أثار قرار رفع أسعار البنزين والسولار فى مصر موجة من التوقعات حول تأثيره على قطاعى المقاولات والعقارات، ودارت ترجيحات حول ارتفاع محتمل فى التكاليف ينتج عنه زيادة أسعار العقارات فى الفترة المقبلة.
وهذه الزيادة الأخيرة من المتوقع أن تؤدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات العقارية تحت الإنشاء، بينما تبقى الوحدات القائمة مستقرة نسبيًا، ومع ذلك، فإن شركات التطوير العقارى تعمل على تفعيل إستراتيجيات تحوط مالى لمواجهة هذه الزيادات والتكيف مع المستجدات الاقتصادية.
وكانت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بيع المنتجات البترولية فى مصر، قررت يوم الجمعة الماضى رفع أسعار المنتجات البترولية، بما فى ذلك أسعار البنزين والسولار والكيروسين بنحو جنيهين للتر، بخلاف المازوت المورد للصناعات ليبلغ 9500 جنيه لكل طن.
وقال المهندس هانى محمود، رئيس مجلس إدارة شركة “العلامة للمقاولات”، إن القرار الأخير للجنة تسعير المواد البترولية برفع أسعار البنزين بكل أنواعه بواقع 1.5 جنيه للتر، و السولار بمقدار جنيهين، سيلقى بظلاله الثقيلة على قطاع المقاولات والعقارات.
وأشار إلى أن هذه الزيادة المفاجئة ستؤثر بشكل مباشر على تكاليف البناء، مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات العقارية تحت الإنشاء فى المستقبل القريب.
وأوضح أن زيادة أسعار البنزين والسولار ستؤثر بشكل أساسى على تكلفة نقل مواد البناء مثل الأسمنت، والحديد، والطوب، حيث تُعتبر عنصرًا أساسيًا فى عملية البناء، وزيادتها ستؤدى إلى ارتفاع ملحوظ فى التكلفة الإجمالية للمشروعات العقارية، مما سيقود بدوره إلى زيادة أسعار الوحدات العقارية التى ما زالت قيد الإنشاء.
وألمح إلى أن المعدات الثقيلة المستخدمة فى مواقع البناء تعتمد بشكل كبير على السولار، وزيادة سعره بواقع جنيهين للتر ستؤدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل اليومية لهذه المعدات، وهذا سيزيد من الأعباء المالية على شركات المقاولات ويعزز من ارتفاع التكاليف الإجمالية للمشروعات.
ورأى المهندس مروان فارس رئيس مجلس إدارة شركة “إبداع للتطوير العقاري”، أن ارتفاع أسعار البنزين والسولار وغيرها يترتب عليه زيادات فى أسعار العقارات بشكل مباشر .
وأضاف، أن الزيادة فى أسعار الوقود يتم إضافتها على مدخلات البناء والخامات ومواد التشطيب فى عمليات الإنتاج وعمليات النقل وجميع أعمال المعدات الثقيلة التى تستخدم فى أعمال الإنشاءات وغيرها، فعملية نقل الحديد والأسمنت والطوب وغيرها من مواد البناء تؤثر على مدخلات القطاع العقاري.
ورشح عدة كيانات قد لا تتأثر بالزيادات الأخيرة، وأبرزهم من يعتمدون على تخزين كميات كبيرة من مواد البناء، مع التأكيد على أن أية زيادة فى أسعار الوقود تؤثر على أسعار الخامات ومواد البناء حتى ولو كانت زيادة طفيفة ، فإنها توثر فى تكلفة المبانى و المنشآت العقارية و بالتالى زيادة فى سعر العقارات.
وأضاف أن المطورين يحسبون التكلفة بالسعر الحالى مع وضع نسبة تحوط سعرى للتكاليف، فبالتالى زيادة التكاليف حالياً يترتب عليه إضافة عوامل تحوط، قائلاً: “منهجية التسعير السليمة تتضمن احتياطيات نقدية لمواجهة مثل هذه الحالات ولكن فى حدود معقولة”.
أما المشروعات الجديدة أو المراحل التى لم يتم طرحها بالمشروعات القائمة فسيتم تسعيرها بناء على عناصر التكلفة الجديدة، أى أنه وإذا لم يستطع المطورون تمرير زيادة الأسعار من خلال السوق فى المشروعات القائمة، سوف يتم تطبيقها على المشروعات أو المراحل الجديدة من القائمة.
بينما قال المهندس فتح الله فوزى نائب رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، إن الزيادة الأخيرة فى أسعار البنزين سيكون لها تأثير مباشر على تكلفة نقل مواد البناء، مما أدى إلى ارتفاع طفيف فى أسعار المواد الأساسية المستخدمة فى قطاع المقاولات.
