أكدت مجموعة من خبراء الضرائب محللى الاقتصاد الكلى أهمية الإسراع فى تطبيق المرحلة الأولى من حزمة التيسيرات الضريبية التى ازاحت الحكومة الستار عن تفاصيلها مؤخرا، مما ييسر على الاقتصاد الرمادى الانضمام إلى المنظومةالرسمية بما يسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية مع عدم اضافة أية أعباء جديدة تثقل كاهل المستثمرين.
وفى الوقت نفسه يرى المحللون أن توفير بنية تحتية رقمية وتبسيط تطبيق تلك الحوافز على أرض الواقع أبرز تحدٍ أمام الحكومة لإنجاح و فعالية تلك التسهيلات الضريبية.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت الشهر الماضى عن الخطوط العريضة لحزمة من التيسيرات الضريبية لمجتمع الأعمال، وصفها وزير المالية أحمد كجوك بأنها “الانطلاقة الأولى” فى مسار ضبط وتحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، والتى تأتى ضمن أولويات السياسات المالية خلال المرحلة المقبلة.
ومنذ أيام قليلة أعلنت وزارة المالية تفاصيل المرحلة الأولى من التحفيزات الضريبية، وقال وزير المالية إنه سيتم تنفيذها قبل نهاية العام المالى الحالى فى يونيو 2025.
وتضمنت التيسيرات لأول مرة نظام ضريبى مبسط ومتكامل لمن لا يتجاوز حجم أعماله السنوى 15 مليون جنيه من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وريادة الأعمال و”الفرى لانسرز” والمهنيين أيضًا، مع تحفيز دمج مشروعات الاقتصاد غير الرسمى فى الرسمى من خلال حزمة من التسهيلات، وسيتم السماح للممولين بتقديم أو تعديل الإقرارات الضريبية عن الفترات من 2021-2023 دون غرامات.
كما تتضمن الحزمة أيضا تبسيط الإقرارات الضريبية، والتوسع فى نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز الضريبية، والاعتماد فى الفحص على العمل بنظام إدارة المخاطر لكل الممولين بجميع المأموريات والمناطق؛ للتيسير على المجتمع الضريبي، ووضع حد أقصى لمقابل التأخير لا يتجاوز بأى حال أصل الضريبة، والعمل على سرعة الانتهاء من المنازعات والملفات الضريبية المتراكمة لدفع حركة النشاط الاقتصادي، ورفع حد الإعفاء من “تقديم دراسة تسعير المعاملات” للشركات الدولية إلى 30 مليون جنيه.
وتشمل أيضا منظومة مقاصة مركزية تسمح للممولين بالتسويات الإلكترونية بين مستحقاتهم ومديونياتهم لدى الحكومة لتوفير السيولة النقدية للشركات، والسماح للشركات بتقديم أو تعديل الإقرارات الضريبية من عام 2020 إلى 2023 دون التعرض للعقوبات المقررة.
ومن بين التيسيرات أيضا تشكيل مجلس استشارى لتوحيد الفتاوى الضريبية، وإصدار أدلة مرجعية بالمبادئ المستقرة، ونشرها فى إطار بناء الوعى الضريبي، وسيتم العمل على مراجعة كافة القرارات الإدارية للإسهام فى توحيد وتبسيط المعاملات الضريبية، ولأول مرة أيضًا سيكون هناك وحدة دائمة للرأى المسبق لإعداد البحوث الضريبية ومراجعتها واعتمادها، وتوضيح الآثار الضريبية المستقبلية للممولين والمستثمرين.
وسيتم الاعتماد على جهات محايدة لقياس مدى رضاء الممولين عن الخدمات الضريبية لضمان التطوير المستدام والقدرة على تصويب المسار، كما سيتم تحديث الموقع الإلكترونى لمصلحة الضرائب وتزويده بالتشريعات والتعليمات والكتب الدورية لضمان سهولة وصول المعلومات لكل أطراف المجتمع الضريبي، وتوفير أدلة إرشادية والتوسع فى نشرها وشرحها، تتضمن حقوق وواجبات المستثمرين والحوافز والتسهيلات الواردة بالقوانين الضريبية، وسيتم إطلاق بوابة إلكترونية متطورة لشكاوى الممولين مع الالتزام الكامل بالتعامل السريع معه.
