أكد خبراء تأمين أن شركات القطاع اضطرت إلى تقديم عروض لتقسيط التغطيات، لتسهيل الأمور على العملاء الأفراد فى أعقاب أزمات التضخم العالمية.
وقالوا إن لجوء شركات التأمين إلى تقسيط منتجاتها هدفه الحفاظ على عملائها الأفراد والشركات، وتجنب إلغاء أو عدم تجديد الوثائق من قبل العملاء، وكذلك لإظهار التضامن مع العملاء فى مواجهة ارتفاع التضخم والضائقة المالية.
وأوضحوا أن التقسيط قد يؤثر سلبا على استثمارات الشركات، إلا أنه يعد خسارة جزئية بدلا من فقدان العملاء الذين تثقل كاهلهم الأزمات، وهو ما يُعد شرا أقل من خسارة العملاء الذين يعانون بسبب الأزمات الاقتصادية.
وأفادوا بأن شركات التأمين اضطرت إلى اللجوء إلى خطط تقسيط التغطيات لتوفير الراحة للعملاء الأفراد وسط أزمات التضخم العالمية.
وذكروا أن تلك الخطوة تستهدف الاحتفاظ بالعملاء الأفراد والشركات، ومنع إلغاء أو عدم التجديد، بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إليها على أنها وسيلة لدعم العملاء خلال فترات ارتفاع التضخم والسيولة المحدودة.
للتوافق مع «الإصلاح الاقتصادى»
وأكدت غادة الحريرى، مدير وكالات البيع المباشر بشركة ثروة لتأمينات الحياة، أن الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية التى ألقت بظلالها على المجتمع المصرى غيرت سلوك المستهلك منذ جائحة “كوفيد-19”، وارتفع معدل عمليات الشراء بالتقسيط بنسبة 100% فى عامين فقط.
وأشارت إلى أن الشراء بالتقسيط هو أحدث نشاط مالى غير مصرفى يخضع لإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، وقد ارتفعت قيمته المقدمة للعملاء بنسبة %100 على مدار العامين الماضيين، بعد أن ارتفعت من 8.5 مليار جنيه (حوالى 425 مليون دولار) فى عام 2020 إلى ما يقرب من 17 مليار جنيه (904 ملايين دولار) فى العام الماضى.
وتوقعت أن تصل قيمة التمويل الاستهلاكى فى عام 2026 إلى حوالى 50 مليار جنيه (2.6 مليار دولار)، خاصة مع توسع الحكومة فى وسائل الرقابة الآلية.
وشددت “الحريرى” على ضرورة إدخال منتجات تأمينية تمكن مالكيها من سداد أقساطها بطريقة تمنعهم من جميع أنواع التخلف عن السداد بسبب انخفاض السيولة، بالإضافة إلى إخضاع شركات الوساطة العاملة فى البيع بالتقسيط لقانون التمويل الاستهلاكى وإشراف هيئة الرقابة المالية، مع وضع إطار للتعامل مع جميع الأطراف المعنية بتنفيذ نظام التكنولوجيا المالية فى الأسواق المالية غير المصرفية، فضلا عن توسيع قاعدة المستفيدين واستهداف الفئات ذات الدخل المنخفض مع وضع إطار تنظيمى لهذه الحالات.
وأضافت أن أعباء ومصروفات تأمينات الحياة ارتفعت تكلفتها فى السنوات الأخيرة بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016، والتداعيات الاقتصادية الصعبة، بالإضافة إلى الجائحة العالمية “كوفيد-19”، والأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية فى أوكرانيا وأحداث “طوفان الأقصى” فى فلسطين وغزة والحرب فى لبنان.
وأشارت إلى أن هذه الضغوط تمثل أعباء، سواء فى توفير مصاريف الحياة مثل التعليم والصحة والزواج وتأسيس المنازل بالأجهزة الكهربائية، بينما أصبحت التغطيات ضرورة للجميع، ومن ثم، فإن وضع شروط تهدف إلى الحفاظ على العملاء من جهة وحماية أموال الشركات من جهة أخرى يعد حلا ناجعا، لا سيما وأن نظام البيع بالتقسيط معروف فى مصر منذ عقود.
أهمية استخدام التكنولوجيا
وأكد أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشارى أن تطوير نظام البيع بالتقسيط للتأمين هو نتيجة عصر يتميز بتزايد احتياجات المستهلكين، وتنوع المنتجات، وزيادة الاهتمام بتوسيع الأنشطة الاقتصادية، وتزايد المنافسة بين الشركات لاستخدام وتقديم أفضل الخدمات لجذب المستهلكين.
وأوضح أن نظام التأمين على الممتلكات بالتقسيط يلبى احتياجات المشترى عندما يكون غير قادر على إجراء عملية شراء نقدية ودفع كامل قيمة وثيقة التأمين، مع شروط دفع مرنة يحددها العميل مع الشركة، وقد دفع ذلك بعض الشركات إلى اعتماد طريقة التقسيط كإحدى طرق بيع منتجات التأمين التى تجذب شريحة معينة من العملاء.
