«الشراكة في الخدمات».. بداية طريق شركات الشحن لخفض كلفة النقل البحري

Ad

شهد قطاع النقل البحرى منذ بداية العام الجارى تطورات شديدة بسبب التوترات الجيوسياسيةالواقعة فى منطقة الشرق، مما أجبر شركات الشحن العالمية على تغيير خريطة خدماتها المتاحة للعملاء، مع اتجاه تعميق الشراكات بين بعضها البعض، فى محاولة منها استمرار سلاسل الإمداد وتقليل تكلفة الشحن.

عملت شركات الشحن من بداية العام على توسعة الشراكات والتحالف لتقديم الخدمات نتج عنها تأسيس 5 تحالف رئيسية تلعب دورًا مهمًا فى عملية نقل البضائع بين دول العالم.

جاء فى قائمة التحالفات، “كيانان OCEAN” والذى يضم 3 خطوط ملاحية عالمية، وهى خط CMA-CGM الفرنسي، وخط كوسكو الصيني، بالإضافة إلى خط ايفرجرين التايواني.

تلاه التحالف الثانى تحت مسمى MSC/ ZIM، والذى يضم كلا من خطى MSC السويسرى الإيطالي، وzim العالمي، والذى تصل طاقته إلى قرابة 1.5 مليون حاوية.

كما يقترب التحالف الثالث أيضًا من نفس المعدلات لتصل إلى قرابة 1.5 مليون حاوية، وهو تحالف Gemini، ويتكون من خط هاباج لويد الألماني، وخط ميرسك العالمي.

وتم تشكيل التحالف الرابع تحت مسمى “الاليانس” من 3 خطوط ملاحية، وضم خط one الياباني، وخط هيونداى الكوري، بالإضافة إلى يانج مينج التايواني.

ضمنالتحالف الخامس خطوط هيونداى “HMM”و”ONE ويانج مينج” فى تحالف Premier Alliance وهو شريك مع MSCحتى فبراير 2025.

اتفق عدد من العاملين بالسوق البحرية، على اتجاه الخطوط الملاحية للدخول فى تحالفات أيًا كان مسماها، هى إحدى الوسائل التى يستهدف منها خفض تكاليف الشحن فى الوقت الحالي، لاسيما أن مسارات السفن تغيرت تمامًا بحلول العام الجاري، بسبب ما تعانيه مناطق الإبحار.

بداية، قال اللواء إيهاب البنان، رئيس مجلس إدارة وكالةكلاركسون شيبنچ،إن الشحن يعد صناعة تنافسية للغايةلذلك يتم تشكيل التحالفات من الكيانات الصغيرة لتحافظ على تنافسيتها فى السوق، مرجعًا ذلك إلى المتغيرات المختلفة التى يشهدها حجم التجارة العالمية من أحداث خاصة توترات البحر الأحمر.

توقع وائل عمر،المدير التنفيذيلشركة العمر للتصدير والشحن البحري، زيادة خدمات الشحن بين الموانئ، ومن ثم ارتفاع معدلات تداول الحاويات.

ولفت إلى أن التحالفات ستحقق مبدأ التنوع فى التعاملات والأسعار والخدمات، وخلق وجهات الشحن متعددةتلبى احتياجات العملاء.

وقال “عمر” إنالتحالفات ستساعد شركات مرحلى البضائع داخل مصر فيتوفير رحلات أكثر تكرارًا وجداول زمنية مرنة، مما يعنيتسليم البضائع بشكل أسرع وأكثر موثوقية.

ومن ناحيته، قال حسام الديب، مدير شركة ستار شاين للشحن، إن شركات الشحن تستهدف تغطية بعض المناطق التى لا تصل إليها منفردة، لذلك تتشارك مع خط آخر للوصول إلى موانئ تلك المناطق.

وأضاف “الديب” أن هناك بعض الخطوط الضعيفة وطاقتها العددية للحاويات والسفن قليلة، مما يجعلها تسعى إلى البقاء فى السوق، وذلك من خلال تشكيل تحالفات لزيادة حجم القدرة التنافسية أمام نظيرتها الكبرى.

وعن مردود تلك التحالفات على أسعار الشحن،أشار “الديب” إلى أن فى حالةتشغيل التحالفات فى مناطق خدمات وموانئ محددة ومزدهرة سيكون نوالين الشحن متوازنة، بعكس أن استهدفت تلك التحالفات مناطق بعيدة وضعيفة التردد عليها ترتفعالنوالين بشكل مبالغ فيهخاصة المتجهة إلى أفريقيا.