وفى إطار التيسيرات أيضا سيتم الاستفادة من البيانات المتاحة بالمنظومات الإلكترونية فى تبسيط الإجراءات والإقرارات الضريبية، وإلغاء الإقرارات غير المؤيدة مستنديًا مرحليًا للأشخاص الاعتبارية لعام 2025 وللأفراد 2026، والتوسع فى نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز والمناطق والمأموريات الضريبية لتخفيف الأعباء عن الممولين.
وسيتم خضوع نسبة من الممولين للفحص الضريبى بشكل سنوي، وستكون العينة وفقًا لمنظومة مخاطر عصرية وتناسب حجم وطاقة القوى الفنية منعًا للتأخير فى الفحص، والتأكيد على تقديم المستندات المقررة مرة واحدة، دون الحاجة لتكرارها فى كل الأوعية الضريبية، وسيتم توحيد ونشر قواعد وآليات الفحص الضريبى طبقًا للنشاط بكل المراكز والمناطق والمأموريات، مع الالتزام بالنشر المسبق للمستندات المطلوبة للفحص ، ومنح الممولين الوقت الكافى لتجهيزها.
وقال المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية إن الحزمة الأولى من التيسيرات الضريبية تحمل رسائل إيجابية، و تعكس إدراكا كاملا بالتحديات الضريبية التى تواجه مجتمع الأعمال و رغبة فى تشجيع القطاع الخاص، وزيادة معدلات الإنتاج من أجل تعزيز بنية الاقتصاد الكلى و تحسين هيكل النمو ليعتمد بشكل أكبر على الإنتاج والتصدير.
ولفت إلى أن هذه التيسيرات تتعلق بوضع نظام ضريبى مبسط و متكامل للمشروعات الصغيرة و الشركات الناشئة التى لا يتجاوز حجم أعمالها 15 مليون جنيه سنويا يشمل الإعفاء من ضريبة توزيع الأرباح، مشيرا إلى أن هناك نحو 3.4 مليون منشأة متناهية الصغر و217 ألف صغيرة نصفها تقريبا خارج الاقتصاد الرسمى ، و هذا النظام سيشجع الكثير من الشركات على الانضمام إلى المنظومة الرسمية.
وأشار عبد الغنى إلى أن الحزمة تضمنت أيضا إجراءات تبسيط الإقرار الضريبى و تطبيق نظام موحد فى جميع المأموريات للحد من التقدير الجزافى و تحقيق تحسن ملموس يشعر به مجتمع الأعمال فى جودة الخدمات الضريبية، بجانب تفعيل لجنة الرأى المسبق المعطلة منذ تشكيلها عام 2005 ، بما يعد خطوة شجاعة من وزير المالية تساهم فى رسم خريطة واضحة أمام المستثمرين المحتملين.
وتابع أن هناك ايضا تطبيق نظام المقاصة الذى يشمل جميع الخدمات التى يحددها المستثمر سيساهم فى تعزيز الإنتاجية و يخفف عن الحكومة عبء توفير الموارد المالية العاجلة لسداد مستحقات المستثمرين، كما أن النص على عدم تجاوز الغرامات أصل الضريبة و ذلك يحتاج إلى تعديل تشريعى لكنه فى الوقت نفسه يحقق العدالة الضريبية.
وقال إن ما شملته الحزمة من وضع نظام جديد لرد ضريبة القيمة المضافة جاء استجابة للشكوى المستمرة من رجال الأعمال فى هذا الصدد.
ولفت إلى أن التعديل الخاص بتدرج العقوبات فى حالة التأخير و التى كانت تبدأ من 50 ألف جنيه إلى 2 مليون جنيه يراعى الظروف القاهرة و الخارجة عن الارادة، كما أن توسيع نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز الضريبية و الاعتماد فى الفحص الضريبى على نظام إدارة المخاطر ييسر على مجتمع الأعمال.
وأوضح أن حل المنازعات الضريبية المتراكمة و التى تتجاوز قيمتها الإجمالية 380 مليار جنيه يساهم فى تحصيل مستحقات الخزانة العامة للدولة واستقرار المركز الضريبى للممولين و تشجيع المستثمرين على التوسع فى الإنتاج.
وذكر أن التعاقد مع طرف محايد لتقييم الأداء الضريبى و رصد الإيجابيات و السلبيات كانت أحد أهم التعديلات، مؤكدا على ضرورة اختيار الطرف المحايد بعناية لتحقيق طفرة فى النظام الضريبى المصري.