وأضاف أن بعض العملاء قد يستخدمون نظام شراء التأمين على الممتلكات بالتقسيط بطريقة تضر بحالتهم المالية وتزيد من عبء ديونهم، وقد يُجبر المشترى على دفع سعر أعلى من المعتاد.
واقترح “إبراهيم” أن تعتمد المؤسسات نظام بيع قائم عن بعد باستخدام التقنيات السحابية عبر الإنترنت، مما يتيح لشركات التأمين مراقبة وإدارة جميع المستندات المتعلقة بنظام التقسيط، ويمكن ملاحظة الفرق بين المحاسبة التقليدية والمحاسبة الإلكترونية بسرعة، وكيف يمكن للأخيرة المساعدة فى جعل عمليات المحاسبة أكثر كفاءة.
وأشار إلى أن التحصيل الجبرى فى نظام البيع بالتقسيط يعنى تحصيل المبالغ المستحقة من العميل فى الوقت المستحق وفقا للاتفاق، ويتم اللجوء إلى ذلك فى حالة عدم دفع العميل مبلغ التقسيط المتفق عليه.
ولاحظ أن زيادة مبيعات الشركة تأتى من البيع المستمر للمنتجات، والذى يتم تقديمه بالتقسيط، بدلا من انتظار العميل لتوفير ما يكفى لشراء منتج التأمين، وهذا يقلل من المخزون ويصفى المنتجات، مما يسمح بتقليل مستويات المخزون الراكد من منتجات التأمين من خلال بيعها للعملاء الذين لا يمكنهم إجراء دفع نقدى مباشر، بالإضافة إلى المساهمة فى تسهيل حركة المنتجات وزيادة ضمان بيع المنتجات بسعر السوق.
وأكد أن اعتماد أكثر من طريقة دفع وتحديد سياسات البيع والتحصيل بعد ذلك هو أحد طرق التسويق الجيدة التى تساعد على جذب أنواع مختلفة من العملاء، وقد يؤثر تحديد طريقة البيع بالتقسيط على حساب الإيرادات والتكاليف وحجم الأرباح والمبيعات المتوقع فى البداية، لذلك يجب استخدام نظام محاسبى قوى لمراقبة وإدارة المعاملات بدقة.
لا بد من النظر فى قدرة العملاء على السداد
وذكر هشام شقوير، خبير التأمين الاستشارى، أن شراء منتجات التأمين بالتقسيط أصبح بمثابة شريان الحياة فى المناخ الحالى لارتفاع الأسعار الذى يؤثر على كل شيء.
وأشار إلى أن معدل التضخم فى مصر ارتفع تأثرا بالأحداث المحيطة إقليميا ودوليا.
وأضاف أن بيع منتجات التأمين بالتقسيط اكتسب شعبية كبيرة، حيث أصبحت هذه المعاملات حاجة ملحة وسط تزايد احتياجات الناس وارتفاع الأسعار، خاصة مع تزايد استخدام التكنولوجيا لتقديم الخدمات المالية وتوافر حلول التمويل غير التقليدية.
وأرجع نمو هذا الاتجاه إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التى شهدها العالم فى السنوات الأخيرة، خاصة منذ ظهور فيروس كورونا (كوفيد-19)، والتباطؤ اللاحق فى المبيعات وتراجع القوة الشرائية للأفراد، الذى أدى إلى زيادة الطلب على شركات التأمين التى تبيع منتجاتها بالتقسيط، مما شجع العملاء على الشراء من خلال تقديم شروط دفع مرنة وجمع ثمن المنتج على أقساط، بالإضافة إلى رسوم الفائدة على فترة السداد.
وأشار “شقوير” إلى أن بيع منتجات التأمين بالتقسيط ينعش الاقتصاد بطريقة ما، حيث يساهم فى زيادة استعداد الأفراد لشرائها وتعزيز الطلب، وهذا بدوره يؤدى إلى نمو الإنتاج من قبل الشركات، وتحفيز دورة الإنتاج، وبالتالى زيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، وكلها عوامل إيجابية للاقتصاد.
ومع ذلك، فقد سلط الضوء على خطر نمو هذه السوق (التقسيط) واحتمالية وصوله إلى حلقة مفرغة، تتميز بعدم قدرة الكثير من الناس على الوفاء بالتزاماتهم المالية ومعاملة الأمر باعتباره استهلاكا دون النظر إلى قدرتهم المالية الفعلية، خاصة مع تسهيل التكنولوجيا عملية التقسيط وإلغاء الإجراءات المعقدة التى كانت تتسبب فى عزوف الكثير من الناس سابقا.
إبراهيم: اعتماد أكثر من طريقة دفع أحد طرق التسويق الجيدة
الحريرى: إدخال خدمات تحمى الجمهور من التخلف عن السداد
شقوير: يجب النظر إلى قدرة العملاء على الوفاء بالتزاماتهم
