جنوب أفريقيا ومصر.. أبرز أسواق التأمين على مستوى القارة

Ad

أكد خبراء تأمين أن السوق الأفريقية واعدة، إذ تشهد نموًّا اقتصاديًّا متسارعًا، ما يزيد الطلب على التغطيات، رغم التحديات التى تواجه القارة.

وأضافوا أن مستوى الوعى التأمينى لا يزال منخفضًا فى العديد من الدول الأفريقية، إلى جانب عدم حصول بعض شركات التأمين والإعادة على تصنيف ائتمانى قوي، فضلًا عن افتقار بعض المناطق فى أفريقيا إلى البنية التحتية اللازمة لتقديم الخدمات بفعالية، ناهيك عن اختلاف أنظمة قطاع التأمين من دولة لأخرى، وزيادة التعقيد على إثر ذلك.

وأشاروا إلى أن جنوب أفريقيا تُعد أكبر سوق تأمين فى القارة، حيث تتمتع ببنية تحتية متطورة وقاعدة عملاء كبيرة، كما أن نيجيريا تسجل أكبر اقتصاد وتشهد نموًّا سريعًا بقطاع التأمين، خاصة مع زيادة الوعى بأهمية التغطيات، فضلًا عن كينيا التى تتميز ببيئة تنظيمية جاذبة للاستثمار بهذا القطاع.

وأوضح الخبراء أن مصر تعد سوقًا كبيرة وواعدة، خاصة فى ظل الإصلاحات الاقتصادية التى تشهدها البلاد، فضلًا عن المغرب الذى يُعد من الأسواق الناشئة بمجال التأمين، ويسجل نموًّا ملحوظًا.

وأفادوا بأن الشركات المصرية يتعين عليها دراسة السوق الأفريقية بشكل جيد، وفهم الثقافات والعادات والتقاليد المحلية، وكذلك القوانين واللوائح التنظيمية، ومن ثم تصميم التغطيات لتلبية احتياجات العملاء الأفارقة، مع الأخذ فى الاعتبار مستوى الدخل والوعى التأميني.

وبيّنوا أن الشركات العالمية يمكنها التعاون مع شركات التأمين المحلية لبناء شبكات توزيع قوية وزيادة الوعى بالمنتجات، مع أهمية استخدام التكنولوجيا الرقمية لتقديم خدمات مبتكرة وفعالة، وزيادة الوصول إلى العملاء بالمناطق النائية.

ونوّهوا بأهمية التركيز على التسويق للوصول إلى شرائح العملاء المختلفة، باستخدام قنوات مناسبة لكل فئة، مع أهمية الاستثمار فى تدريب الكوادر الإقليمية لتطوير قدراتهم، وبناء كوادر مؤهلة قادرة على إدارة العمليات التشغيلية، ولا سيما فى ظل تعرض العديد من البلدان الأفريقية لكوارث طبيعية، مما يضاعف المخاطر التأمينية.

القدر الأكبر من الاستثمار الأجنبى

وأكد وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى وعضو المؤسسة الأمريكية للوقاية من الحريق ونائب رئيس لجنة الحريق سابقًا باتحاد التأمين، أن هناك ضجة حول القطاع بسبب الفرص الهائلة المتاحة بفضل النسبة العالية من الشباب والنمو المطرد للطبقة الوسطى فى جميع أنحاء القارة السمراء.

وأوضح أن وجود جيل جديد من المستهلكين ذوى الخبرة ممن لديهم دخل متاح، يجعل القارة تتمتع بالعديد من الفرص المتنوعة، بدءًا من البنية التحتية، والزراعة، وحتى التوريد، بفضل الطبقة الوسطى المتنامية.

وأضاف أن سوق التأمين ترتبط بالنمو الاقتصادى، لذا عندما ترتفع الدخول يحتاج المزيد من الأصول إلى التأمين، ومع ذلك فإن هذه الصورة متنوعة نسبيًّا من بلد لآخر، كما يتضح فى منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

ونوه بأن تنوع النماذج الاقتصادية للقارة يمثل اقتصاد دول تعتمد على تصدير السلع الأساسية، مثل نيجيريا وأنجولا، اللتين تكافحان لتحقيق النمو القائم على المشاريع الحقيقية، بينما تتمتع الدول ذات الاقتصادات الأقل اعتمادًا على السلع الأساسية، بأنشطة أكثر تنوعًا، مثل كوت ديفوار وتنزانيا وكينيا، التى تتمتع بموقف أفضل بكثير.

وشدد على أن شركات التأمين يتعين عليها التركيز على الأسواق التى تتلقى قدرًا أكبر من الاستثمار الأجنبى الموجّه نحو المشروعات، لكن لا يمكن تجاهل “الاقتصادات القائمة على السلع الأساسية”، على أساس تنويع محفظة التأمين، استعدادًا لأى انعكاس فى الدورة الاقتصادية.

وكشف أن السوق الأفريقية جاذبة لشركات التأمين العالمية، فشركة أليانز افتتحت فرعًا لها فى كينيا، بينما “برودنشال” افتتحت ذراعًا لها فى نيروبى، كما أن شركة إكسبريس لايف للتأمين مارست الشىء نفسه فى غانا لدخول هذه السوق الناشئة، إضافة إلى أن “MMI Holdings” فى جنوب أفريقيا اشترت ثلثيْ شركة كانون للتأمين فى كينيا مؤخرًا، واندمجت بعد ذلك مع “متروبوليتان لايف” بكينيا.

وتوقّع أن تزيد عمليات الاندماج، خاصة فى دول أفريقيا، مع وجود عشرات اللاعبين، لكن سيطرة السوق فى أيدى حفنة من الشركات.