ويرى الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى أن تلك الخطوة توفر مزيد من التسهيلات والتيسيرعلى مجتمع الأعمال، والإصلاحات الضريبية وتحقق تيسير على الممولين فى إفصاحاتهم والحياد فى تقييم العبء الضريبى ،واللجوء إلى أطراف محايدة للتقييم لأول مرة تعد أمرًا جيدًا وإصلاحًا مؤسسيًا متعلقًا بعملية الإصلاح الضريبى بشكل عام.
وأضاف “نافع” أن انضمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، بمثابة تشجيعًا لها للانضمام داخل منظومة الضرائب الرسمية، وتقديم الحوافز من الرد الضريبى والإعفاءات لذلك المجتمع ،وتهدف لزيادة إنتاجية الاقتصاد الرسمي.
ولفت “نافع” إلى أن منح تلك المشروعات والفئات المستهدفة أولوية فى الحصول على أية مبادرات تطلقها وزارة المالية والحكومة بشكل عام للتمويل تمثل عامل جذب للانضمام للمنظومة الرسمية والإصلاح الضريبي، لافتا إلى أن تطبيق الحوافز بالسرعة الكافية تشجع المستثمر على اتخاذ القرار، وتعزز قيمة العائد من تلك الحوافز خاصة أننا أسواقًا ناشئة.
وأكد أن تلك الخطوات التى تعمل عليها المالية تمثل إصلاحًا مؤسسيًا بتوسيع القاعدة الضريبية مع تخفيف الأعباء على الممولين القائمين ، الأمر الذى يسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية بشكل عام.
ويرى أيضا أن تلك الحوافز تشمل الإنصاف فى عملية تقيم الضريبة العقارية، خاصة استثناء منزل الإقامة بغض النظر عن القيمة السوقية للعقار، والتى تتغير بشكل كبير وتشهد تقلبات غير منصفة خلال الفترة الحالية الأمر الذى يمثل عبء على الضريبة العقارية للمواطنين، مؤكدا أن ملف الضريبة العقارية يمثل جزء مهمًا أثناء الحديث عن مجتمع الأعمال والتخفيف عنهم كونه مرتبط بالسكنى والصناعى أيضا.
و أكدت منى بدير محلل الاقتصاد الكلى أن هناك الكثير من الحوافز تم توفيرها فى قانون 2020 لتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعديلات المنظومة الضريبية لتلك الفئة تسهم فى التيسير وتوفير مزيد من الحوافز.
وترى “مني” أنه يجب أن تكون فلسفة الإصلاحات تعتمد على الترشيد من حجم الحوافز والتسهيلات وربطها بتحقيق أهدافها وترفع من كفاءة الحصيلة الضريبية، وتحسن من تطبيق الحوافز القائمة فى إطار شفاف ومتماسك لخدمة المستثمرين خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتابعت أن تيسير إجراءات اللائحة التنفيذية الضريبية وإجراءات التسجيل والضريبة الإلكترونية، خاصة أن جزء كبيرًا من قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير رسمي، لاسيما أن تلك الخطوات ترسل رسالة طمأنينة للمستثمر لدخول المنظومة الرسمية.
وقال الخبير الضريبى جون سعد إن حزمة التسهيلات الضريبية التى أعلن عنها وزير المالية، تقدم حلولًا لكافة التحديات الضريبية الموجودة على أرض الواقع، عن طريق ضرورة الإسراع فى إصدار أدلة إرشادية تتضمن حقوق وواجبات المستثمرين وكافة الحوافز والمزايا الواردة بالقوانين الضريبية والقوانين ذات الصلة.
وأضاف سعيد أنها تعمل على التفعيل التام لدور وحدة دعم المستثمرين بمكتب رئيس مصلحة الضرائب المصرية لإزالة كافة التحديات الضريبية التى تواجههم، وتطوير وتحسين منظومة رد الضريبة على القيمة المضافة لمضاعفة حالات رد الضريبة لخمسة أمثال وزيادة عدد المستفيدين منها، وتقليص المدة الزمنية اللازمة لإجراء عملية الرد.
ولفت إلى أن تبسيط الإقرارات الضريبية، وإلغاء الإقرارات غير المؤيدة مستنديا مرحليا، بجانب السماح للممولين الذين تعذر عليهم تقديم الإقرارات الضريبية فى المواعيد القانونية من عام 2020 حتى عام 2023 بتقديمها خلال مدة زمنية محددة دون التعرض للعقوبات المقررة قانونا، يدعم دور هذه التيسيرات، فضلا عن التوسع فى نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز الضريبية، والاعتماد فى الفحص الضريبى على العمل بنظام إدارة المخاطر لكل الممولين بجميع المأموريات والمناطق للتيسير على المجتمع الضريبي.
