قال عدد من المحللين المصرفيين إن ارتفاع التكلفة كان هو السبب الأساسى وراء دفع بعض اللاعبين الرئيسيين فى السوق المصرفية المصرية إلى خفض العوائد على الشهادات المتاحة لديها بنسب تتراوح من 1.5 إلى %2.
وأضافوا أن احتمالات لجوء البنك المركزى المصرى إلى خفض الفائدة مستقبلًا كان سببًا رئيسيًا آخر، وهو ما دفع البنوك إلى تخفيض العوائد، لاسيما على الشهادات طويلة الأجل.
كشف الموقع الإلكترونى لبنك “HSBC مصر” خفض سعر الفائدة على الشهادة الثلاثية للعائد الثابت %1.5 مسجلة %20.5 سنويًا للعائد الشهرى بدلًا من %22.
وخفض البنك التجارى الدولى أسعار الفائدة على ثلاث من أهم شهادات الاستثمار الخاصة الثلاثية به، إذ تم تخفيض سعر الفائدة بنسبة %2 على كل من شهادة “Premium” و”Plus” وشهادة “Prime”.
قال محمد البيه، الخبير المصرفي، إن البنوك بدأت فى الوقت الحالى تخفيض الفائدة على الشهادات طويلة الأجل ذات العائد الثابت مدفوعة بالتوقعات المستقبلية المتعلقة بلجوء البنك المركزى المصرى إلى خفضها، والبدء فى دورة تيسير نقدي.
وكانت وكالة فيتش سوليشنز قد توقعت، فى تقرير صدر عنها فى وقت سابق، أن يلجأ البنك المركزى المصرى إلى خفض أسعار الفائدة بواقع %12 على مدار عام 2025 بشكل تراكمي.
وبنى التقرير هذه التوقعات على احتماليات انخفاض التضخم إلى أقل من %20 على الرغم من الزيادات المتوقعة فى الأسعار المحددة إداريًا، وهو ما سيدفع البنك المركزى إلى تخفيف السياسة النقدية العام المقبل.
وذكر «البيه» أن البنوك تتحوط فى الوقت الراهن فيما يتعلق بالشهادات، خاصة تلك طويلة الأجل، بمعنى أنها لا تفضل طرح شهادات وأوعية ادخارية بعوائد مرتفعة فى حين ترجح كل التوقعات تخفيض البنك المركزى أسعار الفائدة فى المستقبل القريب، وربما خلال أو نهاية الربع الأول من العام المقبل.
وأشار إلى أن البنوك المحلية العاملة فى السوق المصرفية المصرية تحاول فى الوقت الراهن خفض التكلفة المستقبلية، لاسيما أن هذه التكلفة ستدفع فى نهاية المطاف إلى تآكل الهوامش.
ارتفاع التكلفة
ومن جانبه، قال وليد عادل، الخبير المصرفي، إن تكلفة هذه الشهادات مازالت تشكل عبئًا على البنوك، ومن ثم تحاول تخفيف هذه التكلفة كلما سنحت الفرصة لذلك.
وأشار إلى أن البنوك تحاول فى الوقت ذاته العمل على استغلال ما لديها من ودائع العملاء على النحو الأمثل، لافتًا إلى أن ارتفاع أسعار الإقراض يؤثر فى نهاية المطاف على حجم الائتمان الممنوح من البنوك للعملاء.
وارتفع إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية للعملاء من البنوك، بخلاف البنك المركزى المصري، إلى 7.01 تريليون جنيه بنهاية مايو 2024 مقابل 6.95 تريليون جنيه بنهاية أبريل الماضي، وذلك بحسب النشرة الإحصائية الصادرة عن البنك المركزي.
وأشار إلى أنه من المتوقع، على المستوى النظري، أن يؤدى ارتفاع التكلفة إلى خفض محافظ القروض لدى البنوك.
وارتفع إجمالى أرصدة الإقراض إلى 5.64 تريليون جنيه بنهاية فبراير الماضي، مقارنة بـ5.36 تريليون جنيه بنهاية يناير 2024، وذلك بحسب النشرة الإحصائية الصادرة عن البنك المركزى المصري.
ولفت إلى أن ارتفاع تكلفة الإقراض يدفع كذلك إلى عدم قدرة البنوك على الإقراض على النحو الجيد، وهو ما يعنى حدوث مشكلة فى نسب التوظيف (أى نسبة القروض للودائع).
وسجلت نسبة التوظيف فى القطاع المصرفى (أى نسبة القروض إلى الودائع) نحو %48.5 بنهاية يونيو 2022، وذلك بحسب تقرير صادر عن البنك المركزي.
ويؤيد حجم ومعدل نمو القطاع المصرفى ما يذهب إليه «عادل»، إذ ارتفع إجمالى ودائع عملاء البنوك، بخلاف البنك المركزي، إلى نحو 11.99 تريليون جنيه بنهاية النصف الأول من 2024، مقارنة بنحو 11.83 تريليون بنهاية مايو، بحسب تقرير المركز المالى للبنوك.
وفى السياق ذاته، قال هانى أبو الفتوح إن ارتفاع التكلفة هو السبب الرئيسى الذى دفع بعض البنوك العاملة فى السوق المصرفية المصرية إلى خفض العوائد على بعض الشهادات المتاحة لديها.
واستبعد- خلافًا لبقية المحللين الآخرين- أن يكون لاحتمالات خفض الفائدة مستقبلًا دور فى تخفيف هذه العوائد على الشهادات سالفة الذكر.
وأوضح أن البنوك التى لديها قاعدة حسابات كبيرة لا تدفع عليها فوائد للعملاء هى عادة التى يكون لديها حرية فى الحركة أكثر من غيرها، ولعل ما يشهد أو يؤيد هذا الرأى كون بقية البنوك لم تتخذ ذات الخطوة التى اتخذها بنكا hsbc وcib.
شهادات %30
وفيما يتعلق بالشهادات بالعملة المحلية، أكد خبيران مصرفيان تحدثا لـ«المال» فى وقت سابق، أن العامل الحاسم فى بقاء هذه الأوعية الادخارية ذات العوائد المرتفعة (%30) هو معدل التضخم، مشددين على أنه طالما ظلت معدلات التضخم بعيدة عن مستهدفات البنك المركزى فمن المنطقى أن تظل هذه الشهادات مطروحة فى السوق، رغبة فى امتصاص السيولة، ومن ثم التأثير على معدلات التضخم.
وأكد الخبيران أنه بناءً على هذا التحليل السالف فمن المتوقع أن تلجأ إلى خفض العوائد على الشهادات بالعملة المحلية مطلع العام المقبل، لاسيما فى ظل تواتر التوقعات بتراجع التضخم.
الشهادات الدولارية
خفّض بنك مصر العائد على شهادتيْ ادخار “القمة” و”إيليت” بالدولار الأمريكي، لمدة ثلاث سنوات، لتصبح %8.5 و%6.5 سنويًّا، بدلًا من %9 و%7 على التوالي، كما خفض البنك الأهلى العوائد على ”الأهلى فورا” و”الأهلى بلس“ بنفس القدر، بحسب الموقع الإلكترونى للبنكين.
وجاء ذلك مدعومًا بقرارات بنك الاحتياطى الفيدرالى الأخيرة، والتى قرر على إثرها البدء فى خوض دورة تيسير نقدى لأول مرة منذ أربع سنوات.
وتراجع صافى الأصول الأجنبية للبنوك إلى 473.224 مليار جنيه بنهاية أغسطس، مقابل 644.764 مليار جنيه بنهاية يوليو الماضي، وفقًا لبيانات البنك المركزي.