وذكر وليد سيد مصطفى أن السوق الأفريقية تتخذ اتجاهًا نحو تحسين التنظيم، مع إنفاذ القواعد بشكل أكثر صرامة لمواجهة الاحتيال فى السوق، بسبب فشل شركات التأمين فى ابتكار إدارة التكاليف أو تتبع العملاء وتحديد عملائهم.

وقال إن هناك بعض المبادرات الناشئة فيما يتعلق بالابتكار فى نيجيريا، على سبيل المثال، بدأت مواقع مقارنة الأسعار الظهور عبر الإنترنت، إضافة إلى زيادة الطلب على خدمات التأمين عبر مواقع الويب التى تم إنشاؤها على الإنترنت.

وتابع أن بعض الشركات الأفريقية استخدمت تكنولوجيا الأقمار الصناعية لتقييم طلبات استصلاح الأراضى الزراعية، وأصبح هذا الأمر أكثر أهمية بشكل متزايد بسبب نمو نشاط التأمين الزراعى التجارى خلال السنوات الأخيرة؛ لتحديد السعر المناسب للتغطيات الزراعية.

وشدد على أن السوق الأفريقية تحتاج إلى تصميم منتجات بسيطة تناسب العملاء، بالإضافة إلى توزيع النشاط للوصول إلى مناطق أكثر بعدًا، وتحفيز العملاء لتشجيعهم على التجربة.

توفير التغطيات اللازمة لحماية الاستثمارات

وأشارت الدكتورة باسمة مندور، نائب رئيس فرع القناة بشركة ثروة للتأمين، إلى أن التعاون بين مصر والدول الأفريقية فى المجال التأمينى يمثل فرصة جيدة لتحقيق نمو مشترك وتطوير القطاع بالقارة، إذ يساعد ذلك على توزيع المخاطر بشكل أفضل، مما يقلل تعرض أى شركة لخسائر فادحة نتيجة كوارث طبيعية أو أحداث غير متوقعة.

ونوهت بأن التعاون بين مصر والدول الأفريقية يضاعف السيولة المتاحة لشركات التأمين، بما يمكّنها من تغطية مطالبات أكبر وأكثر تعقيدًا، إضافة إلى تطوير منتجات وخدمات تلبى الاحتياجات المتنوعة لسكان القارة.

وذكرت أن ذلك التعاون إنما يتأتى منه تبادل الخبرات والمعرفة بين الشركات، ويؤدى إلى تطوير خدمات عالية الجودة، ومن ثم جذب الاستثمارات الأجنبية للقارة، ما يستتبع نمو القطاع المالي.

وأضافت أن التأمين يوفر التغطيات اللازمة لحماية الاستثمارات التجارية، ما يشجع على زيادة حجم التجارة بين الدول، وهذا ما يمكن أن يكون خطوة تبادل للتكنولوجيا والمعرفة بين الشركات على طريق تطوير البنية التحتية للقطاع بالقارة.

وبيّنت أن الدول الأفريقية فى حالات التوافق يمكنها بكل سهولة تأسيس شركات تأمين وإعادة تأمين مشتركة لتغطية المخاطر الإقليمية، ولا سيما التعاون فى تأمين الكوارث الطبيعية؛ نظرًا لتعرض العديد من الدول الأفريقية لمخاطر تلك الأزمات، وهو ما يؤكد ضرورة التعاون فى تنشيط “إعادة التأمين” على مستوى القارة بين مختلف الأسواق.

ضرورة توافر كفاءات فنية ذات خبرة

وأوضح الدكتور علاء العسكرى، أستاذ التأمين بكلية التجارة جامعة الأزهر، أن معدلات النمو المنخفضة بمعظم دول القارة لا تسمح بتغذية الأقساط المجمعة، التى لا يقتصر نطاق عملها على الأسواق الحالية بالمنطقة الجغرافية، بل تمتد إلى جميع الأسواق العالمية.

وذكر أن العنصر السياسى ظهر كتحدًّ رئيسى لدعم تحول القارة إلى مركز تأمين رئيسي، خاصة مع عدم استقرار الأنظمة السياسية فى العديد من دول القارة، مما يعوق حركة الأموال ذهابًا وإيابًا.

وبيّن أن حكومات الدول الأفريقية تتحمل عبئًا كبيرًا فى إنشاء شركات تأمين أو إعادة تأمين قوية، أو تقوية أسس شركات إعادة التأمين الحالية من حيث رأس المال حتى تتمتع بسمعة عالمية جيدة، ممثلة فى القدرة على تسوية المطالبات بسرعة لتلك الشركات وتوافر العديد من الكفاءات الفنية ذات الخبرة بالمجال والتسعير، فضلًا عن الكوادر المؤهلة فى الاستثمار لتوليد عوائد عالية وتحقيق أرباح كبيرة ومعدلات نمو مرتفعة.

وأضاف العسكرى أن قطاع التأمين بأفريقيا يشكل ما يقرب من 5 % من الناتج المحلى الإجمالى للقارة، وتأتى معدلات التأمين للمشروعات الكبيرة، خاصة مشروعات النفط فى نيجيريا وجنوب أفريقيا، والتى تعد من بين الدول الأكثر تقدمًا، ويعد حجم قطاع التأمين كنسبة من الدخل الوطنى أكبر بكثير فى هذه البلدان، مقارنة بغيرها من دول القارة.

مصطفى: عندما ترتفع الدخول تحتاج الأصول إلى التغطيات

مندور: تبادل التكنولوجيا عبر تطوير البنى التحتية بالدول

العسكري: الحكومات تتحمل عبئًا لإنشاء مؤسسات قوية