وأكد أن التيسيرات تضمنت تبسيط نظام رد ضريبة القيمة المضافة، بما يؤكد الحرص على تخفيف الأعباء عن المستثمرين والتيسير عليهم، ويُسهم فى إرساء دعائم بيئة أعمال تنافسية وصديقة للمجتمع الاستثماري، تدفع جهود الدولة الهادفة لتعظيم القدرات الإنتاجية والتصديرية.
وقال الخبير الضريبى أحمد الشاهد إن متابعة المؤشرات الاقتصادية وجهود الحكومة لتوفير بيئة استثمارية جاذبة، خاصة فى قطاع الصناعة، وكذلك حزمة التسهيلات التى أعلنتها وزارة المالية، بهدف تطوير وتبسيط المنظومة الضريبية يستهدف بشكل شامل تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمستثمرين.
وأكد أن الحكومة اتخذت الكثير من الإجراءات مؤخرا لدعم الاستثمار ومنها الرخصة الذهبية وتبسيط الإجراءات وإزالة كل العوائق.
وتوقع طفرة اقتصادية حقيقية وزيادة ملحوظة فى الاستثمارات العربية والأجنبية المباشرة خلال الفترة القادمة تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى وتعدد الفرص الاستثمارية داخل الكثير من المشاريع العملاقة التى تشهدها مصر فى الجمهورية الجديدة، وهذا فى إطار سعى الدولة لإنهاء المنازعات الضريبية المتراكمة بسرعة وتعتمد على نظام إدارة المخاطر لتسهيل الفحص الضريبي.
وأكد على تزامن هذه الحزمة مع مساعى مصر لتحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات الضريبية، مما يسهم فى زيادة الإنتاج المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مثل تبسيط الإقرارات الضريبية والتوسع فى نظام الفحص بالعينة، والذى من شأنه تخفيف الضغط على القطاع الخاص وتحفيزه على التوسع فى الإنتاج، ويعزز ثقة المستثمرين فى السوق المصرية.
وأوضح أنها تعزز أيضا الثقة مع مجتمع الأعمال من خلال بذل الجهود التى تسهم فى القضاء على العقبات وتحقيق الشفافية والعدالة بما يساعد على تهيئة بيئة عمل تتميز بالكفاءة والإنصاف.
وأضاف أنها تحقق الثقة والاستقرار فى النظام الضريبى وفق استراتيجية وخطة عمل متكاملة تقوم على تحليل شامل ومحايد للتحديات الحالية، وإصلاحات تنظيمية وإجرائية، واستخدام التكنولوجيا لرفع الكفاءة، وتطوير الكوادر البشرية وتدريبهم.
وأوضح أنها تعزز التواصل الفعال وتطوير منظومة شاملة للمتابعة والتقييم، وتشجيعًا من المصلحة للأشخاص (طبيعى أو اعتباري) للتسجيل بها، فإنه لن تتم مطالبتهم بأية مستحقات ضريبية عن الفترات السابقة لتسجيلهم بالمصلحة، وأنه سيتم وضع نظام متكامل للممولين الذين لا يتجاوز حجم أعمالهم السنوى 15 مليون جنيه لكافة الأوعية الضريبية من أجل التسهيل عليهم وتحفيزهم للانضمام للمنظومة الرسمية.
ولفت إلى أنها تتسق مع مستهدفات تحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، الذى يأتى ضمن أولويات السياسات المالية خلال المرحلة المقبلة، والهادفة لتنفيذ برنامج عمل الحكومة بمختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، بما فى ذلك الإسهام فى تذليل العقبات الضريبية أمام الأنشطة الاقتصادية وجهود رفع معدلات الإنتاجية، من أجل تعزيز بنية الاقتصاد الكلي، وتحسين هيكل النمو ليعتمد بشكل أكبر على الإنتاج والتصدير، وذلك بدراسة التحديات على أرض الواقع.
وزير المالية: خطوة مبدئية فى تحسين العلاقة مع المستثمرين
خبراء الضرائب: تعكس إدراكا كاملا للمشكلات وتشجع القطاع الخاص
مدحت نافع: الاسراع بالتفعيل يحفز التدفقات
سعيد: تقدم حلولا واقعية لكافة التحديات
بدير : يجب تبسيط إجراءات التطبيق وتوفير بنية تحتية رقمية ميسرة
الشاهد: تستهدف تحسين مستوى الخدمة