ولفت “مدير ستار شاين” إلى أن محطة “كوسكو” فى ميناء “بيرايوس” اليونانى يستقبل الخطوط الكبيرة، مما يؤثر على حجم التداول بالموانئ المصرية نتيجة تقديم أسعار تنافسية وفترات سماح أكثر وتعريفة ثابتة مما يتطلب من الموانئ المصرية فى ظل التشكيلات الجديدة من الخطوط بتوحيد أسعار خدماتها للحفاظ على التنافسية.

وأوضح“الديب” أن تعاقد الدولة مع الخطوط الملاحية العالمية فى إدارة الموانئ سيجعل تلك الخطوط تسعى إلى زيادة أعمالهاووجودها فى مصر من خلال تحالفاتها الأخيرة.

وتنتهج وزارة النقل، أسلوب تمويل وإنشاء المحطات الجديدة فى جميع الموانئ على نفقتها، وتسليمها فيما بعد تحالفات تضم شركات عالمية، معها كيانات محلية متخصصة فى نفس القطاع، لتولى تنفيذ البنية الفوقية التى تمول عادة بالعملة الصعبة مع إدارة وتشغيل تلك المشروعات لمدة 30 عامًا، لضمان تحقيق المستهدف فى زيادة حجم تداول البضائع، وتحويل الموانئ البحرية بالسوق المحلية إلى مراكز لوجستية دولية.

واستعبد “الديب” ارتباط تلك التحالفات بالتوترات الحالية، موضحًا أن قرار تشكيل تحالف يستهدف المدى البعيد، ومدة لا تقل عن خمس سنوات بينما أحداث البحر الأحمر هى أمر عارض وسيزول -على حد تعبيره-.

من جانبه، أرجع مدير اللوجستيات بإحدى شركات الشحن البحرى تشكيل التحالفات إلى تقاسم المساحة على المراكب بين شركات الشحن، موضحًا أن تشغيل السفن الضخمة عبر مسافات طويلة أمر مكلف للغاية، لذلكيُمكن التحالف لكل خط ملاحى من توفير تكاليف الوقود ورواتب الأطقم البحرية وصيانة السفن نفسها.

وأضاف أن التحالفات تُمكن شركات الشحن من استخدام شبكتها المجمعة للوصول إلى المزيد من الموانئ، مما يسهل من وصول البضائع إلى جميع المناطق، خاصة أنه لا يمكن لشركة شحن واحدة الوصول إلى كل ميناء فى العالم بمفرده.

وتابع، أن الخطوط تسعى إلى تقليل التكاليف، خاصة أن هناك سفنًا تبحر بنصف طاقتها لذلك تتجه إلى التحالفات لتكمل بقية مساحة المركب من خلال إضافة حاويات خط آخر، مما يخلق أسعار نوالين شحن متوازنة.

أوضح أن أكبر عشر خطوط على مستوى العالم تسيطر على %70 من السوق، وتفعيل تلك التحالفات سيُمكنها من الاستحواذ على %90 من الحصة السوقية.

وعن مردود ذلك على السوق الملاحية المحلية قال مدير اللوجستيات، إن تلك التحالفات ستجذب خطوط ملاحية جديدةإلى الموانئ المصرية.

وقال مسؤول رفيع المستوى بإحدى التوكيلات الملاحية لـ”المال”، أن تشكيل التحالفات ستؤثر سلبًا على أعداد السفن المترددة على الموانئ المصرية، إنه سيتم جمع حاويات التحالف فى عدد مراكب أقل من السابقنتيجة تقاسمالمساحات.

وأكد تقرير ملاحى لشركة MSC أكبر شركة شحن حاويات فى العالم، أنها تحركت بسرعة للاستفادة من حجمها، فبعد انفصالها عن تحالف 2M مع شركة Maersk، ستعمل MSC بشكل مستقل إلى حد كبير مع الحفاظ على اتفاقيات تقاسم الفترات مع تحالف Premier Alliance وZim الجديد.

وتتولى شركة MSC إدارة 34 رحلة عبر خمسة طرق تجارية رئيسية، تغطى آسيا وأمريكا الشمالية، وآسيا وأوروبا، والبحر الأبيض المتوسط، وعبر المحيط الأطلسي.