وأضاف أن تكلفة النقل تعتبر جزءًا مهمًا من معادلة التكاليف، حيث إن زيادة أسعار الوقود ترفع من نفقات نقل المواد الثقيلة مثل الحديد، والأسمنت، والرمل، وبالتالى ترتفع أسعار المقاولات.
وأشار “فوزي” إلى أن هذا الارتفاع الطفيف لم يؤثر بشكل كبير على أسعار العقارات، مشددًا على أن السوق العقارية تشهد استقرارًا نسبيًا فى الأسعار رغم التغيرات الاقتصادية.
وأوضح أن الزيادة فى تكاليف البناء محدودة ولن تتسبب فى زيادة كبيرة فى أسعار الوحدات السكنية أو التجارية.
وأكد أن السوق المصرية قادرة على امتصاص هذه الزيادة البسيطة فى الأسعار، حيث إن العرض والطلب يظلان عاملين مؤثرين فى الحفاظ على استقرار القطاع العقارى، مع استمرار توجه المستثمرين نحو الاستفادة من الفرص المتاحة فى هذا القطاع الحيوي.
بينما قال جون سعد خبير الاستثمار العقارى إن زيادة الوقود ستؤثر بشكل سريع وواضح على أسعار العقارات فى الفترة المقبلة، فلا شك أن هناك زيادة مرتقبة فى أسعار الوحدات سواء السكنية أو الخدمية.
وأشار إلى أن الوقود عنصر رئيسى فى عملية التطوير العقارى والتى تبدأ من توريد المواد الخام وحتى وصولها إلى مواقع الإنشاءات، فبالتالى من المرتقب ارتفاع أسعار العقارات بنسبة لن تقل عن %15 خلال الفترة الحالية.
ولفت إلى اختلاف إستراتيجية كل شركة فى التعامل مع تبعات زيادة الوقود، فالنسبة الأكبر ستتجع لتمرير نفس الزيادة على العملاء، وهناك آخرون سيفضلون عدم الزيادة وتحمل الأعباء المالية لجذب أكبر قدر من المشترين لاحقا.
وأكد أن قطاع المقاولات سيكون فى صدارة الأكثر تأثرًا بالزيادات ما قد يدفعهم لتدبير سيولة إضافية لاستكمال تنفيذ الأعمال القائمة لحين الحصول على أموالهم من جهات الإسناد.
وأضاف “سعد” أن الأسمنت والحديد، والسولار يمثل أحد مدخلات تلك الصناعة، ومن المتوقع ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة.
ورأى أن التخوف الأهم فى القطاع العقارى حاليا يتركز فى ارتفاع التضخم فى السوق المحلية والذى بدوره قد يقلل من القوة الشرائية للمواطنين، ويجبرهم على تأجيل قراراتهم الاستثمارية بشراء العقارات فى المرحلة الراهنة.
وكانت غرفة صناعات مواد البناء أعلنت مؤخرا فى بيان صحفى، أن أسعار مواد البناء بريئة تماما من أى زيادات مبالغ فيها حدثت أسعار العقارات فى مصر خلال هذه الفترة.
وقال أحمد عبد الحميد رئيس الغرفة إن أسعار مواد البناء ليست مسئولة عن ارتفاع الأسعار التى شهدتها السوق العقارية مؤخرا، مضيفا أن الحديث عن تراجع أسعار الحديد أول أمس قد يقود باقى مواد البناء إلى التراجع أيضا فى الأسمنت أو الطوب أو غيرها وذلك بالرغم من تزايد بنود وعناصر التكلفة فى جميع قطاعات مواد البناء بطريقة مخيفة مثل المازوت والغاز والكهرباء والتأمينات وارتفاع تكلفة المحاجر.
وأضاف أن الغرفة تؤكد أن القطاع برئ تماما مما يحدث حاليا فى السوق العقارية من زيادات متتالية فى الأسعار والتى قد ترجع نتيجة قيام المطورين بالبيع بالتقسيط على 8 و 12سنوات وتحميل المشترى سعر الفائدة المبالغ فيه جدا عن هذه المستويات فى مصر وبالتالى نسب أرباح مرتفعة.
وأشار إلى أن المنتجين فى القطاع يواجهون ظروفا صعبة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج خاصة فى الطاقة والمحاجر وبالرغم من ذلك ملتزمون بإنتاج كل ما يكفى لسد احتياجات السوق بالأسعار المناسبة رغم محاولات بعض المطورين العقاريين إلقاء اللوم على منتجى القطاع وتسببهم فى الزيادات المتتالية لأسعار العقارات التى نراها غير مبررة ولا تعكس حقيقة أسعار مدخلات البناء.
