ «المال» - أنه وعلى الرغم من ذلك فإن هناك العديد من التحديات التى تواجه هذه الصناعة فى مصر، أبرزها تقلبات أسعار المعدات ومستلزمات التصنيع والإنتاج، وكذلك حجم المنافسة من الأسواق الخارجية الأخرى.

جاذبية السوق والائتمان المصرفي

وقال محمد البيه الخبير المصرفى إن البنوك تدعم عمليات تصنيع السيارات فى مصر، ولعل أكبر دليل على ذلك كون القطاع يمول، ومنذ فترة، عددًا من اللاعبين الفاعلين فى مجال تصنيع السيارات، وعلى رأسهم "غبور" و"نيسان".

وأضاف أن فكرة التصنيع فى حد ذاتها جيدة جدا بطبيعة الحال، لا سيما وأنها قادرة على جذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبى، لافتا إلى أن البنوك ترى فى هذا القطاع فرصة ملائمة لضخ التسهيلات الائتمانية اللازمة للدفع بالصناعة والمضى بها قُدمًا.

وتتطلع الدولة لتوفير ما يقرب من 4 مليارات دولار سنويًا من قطاع السيارات من خلال الإستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لصناعة المركبات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأشار "البيه" إلى أن الخطورة الوحيدة فى مجال تصنيع السيارات، والتى يمكن أن تؤثر سلبًا على جاذبية هذا القطاع للبنوك، هو تقلبات الأسعار، بمعنى أنه متى ما حدث تراجع فى قيمة العملة المحلية فمن شأن هذا أن يؤثر بالسلب على هذه الصناعة ومن ثم ربحيتها، وبالتالى قدرتها على جذب الائتمان المصرفى.

وأكد أنه فى حال تم استيراد قطع غيار ومعدات إنتاج على أساس سعر معين، وحدث تغير فى هذا السعر، فمن المؤكد أن سوق أو قطاع تصنيع السيارات سوف يتأثر بالسلب.

ورغم ذلك، أكد الخبير المصرفى أن هذه السوق واعدة جدًا، لا سيما وأن حجمها كبير، ناهيك عن ارتفاع حجم الطلب على السيارات فى مصر.

مبادرة الصناعة %15

وفيما يتعلق بمبادرة الصناعة بعائد %15 واحتمالية انطباقها على نشاط تصنيع السيارات، لفت «البيه» إلى أن الفكرة الأساسية تكمن فى شروط المبادرة، بمعنى أنه إذا انطبقت على عميل من العملاء فسوف يكون باستطاعته الاستفادة من المبادرة والحصول على تسهيل ائتمانى مدعم.

وأشار إلى أنه من المهم أيضًا لفت الانتباه إلى أن هذه المبادرة اختيارية، بمعنى أن البنوك ليست ملزمة بتفعيل هذه المبادرة، كما أن كل البنوك العاملة فى السوق المصرفية المصرية تعمل بهذه المبادرة.

وكان مجلس الوزراء وافق، فى وقت سابق، على استمرار مبادرة دعم فائدة التسهيلات التمويلية المحفزة للقطاعات الإنتاجية لدفع عجلة الاقتصاد المصرى، حيث سيتم إتاحة 120 مليار جنيه تمويلات ميسرة لأنشطة الإنتاج الزراعى والصناعى بفائدة لا تزيد على %15 فى مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية؛ أخذًا فى الاعتبار ارتفاع أسعار الفائدة.

وتتضمن المبادرة، بحسب بيان صادر عن وزارة المالية، تخصيص 105مليارات جنيه لتمويل رأس المال العامل و15 مليارا لشراء الآلات والمعدات أو خطوط الإنتاج، لافتًا إلى أننا نتشارك مع المستثمرين أعباء التمويل لخفض تكاليف الإنتاج وتحفيز التصديرواستدامة النمو الاقتصادى، حيث تتحمل الخزانة العامة للدولة نحو 8 مليارات جنيه فارق سعر الفائدة سنويًا عن المستفيدين بهذه المبادرة.

مزايا تنافسية

فى السياق ذاته، أكد الخبير المصرفى وليد عادل أن نشاط تصنيع السيارات جاذب للقطاع المصرفى نظرًا لطبيعة السوق فى مصر.

وأضاف أنه وعلى الرغم من ذلك هناك عدد من التحديات التى تحول دون هذه الصناعة أو تقف حائلًا أمام تطورها أبرزها: ارتفاع أسعار السيارات فى حد ذاتها، ناهيك عن تكاليف الشحن، فضلا عن منافسة الأسواق الأخرى.

ولفت إلى أن هناك منافسة محتدمة فى هذا القطاع من قبل بعض الدول الأخرى التى أقرت عددًا من التسهيلات لهذا النشاط أبرزها رفع الجمارك وإلغائها بشكل كامل.

وأكد هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى أن مصر تولى اهتماما كبيرا بهذه الصناعة منذ ستينات القرن الماضى، وعلى الرغم من ذلك فإن مستوى التقدم فى هذا الملف لا زال دون المستوى المطلوب.

يشار إلى أن صناعة السيارات بدأت فى مصر منذ خمسينيات القرن الماضى عبر شركة النصر للسيارات، والتى تأسست فى البداية لتجميع السيارات ومن ثم صناعة أول سيارة مصرية خالصة، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وذكر أن ما يجرى فى مصر حاليا عبارة عن تصنيع كماليات السيارات فقط، لافتا إلى أن عملية تصنيع السيارات، رغم أهميتها، لا زالت محفوفة بالمخاطر وعلى رأسها عدم وجود الإمكانيات اللازمة ناهيك عن الأدوات التقنية.

وأوضح أنه من المهم كذلك الأخذ فى الاعتبار القدرة على البيع والتصدير للخارج، وهى مسألة حاسمة خاصة فى ظل وجود العديد من الدول التى تولى هذه الصناعة أهمية كبرى، حتى أمست متقدمة جدًا لديها، ولعل المغرب أحد أبرز الأمثلة على ذلك.

وتستهدف الحكومة، بحسب تقرير صدر عن مجلس الوزراء فى وقت سابق، تصدير ما يقرب من %25 من حجم الإنتاج السنوى للسيارات، على أن يتم تصديره للأسواق الخارجية بحلول 2030.

خطط ومستهدفات الحكومة

فيما تستهدف الدولة تصنيع ما يتراوح بين 400 إلى 500 ألف سيارة سنويًا، إضافة إلى التركيز على إنتاج الطرازات الكهربائية بحلول 2030، فضلا عن رفع نسب المكون المحلى فى إنتاج المركبات بما لا يقل عن %60 فى المتوسط، ليتراوح بين 60 إلى %80 بحلول تلك الفترة.

وتخطط مصر لإنشاء أكبر مدينة لصناعة السيارات بمنطقة شرق بورسعيد، إذ وقعت اتفاقية لدراسة التعاون الإستراتيجى بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادى، وشركة شرق بورسعيد للتنمية الرئيسية، و"فولكس فاجن" أفريقيا، ومن المتوقع أن يجتذب المشروع استثمارات نحو 240 مليون دولار وسيُوفر 2100 فرصة عمل مباشرة و4000 أخرى غير مباشرة فى الصناعات المغذية.