وستقدم الشركة لعملائها خدمات مباشرة من ميناء إلى ميناء، إذ ستوفر أكثر من 1900 رحلة مباشرة عبر قناة السويس على أمل أن تنتهى أزمة البحر الأحمر فى العام المقبل، وأكثر من 1800 رحلة عبر رأس الرجاء الصالح.

كما طالب أحد الخبراء الملاحيين رفض ذكر اسمه، توفير احتياجات تلك الخطوط من أسعار مناسبة وأداء أسرع فيعمليات التداول، وسرعة إنهاء الإجراءات، خاصة انتظار السفن وعمليات الشحن والتفريغ وغيرها من الخدمات اللوجستية.

وأوضح “خبير الملاحة” أن التحالفات تتكون من عدة شركات شحن، وبالتالى تزيد عدد العملاء، مما يقلل أثر المنافسة الضارة بينهم، لذلكسيتم التنسيق فيما بينهم على أسعار النوالين.

وقال شريف صبري، استشارى التصدير بإحدى شركات الكيماويات، إنه من المبكر الجزم بتأثير مباشر وفورى للتحالفات على الموانئ المصرية، لكن من المرجح أن تشهد بعض الموانئ زيادة فى حركة الشحن إذا نجحت فى جذب خدمات تلكالتحالفات.

وأضاف أنه قد تشهد موانئ أخرى تراجعًا فى حال تحويل مسارات الشحن إلى محطات بحرية بدول مجاورة، وذلك مرهون بقدرة الموانئ المصرية على تقديم خدمات تنافسية من خلال الكفاءة والتكلفة والبنية التحتية.

ويرى “صبري” أن السوق الملاحية المصرية تتطلب التكيف مع المتغيرات الجديدة من خلال استكمال أعمال تطوير البنية التحتية للموانئ، وتبسيط الإجراءات الجمركية.

ومن ناحيتها، قالت الدكتورة منى نور الدين، عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية العربية للنقل، إن فكرة التحالفات الخاصة بـالخطوط الملاحية البحرية ترجعإلى كونها جزءًا من منظومة العولمة التى بدأت تجتاح العالم فى مرحلة السبعينيات، خاصة بعد انتشار النقل بالحاويات فى الموانئ البحرية، وسفن الحاويات، ونظم الإدارة الخاصة بالحاويات.

وأضافت “نور الدين” أن العالم أصبح فى حاجة ماسة إلى تلك التحالفات لمواجهة التحديات العالمية والأزمات الاقتصادية والسياسية والبيئية والحروب، وينتج عنها انسحاب بعض الخطوط التى لم تلق رواجًا أسواقها ولا تحقق أى تنافسية.

وأوضحت “نور الدين” أنالموانئ المحليةفى حاجة إلى تخفيض تعريفة الخدمات مع التشغيل الأمثل لكل الأرصفة وزيادة التقنية ورفع قدرات رأس المال البشري، وإدخال نظم المعلومات الجغرافية على أعلى مستوى، مع توفير خدمات الترانزيت بشكل أكبر.

وطالبت بضرورة دراسة عمل مجموعة من الحزم الاقتصادية وسلسلة من التنظيمات المالية والإدارية والتشريعات القانونية بما يحقق جذب للخطوط الملاحية الجديدة.

وتابعت: أن التحالفات الملاحية العظمى تعد فرصة كبيرة للموانئ إذا ما تمرفع حجم التجارة الخارجية فى ظل تفعيل الاتفاقيات الخاصة بالنقل البحرى وخاصة التجمعات الكبيرة مثل البريكس.

وأشارت إلى ضرورة استحداث خطوط ملاحية قصيرة على المسارات لتجنب ارتفاع التكاليف اللوجستية، وتكاليف سلاسل الإمداد العالمية، خاصة أن التحالفات معظمها تنتمى إلى خطوط آسيوية أوروبية وفى ظل ما تعانيه دول أفريقيا من توقف الحركة الملاحية عبر مضيق باب المندب فلابد من استحداثمسارات أفريقية وربطها بالموانئ المصرية.

رئيس مجلس إدارة  وكالة كلاركسون شيبنچ: صناعة النقل أصبحت تواجه تغيرات سريعة والدخول فى تحالفات يقلل من التداعيات

خبير: تكيف الموانئ المصرية مع التطورات مرهون بتوسع «اللوجستية»